الرؤية- أحمد الجهوري

في ملتقى قارتي آسيا وأوروبا، تتجلى جورجيا بوصفها واحدة من أبرز الوجهات السياحية التي تجمع في طياتها ثراء الطبيعة، وعمق التاريخ، وأصالة الإنسان، حيث تتعانق الجبال الشاهقة مع الأنهار المتدفقة، وتنتشر الغابات الكثيفة والينابيع المعدنية، وتتجاور المدن الحديثة مع الأزقة القديمة التي تحمل عبق القرون الماضية.

وبدعوة إعلامية من الإدارة الوطنية للسياحة في جورجيا، أُتيحت فرصة استثنائية لاكتشاف هذا البلد عن قرب، والاطلاع على ملامح تنوعه الجغرافي، وغناه الحضاري، ودفء ضيافته التي تُعد من أبرز سمات الشخصية الجورجية، إلى جانب التعرّف على ثقافته، ومطبخه التقليدي، وإرثه التاريخي العريق.

انطلقت الرحلة من العاصمة تبليسي مع الوصول إلى مطارها الدولي، حيث بدأت أولى محطات البرنامج بزيارة كنيسة ميتيخي التاريخية، التي شُيدت في القرن الخامس الميلادي بأمر من الملك فاختانغ غورغاسالي، والتي تتربع على منحدر صخري يطل على نهر متكفاري في مشهد يجمع بين جلال المكان وروعة الطبيعة. واستُكملت الجولة بزيارة قلعة ناريكالا التي تعلو المدينة وتحرسها منذ قرون طويلة، حيث أتيح للزوار الاستمتاع بمشهد بانورامي شامل للعاصمة وأحيائها القديمة ومعالمها الحديثة. ثم جاءت محطة شارع شاردين، أحد أقدم شوارع تبليسي وأكثرها حيوية، والذي تحوّل إلى مركز نابض بالمقاهي والمعارض الفنية والمطاعم، قبل الانتقال إلى منطقة الحمامات الكبريتية في حي ليغفتاخيفي العريق، حيث تتصاعد أبخرة المياه الساخنة من القباب المبنية بالطوب الأحمر في مشهد تاريخي فريد، يعكس هوية تبليسي القديمة ويمنح المكان بعدًا إنسانيًا وحضاريًا خاصًا.

وفي اليوم التالي، توجّه الوفد الإعلامي إلى مدينة أخالتسيخه في إقليم سامتسخي–جافاخيتي، وهي مدينة تاريخية تقع في الجنوب الغربي من جورجيا، وتُعد من أبرز المدن التي احتضنت تعاقب الحضارات. وكانت الزيارة الأبرز إلى قلعة راباتي، التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن التاسع الميلادي، والتي خضعت لعمليات ترميم شاملة أعادت إليها رونقها التاريخي، لتتحول اليوم إلى معلم سياحي وثقافي بارز يجسّد التعايش الحضاري بين الثقافات المختلفة، ويضم في أروقته وساحاته نماذج معمارية تجمع بين الطابعين الإسلامي والمسيحي.

ومن عبق التاريخ، انتقلت الرحلة إلى عمق الطبيعة في منتجع سايرمي الجبلي الصحي، الواقع في غرب جورجيا على ارتفاع يقارب تسعمائة وخمسين مترًا فوق مستوى سطح البحر، وسط غابات كثيفة وبيئة طبيعية نقية. ويُعد هذا المنتجع من أقدم الوجهات العلاجية في البلاد، حيث يحتوي على عدة ينابيع معدنية تختلف في تركيبتها وخصائصها العلاجية، وقد ذاع صيته منذ القرن التاسع عشر بوصفه مقصدًا للاستشفاء والعناية بالصحة.

وشملت الزيارة جولة داخل المنتجع، والاطلاع على منظومة توزيع المياه المعدنية، وتجربة تذوق مياه سايرمي ذات الفوائد الصحية المتعددة، إلى جانب ممارسة نشاط الرماية في أحد الميادين المخصصة، في تجربة جمعت بين الترفيه والتركيز والانضباط.

كما شهد البرنامج تجربة الانزلاق الهوائي عبر أطول مسار من نوعه في منطقة جنوب القوقاز، بطول يصل إلى ثمانمائة متر، حيث انطلق المشاركون من أعالي الجبال محلقين فوق الغابات وحدائق المنتجع في تجربة مليئة بالإثارة، عكست الجمال الطبيعي والتنوع البيئي الذي تتميز به جورجيا.

