لماذا يتجاهلون مأساة عبد اللطيف اخريف؟
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
ليس شرطا رئيسيا أن تحظى صفحاتك على مواقع التواصل الاجتماعي بمتابعة قياسية وتهتف الجماهير باسمك ليل نهار كي تصبح قصتك جديرة بأن تروى، رغم أن موازين "الإنسانية الجديدة" اختلت في عصرنا الحالي ولها مواصفات معينة ينبغي توفرها كي تصنف في خانة من يستحقون "الرثاء" والنبش في دواوين العرب القديمة عن مصطلحات تفي بالغرض، وبالتالي تحتل "الترند"؛ الهدف الاسمى للكل وسالب العقول والألباب.
مع الأسف قصتنا هذه لا تنطبق عليها "المواصفات المطلوبة"؛ لكنها لا بد أن تحكى وتصل لأن هناك أسرة تكابد وتعاني الأمرّين منذ السادس من تموز/ يوليو الفائت، حين كانت مجموعة من لاعبي فريق اتحاد طنجة المغربي في رحلة بحرية على متن أحد القوارب بشاطئ "ريستينكا" بمدينة المضيق، وبفعل شدة التيار والرياح التي تشتهر بها تلك المنطقة إجمالا تحولت النزهة لمأتم. ورغم نجاح السلطات في إنقاذ اللاعبين باستثناء حالتين؛ الأولى للاعب الواعد سلمان الحراق الذي ما زال مصيره مجهولا لحدود اللحظة، والثانية لبطل قصتنا اليوم لم يعثر له على اثر بعد ايام طويلة من البحث.
الصدمة تكمن في توالي مناشدات الأم المكلومة للسلطات الجزائرية هذه الأيام عبر بعض المنابر الاعلامية من اجل اتمام الاجراءات وإنهاء هذا الكابوس الذي تعيشه الاسرة منذ أكثر من خمسة أشهر
ظل اللاعب "عبد اللطيف اخريف" مختفيا لأكثر من شهر حتى وصل الخبر اليقين المأساوي لعائلته من الجارة الجزائر، حيث عثر بعض المصطافين الجزائريين أثناء رحلة عبر الدراجات المائية بسواحل "كاب فالكون" في منطقة "عين التراك" بضواحي مدينة وهران على جثته هناك.
تم تداول الخبر في بداية شهر آب/ أغسطس، وشخصيا ظننت ان الأمور تمت بسلاسة وبالتالي جرى تسليم جثة الشاب لعائلته كي توارى الثرى في مسقط رأسه؛ لكن الصدمة تكمن في توالي مناشدات الأم المكلومة للسلطات الجزائرية هذه الأيام عبر بعض المنابر الاعلامية من اجل اتمام الاجراءات وإنهاء هذا الكابوس الذي تعيشه الاسرة منذ أكثر من خمسة أشهر.
