أوبن إيه آي تُطلق روبوت الدردشة الذكي على واتساب
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
طرحت شركة “أوبن إيه آي” للذكاء الاصطناعي، والمطورة لـ”ChatGPT” ميزة جديدة على تطبيق المراسلة “واتساب”، في الولايات المتحدة، للوصول إليه عبر التطبيق.
وقالت الشركة إن محادثة صوتية محدودة ستكون متاحة للمستخدمين شهريا، أما خارج الولايات المتحدة فستكون متاحة عبر خاصية الرسائل النصية.
في سياق متصل، بات في إمكان منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي الأكثر شهرة أن تكون محرّك بحث مجانيا لمئات الآلاف من المستخدمين، ما يتيح لها منافسة مباشرة مع “غوغل” في هذا المجال.
وأعلنت شركة “أوبن إيه آي” عن إطلاق هذا المحرّك في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أي بعد عامين من بدء توفير “تشات جي بي تي”، لكنّ هذا الامتداد للبرنامج الأساسي كان مخصصا حصرا لأصحاب الاشتراكات المدفوعة في الخدمة.
ولا يحتاج المستخدم سوى إلى حساب، حتى لو كان مجانيا، لطرح أسئلة على “تشات جي بي تي” عن آخر الأخبار أو الأحداث المقبلة مثلا، والحصول على رد مكتوب مع روابط لمواقع إلكترونية.
وأوضح المسؤول في “أوبن إيه آي” كيفن ويل في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت الاثنين أن إضافة هذه الميزة “توفّر لـتشات جي بي تي القدرة على الوصول إلى المعلومات في الوقت الفعلي، وبالطبع البحث عن الإجابات على الإنترنت”. ولم يعد التطبيق تاليا يتكل فقط على الكتلة الضخمة من البيانات المتراكمة قبل تاريخ سابق.
ويمكنه أيضا عرض الإجابات على خريطة، كما خدمة “غوغل مابس” للخرائط. كذلك يمكن لوضعية المحادثة الشفهية مع “تشات جي بي تي” أيضا استخلاص الإجابات من الإنترنت لأصحاب الاشتراكات المدفوعة.
وأضافت “غوغل” في الربيع الفائت إلى محرّكها المخصص للبحث خاصيّة “إيه آي أوفرفيوز” AI Overviews الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والتي تتيح، كما “تشات جي بي تي سيرتش”، الحصول على إجابة مفصّلة عن استفسار يُطرح باللغة اليومية.
وأضافت “مايكروسوفت” الذكاء الاصطناعي إلى محركها للبحث “بينغ”.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: تشات جی بی تی أوبن إیه آی
إقرأ أيضاً:
الأراجيف في زمن الذكاء الاصطناعي
في عصر الثورة الرقمية المتسارعة، يُثار كثير من الجدل حول تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل. فقد أضحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأعمال والاقتصاد موضوعًا ساخنًا وجزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، نظرًا لقدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تغييرات جذرية في طريقة تفكير الناس وعملهم، عبر تقديم حلول ذكية وسريعة في التعامل مع التحديات وحل المشكلات بكفاءة وفعالية. تتناول هذه المقالة مصطلحين أساسيين هما: «الأراجيف» و«الذكاء الاصطناعي». فكلمة «الأراجيف» هي جمع «أُرْجُوفة»، وتعني في اللغة العربية الفصحى: الافتراءات، الأكاذيب، أو الأباطيل التي لا تستند إلى أي أساس من الصحة. أما المصطلح الثاني، فهو الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، وهي تقنية تُمكّن الآلات من التعلم ومحاكاة التفكيرالبشري من أجل تحليل البيانات، معالجتها، واتخاذ القرارات بناءً على ذلك. ويُعد الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative Artificial Intelligence) أحد فروع الذكاء الاصطناعي؛ حيث تُستخدم فيه تقنيات متقدمة مثل: النماذج التوليدية والشبكات العصبية العميقة، لإنتاج محتوى متنوع يشمل النصوص، والصور، والأصوات، وحتى البيانات.
هناك العديد من الافتراءات (الأراجيف) التي تُلصق بالذكاء الاصطناعي ومنها التحيز وتمويه العقل وفقدان الخصوصية والتلاعب في الآراء عبر خوارزميات التوصية والإعلانات بواسطة ما يسمى بفقاعات المحتوى المخصص (Filter Bubbles) ، وإدمان التصفح السلبي لساعات طويلة في محتوى معين بدلا من التركيز على أنشطة منتجة. في عصر تتسارع فيه وتيرةُ التطور التكنولوجي، نرصد أحد أهم هذه الأباطيل «هل سيكون للذكاء الاصطناعي دورٌ في اختفاء الكثير من الوظائف الحالية لتحل الأتمتة الآلية محلها ، ما يجعلنا عاطلين عن العمل؟». وللإجابة على هذا السؤال، لا بد من تحليل هذه الأقاويل بناءً على الحقائق والدراسات.
