الطليعة الشحرية
توهّج الوجدان العام كجمرة حيّة في بدايات الكارثة، اشتعل مع كل صورةٍ تُبث وكل خبرٍ يُذاع، كأن الجرح جديد في كل لحظة، لكن مع مرور الأيام، ثم الأسابيع، ثم الشهور، يبدأ ذلك التوهج في الخفوت، لا لأن الألم صار أقل؛ بل لأن الحواس المثقلة بالعجز تتعلّم -من فرط الصدمة وطول المدة- كيف تُغلّف ذاتها بغلاف من البرود.
تتحوّل المأساة الكبرى إلى خلفية ثابتة في المشهد اليومي.. صوتٌ مألوف في النشرات، وصورةٌ عابرة على الشاشات، ومادةٌ لا تُحدث رجّة في الضمير كما كانت تفعل. هنا، لا يموت الإحساس تمامًا، لكنه ينكمش إلى منطقة آمنة داخل النفس، يراقب من بعيد، كي لا ينهار من جديد. إنها آلية بقاء نفسية، لكنها في الوقت نفسه بذرة أخطر أشكال التطبيع: التطبيع الشعوري مع الألم.
لا يُقصد بـ«التطبيع الشعوري» التطبيعَ السياسيّ أو الدبلوماسي؛ بل عمليةُ تبلّدٍ وانخفاضٍ تدريجيٍّ في الاستجابة العاطفية والأخلاقية حيال معاناةٍ جسيمةٍ وطويلة الأمد، بحيث يصبح ما كان صادمًا في البدايات خبرًا اعتياديًا لا يُحرّك فعلًا عامًا متناسبًا مع حجمه. هذا النمط موصوف في علم النفس الاجتماعي والاتصال الجماهيري بمصطلحاتٍ متقاطعة مثل الخَدَر النفسي (Psychic Numbing) والإرهاق/إجهاد التعاطف (Compassion Fatigue) ودوامة الصمت ودورة الاهتمام بالقضايا. وهكذا أصيب الوجدان العربي بالخدر وتطبع شعوره مع الألم المستمر جراء النكبات الطويلة.
التأطير أو التصور المفهومي (Conceptualization)
سنعيد صياغة تعريف «التطبيع الشعوري» بشكل واضح، بحيث يشمل أبعاده وعناصره الأساسية، ويجعله قابلًا للفهم والتحليل والمقارنة.
التطبيع الشعوري هو تغيّرٌ تراكمي في الحساسية والانفعال الأخلاقي تجاه انتهاكاتٍ جسيمة، بفعل تكرار التعرض، وطول الأمد، وغياب النفاذ إلى الفعل المؤثر، وضبط السرديات إعلاميًا وسياسيًا؛ ما يُنتج قبولًا ضمنيًا أو لا مبالاةً عملية. وهذا التعريف يستند إلى أطروحات الخَدَر النفسي لدى بول سلوفيك: تَناقص التعاطف بازدياد الأرقام وحجْم الكارثة والإرهاق من الأخبار وتجنّبها بوصفه ظاهرة عالمية موثّقة.
وتتسم دورة الاهتمام بالقضايا بالقفز إلى الذروة ثم الهبوط رغم استمرار المشكلة، ثم الدخول الى دوامة الصمت هو كبح التعبير حين يُستشعر عدم قبولٍ اجتماعي ومن مخاطرها الترسخ الثقافي لصورة الواقع عبر التعرض المزمن للألم.
الرأي العام والاستزراع
هكذا يتم توجيهه الرأي العام وتخدير النفس باستخدام نظرية الاستزراع أو ما يُعرف بالإنجليزية بـ"Cultivation Theory"، وهي نظرية في مجال الإعلام والاتصال الجماهيري وضعها الباحث جورج جربنر (George Gerbner) في سبعينيات القرن الماضي. وترتكز النظرية على فكرة أن وسائل الإعلام، وخاصة التلفزيون، لا تُقدّم انعكاسًا موضوعيًا للواقع، وإنما تُعيد تشكيله بصورة منهجية. وبمرور الوقت، يؤدي هذا "الاستزراع" المستمر للصور والأفكار والقيم إلى تكوين تصوّر لدى الجمهور عن العالم يتوافق مع ما تعرضه وسائل الإعلام، حتى لو كان بعيدًا عن الواقع الفعلي.
