لجريدة عمان:
2025-06-01@15:51:11 GMT

هاتف «تيسلا» وتكهنات مستقبل الابتكار التكنولوجي

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

انتشر الحديث في الآونة الأخيرة عن الابتكار الخارق لشركة تيسلا (Tesla) بشأن إنتاج أول هاتف ذكي يتميز بخصائص تقنية متقدمة؛ مثل الاتصال بالأقمار الصناعية، وإعادة الشحن عن طريق الطاقة الشمسية، والتكامل السلس مع التكنولوجيا القائمة لمنتجات الشركة من سيارات وغيرها، مع القدرة على تسهيل التعامل بالعملات الرقمية المشفرة، وإن كانت نجاحات «تيسلا» السابقة شاهدة على ريادتها التكنولوجية، إلا أن ابتكار الهاتف الذكي قد غير من قواعد اللعبة بشكل حاسم ونهائي.

تعالوا في البدء نتذكر الابتكارات والإنجازات التي حققتها شركة «تيسلا»، والتي أحدثت ثورة في العديد من الصناعات الحيوية، سنجد أن الشركة قد أنتجت ابتكارات طموحة وتحويلية في المركبات الكهربائية والطاقة المتجددة، وفي قطاع استكشاف الفضاء، والتكنولوجيا العصبية، وهي جميعها ابتكارات معززة بالذكاء الاصطناعي، مما أتاح لها تحقيق الأداء العالي والاستدامة القائمة على التكنولوجيا المتطورة، ويُعد دخول «تيسلا» إلى قطاع الهواتف الذكية قفزة تكنولوجية كبيرة ومِفْصَلية في آنٍ واحد، لأن الجهاز المبتكر الذي أصبح حديث الساعة ليس منتجًا جديدًا يقدم ميزات رائدة للمستهلك، وينضم بجانب المنتجات الأخرى على رفوف العرض، ولكنه في حد ذاته ظاهرة علمية تُجسد وبشكل واقعي فلسفة التكامل المرن مع النظام البيئي الحالي لابتكارات الشركة، وهو كذلك بمثابة نقطة التحول غير المسبوق في قطاع الاتصالات، وذلك من حيث تحقيق الوصول إلى الإنترنت عبر شبكة الأقمار الصناعية، وعليه فإن التفاعل الكبير على وسائل الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي بشأن هاتف «تيسلا» هو انعكاس للترقب الذي خيّم على الأوساط العلمية والفكرية مع بدء ظهور التكهنات بنشأة مشهد جديد لمستقبل الابتكار التكنولوجي في جميع المجالات ذات الكثافة المعرفية العالية.

وعلى الرغم من أن تأثير هذا الهاتف لا يزال على قيد القراءة الاستراتيجية للمختصين وتقدير خبراء التكنولوجيا، ويجب إتاحة الوقت لظهور الابتكار في الأسواق الاستهلاكية، ثم دراسة أثر هذه الابتكارات على المنافسين لشركة «تيسلا»، ومدى رضا المستهلكين، إلا أن ابتكار الميزات التقنية المتقدمة للهاتف يقودنا إلى النقطة المحورية وهي أهمية التفكير والتعلم في الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه القصة، وفي مقدمتها ديناميكية المشهد التنافسي لقطاع الهواتف الذكية، إذ أن الدخول المحتمل لهاتف «تيسلا» يمكنه أن يعطل الديناميكيات التنافسية الحالية، ويعيد تشكيل توقعات المستهلكين، فالنهج الراسخ لابتكارات «تيسلا» وقوة علامتها التجارية ليس أمرًا يمكن أن يتجاهله الفاعلون الأساسيون في القطاع، وهذا يعيد إلى الأذهان أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية، وتعزيز استدامة المنتجات الابتكارية في وجه الابتكارات التحويلية الخارقة.

ولا يقتصر الأمر على محور التنافس مع العلامات التجارية للهواتف الذكية الراسخة وحسب، فإنه من المرجح أن يرافق دخول الهاتف حيز الاستهلاك حدوث تغيير جذري في فهم حيثيات الابتكار التحويلي من منظور اقتصادي واجتماعي وثقافي، فكما ساهمت ابتكارات «تيسلا» في إنتاج السيارات الكهربائية على تسريع برامج المركبات الكهربائية والقيادة الذاتية بدافع تشجيع التحول إلى النقل المستدام، فإن الحاجة ماسة إلى فهم المحركات الأساسية للابتكارات التحويلية، ومدى قدرتها على الاستحواذ الكلي في القطاعات المرتبطة بها، وتأثيرها على إزاحة الابتكارات التقليدية السائدة، وإحالتها إلى الوضع غير الوظيفي أو غير المستغل، إذ ليست جميع المنظومات بنفس مستوى الممكنات القادرة على دعم الابتكارات التحويلية، ومع الأخذ في الاعتبار بأن تاريخ التطور في الابتكارات الصناعية التي أفرزتها الثورات الصناعية المتعاقبة قد تميز بالتدرج في التطوير التقني، وحالات التغيير الجذري الهائل هي حالات قليلة، ولم تتطلب عملية التكييف درجة عالية من الجاهزية، فإن محور الجاهزية بحاجة إلى التركيز والتحليل والفهم الشمولي.