تشير تقارير ودراسات حديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي بالفعل إلى استبدال عدد كبير من الوظائف، لا سيما تلك التي تعتمد على المهام الروتينية والمتكررة. ولو تساءلنا عن عدد الوظائف التي قد نخسرها بسبب الذكاء الاصطناعي، فإن الدراسات التي أجرتها شركة ماكينزي تُقدّر أن ما بين 100 الى 300 مليون وظيفة حول العالم معرضة للاختفاء بحلول عام 2030. كما أن نحو 40% من الشركات تخطط لتقليص الوظائف في القطاعات التي أظهر فيها الذكاء الاصطناعي كفاءة عالية، وقد تصل نسبة التقليص إلى %9.1 عالميا بل قد تصل إلى 30% في بعض الصناعات. كل هذه الأرقام والمعطيات قد توحي ظاهريًا بأن الذكاء الاصطناعي يُشكّل تهديدا حقيقيا على سوق العمل، وأن فقدان عدد كبير من الوظائف الحالية قد يكون أمرا قريب الوقوع.
في المقابل، تشير العديد من الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي وإن كان سيؤدي إلى استبدال عدد كبير من الوظائف واختفاء بعضها، فإنه في الوقت ذاته سيساهم في خلق وظائف جديدة أكثر تخصصا وابتكارا، ما يعكس انتقال سوق العمل نحو وظائف ذات طابع تقني وتحليلي مرتفع. ولو تساءلنا عن نسبة الوظائف التي سَتُخلق نتيجة لإدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أعمالنا. وأبدأ بالدراسات الجديدة التي أشارت الى خلق مجموعة من الوظائف المتخصصة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتي ستلعب دورا محوريا في تطوير وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي، ما يعكس الطلب المتزايد على الكفاءات القادرة على فهم هذه التقنيات وتوظيفها بفعالية. ومن أبرز هذه الوظائف (مهندس التعلم الآلي، مهندس الذكاء الاصطناعي، مستشار
الذكاء الاصطناعي، محلل البيانات الكبيرة، مهندس روبوتات، اختصاصي في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، اختصاصي في التعلّم العميق، مهندس الرؤية الحاسوبية) وغيرها من الوظائف. وتُقدّر الدراسات أن هذه الوظائف ستُساهم إلى خلق ما يقارب 97 مليون وظيفة بحلول 2030. كذلك سيتم ضخ 19.9 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد بحلول عام 2030 بفضل تقينات واستخدامات الذكاء الاصطناعي حيث سيساهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030. بالإضافة إلى ذلك، فإن إدماج الذكاء الاصطناعي في الأعمال سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وزيادة إنتاجية الشركات إلى 70% ما دفع 98% من المديرين التنفيذيين للشركات إلى تبني استخدام الذكاء الاصطناعي في شركاتهم بحلول 2030، كما أن من المتوقع أن يوفر الاقتصاد الأخضر المدعوم بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديث 7 ملايين وظيفة (حسب تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي).
لذلك فإن الذكاء الاصطناعي لن يكون سببًا في فقدان الوظائف فحسب، بل سيساهم أيضًا في خلق عدد كبير من الفرص الجديدة، خاصة لأولئك الذين يملكون المهارات الرقمية والتقنية اللازمة. ومن هنا، تُصبح مسألة الاستعداد والتحضير أمراً حيوياً من خلال التدريب والتأهيل المستمر. لذلك فالخطر الحقيقي لا يكمن في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بل في غياب الاستعداد لها والقدرة على التكيّف معها. وهنا يُطرح سؤال مهم وهو «ماذا عن أولئك الذين لا يمتلكون القدرة أو القابلية لتعلُّم التقنية؟ هل سيُقصَون من أعمالهم في عصر الذكاء الاصطناعي»؟
والجواب كلا ليس بالضرورة أن يكون الجميع خبيرًا تقنيًا أو رقميا ليحجز مكانه في عصر الذكاء الاصطناعي. الفرص ستظل متاحة للجميع، شرط أن نُحسن تطويع شغفنا، ونمزجه بالمرونة، ونتعلم كيف ونتعلّم كيف نُسخّر الذكاء الاصطناعي لتطوير أعمالنا بدلًا من منافسته. حينها، سنتمكن بلا شك من خلق فرص عمل واعدة في هذا العصر التقني المتسارع، تكون ذات تأثير إيجابي ملموس على حياتنا وأعمالنا. التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على التفكير النقدي والإبداعي وإعادة توجيه المهارات البشرية نحو مجالات يتطلبها الذكاء الاصطناعي لتتكامل معه. فالذكاء الاصطناعي، رغم قوّته في التحليل وسرعة تنفيذ المهام بأعلى كفاءة، فإنه يفتقر إلى ثلاث قدرات أساسية يتميز بها الإنسان:
1. الإبداع البشري: البشر قادرون على تقديم حلول وأفكار إبداعية مبتكرة وغير متوقعة، بينما الذكاء الاصطناعي يعمل ضمن حدود الخوارزميات والمعلومات التي تم تدريبه عليه.