تقوم الآليات الثلاث الأساسية للنظرية على: الاستزراع المعرفي وهو تكرار الرسائل الإعلامية يغرس لدى المتلقي أنماطًا من التفكير والتفسير، فيبدأ يرى الواقع كما تصوّره الشاشة. والاستزراع النفسي مع كثرة المشاهد الدموية أو صور العنف، يتبلّد الإحساس (الخَدَر النفسي)، فتُصبح المأساة "أرقامًا" لا وجوها فتتراجع قابلية الفعل (التبرّع/الضغط/الاحتجاج). التعوّد/التبلّد بالتعرّض المتكرر: التعرض المتواتر لمشاهد العنف يُنقص الاستثارة الانفعالية ويُنشّط مساراتٍ إدراكيةً تُقلّل الاستجابة.
الاستزراع الاجتماعي والسياسي ويعتمد به على الإعلام لا يشكّل الأفراد فقط، بل يُعيد هندسة القيم الجمعية ويؤثر في أولويات المجتمع، بما في ذلك المواقف من القضايا السياسية والحقوقية.
إعادة جدولة الأولويات العامة
تقود الأجندة الإعلامية العالمية مأساة غزة باستخدام آليات اتصالية-إعلامية لجدولة الأولويات العامة (Agenda-Setting): فتعيد غرف الأخبار توجّه إدراك الأهمية؛ ومع طول الحرب تتزاحم أجندات أخرى، فتنخفض المكانة على جدول الاهتمام.
عمليًا قفزت دورة الاهتمام بعد ذروة الصدمة الأولى لدى الجمهور العربي ثم تبدأ كلفة الانتباه والإنهاك في دفع الجمهور إلى الانصراف. الإجهاد من الرسائل/تجنّب الأخبار: الاتصالات المتكررة بصيغٍ نمطية تُنتج إرهاقًا يثبّط التفاعل.
حاليًا يُعاد تشكيل الوعي العام باستخدام آليات بنيوية-سياسية إدارة السردية والقيود على التغطية: ما يُعرض وكيف يُعرض يحدّدان عتبة الصدمة واستمراريتها. نظرية الاستزراع ودوامة الصمت تفسّران كيف يُعاد تشكيل التصوّرات المقبولة اجتماعيًا.
يعاني الوعي الجمعي العربي من انزلاق تدريجي يجعل الخرقَ الجسيم لقواعد القانون الإنساني ممارسةً عادية في الوعي العام مع غياب المحاسبة.
القرائن الدالّة في حالة غزة وجسامة الحدث واستمراره تحديثات الأوتشاOCHA، تُظهر مستويات قتلى وجرحى فلسطينيين هائلة منذ 7 أكتوبر 2023، مع استمرار أرقامٍ مفزعة حتى2025. منظمة الصحة العالمية وثّقت هجمات ممنهجة على الرعاية الصحية (منشآت، سيارات إسعاف، عاملين صحيين) في الأرض المحتلة.
استهداف رواة المأساة
لجنة حماية الصحفيين (CPJ) وثّقت أن عام 2024 كان الأشد فتكًا بالصحفيين منذ بدء سجلاتها، مع نسبة كبيرة مرتبطة بحرب غزة/لبنان أثر التعرّض الإعلامي على الصحة النفسية والسلوك، دراساتٌ حديثة تُظهر أن التعرض المكثّف لصور العنف في الإعلام يرتبط بارتفاع أعراض الضغط، وبالمقابل إلى تجنّبٍ/تبلّدٍ لاحق لدى قطاعات من الجمهور.
ظهر استطلاع Arab Barometer للرأي العام العربي أن مزاج الشارع العربي مقاومٌ للتطبيع السياسي، وأنه لجأ في 2024-2025 إلى أنماط فعلٍ منخفضة الكلفة/المخاطرة (مقاطعة، تبرعات، نشاط رقمي)، وهذا يشير إلى تحوّلٍ في قنوات التعبير لا إلى انطفاءٍ وجدانيٍ تام.
غياب الفعل القانوني العربي
رغم أن القانون الدولي الإنساني واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية تتيحان لأي دولة عضو في الأمم المتحدة التقدم بدعوى أمام محكمة العدل الدولية، فإن المؤسسات القانونية العربية لم توظف هذه الإمكانية، والتحقيق في هذا الغياب يكشف عن غياب التنسيق المؤسسي اتحاد المحامين العرب، وغيره من الأطر الإقليمية. كما أنه يفتقر إلى آلية عمل جماعية لتجميع الجهود وإعداد ملفات قانونية متكاملة. تعاني عدد من النقابات والاتحادات من القيود السياسية الصارمة وفرض العمل تحت رقابة حكومية، ما يجعل تحريك دعوى ضد إسرائيل حليف مباشر أو غير مباشر لبعض الحكومات أمرًا محفوفًا بالمخاطر السياسية.
نقص الخبرة الدولية
التقاضي أمام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية يتطلب معرفة متخصصة بالقانون الدولي الإنساني، وهي خبرة نادرة نسبيًا في المؤسسات القانونية العربية، التي يتركز عملها في النطاق المحلي.
