خبير عسكري: لم يعد هناك جيش سوري بمعنى الكلمة «فيديو»
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
قال العميد إلياس فرحات، الخبير العسكري، إن الغارات الإسرائيلية دمرت معظم مطارات وطائرات سوريا، موضحا خلال لقائه على قناة «القاهرة الإخبارية» من بيروت عبر «زوم»، أنه على مدار يومين نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو 400 غارة في سوريا، نقلا عن وسائل إعلام إسرائيلية.
وأضاف: «الغارات الإسرائيلية دمرت معظم المطارات والقواعد الجوية والطائرات السورية، بالإضافة إلى تدمير مراكز البحوث ومصانع الأسلحة والصواريخ في جميع أنحاء سوريا، وتدمير القوى البحرية فى ميناء البيضا واللاذقية وطرطوس على الساحل السوري».
وتابع: «لم يعد هناك جيش سوري بمعنى الكلمة، وأضحى هناك أفراد مسلحين ببنادق عادية، لا تقدم ولا تؤخر، الملفت للنظر أن ما جرى لم يستحق إصدار بيان من السلطة الجديدة، ولا تعليق».
وأكمل: «هذا التغيير في السلطة مختلف عن أي تغييرات في في العالم، فالسلطة الجديدة تعلن أنها تلتزم مثلًا بالأمم المتحدة أو بجامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي، وتلتزم بالعهود والمواثيق، لكن لم يصدر شيئًا من هذا القبيل أبدًا، سوى كلام عن إسقاط النظام وعن جرائمه».
تدمير سوريا في يومينوقال: «لا أحد يعلم إلى أين تتجه هذه السلطة التي لم تحدد بعد كيف ستقوم بعلاقاتها مع الدول الخارجية، وأي نظام سياسي سوف تنشأه».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سوريا دمشق الساحل السوري
إقرأ أيضاً:
سوريا الجديدة: بين عدالة الاقتصاد ووعي السيادة
في منعطفٍ تاريخي حاسم، تقف سوريا الجديدة أمام تحدٍّ يتجاوز إعادة الإعمار إلى إعادة ابتكار الدولة ذاتها. هذه ليست مجرد مرحلة ما بعد الثورة، بل لحظة تأسيس لمشروع وطني مختلف، يستمد شرعيته من جراحه، ويصوغ مستقبله على ضوء نقد جذري لما كان.
وفي قلب هذا التأسيس، تبرز قضيتان محوريتان تشكّلان نواته الصلبة:
أولاهما، الحاجة إلى اقتصاد عادل، ليس بوصفه مطلبا تنمويا فحسب، بل كآلية لإعادة لُحمة المجتمع وصياغة هوية وطنية جامعة.
وثانيهما، ضرورة إعادة تعريف الأمن القومي في مواجهة التهديد الإسرائيلي، لا كخطر عسكري آني، بل كعامل تفكيك استراتيجي متواصل لكيان الدولة ووعيها.
الاقتصاد المطلوب هو اقتصاد يحرّر المجتمع من الزبائنية، لا فقط بوصفها علاقة مصلحية مشوهة بين الحاكم والمحكوم، بل كآلية تهدر الكفاءات، وتُضعف قيم المواطنة، وتكرّس الانقسام الطبقي والطائفي، عبر تحويل الدولة إلى شبكة من الولاءات الشخصية، بدلا من أن تكون حاضنة للعدالة والفرص المتكافئة
الاقتصاد العادل.. لغة الانتماء الجديدة
في السياقات ما بعد النزاعات، يُختزل الاقتصاد غالبا كأداة إسعاف اجتماعي. أما في سوريا الجديدة، فلا بد أن يُعاد التفكير فيه كبنية تأسيسية تعيد إنتاج الانتماء الوطني على قاعدة الكرامة، والمشاركة، والعدالة.
لم يكن الفقر في سوريا نتيجة الحرب فقط، بل أصبح سببا لإعادة إنتاج الطائفية والانغلاق، حين عجز النظام البائد عن خلق نموذج توزيعي عادل.
لذلك، فالاقتصاد المطلوب هو اقتصاد يحرّر المجتمع من الزبائنية، لا فقط بوصفها علاقة مصلحية مشوهة بين الحاكم والمحكوم، بل كآلية تهدر الكفاءات، وتُضعف قيم المواطنة، وتكرّس الانقسام الطبقي والطائفي، عبر تحويل الدولة إلى شبكة من الولاءات الشخصية، بدلا من أن تكون حاضنة للعدالة والفرص المتكافئة. إنه اقتصاد يُعيد تعريف الدولة كمشروع وطني جامع، لا كغنيمة تُوزَّع على مراكز النفوذ.
الأمن القومي.. تحصين الوعي قبل الحدود
لا يمكن لسوريا الجديدة أن تنهض دون رؤية أمنية تتجاوز الخطاب التقليدي. فإسرائيل لم تكن يوما خصما حدوديا، بل مشروعا تفكيكيا يشتغل على وعي الشعوب، لا فقط على جغرافيا الدول.
الأمن القومي لا يتجسّد فقط في السلاح، بل في الذاكرة، والتعليم، والإعلام، وفي قدرة المجتمع على مقاومة التطبيع الناعم. والمطلوب ليس فقط إعادة هيكلة العقيدة العسكرية، بل إنتاج خطاب سياسي وثقافي يتعامل مع إسرائيل بوصفها تهديدا لبنية الدولة الوطنية ولسيادتها الرمزية والمادية.
سوريا الجديدة لا تُبنى بالقوانين والموازنات فقط، بل برؤية تعيد تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها، على قاعدة المشاركة لا التبعية، والانتماء لا الولاء
نحو ميثاق وطني يُعيد هندسة العلاقة بين الدولة والمجتمع
سوريا الجديدة لا تُبنى بالقوانين والموازنات فقط، بل برؤية تعيد تعريف العلاقة بين الدولة ومواطنيها، على قاعدة المشاركة لا التبعية، والانتماء لا الولاء.
ولذلك، تبدأ خطوات التأسيس من:
1- نموذج اقتصادي تنموي قائم على الإنتاج والتوزيع العادل للفرص والثروات.
2. إصلاح سيادي للمؤسسات الأمنية والعسكرية يجعلها حامية للوطن، لا حارسة للتوازنات الداخلية.
3- إطلاق حوار وطني شامل يعيد رسم ملامح العقد الاجتماعي على قاعدة تجاوز الطائفية وبناء دولة المواطنة.
سوريا الجديدة ليست عودة إلى ما قبل الحرب، بل قفزة نحو ما تستحقه، وما يجب أن تكون عليه:
- دولة تستلهم من الألم وعيا جديدا، ومن الفوضى حكمة، ومن العدو دافعا لإعادة ترتيب أولوياتها.
- إنها الدولة التي لا تُبنى على أنقاض الماضي فقط، بل على إرادة شعب قرّر أن لا ينسى مَن كان خلف الأسلاك، يترقّب لحظة سقوط جديدة، ولن يمنحها له.