2. القدرة على التعميم وتوظيف الخبرات: الإنسان يمكنه نقل المعرفة من مجال إلى آخر وتعميم الأفكار بسلاسة، أما الذكاء الاصطناعي فلا يزال يعاني من محدودية التعميم.
3. التفكير الأخلاقي والضمير الإنساني: القرارات البشرية تتأثر بمنظومة من القيم والمبادئ والأخلاق، وهي عناصر يصعب برمجتها بالكامل داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي. فالآلة تنفذ الحلول وفق خطوات مبرمجة بدقة، دون اعتبار للبعد الإنساني أو الأخلاقي، أو مراعاة للقيم المجتمعية التي قد ترافق القرار.
ولكي نُحسن استثمار نقاط قوتنا في إيجاد مجالات وفرص تتناسب مع قدراتنا البشرية وتتماشى مع متطلبات العصر التقني والرقمي، علينا أن نُطوّع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتكون وسيلة لتحسين أساليب حياتنا، وتعزيز إنتاجيتنا، لا بديلاً عنّا. فمثلا في التعليم يمكن لكل من المعلم والطالب الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير الأداء وضمان أعلى إنجازية في بيئة تعليمية متطورة. فالمعلم مثلا ممكن أن يستخدم أدوات مثل جات جي بي تي ChatGPT وماجيك سكول MagicSchool لإعداد دروس تفاعلية، وتحليل أداء الطلاب بشكل أكثر دقة، كما تُمكّنه هذه الأدوات من تقديم تعليم مخصص يراعي الفروقات الفردية، مع تطوير مهاراته الرقمية عبر دورات مجانية متاحة على منصات مثل كورسا Coursera. أما الطالب، فيمكنه الاستفادة من أدوات مثل جرامرلي Grammarly وكويلبوتQuillBot لتحسين مهارات الكتابة، ومن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لفهم المحتوى العلمي، تلخيص المحاضرات، وتنظيم الأفكار بطرق مبتكرة. هذه التقنيات لا تستبدل دور الإنسان، بل تعزز قدرته على التعلم والإبداع. من يستثمر وقته اليوم في تعلّم الذكاء الاصطناعي، يضمن موقعه في المستقبل ويصبح أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل.
ويمكن للحرفيين الاستفادة من البرامج التدريبية التي توفرها الحكومة العُمانية في تطوير المهارات المستقبلية لاكتساب المعرفة التقنية اللازمة. هذا التكامل بين الحرفة التقليدية والتقنية الرقيمة الحديثة لا يلغي هوية الحرفي، بل يعزز قدرته على الابتكار والبقاء والديمومة. الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل فرصة للارتقاء لمن يُحسن استغلاله لتوسيع أثره الاقتصادي والحفاظ على على الإرث الثقافي والتأريخي بطريقة عصرية. فيمكن لأصحاب الحرف التقليدية مثل صناعة الفخار أو السعفيات استخدام تطبيقات ذكية لتحسين الإنتاج والتسويق دون الحاجة لأن يكونوا خبراء تقنيين. حيث البداية تكون بتعلُّم أدوات بسيطة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لابتكار نقوش فنية مستوحاة من التراث العُماني واستخدام تطبيقات تصميم ذكية مثل (Canva AI) لإنتاج أشكال مستوحاة من التراث العماني بطرق جديدة مبتكرة أو كتابة وصف احترافي للمنتجات باستخدام ChatGPT. وكذلك في تسويق منتجاتهم على الإنترنت من خلال المنصات الرقمية مثل إنستغرام Instagram التي تتيح الوصول إلى جمهور عالمي واستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والحقيقي لعرض المنتجات بشكل ثلاثي الأبعاد ما يتيح فرص أكبر للبيع والتسويق.
تشهد سلطنة عُمان تقدمًا ملحوظًا في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بمختلف القطاعات الحكومية وعلى الصعيد الشخصي، في إطار تحقيق أهداف تطبيق رؤية عُمان 2040. يعد البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي من أبرز المبادرات الحكومية الذي يهدف إلى تعزيز استخدام هذه التقنيات الرقمية في مختلف القطاعات بهدف تنويع مصادر الدخل القومي من خلال رفع مساهمة الاقتصاد الرقمي إلى 10%، كما تعمل وزارة النقل على نموذج لغوي ذكي يعزز كفاءة الخدمات الحكومية يسمى «عُمان جي بي تي». بالإضافة إلى ذلك، تسعى مبادرة «اقتصاديات الذكاء الاصطناعي» إلى رقمنة قطاعات حيوية مثل النقل، السياحة، والأمن الغذائي لدعم التنويع الاقتصادي.
ختاما في مواجهة تحديات الحياة وتحولات العصر، لا تلعن الظلام، بل اشعل شمعة بالتعلم المستمر وتطوير الذات، فلنكن جزءًا من هذا التحول لا ضحيته، فمواكبة العلم هو مفتاح النجاح والديمومة.
البروفيسور جبار يوسف كلية الحاسوب وتقنية المعلومات بجامعة صحار