أثارت التقارير العسكرية الواردة حول قيام روسيا بتوسيع وتعزيز تواجدها العسكري في شرق ووسط ليبيا بعض التساؤلات عن دلالة الخطوة وما إذا كانت موسكو سترفض مغادرة الأراضي الليبية بعد إنفاقها الملايين على قواعد عسكرية هناك.  

وكشفت صحيفة "التليغراف" البريطانية عن قام روسيا بتطوير إنشاءاتها العسكرية وزيادة أسلحتها في 3 قواعد جوية في ليبيا خلال 2024 وحده، مؤكدة خلال تقرير تحليل بيانات بصور الأقمار الصناعية، أن روسيا طورت المرافق في قاعدة براك الشاطئ وجددت مهبط طائرات مكّن الطائرات العسكرية من الهبوط في القاعدة.



"طرد حفتر وإبعاده"
وأكدت الصحيفة البريطانية عبر تقريرها التحليلي أن الطائرات العسكرية الروسية تواصل الهبوط والمغادرة من قاعدتي براك الشاطئ والجفرة في ليبيا، ما يشير إلى أن عمليات تسليم الإمدادات مستمرة، كما أنها أخضعت قاعدة "القرضابية" الليبية لعمليات تجديد واسعة للمدرجات وعملت على تحصينها وتعزيز الدفاعات المحيطة.

وأشارت التليغراف إلى أنه "وفقا لمعهد تحقيقات "سينتري" الأمريكي العسكري فإن قوات حفتر تحتاج أن تطلب الإذن من روسيا للوصول إلى هذه القواعد الجوية أو الهبوط فيها أو الإقلاع منها رغم أنها قواعد جوية على أراضي ليبية"، وفق معلوماتها.

ويأتي هذا التوسع وسط مطالبات دولية وأمريكية بضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا خاصة مرتزقة "فاغنر" الروسية، ووصف الدول السبع لما تقوم به روسيا في ليبيا أنه "نشاطات خبيثة" يجب مقاومتها وإبعاد موسكو عن أزمة ليبيا.



فهل أصبحت مهمة إزاحة روسيا وطردها من ليبيا أمرا مستحيلا؟ وما دلالة هذه التعزيزات العسكرية الآن؟

"استعدادات لمواجهة أمريكا"
من جهته قال المستشار السياسي السابق لحفتر والمحلل السياسي الليبي، محمد بويصير إن "القصة ليست تطوير مزاجي من قبل موسكو بل هي استعدادات عسكرية كاملة للمواجهة مع أطراف الصراع الأخرى التي تريد إبعادها، خاصة مع استمرار الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية ومعها أتباعها في الغرب وبين روسيا وتحالفها الصيني الإيراني الذي يريد تغيير النظام الدولي إلى نظام متعدد الأقطاب"

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما يحدث في ليبيا ليس بعيدا عما يحدث في باقي الدول، فالحرب في أوكرانيا مثلا تعبر عن هذا الصراع القطبي، ولأنها وصلت إلى مرحلة حرجة يمكن أن تنزلق إلى مواجهة نووية يخسر فيها الجميع، فقد اختار الطرفان "أميركا وروسيا" التصعيد الأفقي بدلا من التصعيد الرأسي أي نقل المعركة إلى التخوم، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي التخوم، لذلك فتحت جبهة سوريا التي تمثل تجسيد واضح لانتقال الصراع إلى الشرق الأوسط، وفق تقديراته.

وتابع: "وفي شمال إفريقيا حيث التواجد العسكري الروسي في ليبيا يهدد بطن أوروبا الرخوة، يبرز اهتمام الغرب بتطور هذا الوجود وأتوقع أن تفتح جبهة جديدة في ليبيا، وتعزيز التواجد ليس من قبل روسيا فقط، فالغرب والأمريكان أيضا يدربون قوات ليبية محلية ويسلحونها ليوم المواجهة"، وفق تعبيره.

"تصرف منعزل يزعج حفتر"
في حين رأى الكاتب والصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهوساي أن "هذه التعزيزات وتوسع التواجد ليست جديدة، فطالما يتصرف الروس بشكل منعزل عن أي جهة محلية والتنسيق يكون فقط في جوانب بعينها مثل بعض المواد الغذائية الأساسية وأيضا عند الخروج في دوريات خارج هذه القواعد أو التنسيق الضروري في الرحلات الجوية التي تأتي إلى هذه القواعد وليس التي تخرج منها متجهة نحو إفريقيا.

وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "العلاقات الروسية ممتازة الآن مع أغلب الأطراف الليبية وهناك تدريبات يشرف عليها الروس خارج القواعد الجوية المذكورة تقام في العادة في أماكن تدريب مخصصة مع إقامة فارهة للجنود الروس"، بحسب كلامه.

واستدرك قائلا: "لا شك أن القيادة العامة (حفتر) ليست سعيدة بعدم إحاطتها حول ما يجري في هذه القواعد بشكل منعزل عنهم وهو أمر مزعج لا شك لهم، لكن الروس لا يمكن أن يشركوا أحدا فيما يتعلق بعملهم داخل هذه القواعد والخدمات التي تقدمها لنفوذ موسكو في الخارج، وحفتر يعرف هذا جيدا لذلك يتجنب قدر الإمكان الصدام مع الروس من أجل هذه النقاط وإن كان ينزعج منها وتشعره بنوع من المهانة وعدم قدرته على السيطرة على كل شيء"، وفق تعبيراته.



