يمن مونيتور/القدس العربي

لا شك في أن سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم قد حظيت من دون غيرها من المُطربات بقدر وفير من الاهتمام تجاوز حدود الاهتمام العادي بمطربة أو مُغنية، ولعل الشهرة الواسعة التي حققتها أم كلثوم على مستوى العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية كانت دافعاً قوياً لتسجيل سيرتها الذاتية وتعقب تفاصيل حياتها في العديد من الدراسات والكتابات والأعمال الإبداعية المُختلفة ما بين السينما والدراما التلفزيونية.

وبالقطع ليست الشهرة وحدها هي السبب الذي أدى إلى التركيز على أم كلثوم كظاهرة غنائية فريدة من نوعها، لكن ثمة عوامل كثيرة وقفت وراء الاهتمام بها والرغبة في توثيق حياتها وسيرتها وإبداعها بطُرق مُتباينة وبرؤى مُختلفة من حيث المنظور والشكل والتقييم الخاص للشخصية القوية المُبهرة.

في أولى التجارب السينمائية لتجسيد شخصية أم كلثوم على الشاشة كانت الفنانة فردوس عبد الحميد هي البطلة التي أدت الدور بقدر كبير من الاجتهاد وبطريقة مُختلفة ربما كانت أكثر تلقائية من فكرة المُحاكاة التامة أو الالتزام الحرفي بكل سكنات وحركات المطربة الشهيرة.

ولكن تقديم الشخصية بتصرف شخصي من البطلة والإفراط في التساهل من ناحية المخرج محمد فاضل بعدم التطابق الكامل بين الشخصية الواقعية والشخصية الدرامية، باعد المسافة بشكل كبير بين الصورتين الحقيقية والافتراضية، فخرج الفيلم ناقصاً غير مُقنع على مستوى الأداء والتوظيف الدقيق لموهبة الفنانة القديرة فردوس عبد الحميد.

كما أن الفيلم اعتنى بجوانب أخرى من حياة أم كلثوم لم تكن هي الأهم بالنسبة للجمهور الذي اغترب بشكل كبير مع بعض التفاصيل السياسية وقصص الحُب والغرام الخفية التي عاشتها البطلة من طرف واحد، فضلاً عن علاقتها بالسرايا والملك والحاشية وغير ذلك من الإضافات غير الضرورية التي اعتبرها كاتب السيناريو اكتشافاً درامياً وتاريخاً متوارياً لابد أن يُوثق في سيرتها الفنية والشخصية على حد اعتقاده.

تلك كانت الغلطة التي جعلت الشخصية تبتعد كثيراً عن الجمهور العادي الذي لم يكن مشغولاً قط بالخلفيات السياسية لمطربته المُفضلة التي أراد أن يراها كما تصورها مجرد فنانة أخلصت لفنها وجمهورها وثابرت من أجل تحقيق ذاتها حتى أتتها الشهرة وتحقق لها النجاح فصارت النموذج المثالي للعطاء الفني بلا حدود.

الرؤية الدرامية

في الرؤية الدرامية الموسعة والشاملة التي قدمتها المخرجة الكبيرة إنعام محمد علي في مسلسلها الأهم “أم كلثوم” الذي قامت ببطولته صابرين كانت المساحة تسمح بإفساح المجال لفرد السيرة الذاتية عن آخرها وتمددها إلى أقصى حيز ممكن لتشمل قصة المطربة الكبيرة وحكايتها من البداية للنهاية.

وقد كان، فالمسلسل بدأ في تسجيل وقائع حياة أم كلثوم منذ طفولتها النابهة وغرامها بالفن والموسيقى، مروراً ببداية ممارستها للغناء وهي طفلة صغيرة ترتدي العقال العربي إمعاناً في لفت النظر وإبراز سماتها البريئة كوجه باعث على التفاؤل والحُب والتأييد المُطلق للموهبة الصاعدة الواعدة.

كانت هذه البداية هي أولى حيثيات نجاح المسلسل، فالجمهور كان شغوفاً بشكل الطفلة الموهوبة وصوتها وطريقة أدائها التلقائي الفطري الصادق.

وعبر مراحل التطور الطبيعي في حياة أم كلثوم تصاعد الاهتمام تدريجياً بتفاصيل النبوغ والنضج والتعلم كمحطات رئيسية أهلت الطفلة الصغيرة للنجاح وعبور مرحلة البداية إلى ما بعدها.

وكانت هذه هي فترة البحث والتدريب والنزوح إلى القاهرة والمُضي قُدماً بخطوات ثابتة وواثقة على طريق التقدم بمعاونة الأساتذة وأساطين الفن الكبار، محمد القصبجي والسنباطي وزكريا أحمد ورامي وغيرهم من كبار الشعراء والكُتاب ورجال الفكر والصحافة، وصولاً إلى التعاون المُثمر مع عبد الوهاب والامتداد الطبيعي مع بليغ حمدي، أصغر من لحن للسيدة أم كلثوم إبان مجدها ونجوميتها الطاغية.

لم تستهلك المخرجة إنعام محمد علي الزمن الدرامي المُخصص للإبداع الكلثومي ورفاق المرحلة الغنائية الخصبة في الاستغراق داخل تفاصيل فرعية لا تهم الجمهور في شيء، بل ركزت على الجميل والمحوري في السيرة الذاتية واعتنت بشكل البطلة ومواصفاتها الجسمانية وهذا ما حققته صابرين فعلياً بإجادتها الكاملة للدور.

