رحيل فنان الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية عن عمر يناهز 79 عاما
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
توفي الفنان الشعبي المصري أحمد عدوية مساء أمس الأحد عن عمر يناهز 79 عاماً، بعد مسيرة فنية أثرت بشكل كبير في الأغنية الشعبية المصرية. وأعلن نبأ الوفاة ابنه الفنان محمد عدوية عبر حسابه الرسمي على موقع فيسبوك، حيث نشر صوراً تجمعه بوالده، وكتب: "الله يرحمك يا بابا، رحم الله طيب القلب، حنون القلب، جابر الخواطر".
وفي بيان لها، وصفت نقابة المهن الموسيقية في مصر أحمد عدوية بأنه "أحد أعمدة الأغنية الشعبية في مصر، وواحد من أبرز الأصوات التي نجحت في التعبير عن نبض الشارع المصري". وأضافت النقابة أنه "بصوته العذب وألحانه البسيطة القريبة من القلب، استطاع أن يحجز مكانة خاصة في قلوب الملايين، وقدم أغنيات خالدة أصبحت رمزاً لفترة ذهبية في تاريخ الفن الشعبي".
وأصبحت أغانيه جزءاً لا يتجزأ من التراث الفني المصري، مما جعله أحد أبرز الأسماء التي تركت بصمة لا تُنسى في عالم الأغنية الشعبية.
نعى عدد من الفنانين والشخصيات البارزة الفنان الشعبي الراحل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّروا عن حزنهم لفقدان أحد أبرز الأصوات التي شكلت تاريخ الأغنية الشعبية المصرية. وقال عبد الرحيم كمال، السيناريست والروائي، في منشور على فيسبوك: "ليس مجرد صوت شعبي جميل، ولكنه علامة مهمة من علامات الطرب الشعبي في مصر".
بدوره، كتب المغني الشعبي حكيم على فيسبوك: "الله يرحمك ويغفر لك يا للي كنت السبب في حبي للفن.. اتربيت على سماع أغانيك وجمال صوتك وحلاوة وبساطة أدائك. مع السلامة يا عم أحمد عدوية".
جاءت هذه التعليقات لتؤكد مكانة أحمد عدوية الفريدة في قلوب الجماهير والفنانين على حد سواء، حيث ترك إرثاً فنياً غنياً جسّد روح الشارع المصري وأصبح جزءاً لا يتجزأ من التراث الفني العربي.
عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية
يُذكر أن عدوية، الذي وُلد في 26 حزيران/ يونيو 1945، تميز بأغانيه التي جمعت بين الكلمات البسيطة والإيقاعات الجذابة، مما أكسبه شعبية واسعة منذ ظهوره في سبعينيات القرن الماضي. ومن بين أشهر أعماله التي تركت بصمة كبيرة في تاريخ الغناء الشعبي المصري أغنية "السح الدح إمبو" و"زحمة يا دنيا زحمة"، اللتان أصبحتا علامتين فارقتين في مسيرته الفنية الحافلة.
واجه الفنان الراحل في بداية مشواره الفني انتقادات لاذعة، لكنه حظي بدعم كبير من الموسيقار الراحل بليغ حمدي، الذي لحن له أغنيتين من أشهر أعماله، وهما "القمر مسافر" و"ياختي اسملتين"، بالإضافة إلى أعمال أخرى ساهمت في تعزيز مكانته الفنية. كما وصفه الأديب العالمي نجيب محفوظ بأنه "مغني الحارة"، مما يعكس قدرته على تجسيد روح الشارع المصري في أغانيه.
تمكّن عدوية من توسيع نطاق شهرته ليصل إلى العالمية، حيث قدم حفلات في أوروبا والولايات المتحدة ودول الخليج. كما كان صديقاً مقرّباً للعديد من الفنانين البارزين، مثل محرم فؤاد وشريفة فاضل وإسعاد يونس وعزت العلايلي وعادل إمام.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي من هنا وهناك المرأة والأسرة حول العالم حول العالم المصري عدوية مصر عدوية الاغنية الشعبية حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم حول العالم من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأغنیة الشعبیة أحمد عدویة
إقرأ أيضاً:
القاديانية.. 135 عاما من الجدل حول النبوة والانتماء للإسلام
في زمن كانت فيه الهند تعيش تحوّلات سياسية ودينية تحت وطأة الاستعمار البريطاني، بدأ اسم "ميرزا غلام أحمد" يتردّد في المجالس والرسائل والصحف المحلية.
