علماء المسلمين يدعو لدعم سوريا ويحذر من الأعداء والدولة العميقة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدول الإسلامية إلى دعم الشعب السوري، وحذر من "مخططات الأعداء والدولة العميقة"، وشدد على ضرورة عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية.
وقال الاتحاد في بيان على موقعه الإلكتروني اليوم الاثنين إنه يتابع الأوضاع في سوريا بـ"منتهى الجدية"، وأكد "الحرص على إنجاح مقاصد الثورة للشعب السوري العظيم الذي عانى من الظلم والاضطهاد والقتل والتدمير والتهجير طوال أكثر من 60 عاما".
ودون أن يسميهم، أضاف الاتحاد أنه "يلاحظ أن الذين سكتوا عن ظلم فرعون سوريا (بشار الأسد) بل ساندوه في طغيانه بدؤوا يظهرون كأنهم أصحاب هذه القضية".
وتابع "يريدون أن يضعوا الشروط والقيود، بل إن بعض من ساند الظلم والطغيان ووقف مع الطاغية بدأ يثير الفتن الطائفية وغيرها، فهذا أمر مدان وغير مقبول".
إشادة بقادة الثورةواعتبر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن تصرفات قادة الثورة والحكومة الجديدة "تتسم فعلا بالحكمة والعدل والتسامح والحرص الشديد على أن سوريا لجميع السوريين".
وأكد البيان وقوف الاتحاد مع الشعب السوري وقادته، وطالب "الأمة الإسلامية -قادة وعلماء وشعوبا- بالوقوف مع الشعب السوري بكل إمكانياتها المادية والمعنوية والفكرية والإغاثية".
إعلانوندد الاتحاد بـ"تصريحات بعض الدول أو الأشخاص بما يثير الضغائن والأحقاد ويشعل نار الفتنة الطائفية أو العرقية أو غيرهما"، وقال إن تلك التصريحات "في جوهرها تضر بأمتنا الإسلامية ووحدتها في الوقت الذي تحتاج إلى لملمة الجراح وبذل كل ما في الوسع للوحدة والائتلاف".
وحذر الاتحاد من أن "مثل هذه التصريحات تزيد الأجواء كراهية واحتقانا وردود فعل قد لا تكون مسؤولة، لذلك ننبذها وندعو إلى إدانتها وتركها".
وخلال الأيام الماضية، انتقدت الإدارة السورية الجديدة تصريحات إيرانية متعلقة بالشأن الداخلي في سوريا، أحدها منسوب إلى وزير خارجيتها عباس عراقجي قال فيه إنه "من المبكر للغاية الحكم على مستقبل سوريا، حيث يمكن للعديد من العوامل أن تؤثر بشكل كبير على الوضع السياسي هناك".
كما دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "قيادة سوريا الجديدة إلى الاستمرار والمزيد من الاهتمام بالعدل والتسامح والإحسان، مع الحذر الشديد من مخططات الأعداء والدولة العميقة"، في إشارة إلى فلول نظام الأسد داخل مؤسسات الدولة.
وأكد أن "الميزان الإسلامي الصحيح يقوم على كفة العدل والحزم بالحق وكفة التسامح والإحسان لمن يستحقه".
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق، لتنهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وبعدها بيوم أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير -رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات- بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
عام على سقوط الأسد.. ماذا حققت الحكومة السورية؟
بعد عام من التحولات العاصفة التي أعقبت سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، تقف الإدارة السورية برئاسة أحمد الشرع على أعتاب الذكرى الأولى لتسلمها الحكم في البلاد، مع حلول يناير/كانون الثاني 2026.
وخلال هذه الفترة المليئة بالتحديات، سعت الحكومة إلى إعادة رسم ملامح الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، محققة اختراقات ملحوظة في ملفات العلاقات الدولية، وتحسين بعض الخدمات الحيوية، وإرساء قدر من الاستقرار الأمني في المدن الكبرى، رغم بقاء تحديات جسيمة تتعلق بالبنية التحتية، والاقتصاد، والمصالحة الوطنية.
