تداعيات سقوط نظام الأسد على تركيا
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
ألقى رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، كلمة عقب اجتماع الحكومة في المجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة، خاطب فيها الشعب السوري قائلا إن "السوريين كتبوا ملحمة بطولية بدمائهم وأرواحهم وأسنانهم وأظافرهم رغم كل الصعوبات، ولم ينحنوا أبدا أمام الظلم والظالمين، ولم ييأسوا حتى في أصعب الأوقات". كما أكد أن تركيا ستواصل دعم الشعب السوري بكل إمكاناتها في نضاله من أجل التنمية.
أنقرة في بداية المظاهرات السلمية التي خرجت في سوريا كامتداد لرياح الربيع العربي، حاولت أن تقنع بشار الأسد بضرورة الإنصات إلى صوت الشعب ومطالبه، وتقديم خطوات نحو الإصلاح، إلا أن النظام السوري ظن أن بإمكانه أن يقمع تلك المظاهرات بالنار والحديد، كما فعل قبل ذلك في حماة. ووقفت تركيا إلى جانب ثورة الشعب السوري منذ لحظاتها الأولى، كما فتحت حدودها لتحتضن الملايين من اللاجئين السوريين الهاربين من الموت والتعذيب. ثم جلست على الطاولة مع موسكو وطهران في مسار أستانا لإقامة مناطق خفض التصعيد، لحماية ما تبقى من شعلة الثورة.
سقوط النظام السوري بثورة شعبية ستكون له تداعيات على المستوى الإقليمي، كما سيلقي بظلاله على الداخل التركي. ومن المؤكد أن انتصار فصائل الثورة المدعومة من تركيا على قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران، عزَّز مكانة أنقرة ودورها في التوازنات الإقليمية والحسابات الدولية. إلا أنه في ذات الوقت يضعها أمام تحديات بناء سوريا الجديدة وحماية وحدة ترابها
وشكلت محافظة إدلب والمناطق الأخرى المحررة من قوات النظام وحلفائه، بما في ذلك وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب العمال الكردستاني، أرضية صلبة يكمل فيها الثوار استعداداتهم، وينطلقون منها في الوقت المناسب لإسقاط النظام وتحرير سوريا من دكتاتورية عائلة الأسد.
سقوط النظام السوري بثورة شعبية ستكون له تداعيات على المستوى الإقليمي، كما سيلقي بظلاله على الداخل التركي. ومن المؤكد أن انتصار فصائل الثورة المدعومة من تركيا على قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران، عزَّز مكانة أنقرة ودورها في التوازنات الإقليمية والحسابات الدولية. إلا أنه في ذات الوقت يضعها أمام تحديات بناء سوريا الجديدة وحماية وحدة ترابها، في ظل محاولات يتوقع أن تقوم بها أنظمة الثورة المضادة لعرقلة إنشاء سوريا جديدة تكون نموذجا ناجحا للشعوب العربية، كما أن أي فشل للثوار، لا سمح الله، سيسجل في صفحة تركيا، بالإضافة إلى صفحة الثورة. ولذلك، لن يكون مفاجئا توظيف تركيا ثقلها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وحتى العسكري لإنجاح التجربة السورية.
تركيا حققت مكاسب كبيرة بوقوفها إلى جانب الشعب السوري في ثورته على الظلم والطغيان، أولها تحرير تل رفعت ومنبج من وحدات حماية الشعب الكردي، دون أن يحتاج الجيش التركي إلى القيام بعملية عسكرية. وهناك فرصة لا تعوض أمام تركيا للقضاء على خطر التنظيم الإرهابي الانفصالي في سوريا، بالتنسيق والتعاون مع فصائل الثورة والعشائر العربية. ومن المستحيل للقوات الأمريكية أن تحمي التنظيم، لمدة طويلة، تحت وطأة انتفاضة أبناء العشائر العربية في المناطق الواسعة التي يحتلها.
ويدور الحديث حول احتمال دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني والجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردي، إلى إلقاء السلاح والانخراط في عملية بناء سوريا الجديدة ليلعب دورا في المعترك السياسي السوري بقدر شعبيته، علما بأن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يمثل كافة أكراد سوريا وأن هناك قوى كردية أخرى تنتمي إليها نسبة كبيرة من أبناء المكون الكردي.
وعلى الصعيد الداخلي، كانت المعارضة التركية منذ وصول اللاجئين السوريين إلى تركيا بنت خطاباتها السياسية ودعايتها الانتخابية على تأجيج العنصرية وتحريض الشارع ضد اللاجئين، ونجحت في ذلك إلى حد ما، إلا أن أردوغان تحدى تلك الحملات وواصل دفاعه عن اللاجئين حتى قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها بفارق ضئيل. ومن المؤكد أن عودة اللاجئين إلى بلادهم بعد تحرير سوريا من حكم عائلة الأسد ستسحبيرى كتاب ومحللون ينتمون إلى المعارضة أن أردوغان نجح في إدارة المرحلة، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة في فهم ما يجري في سوريا، وتمسكت بالدفاع عن بشار الأسد حتى بعد تخلي روسيا وإيران عنه من يد المعارضة ورقة استغلال ملف اللاجئين ضد الحكومة، كما يتوقع أن يرفع حل هذا الملف دون اللجوء إلى أساليب غير إنسانية، شعبية أحزاب تحالف الجمهور المؤيد للحكومة.
عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قد تخلق عجزا مؤقتا في اليد العاملة في بعض القطاعات في تركيا، إلا أنها، في المقابل، ستؤدي إلى تراجع أسعار الإيجارات في بعض المناطق. ومن المتوقع أيضا أن تلعب الشركات التركية دورا كبيرا في عملية إعادة إعمار مدن سوريا والاستثمار فيها في المرحلة القادمة. كما أن مئات الآلاف من الشباب السوريين الذين عاشوا في تركيا وتعلموا لغتها سيشكلون جسرا ثقافيا يسهم في كسر حاجز اللغة بين الشعبين في المجالين التجاري والسياحي.
سقوط نظام الأسد والقضاء على خطر حزب العمال الكردستاني وحل ملف اللاجئين، كلها ستسجل في سجل أردوعان السياسي كنجاحات جديدة. ويرى كتاب ومحللون ينتمون إلى المعارضة أن أردوغان نجح في إدارة المرحلة، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة في فهم ما يجري في سوريا، وتمسكت بالدفاع عن بشار الأسد حتى بعد تخلي روسيا وإيران عنه، كما يقولون إن رئيس الجمهورية التركي ضمن الفوز في أي انتخابات مبكرة محتملة.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أردوغان تركيا سوريا الثورة العمال الكردستاني سوريا تركيا أردوغان الثورة العمال الكردستاني مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوریا الجدیدة الشعب السوری روسیا وإیران المدعومة من فی سوریا إلا أن
إقرأ أيضاً:
سوريا وفرنسا تطلبان من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السابق.. ماذا نعرف عن جميل حسن؟
أكد مسؤول قضائي لبناني رفيع أن سلطات بلاده لا تملك معلومات مؤكدة عن مكان وجود الحسن، مضيفا أن الأجهزة المعنية لم تتلق أي إشعار رسمي يؤكد دخوله أو إقامته داخل لبنان.
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن سوريا وفرنسا طلبتا من لبنان اعتقال مدير المخابرات السورية السابق جميل حسن، المتهم بارتكاب جرائم حرب، بعد الاشتباه بوجوده في بيروت.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول فرنسي تأكيده أن باريس ودمشق تقدمتا بطلب لبيروت باعتقال الحسن المدان غيابيا في فرنسا لدوره في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال فترة حكم نظام بشار الأسد.
وجميل حسن مطلوب أيضًا بموجب مذكرة توقيف في ألمانيا، كما أنه مطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي لدوره في اختطاف وتعذيب مواطنين أمريكيين.
في المقابل، أكد مسؤول قضائي لبناني رفيع أن سلطات بلاده لا تملك معلومات مؤكدة عن مكان وجود الحسن، مضيفا أن الأجهزة المعنية لم تتلق أي إشعار رسمي يؤكد دخوله أو إقامته داخل لبنان.
ومع فرار الحسن عقب انهيار نظام الأسد، تؤكد مصادر غربية وسورية أن المسؤول الأمني السوري السابق موجود حاليًا على الأراضي اللبنانية، بحسب الصحيفة التي قالت إن مسؤولي المخابرات السابقين في نظام بشار الأسد يحاولون إعادة بناء شبكة دعم.
مخابرات القوات الجويةوتحت إشراف حسن، أقام جهاز مخابرات القوات الجوية محكمة عسكرية ميدانية خاصة بها في المزة في دمشق، حيث كانت تُصدر أحكاما بالإعدام أو تُرسل المحكومين إلى سجن صيدنايا سيئ الذكر، وفق وسائل إعلام.
Related بسبب اتهامات باستخدام الكيميائي.. النيابة العامة الفرنسية تطلب تأييد مذكرة التوقيف بحق بشار الأسدبتهم جرائم حرب.. بشار الأسد تحت الملاحقة القضائية في فرنسا للمرة الثالثةالقبض على أول شخص من عائلة بشار الأسد في سابقة أمنية لافتة بعد سقوط النظامكما احتوى موقع القوات الجوية على مقبرة جماعية خاصة به، وفقا لمركز العدالة والمساءلة السوري في واشنطن، والذي استند في نتائجه إلى صور الأقمار الصناعية وزيارة للموقع بعد سقوط النظام.
وتتهم وزارة العدل الأمريكية حسن بتدبير حملة تعذيب شملت جلد المعتقلين بالخراطيم، وخلع أظافر أقدام الضحايا، وضرب أيديهم وأقدامهم حتى عجزوا عن الوقوف، وسحق أسنانهم، وحرقهم بالسجائر والأحماض، بمن فيهم مواطنون أميركيون وحاملو جنسية مزدوجة.
من هو جميل حسن؟ولد حسن عام 1953 بالقرب من بلدة القصير الحدودية مع لبنان، وانظم إلى الجيش وتمت ترقيته في المناصب خلال فترة حكم حافظ الأسد، الي استولى على السلطة عبر انقلاب عام 1970.
وفي عام 1982، شارك حسن في العملية العسكرية الواسعة التي نفذتها قوات عسكرية من الجيش السوري مع ما كان يعرف وقتها بـ "سرايا الدفاع" التابعة لرفعت الأسد، ضد مجموعات مسلّحة من الإخوان المسلمين.
ومع صعود بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، واصل جميل حسن التدرج في المناصب إلى حين توليه قيادة المخابرات الجوية، التي أُنشأت بهدف حماية النظام من الانقلاب، وأصبحت لاحقًا إحدى أكثر المؤسسات الأمنية نفوذا، وتولت قضايا حساسة، بما في ذلك دور في برنامج الأسلحة الكيميائية.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة