عربي21:
2025-07-28@01:55:34 GMT

الهدنة فى لبنان.. بين مطرقة إسرائيل وسندان حزب الله

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

تباينت وجهات النظر بصدد اتفاق الهدنة التى تم التوصل إليها بين إسرائيل وحزب الله، فالبعض يرى أن حزب الله قد استطاع الصمود وأثبت قدرة عالية فى مواجهة إسرائيل، والبعض الآخر يرى أن إسرائيل هى التى حققت أهدافها بالقضاء على القيادات العتيدة للحزب وتدمير الشطر الأعظم من قدراته.
اتفاق الهدنة قضى بتوقف إسرائيل عن تنفيذ أى عمليات عسكرية ضد الأراضى اللبنانية، وعدم استهداف المواقع المدنية والعسكرية برا وبحرا وجوا، فى مقابل توقف كل الجماعات المسلحة فى لبنان ــ أى حزب الله وحلفاءه ــ عن شن أى عمليات ضد إسرائيل، مع انسحاب الجيش الإسرائيلى من جنوب لبنان خلال 60 يوما وتراجع حزب الله إلى شمال الليطانى مع نشر الجيش اللبنانى قواته جنوب الليطانى فى 33 موقعا على الحدود مع إسرائيل، وعودة الأشخاص النازحين.



إسرائيل التى طالما اعتادت غزو لبنان والعدوان عليه منذ عملية الليطانى 1978، وغزو لبنان 1982، وعملية تصفية الحساب 1993، وعملية عناقيد الغضب 1996، وصولاً لحرب يوليو 2006، تبينت فى المواجهة الأخيرة معادلة جديدة بأن الدخول إلى لبنان لم يعد سهلاً مثلما كان فى الماضى، وأن كل فعل بات له رد فعل.

فمع تمكن إسرائيل من اغتيال الأمين العام وقيادات الصف الأول والثانى للحزب فى عمليات مخابراتية وعسكرية ناجحة، رفعت سقف طموحاتها فى لبنان من هدف إعادة سكان المستعمرات الشمالية إلى هدف تجريد حزب الله من سلاحه واجتثاثه بالكامل من لبنان، بل وإعادة تشكيل النظام السياسى اللبنانى بالكامل.

لكن  تلك المحاولات الإسرئيلية على أرض الواقع باءت بالفشل بعد تمكن الحزب من احتواء الضربات القاتلة التى تعرض لها فى زمن قياسى، وتمكنه من استعادة توازنه وانتقاله من مرحلة الاستيعاب إلى مرحلة ردود الأفعال بتبادل القصف والضربات مع الجيش الإسرائيلى.

حتى توقيع اتفاق الهدنة تكبد العدو الصهيونى فى لبنان 150 قتيلا وأكثر من 1000 مصاب مع إعطاب وتدمير أكثر من 50 دبابة ميركافا ومعدات عسكرية، وقصف المراكز الحيوية فى حيفا وتل أبيب بالصواريخ والمسيرات وضرب المستعمرات الإسرائيلية وإجبار سكانها على النزوح.

من جهة أخرى، كان ثمن العدوان الوحشى الإسرائيلى فادحا باستشهاد أكثر من ثلاثة آلاف لبنانى ولبنانية وقرابة العشرين ألف جريح، ونزوح قرابة المليون عن منازلهم، وخسائر مالية للبنان تقارب 20 مليار دولار.

برغم القصف الإسرائيلى المكثف بالطائرات والصواريخ على لبنان الذى لا يمتك إلا الحد الأدنى من قدرات سلاح الطيران والدفاع الجوى، لم تستطع إسرائيل تحقيق إنجازات عسكرية تذكر، فقد كانت إسرائيل قادرة فقط على تدمير القرى اللبنانية لكنها لم تكن قادرة على احتلالها أو البقاء فيها.
وفعليا وحتى إقرار الأطراف المختلفة بقبول اتفاق الهدنة لم تتمكن إسرائيل من احتلال أى قرية لبنانية، ولم تتمكن قواتها من التوغل داخل الأراضى اللبنانية سوى كيلومترات معدودة، بينما ظل حزب الله باقياً لم يجتث، واستمر حتى اللحظة الأخيرة قبل إنفاذ اتفاق الهدنة يتبادل الضربات مع إسرائيل.

هذا حتما ما أدركته إسرائيل وأخذته ضمن حساباتها بشأن الموافقة على الهدنة بينها وبين حزب الله، رغم ما يمكن أن يتصوره كُثر من اعتبارات أخرى مثل ضغوط الإدارة الأمريكية أو توجيهات الرئيس المنتخب ترامب أو الأوضاع الداخلية فى إسرائيل، لكنها جميعاً قد تأتى لاحقا.

أيضا لا يمكن تجاهل حقيقة دور الإدارة الأمريكية الحالية فى إنجاز ذلك الاتفاق، فلا شك أن ضوءا أخضر ما قد وصلها من حكومة الكيان بالمضى قدما فى الاتفاق تفاديا لمزيد من التورط الإسرائيلى فى المستنقع اللبنانى، ومن جهة بايدن وإدارته فلا شك فى وجود رغبة لديهم فى تحقيق إنجاز يحسب لهم وللحزب الديمقراطى فى أيامهم الأخيرة قبل مغادرة البيت الأبيض.