"تنسيق روسي - أمريكي غير معلن"
لكن خبير العلاقات الدولية والأكاديمي الليبي، أسامة كعبار رأى من جانبه أن "روسيا تعزز من تواجدها في ليبيا، كون الأخيرة بوابة إفريقيا تاريخيا، والطموحات الروسية كبيرة في أفريقيا، وفي بداية تواجدها في قاعدة الجفرة، تمكنت روسيا من طرد فرنسا من العديد من الدول الأفريقية، النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وعززت من تواجدها في السودان دعما لقوات "حميدتي".

وأكد لـ"عربي21" أن "التوسع الروسي يدل على أن ليبيا مهمة في الاستراتيجية الروسية للأمن القومي، وأحداث سوريا ولعب روسيا دور على استحياء يدلل على أن هناك تفاهمات، وخاصة أن الاعتراض الأمريكي على تواجد الروس في ليبيا  هو اعتراض أدبي أمام حلفائهم الأوروبيين، ولا يبرز أي إصرار أمريكي على مغادرة قوات موسكو".

وتابع: "تعزيز التواجد، مع التحولات المهمة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الانفراجة المرتقبة في الحرب الروسية-الاوكرانية، لصالح روسيا، يشير إلى أن هناك تفاهمات بين أميركا وروسيا بالمقام الأول، وتركيا أيضا، فواشنطن لن تعترض على موسكو طالما أن المصالح الأميركية غير مهددة، وهذا ما حدث في دول الساحل والصحراء، تم طرد فرنسا وتقاسمت أمريكا وروسيا النفوذ"، بحسب تحليله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية روسيا ليبيا فاغنر ليبيا روسيا طرابلس شمال أفريقيا فاغنر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه القواعد فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

اتهامات للعسكر بالسيطرة على القضاء في غينيا بيساو

واصلت السلطة العسكرية في غينيا بيساو، بقيادة الجنرال هورتا إنتا منذ استيلائها على الحكم في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إحكام سيطرتها على مفاصل الدولة عبر سلسلة من القرارات المثيرة للجدل.

فقد أعلن المجلس العسكري تعيين أحمد تيجاني بالدي، الرئيس السابق للمحكمة العليا للحسابات في عهد الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو، في منصب المدعي العام للجمهورية أمس الأول الجمعة.

ويأتي هذا التعيين ضمن حزمة إجراءات شملت حل المجلس الأعلى للقضاء، وإغلاق المدرسة الوطنية للقضاء حتى نهاية المرحلة الانتقالية.

ومنح القرار المدعي العام الجديد صلاحيات غير مسبوقة، من بينها تعيين نوابه ورؤساء المحاكم في البلاد، إضافة إلى حق نقلهم أو عزلهم، وهو ما اعتبره مراقبون خطوة تهدف إلى إخضاع الجهاز القضائي للسلطة العسكرية بشكل مباشر.

وقد أثارت هذه الإجراءات موجة انتقادات واسعة من منظمات حقوقية محلية ودولية، التي وصفتها بأنها "ضربة قاصمة" لمبدأ الفصل بين السلطات وتهديد مباشر لأسس الديمقراطية في هذا البلد الصغير الواقع على الساحل الغربي لأفريقيا، والذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني نسمة.

خريطة غينيا بيساو (الجزيرة)سياق سياسي مضطرب

منذ الانقلاب العسكري، اعتقلت السلطات الجديدة زعيم حزب المعارضة دومينغوس سيمويش بيريرا، إلى جانب عدد من مسؤولي اللجنة الوطنية للانتخابات وأعضاء في الحكومة السابقة، في حين غادر الرئيس السابق عمر سيسوكو إمبالو البلاد.

وقد وعدت القيادة العسكرية بمرحلة انتقالية لا تتجاوز عاما واحدا، مع تعيين رئيس وزراء جديد والإعلان عن تشكيل "المجلس الوطني للانتقال" ليقوم بدور السلطة التشريعية، دون الكشف عن تركيبته حتى الآن.

وتثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في غينيا بيساو، خاصة في ظل غياب ضمانات واضحة لعودة الحكم المدني، وتنامي المخاوف من أن تتحول المرحلة الانتقالية إلى تكريس دائم للسلطة العسكرية على مؤسسات الدولة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بوتين: روسيا ستكمل العملية العسكرية الخاصة حتى تحقيق أهدافها
  • روسيا والصين تنفذان دورية جوية مشتركة في المحيط الهادئ
  • ترامب يدعو لتغيير القيادة الأوكرانية ويصف روسيا بالتفوق العسكري
  • بوتين: روسيا ستواصل العملية العسكرية الخاصة حتى تحقيق أهدافها
  • موسكو: الدفاعات الجوية الروسية أسقطت 121 مسيرة أوكرانية الليلة الماضية
  • قائد البحرية الروسية: واشنطن والناتو يعززان وجودهما العسكري بالقطب الشمالي
  • الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تخطط لتنفيذ هجمات أكثر تعقيداً ضد روسيا
  • موسكو: صندوق النقد الدولي يعارض مصادرة الأصول الروسية
  • اتهامات للعسكر بالسيطرة على القضاء في غينيا بيساو
  • السلطة العسكرية في غينيا بيساو تعزز سيطرتها على القضاء بإجراءات مثيرة للجدل