ضعف الدعم اللوجستي والتمويلي
القضية الدولية التي تحتاج إلى فرق عمل دائمة، ووصول ميداني لتوثيق الأدلة، وتأمين شهود، وتغطية تكاليف قانونية ضخمة، وهو ما لم يتوفر حتى الآن بصورة منظمة.
الاعتماد على رد الفعل بدل المبادرة
الميل إلى الاكتفاء بدعم القضايا التي ترفعها دول أخرى، بدل صناعة ملف أصيل يقوده العرب أنفسهم، جعل الحضور العربي هامشيًا في ساحات التقاضي الدولي.
جنوب أفريقيا.. من الإرث النضالي إلى الفعل القضائي
في المقابل، نجحت جنوب أفريقيا في تقديم نموذج مغاير تمامًا: إرادة سياسية حاسمة: حكومة بريتوريا أعلنت مبكرًا أنها ترى في أفعال إسرائيل انتهاكًا لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام1948. منح تاريخ جنوب أفريقيا وإرثها في نضال الفصل العنصري الشرعية الأخلاقية الدولية لمقاضاة حكومة الاحتلال. استعانت بخبراء دوليين، وقدمت أدلة موثقة من تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية". حصدت دعم دول من آسيا وأميركا اللاتينية، مما عزز زخم القضية في الرأي العام العالمي.
أثر الفارق على وجدان الشعوب
غياب المبادرة القانونية العربية أمام الحراك الفعّال لجنوب أفريقيا خلق مقارنة مؤلمة في الوعي العام العربي: إذا كانت دولة بعيدة جغرافيًا وثقافيًا عن فلسطين قادرة على التحرك باسم القيم، فما الذي يمنع الدول والمنظمات العربية من فعل المثل؟ هذا السؤال، حين يظل بلا جواب عملي، يرسخ التطبيع الشعوري، إذ يتعزز شعور العجز الجمعي، وتضعف القناعة بأن الفعل القانوني ممكن ومُجدٍ.
هذا الخمول الذي امتد إلى النخب القانونية والحقوقية العربية، التي اكتفت بالبيانات والمواقف الإعلامية، ولم تنجح في تحويل التضامن إلى فعل قضائي دولي مؤثر. ورغم أن القانون الدولي يتيح لأي دولة عضو في الأمم المتحدة التوجه إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، فإن المنظمات القانونية العربية لم تبادر بخطوة حقيقية، وسط غياب التنسيق بين اتحادات المحامين، وخضوع بعضها لضغوط سياسية تمنع المواجهة، إضافة إلى نقص الكوادر المتخصصة في القانون الدولي، وغياب الإمكانات اللوجستية والتمويلية التي يتطلبها مسار طويل ومعقد كهذا.
في المقابل، قدمت جنوب أفريقيا درسًا قاسيًا في المبادرة والجرأة، إذ دخلت محكمة العدل الدولية بملف متين، مدعوم بأدلة وشهادات موثقة من تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية كبرى، واستندت إلى إرثها النضالي ضد الفصل العنصري لتؤكد شرعيتها الأخلاقية، وحشدت دعمًا دوليًا من قارات مختلفة، فحوّلت موقفها إلى حدث قانوني وسياسي عالمي. هذا الفارق خلق في الوعي العربي مقارنة موجعة: إذا كانت دولة بعيدة جغرافيًا وثقافيًا عن فلسطين قادرة على التحرك باسم القيم، فما الذي يمنع العرب من ذلك؟ السؤال ظل بلا جواب عملي، ومع كل يوم يمضي من دون تحرك، يتجذر التطبيع الشعوري، ويتراجع الإيمان بجدوى العدالة.
كسر هذه الحلقة لا يكون بالمواعظ ولا بالشعارات، بل بقرار جريء يعيد وصل المبادئ بالفعل. النخب القانونية والحقوقية في العالم العربي أمام اختبار حاسم: إما أن تظل شاهدة على الجريمة، أو أن تتحول إلى طرف فاعل في ملاحقة مرتكبيها أمام العدالة الدولية. فقد أثبتت جنوب أفريقيا أن الطريق إلى قاعات القضاء الدولي ليس مغلقًا، لكنه يحتاج إلى إرادة سياسية لا تخشى الاصطدام، وإلى قدرة قانونية تعرف كيف توثق وتبني وتدافع، وإلى وجدان لم يفقد بعد قدرته على أن يغضب، وأن يحوّل الغضب إلى فعل.