هذه التوجهات من إدارة الرئيس بايدن تلاقت إيجابيا مع رؤية الرئيس المنتخب ترامب الذى قام بحركة سياسية نادرة بإعطائه الضوء الأخضر للوسيط الأمريكى، هوكستين، للمضى قدما فى مهمته والتحدث باسم الإدارتين الحالية والقادمة بشأن اتفاق الهدنة.

برغم تلك الهدنة لا يمكن إغفال حقيقة أن الكيان الصهيونى يحتل 13 منطقة داخل لبنان بعد الخط الأزرق مساحتها الإجمالية 485 ألف متر مربع، وأنه ما زال وسيظل على الدوام يشكل الخطر المحدق بلبنان والطامع فى أرضه ومياهه وموارده وطاقاته، ويكفى أن ذلك الكيان إلى اليوم لا يعترف بخط حدود دولية مع لبنان.

من أجل كل ذلك، يجدر بكل أطياف ومكونات المجتمع اللبنانى أن تراجع أنفسها وأن تجتمع على قلب واحد ورؤية واحدة تعلى الوطنية الجامعة وترتقى فوق الطائفية المقيتة، مدركة ما يحيط بلبنان من تحديات، فليست اتفاقية الهدنة سوى مرحلة لها ما بعدها، وربما كان قادم الأيام أخطر وأصعب مما مضى منها.

(الشروق المصرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله اللبنانية لبنان حزب الله الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاق الهدنة حزب الله فى لبنان

إقرأ أيضاً:

مأزق الحرب في غزة.. هدنة إسرائيل المؤقتة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية .. نتنياهو سيقبل اتفاق وقف إطلاق النار فى هذه الحالة

بين نيران الحرب والضغوط الدولية المتصاعدة، وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لاتخاذ خطوة مفاجئة تمثلت في تعليق مؤقت ومحدود لعملياتها العسكرية في قطاع غزة. 

خطوة وُصفت بـ"التكتيكية"، لكنها تعكس، في جوهرها، حجم المأزق الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا، لا سيما في ظل موجة الغضب الدولي العارم التي فجرها الانتشار الواسع لصور الأطفال الجائعين في غزة على صدر الصفحات الأولى للصحف والمجلات العالمية، خصوصًا الأوروبية والأمريكية. 

وهذا التقرير يرصد تفاصيل التحركات الإسرائيلية الأخيرة، وسياقاتها الإنسانية والسياسية، والتداعيات المحتملة لها داخليًا وخارجيًا.

رغم تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل بشكل مفاجئ تعليقًا تكتيكيًا مؤقتًا ومحدودًا للعمليات العسكرية في بعض مناطق القطاع، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحول المفاجئ في الموقف الإسرائيلي، رغم استمرار العمليات الميدانية.

وتزامنت هذه الخطوة مع موجة غضب عالمي غير مسبوقة، أشعلتها صور الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع والمرض، وقد تصدرت هذه الصور الصفحات الأولى للصحف والمجلات العالمية، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة. الأمر الذي استدعى تدخلًا دبلوماسيًا عاجلًا وواسع النطاق للحد من تداعيات هذه الكارثة الإنسانية.

تحركات دولية وضغوط مستمرة

حاولت الحكومة الإسرائيلية تبرير حجبها للمساعدات الإنسانية عن سكان قطاع غزة، غير أنها فشلت في إقناع الرأي العام الدولي، ووجدت نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات تخفف من حدة الانتقادات المتصاعدة.

وبحسب ما كشفه عدد من المسؤولين الإسرائيليين، من بينهم الرئيس إسحاق هرتسوغ، فقد أجرت العديد من الشخصيات العالمية، من قادة وزعماء ودبلوماسيين ومؤسسات إعلامية، اتصالات مكثفة تطالب بوقف ما يجري ووضع حد للكارثة.

رغم محاولاتها تحميل المسؤولية للمؤسسات الأممية والدولية، واتهامها برفض تسلم وتوزيع المساعدات، رفضت هذه المؤسسات هذا الطرح، وأكدت أن العرقلة كانت من جانب الاحتلال.

وصرح الرئيس هرتسوغ، الأحد، قائلًا: "أدعو وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى القيام بدورها وضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين دون تأخير، كما طالبت إسرائيل منذ فترة. من غير المقبول أن تظل المساعدات المُقدمة إلى غزة دون توزيع أو أن تستولي عليها حماس، حتى مع اتهامها إسرائيل زورًا بمنعها".

محاولات بديلة فاشلة

وكانت إسرائيل سعت سابقًا إلى تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" لتكون بديلاً عن الوكالات الدولية، مدعومة من الإدارة الأمريكية، لكن المشروع واجه رفضًا دوليًا واسعًا، ولم تنجح إسرائيل في فرضه كأمر واقع.

وواجهت هذه المؤسسة انتقادات حادة من وسائل الإعلام العالمية، ما اضطرها إلى إصدار سلسلة من البيانات التوضيحية في محاولة للدفاع عن شرعيتها وأهدافها.