فهو رجل من قرية قاديان تحدّث عن رؤى روحية، وتبنّى دعوة دينية قال إنها تجديد للإصلاح، وسط مناخ تتعدد فيه الأصوات والمذاهب.
ومع مرور السنوات، تحوّلت أقوال غلام أحمد إلى حركة منظّمة، التفّ حولها عدد من الأتباع، وأخذت تتبلور معالم جماعة دينية جديدة، تُعرَف اليوم باسم القاديانية وتسمي نفسها "الجماعة الإسلامية الأحمدية".
وقد اختلف الناس في النظر إليها منذ بدايتها، فبينما رأى أتباعها فيها تجديدا دينيا داخل الإطار الإسلامي، أصدر علماء المسلمين بمرجعياتهم المختلفة فتاوى عديدة نصت على أن أتباع هذا المذهب "خارجون عن الإسلام".
ومع اتساع انتشارها، لم يظل الخلاف فكريا فقط، بل ظهرت له تجلّيات اجتماعية وقانونية في أكثر من مكان.
تجاوزت هذه الجماعة حدود الجغرافيا، ووصلت إلى بلدان مختلفة، لكن الأسئلة ظلت ترافقها: من هم؟ ماذا يقولون؟ ولماذا يحيطهم هذا الكمّ من الجدل؟ ومع أن الزمن تغيّر، فإن صورتهم ما زالت تُقرأ بعيون مختلفة، بين مَن يرى فيهم جماعة دينية لها خصوصيتها، ومن يضعهم خارج دائرة الانتماء العقدي.
في إحدى قرى البنجاب الهندية، خلال فترة حساسة من تاريخ الهند، وُلِد ميرزا غلام أحمد عام 1835 وفق ما يقوله أتباعه، وينتمي غلام أحمد لعائلة تعود أصولها إلى مغول خراسان، وكانت تُعرَف بمكانتها الاجتماعية، لم تكن نشأته دينية تقليدية فقط، بل ترافقها تأملات فكرية ورحية تبلورت لاحقا في دعوة أثارت الانتباه، ثم الجدل.
بحلول عام 1889، أعلن غلام أحمد تأسيس جماعة دينية جديدة، عرّف نفسه فيها على أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود، وجذب من حوله أتباعا آمنوا برسالته.
إعلانووفق موسوعة الجزيرة نت فقد ادعى ميرزا غلام أحمد النبوة وزعم أن الله تعالى أوحى إليه "الكتاب المبين" الذي يحتوي على "عشرة آلاف آية"، واعترف في الوقت نفسه -لكن على طريقته- بأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) "هو خاتم الأنبياء لكنه ليس آخرهم"، كما أنه يقول إن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) كان "نبيا مشرِّعا" أما هو فـ"نبي غير مشرِّع".
كما ادعى أنه جاءه "الوحي" من الله بتأسيس جماعته لـ"تجديد الإسلام بعد ما اعتراه من جمود وإغلاق لباب الاجتهاد"، معتبرا أنه هو المسيح الموعود والإمام المهدي المنتظر ومجدِّد رأس القرن الرابع عشر الهجري.
وقد وضع في شرح أفكاره عشرات المؤلفات منها كتاب "التذكرة" الذي تضمن "الوحي والإلهام" الذي ادعى هبوطه عليه من السماء.
بعد وفاة الميرزا غلام مؤسس الجماعة عام 1908، انقسمت الجماعة في سنة 1914 إلى فرعين رئيسيين جماعة "قاديان" التي تمثل الأغلبية، و"الحركة الأحمدية في لاهور"، بسبب خلافات عقائدية وتنظيمية، حيث ترفض الجماعة الأحمدية اللاهورية نبوة ميرزا غلام وتعتبره مجددا ومصلحا دينيا فقط.