وتفتح رحلة عام من الحكم للرئيس الشرع وفريقه الباب أمام فرص جديدة إذا ما أحسن استثمارها في المرحلة المقبلة، وتضع أسسا لتحول إستراتيجي في موقع سوريا إقليميا ودوليا.
تمثلت الخطوات الأولى التي اتخذتها سوريا على مستوى العلاقات الدولية بإعادة تموضعها على المستوى الإقليمي، وعززت علاقاتها مع تركيا والسعودية وقطر والأردن، مع الانفتاح على علاقات اقتصادية إيجابية مع الإمارات.
وانعكست نتائج هذه التحولات -بطبيعة الحال- على عقود من ارتباط سوريا الوثيق بالسياسات الإيرانية، والتحالف مع روسيا، فكانت أول الزيارات التي أجراها الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع مطلع عام 2025 إلى السعودية وتركيا وقطر والأردن.
كما حققت سوريا في حقبة ما بعد الأسد إنجازا في تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة بعد أن كانت مرتبطة بالمعسكر الشرقي منذ عام 1967، وتتوج هذا المسار بزيارة الشرع إلى واشنطن مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وما تبعها من إعلان انضمام سوريا إلى التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
وتمثلت الانعكاسات الإيجابية على سوريا في التقدم بمسار العلاقة مع واشنطن بحصول سوريا على دفعة قوية فيما يتعلق بالشرعية الدولية، خاصة مع رعاية واشنطن لقرار مجلس الأمن الذي أزال العقوبات من على أبرز مسؤولين الدول الجدد وعلى رأسهم الشرع.
إعلانويبدو أن الأمور تتجه إلى إلغاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في وقت سابق بناء على قانون قيصر بشكل كامل، وهذا ما أشار له رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي برايان ماست في تصريحات له آواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث أكد بعد أيام من اللقاء مع الرئيس الشرع أنه بات يدعم إلغاء العقوبات على سوريا.
واستطاعت الحكومة السورية الجديدة تحويل العلاقة مع روسيا التي ساندت نظام الأسد طيلة سنوات الحرب من خانة العداء إلى التنسيق والشراكة، فتم تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين السوريين والروس ابتداء من يوليو/تموز 2025، وختاما بلقاء الشرع ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بموسكو في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأكدت تقارير سورية عديدة عقب زيارة الشرع، ثم استقبال دمشق وفدا روسيا برئاسة يونس يفكيروف نائب وزير الدفاع، التوافق بين الجانبين على التعاون العسكري، بالإضافة إلى اشتراك موسكو في ملف جنوب سوريا.
وبالفعل، زار وفد تقني روسي محافظة القنيطرة جنوب سوريا آواخر الشهر الماضي برفقة عسكريين سوريين، في حين يُعتقد أنه ترتيبات لانتشار شرطة عسكرية روسية في الجنوب السوري، كما قدمت روسيا لسوريا شحنات من النفط.
كذلك ظهرت مؤشرات عديدة على احتمالية تطور العلاقات بين الحكومة السورية والصين، أولها تمثلت بامتناع بكين عن استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن الذي أقر رفع العقوبات عن الشرع ووزير الداخلية السوري أنس خطاب.
كما استقبلت بكين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الشهر الماضي وتم التوافق على تأسيس مجلس الأعمال السوري الصيني.
ومن المتوقع أن يساهم تطوير علاقات الحكومة مع الأطراف الدولية المذكورة إلى تعزيز الاستقرار، خاصة إن اتجهت الولايات المتحدة لحصر علاقاتها مع المؤسسات الرسمية للدولة السورية، وقلصت من دعم تنظيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي وظفته في محاربة تنظيم الدولة.