في مواجهة العاصفة العالمية

ومع تعثر مفاوضات التهدئة، وجدت إسرائيل نفسها أمام موجة انتقادات لم تعد تُقال في السر، بل تحولت إلى بيانات علنية صادرة عن قادة العالم، خصوصًا في أوروبا، الذين لم يعودوا يكتفون بالتحذيرات خلف الأبواب المغلقة، بل أطلقوا تصريحاتهم على الملأ، الأمر الذي ضاعف الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبّر بدوره عن امتعاضه الشديد من الصور القادمة من غزة، مما زاد من حرج الإدارة الإسرائيلية.

وقال الرئيس الإسرائيلي، السبت: "في الأيام الأخيرة، تلقيت عددًا لا يُحصى من الرسائل من قادة، وأصدقاء لإسرائيل، وشخصيات إعلامية، وزعماء يهود من أنحاء العالم حول هذا الموضوع، والرد الصحيح هو تحرك عملي مسؤول".

التناقض الداخلي في إسرائيل

رغم ما تعلنه إسرائيل رسميًا من نفي وجود مجاعة في غزة، إلا أنها تقر بوجود "أوضاع إنسانية صعبة ومعقدة"، وهو ما يتناقض مع مواقف عدد من وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة، كوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يطالبان صراحة بوقف دخول أي مساعدات إنسانية إلى القطاع.

وقد اتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرارًا بتخفيف الأوضاع الإنسانية في غزة في غياب هذين الوزيرين، مستغلًا فترة السبت التي لا تُعقد خلالها اجتماعات حكومية رسمية.

النتائج المحتملة

رغم أن التعليق التكتيكي المؤقت للعمليات العسكرية والسماح بالإنزال الجوي للمساعدات قد يمنح نتنياهو بعض الوقت لتخفيف حدة الانتقادات الدولية، إلا أن هذه الخطوات تواجه رفضًا داخليًا شديدًا من شركائه في الائتلاف الحكومي.

وتُرجّح التقديرات الإسرائيلية أن يؤدي الضغط الدولي والمحلي المتزايد إلى دفع حكومة نتنياهو نحو قبول اتفاق لوقف إطلاق النار، خاصة إذا تضمن الاتفاق استعادة رهائن إسرائيليين، وهو ما قد يساهم في تهدئة الشارع الإسرائيلي الساخط.

ولم يكن التعليق التكتيكي الإسرائيلي للعمليات العسكرية مجرد خطوة ميدانية، بل كان انعكاسًا مباشرًا لحجم الحرج السياسي والإنساني الذي تواجهه تل أبيب في مواجهة الرأي العام العالمي. وبينما تتصاعد الضغوط من الخارج، والانقسامات تتعمق في الداخل، يبقى ملف غزة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة الإسرائيلية على الصمود، أو التراجع تحت وطأة العزلة الدولية.

أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر تتحرك على أعلى مستوى سياسي ودبلوماسي لاستئناف مفاوضات غزة، بالتوازي مع إدخال المساعدات الإنسانية.

وأضاف فهمي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من مسار سياسي متكامل يستهدف التوصل إلى هدنة شاملة تعالج جذور الأزمة. واعتبر أن نجاح دخول المساعدات يعكس فاعلية التحرك المصري المنضبط في مواجهة التعنت الإسرائيلي.

وأشار فهمي إلى أن الضغط السياسي والدبلوماسي الذي تمارسه القاهرة أجبر إسرائيل على فتح مسارات محددة للمساعدات، مؤكدًا أن ما يُعرف بـ"الهدن الإنسانية" لا تمثل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، بل خطوات مرحلية. ولفت إلى أن مصر تواصل تنسيقها مع الولايات المتحدة وأطراف دولية، وأن نجاح تلك الهدن قد يمهد لهدنة موسعة لمدة 60 يومًا تمهيدًا لاستئناف المفاوضات.

طباعة شارك إسرائيل غزة قطاع غزة وقف إطلاق النار مفاوضات وقف إطلاق النار

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: «الهدنة فرصة لإنقاذ الأرواح».. ووصول سفينة «حنظلة» إلى إسرائيل
  • مأزق الحرب في غزة.. هدنة إسرائيل المؤقتة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية .. نتنياهو سيقبل اتفاق وقف إطلاق النار فى هذه الحالة
  • الاحتلال الإسرائيلى يسلم مفتى القدس قرارا بالإبعاد عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع
  • إسرائيل تعلن قتل قيادي في حزب الله جنوبي لبنان
  • قيادي في حزب الله.. إسرائيل تعلن تفاصيل غارة جنوب لبنان
  • غزة بين مطرقة العدوان وسندان الخذلان
  • إسرائيل تنشر فيديو للحظة إستهداف مسؤول في حزب الله
  • إسرائيل تغتال عنصراً في حزب الله جنوبي لبنان
  • برعاية أمريكية.. اتفاق يمهد لسلام جنوب سوريا ومفاوضات مع إسرائيل في باريس
  • في تبنين.. إسرائيل تزعم اغتيال عنصر في حزب الله