استمر نظام "الخلافة الأحمدية" الذي تعاقب على قيادته خمسة خلفاء، وآخرهم ميرزا مسرور أحمد المقيم في لندن، مما يؤكد استمرارية التنظيم والقيادة المركزية للجماعة حتى اليوم، حسب الموقع الخاص بهم.
خاتم النبيين وليس آخرهمتقدم الجماعة نفسها كحركة إصلاحية تجديدية داخل الإسلام، تؤمن بأن الإسلام لا يزال حيا ويحتاج إلى تجديد يعيده إلى نقائه الأول، معتمدة على القرآن الكريم كمرجع أعلى فوق كل تفسير أو تقليد.
في عقيدتهم، أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هو "خاتم الأنبياء" بمعنى أنه الأكمل والأفضل، أو بمعنى آخر الأنبياء الذين جاؤوا بشريعة، حيث يؤمنون بإمكانية وجود نبوة تابعة تحت حكم شريعته.
أما في ما يخص المسيح بن مريم الذي وعد النبي محمد بنزوله آخر الزمان، فترى الجماعة أنه لن يرجع جسديا كما هو معتقد عند المسلمين عموما، بل مات ميتة طبيعية ودُفن في كشمير، وأن قبره موجود بالفعل هناك، وأن نبوءة مجيء مسيح آخر الزمان قد تحققت في شخص ميرزا غلام أحمد الذي جاء ليجدد الدين ويصحح المفاهيم الخاطئة.
من الناحية العملية، تشدد الجماعة الأحمدية على سلمية دعوتها ونبذها للعنف، وأن شعارها المعلن هو "الحب للجميع ولا كراهية لأحد"، وترفض الخروج على الحكومات، كما تؤمن بحرية الاعتقاد وترى أن تغيير الدين لا يستوجب القتل إلا في حالات العداء والتحريض.
ويقول مؤسس الطائفة في إحدى رسائله إلى الحاكم الإنجليزي في الهند سنة 1898 "لقد ظللت منذ حداثة سني -وقد ناهزتُ الآن الستين- أجاهد بلساني وقلمي لأصرف قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية والنصح لها والعطف عليها، وأنفي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جُهال المسلمين، والتي تمنعهم من الإخلاص للإنجليز".
إعلانوأضاف "أنا مؤمن بأنه كلما كثر عدد أتباعي قلَّ شأن الجهاد، إذ يلزم من الإيمان بي وبأني مسيح أو مهدي إنكار الجهاد، وقد ألفت كثيرا في تحريم الجهاد ضد الإنجليز الذين أحسنوا إلينا، والذين تجب علينا طاعتهم بكل إخلاص".
وحسب تقديرات منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يُقدّر عدد أتباع الطائفة الأحمدية في العالم بنحو 20 مليون شخص، معظمهم في الهند وباكستان ودول غرب أفريقيا مثل غانا وبوركينا فاسو وغامبيا.
وعن وجودهم في العالم العربي، يقول الخبير في الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية إن انتشارها يبقى محدودا إلى حد كبير، وظهورها يتم غالبا بطريقة خفية وغير علنية، مما يعكس طبيعة الجدل المستمر وعدم قبولها بشكل واسع بين المسلمين العرب، ويساهم هذا الانتشار المحدود في استمرار الجدل وعدم وضوح موقف المجتمعات العربية تجاه الجماعة.
منذ تأسيسها أواخر القرن التاسع عشر، أثارت الطائفة جدلا واسعا داخل العالم الإسلامي، خاصة بسبب مواقفها العقائدية المختلفة في بعض المفاهيم الأساسية، مثل ختم النبوة، وعودة المسيح، وبعض الأحكام الاجتماعية والدينية المرتبطة بالزواج والعبادات.
ويعد الخلاف حول مفهوم "ختم النبوة" من أبرز نقاط التباين، هذا التفسير أدى إلى خلاف واسع مع المؤسسات الإسلامية، مثل الأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي، وهيئات كبار العلماء، التي ترى أن هذا الموقف يُخالف العقيدة الإسلامية، وقد صدرت عنها فتاوى تُخرج الجماعة من ملة الإسلام.
