تحذير فرنسي من الخطاب المُزدوج للإخوان: نفوذ خبيث تحت ستار الحوار
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
حذّر محللون سياسيون وخبراء فرنسيون في الإسلام السياسي من أنّ أحد أقوى أسلحة تنظيم الإخوان الإرهابي، هو إتقانهم للخطاب المُزدوج وخاصة في فرنسا حيث تعمل مؤسسات ثقافية وفكرية كواجهة مخفية لنشر أيديولوجيا الإخوان بما يتعارض مع قوانين ومبادئ الدولة.
وأكد هؤلاء أنّ تنظيم الإخوان ليست مُجرّد منظمة دينية، إذ أنّهم يُمثّلون مشروعاً سياسياً عالمياً يرى فرصة في ضعف الديمقراطيات.
SOCIÉTÉ | Depuis des décennies, les Frères Musulmans avancent masqués, drapés dans une respectabilité trompeuse, tout en tissant méthodiquement leur toile d’influence.https://t.co/OW3dGxAuVl
— Quotidien Libre (@QuotidienLibre) December 5, 2024 استمرارية التمويل المشبوهولا زالت تداعيات العملية الأمنية الواسعة التي أطلقتها الأجهزة الفرنسية المُختصّة قبل أيام، في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تتصاعد حيث تمّ اكتشاف استمرارية تدفق الأموال بحرية لمنظمات تتبع للإخوان، وذلك على الرغم من كل الجهود المبذولة للقضاء على مصادرهم ونفوذهم.
وقال الصحافي والمحلل السياسي الفرنسي جوليان بوفراي موراند، إنّ الإخوان على مستوى الخطاب الخارجي يدعون إلى التسامح والحوار، ويضعون أنفسهم كمُحاورين أساسيين للدول التي تسعى إلى دمج سكانها المُسلمين في مُجتمعاتها. ولكنّ خطابهم على المستوى الداخلي، مختلف تماماً، فهم يروجون للإسلام السياسي، ويرفضون القيم الغربية.
وعلى مدار عقود من الزمن، رسّخت جماعة الإخوان المسلمين نفوذها في أوروبا تحت ستار خادع من التقدير والحوار المُتبادل، بينما كانت تنسج شبكة نفوذها بشكل منهجي. ونقل موراند عن السلطات الفرنسية تشديدها على أنّ كل تمويل غير مُعلن من قبل جمعيات تعمل في فرنسا، وكل برنامج تعليمي مشكوك فيه، هو خطوة أخرى نحو استقطاب المجتمع.
التعليم الإخوانيمن جهتها أكدت شبكة "اليومية الحرّة" الإخبارية الفرنسية على أنّ "المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية" الذي يتم تقديمه كمؤسسة ثقافية تدريبية، إنّما يهدف إلى أن يكون أحد ركائز التعليم الديني الإخواني في أوروبا. حيث تُخفي الخطب التثقيفية أجندة أكثر غموضاً لهذا المعهد الذي أسسه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، والذي أعيد تسميته الآن بـِ "مسلمي فرنسا"، والذي لا ينفصل عن جماعة الإخوان المسلمين، ويضم في كافة فروعه على الأراضي الفرنسية ما يزيد عن 2000 شخص من الطلبة وأئمة المستقبل، والدُعاة والمحاضرين والمُدرّسين.
وقالت المنصّة الإخبارية واسعة الانتشار إنّ تنظيم الإخوان لا تلجأ إلى العنف المسلح، على الأقل ليس بشكل مباشر. لكنّ أسلوبها أكثر دقة من خلال اختراق المؤسسات الفرنسية وتعزيز النفوذ الأيديولوجي والاقتصادي وتعبئة المجتمع. ويُجسّد المعهد الإخواني المذكور هذا النمط إلى حدّ الكمال، حيث يقوم بتدريب المديرين التنفيذيين الدينيين، وكسب العقول، وبناء تأثير دائم.
Nièvre : ce que l’on sait de la vaste opération de police ayant visé un institut de formation d’imams proche des Frères musulmans https://t.co/t3keWpPki4
— CNEWS (@CNEWS) December 4, 2024 جيوب إيديولوجيةوأشارت الشبكة الفرنسية إلى أنّ اكتشاف التمويل الخارجي لهذا المعهد وغيره ليس مُفاجئاً من قبل دول معروفة بذلك، وتُتهم مُنذ فترة طويلة بدعم المنظمات القريبة من جماعة الإخوان المسلمين. وهذا الدعم المالي، الذي غالباً ما يكون مخفياً تحت ستار الرعاية الثقافية أو التعليمية، يُغذّي الشبكات التي تشكك في المبادئ الأساسية للجمهورية، أي العلمانية والمساواة بين الجنسين والحريات. وهذه الأموال ليست مُجرّد منح بسيطة، حيث تسعى إلى تنفيذ مشاريع تهدف إلى تقسيم المجتمع وتعزيز الهوية الدينية الانفصالية، وذلك وفق استراتيجية واضحة: خلق جيوب إيديولوجية داخل الديمقراطيات الأوروبية.
ونبّه محللون سياسيون إلى غياب الرقابة الصارمة، نتيجة الجهل بخطر الإخوان، بل وبسبب التواطؤ أحياناً من جانب بعض المسؤولين المُنتخبين في البلديات والمُدن، أو الجهات العامة الفاعلة، والذين يسمحون لهذه المنظمات بأن تُرسّخ جذورها تحت ذريعة الحوار بين الأديان أو احترام الحريات الفردية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية فرنسا تنظيم الإخوان
إقرأ أيضاً:
قلق إسرائيلي: نفوذ تركيا الإقليمي يتزايد.. الخطر في هذه المناطق
ما زالت الماكنة الدعائية الإسرائيلية تشنّ حملاتها المعادية لتركيا، بزعم أنها تستخدم نفوذها ووعيها لترسيخ مكانتها كجسر تجاري جديد بديلًا عن دولة الاحتلال.