وفي واحدة من أكثر محطات الرحلة إبهارًا، تمت زيارة كهف بروميثيوس، الذي يُعد من أغنى وأجمل الكهوف في أوروبا، حيث يمتد المسار السياحي داخله لأكثر من ألف متر، متخللًا شبكة من القاعات الطبيعية التي يبلغ عددها ست عشرة قاعة، تتزين بتكوينات صخرية مذهلة من الهوابط والصواعد، إلى جانب الأنهار والبحيرات الجوفية، التي أضفت على المكان طابعًا جماليًا فريدًا يعكس عظمة التشكيلات الطبيعية عبر آلاف السنين، كما أتاح الكهف للزوار تجربة الإبحار بالقوارب داخل مياهه الجوفية في مشهد استثنائي قلّ نظيره.

واختُتمت الرحلة بالعودة إلى العاصمة تبليسي، حيث خُصص وقت حر لاستكشاف المدينة ومرافقها وأسواقها، قبل الانتقال في اليوم الأخير إلى المطار وفق مواعيد الرحلات الجوية، بعد جولة سياحية وإعلامية متكاملة كشفت عن الوجه الحقيقي لجورجيا بوصفها دولة تجمع بين التاريخ العريق، والطبيعة الخلابة، والتنوع الثقافي، والضيافة الإنسانية الراقية، لتؤكد مكانتها كوجهة سياحية واعدة على خارطة السياحة العالمية.













 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

راموس يرحل عن مونتيري المكسيكي ويبحث عن وجهة جديدة

أكد النجم الإسباني سيرخيو راموس أنه لن يجدد عقده مع مونتيري المكسيكي في عام 2026 بعد انضمامه إليه في فبراير/شباط الماضي.

ويغادر راموس (39 عاما)، حامل لقب كأس العالم 2010، والمتوّج بدوري أبطال أوروبا 4 مرات مع ريال مدريد، بعد خروج فريقه من نصف نهائي البطولة الشتوية في الدوري المكسيكي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أحلام كبيرة لدى المنتخبات الأقل حظا في كأس العالمlist 2 of 2مواجهة الأرجنتين والجزائر تعيد الذكريات بين سكالوني ومدربه بيتكوفيتشend of list

وينظم الدوري المكسيكي، على غرار العديد من دول أميركا اللاتينية، بطولتين في العام الواحد: بطولة افتتاحية وأخرى ختامية.

وقال راموس، في تصريحات للتلفزيون المكسيكي عقب الخسارة أمام تولوكا، "نعم، هذه آخر مباراة لي".

وكانت الصحافة ذكرت الأسبوع الماضي أن راموس قرر عدم تمديد عقده مع "رايادوس"، والذي ينتهي نهاية الشهر الجاري.

ولم يكشف راموس عن خطوته المقبلة، لكن تقارير صحفية أشارت إلى أنه يأمل في العودة إلى أحد الأندية الأوروبية، بهدف الترشح للمشاركة في كأس العالم 2026 مع منتخب إسبانيا.

وكان المدافع الإسباني قد وقّع لمونتيري في فبراير/شباط الماضي، وخاض معه 27 مباراة سجل خلالها 6 أهداف، بينها 4 مباريات في كأس العالم للأندية في يوليو/تموز الماضي، حيث خرج الفريق من الدور ثمن النهائي أمام بوروسيا دورتموند الألماني.

مقالات مشابهة

  • تقارير تكشف وجهة محمد صلاح حال رحيله عن ليفربول
  • الغردقة ضمن أفضل وجهات شمس الشتاء لعام 2025
  • راموس يرحل عن مونتيري المكسيكي ويبحث عن وجهة جديدة
  • صالون نفرتيتي الثقافي .. "الدماطي ": مصر غنية بمتاحفها وكنوزها أثرية لا تُقدر بثمن
  • تكليف لجنة فنية للمرور والمعاينة على الطبيعة لمواقع انشاء المشروعات الاستثمارية بالدقهلية
  • الكشف عن أفضل مدينة سياحية في العالم.. وجهة أوروبية في الصدارة
  • «وما بعد».. هذه هي تحولات الطبيعة
  • «طيران ناس» يحتفل بتدشين رحلاته المباشرة بين المدينة المنورة وبغداد
  • "حدائق" توضح حقيقة الصور المتداولة لتدريب الأفيال في جورجيا