عندما تتجسَّد الحكمة في «قول ما ينبغي، بالوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي»؛ فإنه لم يحن الوقت بعد لتحليل التطورات المتلاحقة في المشهد السوري، بشكل موضوعي ومحايد، خصوصًا أنه عمَّا قريبٍ، سينكشف المستور، وتنجلي الكثير من الحقائق!
لذلك يمكننا القول إن هيئة تحرير الشام، وفصائل المعارضة المسلحة، استثمرتا حالة الضعف المفاجئ للنظام السوري، في ظل وجود أجندة تركية دعمت تحرك المعارضين، لتتمكن بسهولة من الوصول إلى مناطق واسعة من شمال سوريا، على أقل تقدير!
كما يمكننا ملاحظة وجود أيادٍ أمريكية خبيثة، عززتها آلة التدمير «الإسرائيلية»، لقطع الطريق على «النفوذ الإيراني» المتمدد، وضمان عدم عودة تسلح «حزب الله» اللبناني، وبالتالي تحقيق الأهداف «الصهيونية»، المتمثلة في تصفية القضية الفلسطينية تمامًا.
الآن، من المبكر جدًا توقُّع كيف ستسير مجريات الأحداث في سوريا، بعد السقوط المدوِّي لنظام بشار الأسد، وكيف ستؤثر تلك المجريات على الوضع العربي والإقليمي، الذي شهد بداية تحول كبيرة منذ عملية «طوفان الأقصى»؟
إذن، بعد مرور أكثر من أسبوعين على سقوط نظام بشار، فإن كثيرين يترقبون بحذر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، رغم تطمينات القيادة الجديدة، للداخل والخارج، على لسان وجهها الأبرز أحمد الشرع «أبومحمد الجولاني سابقًا»!
تلك التطمينات، ربما كانت «مريحة» أكثر مما ينبغي لـ«إسرائيل»، بأن الدخول في مواجهتها ليس أمرًا مطروحًا في أجندة القيادة الجديدة، كون سوريا منهكة مما عانته بسبب سياسات النظام السابق، رغم احتلال «الكيان الصهيوني» أراضٍ سورية استراتيجية مباشرة بعد سقوط «الأسد»!
نتصور أن سوريا الآن في مرحلة مخاضٍ حاسمٍ، في ظل بعض الممارسات المتفرقة والمقلقة، التي تُبَثُّ عبر مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، جعلت قطاعات لا يُستهان بها من الشعب، في حاجة ماسَّة إلى رسائل طمأنة، مقرونة بأفعال واقعية وملموسة.
لعل أكثر ما يثير القلق، هو تضارب الأجندات الدولية والإقليمية تجاه المستقبل السوري، التي ترتبط بمصالح ونفوذ الدول الكبرى، وتعقيدات المشهد العالمي، الذي يشهد حروبًا مستعرة بالوكالة، منذ 13 عامًا، على الأراضي السورية المستباحة.
إننا ـ من واقع حرصنا الشديد على سوريا الشقيقة ـ نود القول بأن الحذر مطلوب، ومن الضروري إدارة الأمور بكثير من الحكمة، في ظل احتمالية تحقق سيناريوهات باعثة على الشؤم، تهدد استقرار هذا الوطن المكلوم، ولذلك يجب تضافر كافة الجهود الدولية والإقليمية، مع أصحاب القرار الجُدد، وإدراك الجميع بأن المرحلة المقبلة أصعب بكثير مما سبقها.
أخيرًا.. يجب مواجهة الحقيقة، والإقرار بأن كل شيء وارد في المرحلة الانتقالية، مثل ارتكاب الأخطاء، كإحدى سمات الفترات الانتقالية ـ التي سرعان ما ستزول ـ ولذلك نرجو أن يجتمع السوريون جميعًا على كلمة سواء، بالحوار الجاد، والابتعاد عن روح التعصب ونزعة الجموح، وأن يكون لسان حالهم: «دعونا ننظر إلى الأمام، وأن نأخذ الدروس والعِبر من الأحداث الأليمة التي مرَّت».
