تقارير المخابرات السورية… كل البلاد مصنفة في ملفات
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
سرايا - تزامناً مع فرار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وتحرير المعتقلين من السجون والأفرع الأمنية، ظهرت إلى العلن وثائق الاستخبارات السوريّة، بكل أشكالها. بعضها حُفظ وأُرسل إلى المحققين الصحافيين والجنائيين، لكن كثيراً منها بُعثر على الأرض، وأمسى بمتناول الجميع؛ فمملكة الصمت الممتدة لأكثر من نصف قرن، تحولت بيروقراطيتها الأمنيّة إلى "محتوى" على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكشفت هذه الوثائق ليس عن جرائم وحسب، بل عن ماكينة مبتذلة وعتيقة للعمل الاستخباراتي، إذ تم تداول وثائق وصور عن أشكال تنكر رجال الأمن في سورية، وأدواتهم من شعر مستعار ومكياج، وطبيعة الأشخاص الذين يتنتشرون بين الناس، والذين للمفارقة كانوا معروفين للسوريين بمهنهم المتنوعة، لكن رؤية هذه الوثائق وأسلوب العمل، كسر عنهم جديتهم، بصورة أدق، سطوتهم لم تتأت من قدرتهم الفائقة على التنكر، بل من كون السوريين يعرفون قدرة هؤلاء على إخفاء أحدهم وراء الشمس.
وثائق متعددة عن جرائم تبدو مبتذلة، كوهن نفسية الأمة وأخرى عن "المُخبرين"، وغيرها عن عبدة الشيطان مثلاً، وكأن كل سورية مصنفة ضمن ملفات، ولكل سوري ملف يحوي من الأوصاف ما يثير الضحك. نقرأ في وصف أحدهم أنه "ثرثار" أو "متوسط الذكاء"، وغيرها من الأمور التي لا نعلم كيف تستفيد منها المخابرات السورية، وكيف تُصنّف الناس بناءً على ذكائهم. تكشف وثائق أخرى أيضاً عن طبيعة الرقابة التي تتبعها أجهزة المخابرات، بعضها على بعضها الآخر، وإكالة تهم كـ"إرهابي" لأي شخص قد ينتقد النظام، إلى حد اتهام الأطفال بها، إذ تم تداول صور لجوازات أطفال يبدو أنهم كانوا في أفرع الأمن.
نحن، إذن، أمام ماكينة لتكديس الكتل البشرية وضبطها وتصنيفها، ويفصل كل سوري عن المعتقل كلمة قد لا يعلم أنها لم ترُق لأحد ما.
إقرأ أيضاً : روسيا تحبط محاولة أوكرانية لاغتيال ضابط رفيع المستوىإقرأ أيضاً : البرلمان العربي يدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوانإقرأ أيضاً : "قسد" تنفي صلتها بانفجار سيارة أمام مسجد بمدينة منبج شمال سوريا
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1447
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 28-12-2024 10:01 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
حكايات من ملفات القضاء.. المستشار بهاء المري يفتح ملفات العدالة والرحمة في معرض دمنهور للكتاب
تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب بمكتبة مصر العامة بدمنهور، لقاءً أدبيًا وإنسانيًا مميزًا مع المستشار بهاء المري، رئيس محكمة الاستئناف، تحت عنوان "حكايات من ملفات القضاء: نساء في قفص الاتهام"، أدار الحوار الدكتور محمد أبو علي.
في أجواء من التأمل والإنصات، تحدث المستشار بهاء المري عن تجربته الفريدة في الجمع بين منصة القضاء وصفحات الأدب، مؤكدًا أن كتابه "نساء في قفص الاتهام" لم يُكتب ليضيف ركامًا جديدًا من القضايا إلى أرشيف العدالة، بل ليضع القارئ أمام التجربة الإنسانية التي تقف خلف القفص، حيث تختلط المأساة بالدهشة، والرحمة بالقسوة، والانكسار بالتمرد.
وقال المري في كلمته التي استهل بها اللقاء: "حين كتبت نساء في قفص الاتهام لم يكن هدفي التشهير أو الإدانة، بل أردت أن أفتح نافذة على عالمٍ تمتلئ صفحاته بالحكايات الواقعية التي عشتها في قاعات المحاكم، لأقول إن المرأة ليست دائمًا جانحة بإرادتها، بل قد تكون ضحية لظروف قاسية أو مجتمعٍ عجز عن حمايتها."
وأضاف أن الكتاب ليس مجرد توثيق لجرائم أو أحكام، بل محاولة للبحث عن الإنسان وسط أوراق القضايا، وعن صوت الرحمة الذي يجب ألا يغيب عن أحكام العدالة.
وقال: "القانون يحكم على الأفعال بمنطوق النصوص، أما الأدب فيبحث في الدوافع الإنسانية التي دفعت إلى ارتكاب الفعل. وفي هذا الكتاب حاولت أن أجمع بين موقع القاضي الذي يُصدر الحكم، وقلم الأديب الذي يفتش في أعماق النفس."
واستعرض المري عددًا من القضايا التي تناولها الكتاب، منها قصة امرأة حملت السلاح دفاعًا عن شرفها، وأخرى قتلت والدها المغتصِب بعد أن سدت في وجهها كل السبل، وثالثة دفعتها الفاقة إلى استخدام طفلها في التسول، لتجد نفسها متهمة بعد أن كانت ضحية.
وأوضح أن هذه النماذج لا تثير فقط سؤال الذنب والعقاب، بل أيضًا سؤال المسؤولية المجتمعية: "أين دور الأسرة؟ وأين المجتمع حين تنهار القيم وتتحول رموز الرحمة إلى وجوه مأساوية داخل قفص الاتهام؟".
وختم كلمته قائلًا: "نساء في قفص الاتهام ليس كتابًا عن النساء فقط، بل عنّا جميعًا؛ عن ضمائرنا التي تتأرجح بين الرحمة والبطش، وعن مجتمعٍ يحتاج أن يُعيد النظر في معنى العدالة ودور القانون، لا ليعاقب فقط، بل ليصنع وقاية وعدلاً ورحمة."
من جانبه، قدّم الدكتور محمد أبو علي قراءة نقدية للكتاب بعنوان "بين العدل والرحمة"، مؤكدًا أن المري نجح في خلق توازن نادر بين دقة القاضي ودفء الأديب، وأن نصوصه تسير على "حدّ السكين" بين التقرير القضائي والنبض الإنساني، لتكشف وجوهًا جديدة للعدالة حين تنظر بعين الرحمة لا بعين القانون وحده.
بهذا اللقاء الإنساني العميق، ووسط تفاعل الحضور، فتح معرض دمنهور الثامن للكتاب نافذة مختلفة على العدالة، لا باعتبارها أحكامًا تُتلى، بل ضمائر تُستيقظ.