ما قبل الانفجار
إنَّ التطبيع الشعوري، بما يحمله من خَدَرٍ نفسي وجمودٍ جمعي، ليس نهاية المأساة؛ بل مرحلة عابرة في مسارها. فهو يشبه حالة التخدير المؤقت التي تُسكّن الألم دون أن تعالجه، لتترك الجرح ينزف بصمت تحت السطح. ومع تراكم المظالم وتكرار مشاهد الإبادة والتجويع والخذلان، يتحول هذا التطبيع إلى وقودٍ متراكم في الوعي الجمعي، ينتظر لحظة الشرارة. وحين تأتي تلك اللحظة -وهي حتمية بحكم قوانين الاجتماع البشري والتاريخ- فإن الانفجار سيكون أعنف وأشمل من أن يُسيطر عليه أحد. هكذا يكشف الواقع أن الصمت ليس رضا، وأن التعود ليس قبولًا، بل هو مرحلة ما قبل الانفجار؛ حيث يتحول التطبيع الشعوري من أداة للجم الوجدان إلى مقدمة لانفجار وجداني وسياسي قد يُعيد رسم المشهد في المنطقة برمتها.
التطبيع الشعوري مع الألم ليس قدرًا حتميًا، لكنه نتيجة تفاعل معقد بين الإرهاق النفسي، والشلل السياسي، والقصور المؤسسي.
مأساة غزة تفضح فجوة خطيرة بين الشعارات والممارسة، وبين القيم التي وضعها الإنسان المعاصر وبين استعداده للدفاع عنها حين يكون الضحية بعيدًا أو ضعيفًا. وتحرك جنوب أفريقيا نحو محكمة العدل الدولية يثبت أن الإرادة السياسية والقانونية قادرة على كسر حلقة الصمت والتقاعس، لكن ما لم تتبنَّ النخب القانونية العربية مسارًا مشابهًا، سيظل التطبيع الشعوري يتجذر، وستظل المأساة قائمة في وجدان العالم كخلفية باهتة، لا كجرس إنذار دائم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مواطنون كويتيون: استثناء “الصهاينة” من دخول الكويت يعكس موقف الدولة ضد التطبيع
الثورة نت/
أثنت الأوساط الكويتية على قرار الدولة استثناء المستوطنين الصهاينة، من دخول أراضيها، مؤكدين أن هذا يعكس موقف الدولة الثابت الرافض للتطبيع مع العدو الإسرائيلي.
ورأوا أن التفاعل الشعبي الواسع مع هذا القرار الكويتي يؤكد أن المزاج العام في العالم العربي ما زال منحازًا للقضية الفلسطينية، وأن المواقف الرسمية المتوافقة مع هذا المزاج تحظى بدعم معنوي وشعبي كبير.
وفي حديث لـ”قدس برس” أكد رئيس رابطة شباب لأجل القدس العالمية، طارق الشايع، أن “الكويت تثبت مرارًا موقفها الثابت برفض التطبيع مع العدو الصهيوني، ما يعزز جبهة الدول الرافضة لأي علاقات سياسية أو اقتصادية معه”.
وأشار إلى أنه “في ظل توجه بعض العواصم الخليجية نحو التطبيع أو تخفيف مواقفها، يبرز موقف الكويت كدولة تحافظ على نهجها المبدئي والثابت”، مؤكداً أن مثل هذه المواقف تشكل ضغطًا إضافيًا على العدو عبر حرمانه من الشرعية في العالم العربي.
وقال إن هذا الإجراء يبعث برسالة واضحة مفادها أن العدو الصهيوني “لا يمكن أن يُعامل ككيان طبيعي في المنطقة قبل زواله”.
بدورها قالت الكاتبة الكويتية سعاد المعجل، إن “الموقف الرسمي للكويت ضد العدو الإسرائيلي متجذر منذ زمن بعيد، إذ أعلنت الكويت في السادس من يونيو 1967 حالة الحرب مع العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة، وما زال هذا المرسوم نافذًا حتى اليوم”.
وأضافت المعجل، أن “استثناء الجنسية الإسرائيلية من دخول الأراضي الكويتية يُعد موقفًا طبيعيًا ومتسقًا مع هذا الإطار القانوني والتاريخي”.
من جهته، قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الكويتية الشيخ صلاح المهيني، إن هذا القرار “لا يمثل مجرد إجراء إداري، بل رسالة سياسية وأخلاقية للعالم بأن الكويت تعتبر الاحتلال الإسرائيلي عدواً حتى زواله، وأنها جزء أصيل من جبهة الصمود العربي”.
وكانت وزارة الداخلية الكويتية أكدت، الأربعاء الماضي، أن دولة الكويت لا تفرض أي حظر على دخول مواطني أي جنسية إلى أراضيها، باستثناء حاملي جنسية العدو الإسرائيلي.