قال رامي زهدي، الخبير في الشؤون الإفريقية، ان العالم يتجه إلى الى البحث عن بدائل اقتصادية وسياسية جديدة، بينما وجدت بعض الدول ضالتها داخل الصراعات والحروب التي تندلع في بعض الدول الإفريقية، حيث أججت تلك القوى الغربية الصراعات بهدف السيطرة على مقدرات الشعوب داخل القارة السمراء الغنية بالموارد والمواد الخام أمثال السودان ومالي والصومال والكونجو وغيرهم.



وأضاف أن السودان يمر بأزمة هي الأخطر منذ عقود، حيث لا يقتصر الأمر على كونه صراعًا داخليًا بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، بل يمتد ليكشف عن أبعاد إقليمية ودولية معقدة تستهدف وحدة السودان واستقراره، وتهدد قدرته على بناء مؤسسات دولة قوية.
وأوضح زهدي أن هناك دعماً غربياً واضحاً لمليشيات الدعم السريع، يظهر من خلال إمدادات الأسلحة والتمويل والمعلومات الاستخباراتية، إلى جانب دعم سياسي وإعلاميظ وأن هذا الدعم يعكس أهدافاً استراتيجية تهدف إلى تفكيك الدولة السودانية، وإضعاف جيشها الوطني، والسيطرة على مواردها الطبيعية الضخمة مثل الذهب والنفط والمعادن والأراضي الزراعية، واستمرار حالة الفوضى بما يخدم مصالح القوى الغربية.
وأشار إلى أن الدور الأوكراني في دعم المليشيات يرتبط بمساعيها للحصول على موارد جديدة مثل الذهب السوداني، خاصة في ظل أزمتها الاقتصادية الناتجة عن صراعها مع روسيا، موضحا أن إسرائيل تسعى لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، خاصة في منطقة البحر الأحمر، من خلال تقديم دعم تقني وعسكري للمليشيات، بما يخدم مصالحها الاستراتيجية ويضعف استقرار السودان.

مسؤولية الأطراف السودانية

وأكد أن هذا الدعم الخارجي يضعف الحكومة المركزية ويعزز احتمالية تقسيم السودان، كما يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة نتيجة النزوح الجماعي وارتفاع معدلات الفقر والجوع، بالإضافة إلى زعزعة الاستقرار في دول الجوار وفتح المجال أمام نشاط الجماعات الإرهابية نتيجة إضعاف الجيش السوداني.
وشدد زهدي على أن المسؤولية لا تقع فقط على الأطراف الخارجية، بل يتحمل السودانيون أنفسهم جزءاً كبيراً من المسؤولية، حيث إن استمرار انقسام النخب السياسية وغياب الإرادة الوطنية يعزز التدخلات الأجنبية.
ودعا القوى السودانية إلى التوحد والعمل على تحقيق توافق وطني يعلي مصلحة البلاد، بالإضافة إلى دعم الجيش باعتباره العمود الفقري للدولة، مع تكثيف الجهود الإعلامية والدبلوماسية لكشف الدور الخارجي الذي يغذي الصراع، مؤكدا أن المرحلة الحالية تتطلب وعياً كاملاً بخطورتها والعمل الجاد على إنقاذ السودان من الانزلاق نحو مزيد من الفوضى.

واستطرد أنه خلال الأسابيع الماضية، تمكن الجيش السوداني من السيطرة على مواقع ونقاط عديدة لقوات "الدعم السريع" في مناطق مختلفة بالسودان، واكتشف مخازن أسلحة أجنبية ومسيّرات أوكرانية في محور ود الحداد، واستجابة لذلك، أصدر القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، تعليمات بنقل هذه الأسلحة بسرية إلى المخازن العسكرية في بورتسودان، مع التأكيد على عدم نشر أي صور أو تفاصيل عنها.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير استخباراتية عن تعاون أوكرانيا مع ميليشيات متطرفة في السودان ودول أخرى، ضمن أجندات غربية، وأن هذا التعاون شمل جماعات إرهابية مثل "نصرة الإسلام والمسلمين" في مالي، و"هيئة تحرير الشام" في سوريا، حيث أرسلت أوكرانيا طائرات مسيّرة ومشغلين ذوي خبرة لدعم هذه الجماعات، بما في ذلك 150 طائرة FPV إلى المعارضة السورية المسلحة في إدلب قبل الإطاحة بنظام الأسد.