والدرس الأكبر الذي يمكن استخلاصه هو أهمية بناء فهم مختلف للابتكار المستقبلي، فكما استطاعت شركة «تيسلا» تقديم ابتكار متكامل مع ابتكاراتها السابقة، فإن التوجه المستقبلي للابتكار سوف يكون أكثر ميلًا للمسارات التكاملية، والمجالات متعددة التخصصات، وبذلك فإن الجهود التطويرية والابتكارية سوف تتطلب تنوعًا تخصصيًا وفكريًا، وتشير التكهنات إلى أن عولمة الابتكار قد أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله، وعلى المؤسسات التعليمية والبحثية المبادرة في تأسيس الجيل القادم من المخترعين والمبتكرين ذوي المهارات المتنوعة، وتعد مهارات التواصل الاستراتيجي ضمن أبرز المهارات التي يجب على المبتكرين الناشئين تعزيزها وممارستها، فالعمل التطويري سوف يكتسب صفة التشاركية على المستوى المحلي والدولي، وهذا يتطلب بناء وترسيخ أساسيات العمل مع الفرق الفنية والتقنية الافتراضية، والسعي نحو استكشاف مجالات طموحة في الابتكار وفي الوقت ذاته تكون مزدوجة التأثير، ومعززة لقطاعات ابتكارية مماثلة، مع الأخذ في الحسبان تمكين التخطيط والاستشراف المستقبلي في الابتكار النوعي الموجه نحو الاقتصاد والتنمية الاجتماعية، إذ أن مفتاح البقاء على الخريطة المعرفية يعتمد بشكل أساسي على امتلاك القدرة الاستباقية على استشراف معالم المستقبل، وتعريف الفرص التكنولوجية الكامنة في القطاعات الحيوية، وتعزيز جاهزية منظومات الابتكارات على استيعاب الابتكارات التحويلية دون الإخلال بالتوازن الاستراتيجي لبيئة الأعمال والمجتمع المستفيد من الابتكار.

إن قصة ابتكارات هاتف «تيسلا» تؤكد أنه في عالمٍ تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الاقتصاد لا مكان سوى للابتكارات القادرة على إعادة تشكيل المشهد التنافسي، والدفع بالحدود التكنولوجية إلى ما هو أبعد من التطوير الشكلي المحدود، وإرساء معايير جديدة للصناعة والإنتاج والاستهلاك، ووضع النتاجات الابتكارية في طليعة التقدم العلمي غير المسبوق، فما تحمله الابتكارات التحويلية من فرص ومخاطر يجب أن يكون في صميم التخطيط والاستشراف المستقبلي، وعلى جميع الفاعلين في منظومات الابتكار مسؤولية إدراك البعد غير الملموس للتسارع التقني والتكنولوجي، ووضع الأدوات اللازمة لاستيعاب مسارات التقدم العلمي التي يمكنها تغيير معالم الاقتصاد والحياة في فترات زمنية وجيزة، فالجاهزية لا تقتصر على تلقي الابتكارات الجديدة وإحلالها محل الجوانب التقليدية، ولكنها تمتد لتشمل كافة الجوانب الفكرية والثقافية والمجتمعية، وتفرض على المنظومات سرعة التكيف مع حقيقة قصر دورة تطوير المعرفة إلى منتجات وخدمات، والبحث عن آليات تمكين القدرات الذاتية على تقييم درجة استيعاب المنظومة للابتكارات الجديدة، وتأثير إدماجها على المدى المتوسط والبعيد.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تفاحة بلا طعم .. سلسلة إخفاقات تهز عرش آبل

رغم مكانتها كأحد أكثر العلامات التجارية نفوذًا في عالم التكنولوجيا، لم تسلم شركة آبل من سلسلة من الإخفاقات التقنية والتجارية التي أثارت تساؤلات حول قدرتها على الابتكار المستدام. 

فخلف التصميمات الأنيقة والعروض التسويقية المبهرة، هناك قرارات وإصدارات لم ترتقِ إلى مستوى تطلعات المستخدمين والمستثمرين، وبعضها ألحق ضررًا بصورتها كشركة تتصدر المشهد التقني العالمي.

هاتف بلا حرارة

عندما طرحت آبل هاتف iPhone 15 Pro، واجه الجهاز انتقادات حادة بسبب مشكلات الحرارة الزائدة، وهي أزمة غير معتادة بالنسبة لشركة لطالما تغنّت بالكفاءة والأداء. 

رغم تحديثات النظام المتكررة، لم تتمكن آبل من إقناع جمهورها بأن المشكلة مؤقتة، خاصة مع استخدام إطار التيتانيوم الجديد الذي تبين لاحقًا أنه ليس السبب الحقيقي، مما زاد من حدة الإحباط لدى المستخدمين والمراجعين على حد سواء.