كافير تشوفا، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، والمحاضر بكلية رامات غان الأكاديمية، أكد أنه "بعد عامين من الحرب الإقليمية، ومع انحسار غبار المعارك، تكشف الخريطة الإقليمية عن صورة أكثر تعقيدًا، فقد ضعفت إيران، وتراجعت إسرائيل أما من يزداد قوةً فعليًا فهي تركيا، وبدعم من قطر، لكن السؤال البديهي هو ما إذا كان هذا مجرد استغلال لفرصة سانحة، أم جزء من خطوة استراتيجية أعمق".
وأضاف تشوفا في مقال نشرته مجلة يسرائيل ديفينس، وترجمته "عربي21" أنه "قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كانت إسرائيل على وشك تحقيق قفزة استراتيجية، فقد روّجت إدارة الرئيس السابق جو بايدن لممرّ تجاري يمتد من الهند عبر الخليج العربي، مرورًا بالسعودية والأردن وإسرائيل، وصولًا لموانئ البحر المتوسط، وكان من المفترض أن يكون هذا الممر طريقًا بديلًا لطريق الحرير الصيني، وأن يضع إسرائيل في موقع محوري بين الشرق والغرب، لكن هجوم حماس، والحرب في غزة بدّدا هذه الخطة".
وأشار الكاتب إلى أن "السعودية شددت من قبضتها على الموقف، وأغلق الحوثيون البحر الأحمر، وتجمّد مشروع الممرّ، وفي الوقت نفسه، سرّعت الحرب من وتيرة الأحداث في الخفاء، فقد انهار نظام الأسد الموالي لإيران في سوريا، وملأت الفراغَ قوى جهادية سنية، وتحالفات محلية، تحظى بدعم سياسي واستخباراتي، وأحيانًا عسكري، من تركيا، وكانت النتيجة أن فقدت إيران الصلة السورية في سلسلة الحدود البرية الممتدة من طهران إلى بيروت، وانسحب حزب الله من شريان إمداد رئيسي".
وأكد تشوفا أن "محور إيران انقطع، وتضاءل نفوذه على الحدود الشمالية، وهنا أتى دور تركيا، فبعد سنوات من رعاية المعارضة السنية في سوريا، باتت اليوم اللاعب الخارجي الأكثر نفوذاً في دمشق الجديدة وشمال سوريا، ومن هناك، تستطيع أن تقدم للعالم ممراً تجارياً جديداً: الهند، والخليج، والأردن، وسوريا، وتركيا، ومنها إلى أوروبا، لأن الطريق الذي كان يفترض أن يمرّ عبر إسرائيل قد تحرك شمالاً، وأصبح مرتبطاً بأنقرة".
وأوضح الكاتب أن "هذا التحول الاقتصادي البحت يتحول إلى خطوة استراتيجية تعزز مكانة تركيا كوجهة إقليمية لا غنى عنها، ولفهم عمق هذه الخطوة، يجب التذكير بأن تركيا وقطر هما المركز السياسي والإعلامي للحركة الإسلامية السنية، بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، فيما تتخذ قيادة حماس منهما مقراً لها، وتمنحها قناة الجزيرة منصةً ووعياً، وقدمت حكومة أردوغان نفسها لسنوات كجبهة سياسية وأيديولوجية، بديلاً للعالم العربي العلماني والمعسكر المعتدل".
وأكد أن "حماس بالنسبة لهما ليست مجرد منظمة معادية مسلحة، بل امتداد أيديولوجي أيضاً، وقد دخل البعد المعرفي أيضاً في هذا السياق، ففي غضون ساعات من هجوم الطوفان، غصّت شبكة الإنترنت بالدعاية المؤيدة له، ووُضعت نماذج مُصممة خصيصاً لهذا الغرض، ومارستها التضليل الإعلامي، ونزع الشرعية عن إسرائيل، وتشير دراسات عديدة إلى انخراط دول وكيانات وكيلة، من بينها روسيا وإيران، بجانب وسائل إعلامية مثل قناة الجزيرة القطرية التي طالما ارتبطت بخطاب مؤيد لحماس".
وأوضح تشوفا أنه "يصعب تحديد الجهة التي خططت لكل موجة احتجاجات، أو لكل رسالة على الإنترنت، لكن من الواضح أن حماس وحدها لا تمتلك أدوات التأثير المستخدمة، أما دول مثل قطر وتركيا فتمتلك المنصات والمصلحة، وتستفيد اليوم من التحول في الوعي الذي طرأ على الغرب، وتشير نظرية الألعاب إلى أنه يمكن اعتبار تركيا طرفًا ثالثًا في لعبة متعددة اللاعبين، حيث يتصارع خصمان، ويستنزفان الموارد، ويخسران، بينما يقف الطرف الثالث على الهامش، منتظرًا، ويجني الثمار، وهذا ما حدث بالضبط".
تكشف هذه القراءة أن إسرائيل تدفع ثمنًا باهظًا من الشرعية والعلاقات مع بعض دول الغرب، فيما تخرج تركيا أقوى اقتصاديًا وجيوسياسيًا وأيديولوجيًا، مما يستدعي منها التوقف عن النظر إلى طهران وغزة فقط كجبهات معادية، لأن قواعد اللعبة الإقليمية تغيرت، وإذا لم تدرك أن تركيا وقطر تعملان على ترسيخ مكانتهما عبر الوكلاء، والتأثير على الوعي والتجارة، فستجد نفسها مجدداً مجرد بيدق على رقعة الشطرنج بدلاً من أن تكون صانعة اللعبة.