كما أن الانفتاح الرسمي السوري على روسيا وتفهم مصالحها قد يسهم في المزيد من الاستقرار في الساحل والجنوب السوريَين.
تطوير إنتاج الطاقة الكهربائيةأعلنت وزارة الطاقة السورية الشهر الماضي ارتفاع قدرة توليد الكهرباء المخصصة للمنازل إلى 14 ساعة يومية، وبذلك فإن الإنتاج زاد إلى أكثر من الضعف في أقل من عام، حيث لم تكن تحصل غالبية المدن السورية على الكهرباء سوى 4 أو 6 ساعات يوميا.
وسجل التيار الكهربائي وصلا مستمرا لقرابة 20 ساعة في بعض المدن الكبيرة وخاصة مدينة حلب، وأشار وزير الطاقة محمد البشير إلى أن العمل مستمر للوصول إلى تدفق للكهرباء على مدار 24 ساعة يوميا لكن بعد تطوير البنية التحتية، وقدرة الشبكة.
ووقعت الحكومة السورية عدة مذكرات تفاهم مع شركات دولية لتطوير محطات الطاقة الكهربائية، كان أبرزها المذكرة التي تم توقيعها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع تحالف شركات دولية متخصصة في إنشاء محطات توليد الطاقة.
ومن شأن زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية أن ينعكس على الاقتصاد عموما في سوريا، حيث سيزيد من فترات عمل المصانع والمعامل، ويشجع على الاستثمار في القطاعين الصناعي والتجاري.
إعلان القطاع الأمنيحققت الحكومة السورية منجزات جزئية في القطاع الأمني، ويمكن ملاحظتها بشكل واضح في المدن الكبيرة، حيث تعيش مدن دمشق وحلب واللاذقية استقرارا أمنيا، مع انخفاض واضح في معدلات الجريمة.
ونفذت الحكومة السورية خلال الأشهر الماضية عمليات أمنية عديدة في دمشق وحلب واللاذقية، استهدفت خلايا لفلول النظام السابق وتنظيم الدولة الإسلامية، كان أبرزها إلقاء القبض على عدد من رموز النظام السابق وأبرزهم وسيم الأسد الذي كان يتزعم مليشيات مساندة للنظام السابق وتمتهن تجارة المخدرات، واللافت أن هذه العمليات كانت استباقية وقبل إقدام هذه الخلايا على تنفيذ هجمات ضد السكان.
ونقلت وسائل إعلام سورية عن مصادر أمنية إحصائية للعمليات التي نفذها الأمن السوري في مدينة حلب خلال الشهر الماضي، ونتج عنها القبض على 150 لصا، وهذا يعتبر تطورا بارزا في الوضع الأمني لمدينة حلب، التي سجلت في النصف الأول من عام 2024 في ظل حكم نظام الأسد 1500 حالة سرقة مسجلة لدى الجهات الأمنية.
وساهمت تدخلات الحكومة السورية في منع اندلاع مواجهات عشائرية وطائفية، كان آخرها في مدينة حمص التي شهدت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هجمات عشائرية ضد أحياء للطائفية العلوية على خلفية قتل امرأة ورجل من عشيرة بني خالد في منطقة زيدل والتمثيل بجثتيهما.
وفي بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري أعلنت القيادة المركزية الأميركية عن تنفيذ عملية مشتركة مع وزارة الداخلية السورية ضد 15 مستودعا للأسلحة تتبع لتنظيم الدولة.
وقد أتى هذا التطور في الأداء الأمني بعد القيام بعملية هيكلة أولية لقوى الجيش والأمن، إذ تراجعت بشكل ملحوظ حالة الفصائلية التي كانت واضحة بعد الأشهر الأولى من سقوط الأسد، وسببت إرباكا للحكومة، فاتضحت بشكل أكبر معالم الفرق العسكرية المنظمة، بالإضافة إلى تعزيز حضور جهاز الأمن الداخلي في مختلف المناطق باستثناء تلك الخارجة عن سيطرة الحكومة في جنوب البلاد، أو شمال شرقها.