آبل تعيد رسم ملامح أنظمتها.. تحديثات ثورية وتغيير لأسماء نظام آيفون وآيبادآبل تستعد لإعادة تصميم سلسلة آيفون.. شاشة كاملة قادمة في 2027آبل تستعد لإطلاق أكبر إعادة تصميم لأنظمتها منذ iOS 7 في مؤتمر WWDC 2025بدلا من الاستعراض.. آبل تراهن على المطورين لتعزيز ذكائها الاصطناعيبعد خروج آبل من نادي الـ3 تريليون.. ترتيب أكبر الشركات من حيث القيمة السوقيةبياناتك في خطر.. تسريب 184 مليون كلمة مرور من آبل وفيسبوك وجوجلآبل تفقد صدارة سوق الأساور الذكية عالميًا لأول مرة منذ سنواتآبل توقف دمج الكاميرا فى طرازات Apple Watch الجديدةخوذة الواقع المرتبك

في خطوة بدت وكأنها محاولة للحاق بركب الواقع المعزز، كشفت آبل عن نظارة Vision Pro بسعر باهظ تجاوز 3500 دولار. 

ورغم ما حملته من تقنيات مبتكرة، إلا أن السوق لم يتفاعل بالشكل المتوقع، وسرعان ما خفتت الحماسة.

تحدثت التقارير الأولية عن ضعف المبيعات، وتراجع الطلب، وقيود استخدام لا تناسب الجمهور العام، ما وضع المشروع أمام تحدٍ كبير في إثبات جدواه كمنتج ثوري.

معالجات متأخرة وخط إنتاج متباطئ

في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات لتقديم تحسينات جذرية في الأداء، واجهت آبل انتقادات بسبب تأخيرها في إطلاق معالجات جديدة لمجموعة أجهزة Mac، وتأجيل تحديثات أساسية لبعض خطوط الإنتاج. 

أثار الخط الزمني غير المنتظم وتكرار نفس التصميمات في إصدارات متعددة مثل iPhone SE وiPad استياء المستخدمين، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى تجديد أجهزتهم بتقنيات حقيقية جديدة لا مجرد تحسينات طفيفة.

قضايا تحديثات وتراجع الابتكار

يعاني مستخدمو أجهزة آبل مؤخرًا من مشكلات متكررة في تحديثات نظام iOS، إذ ظهرت أخطاء في الأداء وعطل في بعض الميزات مثل Siri وخاصية Always-On Display. 

تزامن هذا التراجع في الاستقرار التقني مع شعور عام بأن الشركة لم تعد تقدم الابتكارات النوعية كما في السابق، وأنها تعتمد بشكل مفرط على الإرث القديم دون تطوير جذري يواكب التحول السريع في الصناعة.

خسائر في المحكمة والرأي العام

لم تقتصر الإخفاقات على المستوى التقني، بل واجهت آبل ضربات قانونية واقتصادية، مثل حكم المحكمة الأوروبية الذي ألزمها بتغيير منفذ الشحن إلى USB-C بدلًا من Lightning، ما اعتبره كثيرون تراجعًا عن سياسات الانغلاق التي لطالما تمسكت بها.

 كما واجهت الشركة دعاوى تتعلق بالممارسات الاحتكارية في متجر App Store، مما زعزع صورتها كشركة "مستهلك أولًا" وفتح الباب أمام مزيد من الضغوط التنظيمية.

أين تذهب آبل؟

رغم هذه الإخفاقات، ما زالت آبل تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وقوة مالية هائلة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، هل تستطيع الشركة استعادة بريقها كمبتكر أول في قطاع التكنولوجيا؟ أم أن نمط التكرار والاستثمار في الهالة بدلاً من الابتكار الحقيقي سيقودها نحو المزيد من التراجع في عالم لا يرحم من يتأخر عن سباق المستقبل؟

طباعة شارك عالم التكنولوجيا شركة آبل هاتف iPhone 15 Pro

مقالات مشابهة

  • كيف تُحدث القيادة التحويلية فرقًا في أداء مؤسساتنا؟
  • أخبار التكنولوجيا| بمواصفات مذهلة فيفو تستعد لطرح ViVo X fold 5 القابل للطي.. وتابلت خارق من سامسونج يغزو الأسواق
  • أكد تكامل مقوماتها.. تقرير ألماني: المملكة وجهة لصناعة التكنولوجيا
  • تفاحة بلا طعم .. سلسلة إخفاقات تهز عرش آبل
  • البُعد الأخلاقي في مسيرة الابتكار الإنساني (1- 3)
  • محافظ الدقهلية داخل المركز التكنولوجي بأجا: لن نقبل بتعطيل أي خدمة للناس
  • ولي العهد يلقي كلمة حول القطاع التكنولوجي خلال فعاليات منتدى تواصل “2025”
  • مصيرنا في مواجهة الغزو التكنولوجي
  • وزير التعليم يبحث مع جوجل ويونيسف مصر دمج التكنولوجيا لتطوير التعليم
  • جامعة المنصورة الجديدة تحصد الثاني عالميا في مجال الابتكار بتكنولوجيا المعلومات والإتصالات