في المقابل، يرى الأحمديون أن هذه المواقف تعود إلى ما وصفوه بـ"سوء فهم"، ويؤكدون أنهم مسلمون متمسكون بجوهر العقيدة، لكنهم يقدمون قراءة اجتهادية لبعض المفاهيم، مستندين إلى تأويل خاص للقرآن والحديث، يفسر ختم النبوة على أنه ختم للكمال والشريعة، وليس ختما زمنيا مطلقا.
في لقاء مع "بي بي سي" العربية، أوضح رفيق أحمد حياة، أمير الجماعة الأحمدية في المملكة المتحدة، أن الجماعة لا تُنكر الجهاد، بل تفهمه على أنه في جوهره جهاد النفس، وترفض استخدام العنف أو القتال إلا في حالة الدفاع.
كما أكد على إيمانهم بالله والنبي محمد والقرآن الكريم، واعتبارهم مكة والمدينة أماكن مقدسة، نافيا ما يُشاع عن "قدسية منطقة الربوة" في باكستان، واصفا إياها بأنها مجرد مركز حضري طورته الجماعة.
من جهة أخرى، يرى عدد من الباحثين في الفكر الإسلامي، ومنهم الدكتور إبراهيم بدوي، أن بعض المعتقدات الأحمدية، خصوصا المتعلقة بالنبوة، تمثّل خروجا عن النصوص القطعية في القرآن والسنة.
ويعتبر أن الاعتقاد بوجود نبي بعد محمد، حتى وإن لم يكن مشرعا، يناقض ما عليه إجماع الأمة، ويجعل من الجماعة كيانا منفصلا عن الإسلام التقليدي.
بدوره، يقول الخبير في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية، في حديث للجزيرة نت، إن النزاع بين الفرق والجماعات داخل الإسلام ليس جديدا، فهناك فرق وجماعات موجودة تاريخيا ومعترف بها، رغم الخلافات بينها. لكن الأحمدية تختلف عن هذه الجماعات لأنها نشأت حديثا وتفتقر إلى الجذور التاريخية التي تميز الفرق الإسلامية التقليدية، وهو ما زاد الشكوك حول شرعيتها وانتمائها للإسلام.
ويضيف أن تبني الأحمدية موقفا واضحا رافضا للجهاد، خلافا لما هو متعارف عليه في مذاهب السنة والشيعة الذين يرون الجهاد حقا وواجبا في حالات معينة، أثار جدلا واسعا واعتبره كثيرون خروجا عن الإسلام.
إلى جانب الخلاف العقائدي، يبرز أيضا الاختلاف في الممارسات الدينية، ومنها ما يتعلق بالصلاة والزواج، وهي ممارسات تُعبّر عن مدى التداخل أو الانفصال بين الأحمديين وباقي المسلمين في الحياة اليومية، على حد تعبير أبو هنية.
إعلانففي ما يتعلق بـالصلاة، تُظهر الوثائق المنشورة على موقع الجماعة الرسمي أن الأحمديين لا يصلون خلف أئمة غير أحمديين، معتبرين أن الصلاة خلف من لا يؤمن بميرزا غلام أحمد "باطلة وغير مقبولة"، حسب فتاوى صادرة عن علمائهم.
كما أن الجماعة تُحرّم على أتباعها الصلاة على موتى المسلمين من غير الأحمديين، ما يُعمّق الفجوة الروحية والشعائرية بينهم وبين بقية المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها.
أما في ما يخص الزواج، فإن الجماعة تُجيز زواج الأحمديين من غير الأحمديين نظريا، لكنها تقيّده بشروط دقيقة، مثل اشتراط موافقة مركز القيادة الدينية (الخلافة)، وتشجّع على الزواج داخل الطائفة حفاظا على الانسجام العقائدي.
وتشير نصوص صادرة عن علماء الأحمدية في كتاب "فقه المسيح" إلى موقف صارم من قضية تزويج الفتيات لأشخاص ليسوا من داخل الجماعة، مؤكدين أن تزويج البنت لغير أحمدي مرفوض، ويُنظَر إليه على أنه قد يبعدها عن الانسجام العقائدي والاجتماعي داخل الجماعة، ويُعد مخالفة للتوجيه الرسمي.
