سودانايل:
2024-05-20@06:45:29 GMT
الكلام في زمن الحرب: الحال يغني عن السؤال
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
السلام عليكم، أهلا وسهلا، الخط ضعيف، يكون من الشبكة، الشبكة تعبانه، مرة في ومرة ما في. معاي منو؟ أنا حسن، إن شاء الله تكونوا كلكم بخير وعافية. فجأة يختفي الصوت بوجود الشبكة وإمكانية الاتصال. أنتظر ويدوم الإنتظار من دون رد. أسمع وأنا منتظر صوت نحيب ضعيف، تتلوه عبرات حزينة. أردف مرحبا، لعلكم بخير وما في شيء حاصل يا أختي.
ألم صوتي بجهد وأعيد: لا حولة ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ربنا يرحمهم جميعا، ويتقبلهم أحسن قبول. ربنا يلزمنا ويلزم أهلهم الصبر في فقدهم المبكر. ربنا يعوضهم عن شبابهم بالجنة. يا لها من من فاجعة وخبر مؤلم. ويمر بي شريط الذكريات، وتنجلي لي كلماتهم الطيبة، وتترآى لي ابتساماتهم العذبة، وكأنهم يقفون الآن أمامي. يحتشي الرأس بالذكريات، ويحن القلب للأيام الخوالي ويهتز الجسد حزنا وضعفا. ولكني أحاول أن أتماسك حتى لا أظهر ضعفا لأختي التي تصغرني. أواصل الكلام في المحادثة حتى لا تنقطع بيننا أو يضيع الخط علي أو تضعف الشبكة وهلة. أحاول جاهدا ألا أضعف أمام أختي المكلومة. فهي أكثر حوجة مني لكي أشد من أذرها. أحاول جاهدا رغم ضعف صوتي، أن أبحث عن مركز قوة أخرى يكمن في دواخلي، لكي أخفف العبء عليها. فهي الآن في حال أسوأ من حالي أنا.
أسأل متوجسا عن بقية الناس، عن توفر الماء والغذاء والعلاج والسكن لهم. أطمئن عن أحوال الأهل والأقارب والجيران والأصحاب والزملاء القدام. أسأل عن كبار السن في الحي والمدينة والقرى والمدن القريبة والبعيدة. أسأل عن أصحاب أمي وأبي بعد الرحيل، وأوصي بأن يطمئنوا عن أحوالهم ويتأكدوا من أن كل شيء ضروري متوفر لهم في زمن الحرب الطاحنة. ولكم أن تتصورو ما كان يدور من حوار في محادثة بيني وبين أنثى لم تتعود على الحرب ووضرواتها ورؤية أهوالها. نسأل الله تعالى أن تنتهي هذه الحرب ولا تعود. الحرب التي داهمت المواطن السوداني في مضجعه وشردته وجعلته لاجئا في بلده وفي بلدان أخرى. لقد أبت النفس أن تكتب، وأبى القلم أن يكتب، ولكنا سوف نواصل الكتابة في زمن حرب لا معنى لها ولا فائدة منها – لا للمواطن، ولا للوطن، ولا لحاكم حاذق على مستقبل وطنه.
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حلو الكلام.. يا قلب ما أغفلك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يا قلب ما أغفلك
عن حركات الفلك
ويحك هذا الردى
إليك يسعى ولك
أنت على سفرة
يشيب منها الحلك
من انتحى نهجه
بغير واد هلك
بديع الزمان الهمذاني