المثير للحنق هنا هذا الصمت المخزي والتجاهل الكارثي إعلاميا لهذه القضية وطوال الأشهر الماضية دون الوصول لمخرج ينهي معاناة أسرة هذا اللاعب؛ بعيدا عن الصراعات السياسية والحسابات الضيقة نحن هنا أمام حالة إنسانية لا ينبغي استغلالها في إطار آخر؛ ومن هذا المنطلق نتساءل: لماذا تم تغييب هذه القضية؟ ألا تستحق تسلق "الترند" على سبيل المثال، أم لأنها إنسانية بحتة ولشاب لم يسعفه القدر في نيل شعبية أكبر ولا ينتمي لبعض النوادي ذات الثقل على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تنتفض لمجرد غياب اسم لاعبها المفضل مثلا على لائحة المنتخب الوطني؟
في نفس السياق كنا نتمنى لو تبنت روابط الجماهير قضية "عبد اللطيف اخريف" كما تفعل مع آخرين، من أجل دموع الأم المكلومة التي فقدت فلذة كبدها ورغبتها الوحيدة في إكرام ابنها بالدفن في حضن وطنه ووسط أهله؛ فلماذا هذا التقاعس المشين أمام هذه الحالة الإنسانية؟
والمسؤولية ملقاة أيضا على عاتق العقلاء في الإعلام الجزائري المطالبين بتسليط الضوء على هذا الملف كي يطوى في أسرع الآجال؛ لأنه عار على جبين الأخوة والإنسانية التدحرج نحو القاع بهذا الشكل المهين، مع العلم أن هناك العديد من الأسئلة المطروحة والتي لا بد من الرد عليها درءا لأي تأويلات؛ أولها: لماذا لا نرى بيانات توضيحية حول القضية وما سبب كل هذا التأثير؟ وما نوعية الإجراءات المفترض أنها من الممكن أن تؤخر تحرك الجثمان كل هذه الأشهر؟ وما هي المساطير المتبعة؟ ولماذا يلتزم الطرف الجزائري الصمت طوال هذه الفترة على الأقل من باب تفادي الشبهات المخجلة ضده؟
عموما نتمنى صادقين أن تلقى مناشدات والدي "عبد اللطيف اخريف" آذانا صاغية ويسدل الستار على هذا الملف الإنساني للاعب غادرنا في ريعان شبابه دون أن يتمكن من تحقيق أحلامه في عالم الساحرة المستديرة؛ فرجاء ارحموا دموع الأهل المكلومين..
ختاما، لطالما استوقفتني جملة وردت على لسان شخصية "الحارث بن عباد " في مسلسل "الزير سالم" صاغها الكاتب المبدع الراحل ممدوح عدوان، حين قال على لسانه: "إنك لن تجدع بحرب بني قومك إلا أنفك، ولن تقطع إلا كفك".
واللبيب من الإشارة يفهم..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المغربي الجزائر المغرب الجزائر كرة القدم مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مأساة الهجرة غير الشرعية: وفاة شابين من المنيا في الصحراء الليبية
خيّم الحزن العميق على قرية دير السنقورية بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، بعد تلقي نبأ وفاة الشابين محمد أحمد السيد ومحمود مرتضى شحاتة، خلال محاولتهما الهجرة غير الشرعية إلى ليبيا بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل.
تتحول قصة الشابين إلى مأساة جديدة تضاف إلى قصص الهجرة غير الشرعية التي تودي بحياة العديد من الشباب المصريين.
حلم الرزق يتحول إلى كابوس في الصحراءوفقًا لأهالي القرية، كان محمد ومحمود يتمتعان بسيرة حسنة، ودفعتهما الظروف الاقتصادية الصعبة إلى المخاطرة بحياتهما عبر الطرق البرية الصحراوية الوعرة أملًا في تحسين أوضاعهما وأسرتهما، إلا أن الأقدار كانت لهما بالمرصاد، حيث لقيا مصرعهما في ظروف غامضة بالصحراء الليبية، دون تحديد دقيق لسبب الوفاة، مما زاد من معاناة أهاليهما.
"فيسبوك" يتحول لسرادق عزاءناشدت عائلتا الضحيتين السلطات المصرية ووزارة الخارجية سرعة التدخل لاستعادة جثماني الشابين ونقلهما إلى قريتهما بدير السنقورية لدفنهما، ويأمل الأقارب في أن تنجح الجهود الرسمية في حل هذه الأزمة.
في غياب الجثامين، تحولت صفحات فيسبوك إلى ساحات عزاء افتراضية، حيث امتلأت المنشورات بتعازي الأصدقاء والأقارب الذين صدموا من الفاجعة.
تأتي هذه الحادثة لتسلط الضوء مجددًا على ظاهرة الهجرة غير الشرعية المتنامية من قرى الصعيد، حيث يضطر الكثير من الشباب إلى المغامرة بحياتهم هربًا من البطالة والضغوط الاقتصادية.
تشير التقارير إلى أن عشرات المصريين يلقون حتفهم سنويًا في رحلات محفوفة بالمخاطر إلى ليبيا أو عبر البحر المتوسط، في بحث يائس عن فرصة حياة أفضل.