لم تقترب المخرجة من الصراعات أو التحديات التي واجهتها أم كلثوم في حياتها الشخصية أو الفنية بشكل مُبالغ فيه، لذا حافظت على البنيان الدرامي الإبداعي بإبهاره وتألقه وتأثيره ولم تُلق بالاً للآراء الناقدة التي أخذت عليها تجريد الشخصية تجريداً تاماً من العيوب والمساوئ، فهي لم تصنع عملاً فنياً للإثارة والتشهير.

فيلم “الست”

فيلم “الست” هو المشروع الثالث الذي يتم إنتاجه وتصويره حالياً ليُمثل نموذجاً آخر لقصة حياة أم كلثوم وفق رؤية المؤلف أحمد مراد والمخرج مروان حامد.

فرغم اعتراضات البعض على قيام منى زكي بتجسيد شخصية أم كلثوم لعدم توافر أوجه الشبه بينهما، إلا أن هناك إصراراً من جانب المخرج على نجاح التجربة الجديدة وتميزها، حيث تمت الاستعانة بخبراء عالميين لعمل المكياج اللازم للشخصية للتغلب على مُعضلة الشكل والمواصفات الجسمانية، ليبقى عنصر التمثيل والتوظيف مسؤولية المخرج والبطلة، مع التأكيد على حرفية الكتابة الدرامية للمؤلف بوصفها المقياس والعنصر التأسيسي للعمل ككل.

إلى هذه اللحظة لا يزال الفيلم مُحاطا ببعض السرية منعاً لتسرب أي من صور البطلة منى زكي وهي بمكياج الشخصية، وذلك حتى إتمام جميع مراحل التصوير والانتهاء من كافة التفاصيل الخاصة بالمشروع السينمائي الأكبر من نوعه والذي يتم الإنفاق عليه بسخاء.

ويمكن القطع في هذا السياق بأن منى زكي دخلت في تحد مع قُدراتها الفنية وتخوض حالياً أصعب امتحان لها في التمثيل برغم احترافها وخبراتها الطويلة والمتراكمة.

فيلم “الست” يشارك في بطولته محمد فراج وعمرو سعد وأحمد داود وتامر نبيل وأحمد حلمي كضيف شرف.

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: أم كلثوم كوكب الشرق حیاة أم کلثوم

إقرأ أيضاً:

الخبر تحصد إنجازات عالمية في عامين: مدينة صحية وذكية برؤية 2030 .. صور

الخبر

واصلت مدينة الخبر، خلال عامين متتاليين، حصد إنجازات وطنية وعالمية عززت مكانتها كأحد أبرز المراكز الحضرية في المملكة، على المستويات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية والرياضية، وأسهمت في تحسين جودة الحياة لسكانها وزائريها.

ففي عام 2024، نالت الخبر اعتمادًا رسميًا من منظمة الصحة العالمية كـ”مدينة صحية”، بعد نجاحها في تطبيق أكثر من 80 معيارًا دوليًا تشمل الجوانب الصحية والبيئية والخدمات المجتمعية.

ويعد هذا الاعتماد تتويجًا لجهود جماعية قادتها الجهات المعنية محليًا، وشملت تطوير المرافق الصحية، وزيادة الرقعة الخضراء، ودعم الأنشطة التوعوية، ما انعكس بشكل مباشر على صحة المجتمع وجودة البيئة.

أما في عام 2025، فقد حققت المدينة قفزة لافتة في التصنيف العالمي للمدن الذكية، حيث تقدّمت 38 مركزًا دفعة واحدة لتحتل المرتبة 61 عالميًا ضمن مؤشر IMD للمدن الذكية.

ويعكس هذا الإنجاز حجم التحول الرقمي الذي شهدته الخبر، مدعومًا ببنية تحتية متطورة وخدمات رقمية عالية الكفاءة، إلى جانب مشروعات نوعية في النقل الذكي، والمرافق العامة، والتحول البيئي المستدام.

وتأتي هذه الإنجازات في إطار رؤية المملكة 2030، التي وضعت في صلب أهدافها تطوير المدن السعودية ورفع جودتها الحضرية.

وتُعد الخبر نموذجًا حيًا لهذا التحول، بفضل تكامل الجهود بين القطاعات الحكومية والخاصة، وتبنّي استراتيجيات طويلة المدى تتماشى مع التوجه الوطني نحو مدن ذكية وصحية وذات طابع إنساني مستدام.

مقالات مشابهة

  • أسما شريف منير: كل ست حرة وعيب نحاكم الناس من بلكونة أخلاقنا الشخصية
  • في أول تمثيل دولي رسمي لاتحاد الجوجيتسو .. هند رزق تحصد ذهبية بطولة البحر المتوسط بروما
  • ميتا تحارب تطبيقات صينية مثيرة للجدل تسيء استخدام الذكاء الاصطناعي
  • من هو محمد حسين باقري رئيس الأركان الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • أبرز الشخصيات التي فقدتها إيران اليوم
  • محمد حميد الله.. العلّامة المنسي الذي أعاد السيرة النبوية إلى قلب الإنسان والعالَم
  • سلطان بن أحمد: برؤية سلطان.. جامعة الشارقة منارة علم ومعرفة
  • هل أغاني أم كلثوم حرام؟.. أزهري يكشف 3 أحكام
  • عروض الفيلم المغربي الجرح في عدة تظاهرات سينمائية
  • الخبر تحصد إنجازات عالمية في عامين: مدينة صحية وذكية برؤية 2030 .. صور