ما لن يخبرك به البنك عن سرقة بياناتك
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
لم أكتب اليوم هذا المقال بدافع الفضول أكثر من كتابتي له بدافع القلق، قلق تشكل بداخلي بسبب حوادث صغيرة متكررة كثيرًا ما سمعنا عنها وتجاوزناها، كحساب اخترق أو بطاقة أُفرغت أو صورة استخدمت في غير موضعها، أو رسالة واحدة كانت كفيلة بقلب حياة أحدهم رأسًا علي عقب، مع الأسف نحن نتحرك في العالم الرقمي بثقة زائدة، نترك بيانات وصوراً وحسابات بلا حراسة، ثم نتساءل بدهشة كيف حدث ذلك؟ وهذا ما دفعني لأبحث عن شخص أتحدث معه دون أن يكون من أولئك الذين يلوحون بالمصطلحات المعقدة لإثبات المعرفة، بل هو خبير عمل لسنوات طويلة في مجال الأمن السيبراني من تتبع للاختراقات لتحليل أنماط الاحتيال الرقمي للكثير من الدراسات المعقدة في ذلك الشأن الحيوي، حتي اكتسب خبرة لا يمكن الاستهانة بها.
بعد حديث مطول معه عن تلك التهديدات، لم أخرج بانطباع مريح، فقد شعرت بالقلق حين أدركت أن معظم ضحايا الاختراق لم تكسر أنظمتهم؛ بل فتح للمخترقين الأبواب طواعية، فالخطر الحقيقي لا يكمن في تعقيد الهجمات بل في بساطتها، في عاداتنا اليومية التي نتعامل معها بلا اكتراث، أول ما لفت انتباهي في حديثه، أن بياناتنا الشخصية لم تعد مجرد تفاصيل جانبية، فرقم الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الصور أو الموقع الجغرافي وحتي نمط السلوك اليومي، كلها أجزاء من هوية كاملة قابلة للبيع أو الاستخدام أو حتي الابتزاز، نمارس تلك العادات بتراخٍ، ثم نندهش من النتيجة حين تستعمل ضدنا، فسرقة البيانات الشخصية لم تعد سيناريو افتراضي أو خبر عابر، بل أصبحت واقعاً يومياً، ضحاياه أشخاص عاديون، كل ما تكتبه ليست معلومات بريئة عنك؛ بل هي قطع من هويتك، وإذا وقعت في يد خاطئة يمكن أن تستخدم لانتحال شخصيتك أو اختراق حسابك أو سحب أموالك أو ابتزازك، والمفارقة أن كثيرًا من هذه الكوارث تبدأ بإهمال بسيط، ككلمة مرور ضعيفة، أو تطبيق مزيف، أو استهانة بتحذير، بالرغم من كل هذه المعلومات الهامة توجهت لمحور حديثي معه عن الحسابات البنكية، فهي من أكثر الملفات الشائعة التي يسيء المستخدم حمايتها، أخبرني أن كلمة مرور البنك إذا كانت مكررة أو قصيرة أو محفوظة في الهاتف، أو معاد إرسالها أو حفظها لنفسك عبر تطبيقات المراسلة كارثه لا ندرك حجمها، فكثير منا يرفض تفعيل المصادقة الثنائية لأنها مزعجة، بالرغم من أنها الحاجز الحقيقي لحمايتك، والأخطر من ذلك هو الاعتماد والوثوق في رسائل تأتي باسم البنك، أو نقوم بتحميل تطبيقات عبر روابط من تطبيق مزيف، أو الانسياق خلف رسائل أو مكالمات لمجرد أنها تحمل اسم البنك وتطلب تحديث البيانات أو تحميل تطبيق من رابط عابر، وهو فخ يقع فيه الكثير من المستخدمين، بينما التطبيق الرسمي وحده هو المسار الآمن لحماية حسابك البنكي، وكذلك أهمية المتابعة المستمرة لإشعارات السحب والإيداع من البنك، فهي ليست إجراءً ثانويًا بل إنذارًا مبكر لما يحدث لحسابك، فكل تأخير في الرد علي حركة غير معروفة للحساب يمنح السارق وقتًا أطول للسرقة، في النهاية أخبرني أن هناك قاعدة واحدة غير قابلة للتفاوض، وهي أن بيانات البطاقة لا تقال ولا تكتب ولا تشارك مهما بدا الصوت المقابل مقنعًا أو قريبًا، لأنها المدخل الأسهل لسرقة الأموال عالميًا، فالهواتف الذكية نفسها تشكل ثغرة دائمة، فتأجيل التحديثات، أو استخدام قفل شاشة ضعيف، أو ترك الهاتف في يد الآخرين حتي ولو لدقائق، أو السماح بتثبيت تطبيقات من خارج المتاجر الرسمية المعروفة، كلها ممارسات شائعة تجعلنا فريسة للمخترق وكل واحدة منها كافية لزرع برنامج تجسس لا يرى ولا نشعر بوجوده إلا بعد فوات الأوان، حتي الصور والملفات الحساسة، يحتفظ بها كثير منا في مجلدات مفتوحة بلا أي حماية حقيقية علي الهواتف وكلها قابلة للاختراق، كذلك البريد الإلكتروني ووسائل التواصل التي تعتبر البوابة الأم للمخترق، فمن يخترق بريده يعاد ضبط حساباته كلها بضغطة زر، ومع الأسف لا يزال هناك أشخاص منا يقومون بفتح الروابط المشبوهة وكأنه أمر اعتيادي بالرغم من كل التحذيرات، ولا يزال طلب تأكيد البيانات يقابل بالامتثال بدلًا من الشك، خرجت من هذا الحديث وأنا علي قناعه بأن الأمن الرقمي ليس رفاهية تقنية، ولا هوسًا مبالغًا فيه، بل هو سلوك يومي بسيط يقول إن عدم استخدام الشبكات العامة في المعاملات الحساسة، وعدم مشاركة بيانات البطاقة أبدًا، ومتابعة الإشعارات البنكية، وحماية الهاتف عن بعد، والابتعاد عن أي تطبيق أو خدمة مجانية تطلب أكثر مما ينبغي، هو صمام أمان لحماية حسابك، فنحن لا نحتاج إلي خوف دائم بل نحتاج إلي وعي بالمخاطر؛ فالعالم الرقمي لا يكافئ حسن النية، بل يحترم من يغلق بابه جيدًا، فكل إهمال صغير ليس تفصيلة بل احتمال خسارة مؤجل.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
تحذير من ESET: تطبيقات دردشة خبيثة على أندرويد تسرق رسائل واتساب وتخترق خصوصيتك
غزة - صفا
أصدرت شركة ESET المتخصصة في الأمن السيبراني تحذيرات بالغة الأهمية لمستخدمي الهواتف المحمولة التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد. جاء هذا التحذير بعد اكتشاف تطبيقات دردشة متوفرة في متجر جوجل بلاي تحتوي على برامج ضارة قادرة على سرقة رسائل واتساب، واستغلال البيانات المسروقة في عمليات ابتزاز واحتيال.
تطبيقات خطيرة تهدد بياناتككشفت الشركة الأمنية أن هناك 12 تطبيقًا تحتوي على أكواد خبيثة، يتوفر 6 منها حاليًا للتنزيل في متجر جوجل بلاي. تتخفى هذه التطبيقات في شكل برامج دردشة عادية، وهي تشمل الأسماء التالية: Privee Talk، MeetMe، Let’s Chat، Quick Chat، Rafaqat، Chit Chat، YoohooTalk، TikTalk، Hello Chat، Nidus، GlowChat، و Wave Chat.
ضرورة حذف هذه التطبيقات فورًاوفقًا لصحيفة إكسبريس البريطانية، وجهت ESET رسالة واضحة للمستخدمين: "إذا عثرت على أي من هذه التطبيقات في هاتفك، فيجب عليك حذفها على الفور". وأوضحت الشركة أن هذه التطبيقات لا تكتفي بسرقة رسائل تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل واتساب وسينجل وفيسبوك فحسب، بل تستخدم أيضًا كاميرا الهاتف وتسجل المكالمات، مما يعني اختراقًا شاملًا لجميع المعلومات الموجودة على الجهاز وسرقتها.
كيف يتم استدراج الضحايا؟أوضح لوكاس ستيفانكو من شركة ESET أن قراصنة الإنترنت قد يستخدمون أساليب احتيالية، مثل انتحال شخصيات مهتمة بالعلاقات الرومانسية، لدفع مستخدمي الهواتف المحمولة إلى تنزيل هذه التطبيقات. يطلب القراصنة من الضحايا تنزيل تطبيق دردشة آخر لمواصلة التواصل، وبعد هذه الخطوة يتم تنفيذ عملية الاختراق وسرقة البيانات لاستخدامها في أغراض غير مشروعة.