فصل الخطاب:
يقول الروائي والفيلسوف «فيودور دوستويفسكي»: «لا يبقى في الذاكرة سوى ما نريد نسيانه».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بشار الأسد القيادة السورية الجديدة أحمد الشرع محمود زاهر هيئة تحرير الشام الجيش السوري الحر فصائل المعارضة السورية المسلحة حزب الله غزة إسرائيل
إقرأ أيضاً:
عاجل- وزير المالية السوري يدعو للاستثمار بعد رفع العقوبات الأمريكية: "سوريا أرض الفرص"
دعا وزير المالية السوري محمد يسر برنية، يوم الأربعاء، المستثمرين من مختلف دول العالم إلى التوجه نحو الاستثمار في سوريا، وذلك عقب الإعلان المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد.
وفي مقابلة خاصة أجراها برنية مع وكالة "رويترز" من مقر وزارة المالية في العاصمة دمشق، قال: "سوريا اليوم أرض زاخرة بالفرص، تتمتع بإمكانات هائلة في جميع القطاعات من الزراعة إلى النفط والسياحة والبنية التحتية والنقل".
بسمة وهبة: قرار رفع العقوبات عن سوريا أبرز مفاجآت جولة ترامب الخليجية الخارجية الأمريكية: ولي العهد السعودي لعب دورًا محوريًا في قرار رفع العقوبات عن سوريا القطاع الخاص في قلب الاقتصاد السوري الجديدوأكد وزير المالية أن الحكومة السورية ترى في القطاع الخاص شريكًا رئيسيًا ومحوريًا في رسم ملامح الاقتصاد السوري خلال المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى أن دور وزارة المالية لن يقتصر على الإنفاق أو تطبيق اللوائح بشكل صارم، بل سيكون هدفها "تمكين النمو الاقتصادي ودعمه بشكل فعّال".
الاندماج مجددًا في النظام المالي العالميوأشار برنية إلى أن أحد أهم آثار رفع العقوبات الأمريكية هو إتاحة الفرصة أمام سوريا لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي، ما سيؤدي إلى استعادة تدفقات مالية كانت متوقفة، وجذب رؤوس أموال واستثمارات أجنبية في قطاعات تحتاج إلى دعم فوري.
وأضاف: "سيسمح لنا هذا باستعادة التدفقات المالية، وجذب الاستثمارات، وهي حاجة ملحة في جميع القطاعات الاقتصادية".
اهتمام عربي وأوروبي متزايدوكشف وزير المالية السوري عن مؤشرات اهتمام متزايد من عدد من الدول العربية مثل السعودية، الإمارات، الكويت وقطر، بالإضافة إلى دول من الاتحاد الأوروبي، مستعدين لدخول السوق السورية، خاصة بعد التطورات الأخيرة المتعلقة برفع القيود والعقوبات.
إصلاحات هيكلية في النظام المالي والمصرفيوفي سياق حديثه عن الخطوات الداخلية، أكد برنية أن الحكومة السورية تعمل حاليًا على تنفيذ إصلاح شامل لإدارة المالية العامة، ويشمل ذلك تحديث الأنظمة الضريبية والجمركية والمصرفية، في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى معالجة التشوهات الناتجة عن تضخم القطاع العام، وتحديث البنية المالية للدولة.
رفع العقوبات خطوة أولى في طريق طويل للتعافيوأنهى وزير المالية السوري حديثه بالتأكيد على أن رفع العقوبات الأمريكية لا يمثل نهاية الطريق، بل هو مجرد بداية لمرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الدمار الذي تعرضت له سوريا خلال 14 عامًا من الحرب يتطلب سنوات من العمل الجاد والتخطيط المستدام.
وأضاف: "لا يمكننا أن نتحمل التهاون... نحن ندخل مرحلة جديدة تتطلب نتائج حقيقية وتقدمًا ملموسًا على أرض الواقع".