المنجزات السياسية الداخليةأنجزت الحكومة السورية في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي الانتخابات التشريعية الأولى بعد سقوط نظام الأسد، التي تمت عن طريق الانتخابات غير المباشرة من قبل الهيئات الانتخابية بسبب تعذر القيام بعمليات إحصاء وتنظيم سجلات لكافة السوريين.
ونتج عن الانتخابات تمثيل مقبول للمحافظات السورية، والمكونات المختلفة، في ظل دخول نواب من الكرد والتركمان إلى المجلس، بالإضافة إلى نواب من الأقليات الدينية الأخرى، على أن يعين الرئيس السوري الثلث المتبقي من أعضاء المجلس بطريقة تضمن تمثيلا عادلا لمختلف المكونات.
أيضا، نجحت الحكومة السورية باستثمار الظروف الدولية المحيطة، وأبرمت في مارس/آذار اتفاقا مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أقرت فيه الأخيرة بوحدة الأراضي السورية، وبالحكومة الحالية، وتبقى الإشكالية في عدم التوصل إلى آلية واضحة لدمج قوات قسد في الجيش والأمن، لكن هذا الاتفاق أظهر جدية الحكومة باستيعاب كافة المكونات السورية.
نجاحات اقتصاديةأعلن حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إجراء أول رسالة إلى البنك الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، في تأكيد على عودة سوريا إلى نظام سويفت العالمي للتحويلات المالية.
واستعادت سوريا التواصل مع صندوق النقد الدولي بعد زيارة لوفد من الأخير إلى دمشق في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الأمر الذي اعتبره خبراء الاقتصاد أنه خطوة أساسية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد.
ويسود التفاؤل في أوساط الجماعات السورية الضاغطة في أميركا بأن يتم إلغاء العقوبات الأميركية على سوريا بشكل كامل مع نهاية عام 2025، ومن المحتمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى تبديد المخاوف من الاستثمار في سوريا، خاصة إذا ما اتجهت الحكومة السورية إلى تطوير البيئة القانونية الاستثمارية، وتعزيز الشفافية.
إعلانوأكد الرئيس الشرع -خلال مشاركته في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض أواخر أكتوبر/تشرين الأول الفائت- أن حجم الاستثمارات التي جذبتها سوريا منذ سقوط نظام الأسد بلغ 28 مليار دولار، في حين توقع البنك الدولي نموا اقتصاديا في سوريا خلال عام 2025 بنسبة 1%، بعد انكماش نسبته 1.5% خلال عام 2024.
وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت شركة "فيزا" العالمية التوصل إلى اتفاق مع مصرف سوريا المركزي على خريطة طريق تهدف إلى تأسيس منظومة مدفوعات رقمية متكاملة، واندماج سوريا في الاقتصاد الرقمي العالمي، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس إيجابيا على تيسير الأعمال والمدفوعات، وعلى الاقتصاد عموما.
وعاد إلى سوريا منذ مطلع عام 2025 أكثر من 1.2 مليون سوري من دول اللجوء والبلدان الأخرى، بينهم أصحاب رؤوس أموال، حيث تشير البيانات الرسمية إلى عودة قرابة 960 منشأة صناعية في حلب وحدها للعمل، مع عدم وجود بيانات حول مجمل المشاريع والمصانع التي تم تفعيلها في سوريا.
ورغم هذه المنجزات المذكورة، فإن سوريا لا تزال أمامها مسيرة طويلة لترسيخ علاقاتها مع الأطراف الدولية مع ضمان عدم تحويل الساحة السورية إلى منطقة استقطاب دولية، كما أن الحالة الأمنية تمتاز بالهشاشة خاصة في المناطق الريفية، إضافة إلى أن الحاجة لعمل كبير على مستوى تطوير البنية التحتية والاقتصاد.