ثروات السودان مطمع

وفي السياق ذاته قال الدكتور أحمد عبدالله إسماعيل، الباحث والخبير في الشأن الدولي والإفريقي، إن العالم يشهد تحولاً ملحوظاً نحو البحث عن بدائل اقتصادية تسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وخاصة في الدول الغربية التي تواجه تحديات كبيرة في تأمين موارد الطاقة والبترول والمواد الكيميائية اللازمة لمقومات الحياة اليومية.
وأضاف أن السودان، باعتباره دولة ذات موارد طبيعية هائلة وموقع جغرافي واستراتيجي مميز، بات محط أنظار المجتمع الدولي، مفيدا أن الاهتمام العالمي شهد السودان وبها تدخلات خارجية واسعة النطاق تسهم في تأجيج الصراعات والنزاعات الداخلية. 
وأوضح أن هناك أكثر من 13 دولة تقدم الدعم لقوات الدعم السريع، رغم علمها بعدم قدرة هذه القوات على قيادة البلاد أو تحقيق نهضتها، وهو ما يعكس أهدافاً خفية لهذه القوى، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي للدول التي تدعم قوات الدعم السريع يتمثل في السيطرة على مقدرات السودان من بترول وذهب وموارد زراعية وطبيعية، عبر تقسيم البلاد إلى دويلات ضعيفة.
وأوضح إسماعيل أن اختيار هذه الدول لدعم قوات الدعم السريع تحديداً يرجع إلى سهولة السيطرة عليها وتوجيه قراراتها بما يخدم المصالح الخارجية، حتى لو كان ذلك على حساب إرادة الشعب السوداني وسيادة الدولة، وفيما يتعلق بمستقبل إفريقيا، أكد الدكتور أحمد عبدالله، أن الحل الوحيد للدول الإفريقية، وخاصة السودان، يكمن في التوحد والعمل من خلال الاتحاد الإفريقي والمؤسسات الإفريقية بعيداً عن التدخلات الغربية، التي لا تبدي أي اهتمام بمستقبل القارة أو شعوبها.
وقال إن التمسك بالتحرر من الإرهاب والجماعات المسلحة والمتطرفة يعد خطوة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلام في القارة الإفريقية، مشيراً إلى تجارب دول مثل مالي والكونغو التي تعمل على التخلص من الهيمنة الغربية واستعادة سيادتها.
وأكد على ضرورة أن تدرك الدول الإفريقية أهمية الاعتماد على نفسها وتعزيز استقلالية قرارها السياسي والاقتصادي، باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق نهضة مستدامة وسلام شامل في القارة، موضحا أن هناك تقارير ومعلومات نشرتها سائل إعلام محلية ودولية في نوفمبر الماضي، نقلاً عن مصادر عسكرية سودانية، كشفت رصد الجيش السوداني لأسلحة خطيرة تمّ توريدها من إحدى الدول الأوروبية عبر تشاد إلى دارفور لاستخدامها في السودان.
وبحسب المصادر، أبرز تلك الأسلحة الطائرة المسيّرة "أي أي هيرو"، وهي طائرة بدون طيار، تُستخدم لأغراض الاستطلاع، طورتها شركة IAI الإسرائيلية في منتصف عام 2012، وكانت الطائرة بدون طيار الأكثر مبيعا، بالإضافة لطائرات درون من طراز Danger Propellers برقم تسلسلي J/DF24-23-01-043A، الطائرات من إنتاج شركة Woodcomp Propellers في جمهورية التشيك بوسط أوروبا، معدّلة للأغراض العسكرية.
وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية قد كشفت منذ أسابيع قليلة أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ "حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس متطورة، نقلتها إلى الخرطوم طائرة مرتبطة ببرنامج التجسس "الإسرائيلي"، تجلب تكنولوجيا المراقبة من الاتحاد الأوروبي. 
وبحسب الصحيفة، فقد تم نقل الشحنة على وجه السرعة إلى منطقة "جبل مرة" بدارفور التي تقع تحت سيطرة "الدعم السريع" بالكامل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجیش السودانی الدعم السریع السیطرة على

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”

رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد.

دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودان

وفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي “جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية” التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو “حميدتي”.

وأكد البيان أن هذه الخطوة “ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان”، منددا مجددا بـ”جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ” لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودولي

وأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم “الحركة الشعبية لتحرير السودان”، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.

وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل “الوجه الحقيقي للسودان”، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.

وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر “تفكك السودان”، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
اتهامات لـ”الدعم السريع” باستهداف المدنيين

وقبل أيام، اتهمت مجموعة “محامو الطوارئ” السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.

وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.

وأكد البيان أن “من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين”.

وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه “انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية”.

ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانية

وتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.

في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفور

وفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة “شبكة أطباء السودان” أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.

ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرة

وبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.

من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه “رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا”.

وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن “أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%”.

وتوقع بلبيسي عودة “نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب”.

يورو نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقـ.ـتل 15 مدنيا برصاص قوات الدعم السريع في دارفور
  • عاجل.. الجيش السوداني يُعلن إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • طيران الجيش السوداني يضرب تمركزات “الدعم السريع” ويقتل العشرات
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • الجيش السوداني والقوة المشتركة يصدان هجوما على الفاشر
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”