ويعلّق الدكتور إبراهيم بدوي، الباحث المتخصص في الفكر الإسلامي، على هذه الجوانب العملية في حياة الأحمديين، قائلا إن الاختلاف في مسائل الصلاة والزواج يعكس عمق الفجوة العقائدية بين الجماعة وبقية المسلمين، ويؤكد أن هذا ليس مجرد اختلاف في الطقوس، بل هو امتداد لخلاف جوهري في تعريف من هو "المسلم" في نظر الجماعة.
ويضيف أن تحريم الصلاة خلف غير الأحمديين، أو الامتناع عن الصلاة على موتاهم، يُشير إلى موقف عقدي واضح يفصل الجماعة عن محيطها الإسلامي، وذلك بسبب تكفيرهم لغير الأحمدي حتى لو كان من المسلمين، وليس فقط موقفا تنظيميا أو إداريا.
ومع ذلك، يشدد على أن التعامل مع هذا الواقع يتطلب وعيا دينيا وقانونيا دقيقا، يفرّق بين الحكم العقائدي وبين الحقوق المدنية والإنسانية التي يجب أن تكفل لكل إنسان، بغض النظر عن معتقده.
الخلاف العقدي تجاوز كونه نقاشا فكريا إلى أن يصبح عاملا يحفز تشريعات وتطبيقات رسمية تضع إطارا قانونيا لوجود الأفراد المنتمين لهذه الطائفة في عدة مجتمعات، مما يؤثر مباشرة على حياتهم اليومية وحرياتهم الأساسية.
في باكستان، يعد النموذج الأكثر وضوحا لتحول الخلاف العقائدي إلى قاعدة دستورية وقانونية للتمييز، إذ أُدخل تعديل دستوري عام 1974 يخرج الأحمديين رسميا من دائرة المسلمين، ثم أتبعت بقوانين جزائية تحظر عليهم التظاهر بالإسلام، وتجبرهم على التنصل من معتقداتهم للحصول على وثائق رسمية مثل بطاقات الهوية أو جوازات السفر.
يختلف المشهد في الهند، فالأحمديون محميون قانونيا باعتراف قضائي يعدّهم مسلمين (أحكام محاكم عليا عدة أكدت ذلك)، مما يتيح لهم حرية العبادة رسميا. لكنهم يواجهون رفضا اجتماعيا من بعض التيارات الإسلامية التقليدية، إذ تلغى أحيانا فعالياتهم أو تُمنع لقاءاتهم العامة تحت ضغوط احتجاجية، وتطرأ حوادث عنف معزولة تستغل الفوارق الطائفية، رغم الحماية القانونية المتوفرة.
هذا التناقض بين الاعتراف الرسمي والضغوط الاجتماعية، وفقا لخبراء، يجعل كثيرين منهم يتجنبون الظهور العلني أو تقليل نشاطاتهم الجماعية رغم الحق القانوني في ممارسته.
على الصعيد الدولي في دول المهجر، تستفيد الجماعة من أطر الحريات الدينية في دول تُقرّ حق تنظيم المساجد والمؤسسات التعليمية والخيرية. إذ تنشط قياداتها في مخاطبة منظمات حقوق الإنسان لتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها أعضاؤها، وتعمل على بناء مساجد ومراكز ثقافية ومدارس ومستشفيات مفتوحة أحيانا للجميع، بهدف تعزيز التفاهم وكسر الصور النمطية.
تبقى الأحمدية واحدة من الجماعات التي تثير جدلا في العالم الإسلامي، بين من يراها تيارا إصلاحيا يسعى إلى قراءة جديدة للتراث، ومن يعتبرها خروجا واضحا عن ثوابت العقيدة.
وعلى الرغم من تعدد المواقف تجاهها، فإن واقع الجماعة يطرح تساؤلات أعمق حول حدود الانتماء الديني، ومكانة الاختلاف في المجتمعات الإسلامية، وكيفية الموازنة بين القناعات الدينية والحقوق المدنية.
وبين الثوابت العقائدية والضغوط السياسية والاجتماعية، تظل الأحمدية نموذجا معقّدا لاختبار العلاقة بين الدين والتأويل والانتماء.