الاتجاهات العالمية لعام 2025
تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT
مرَّ العالم خلال العام المنصرم بالعديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي أثَّرت على المجتمعات خاصة على المستوى الثقافي في كثير من المناحي، التي ظهرت في الاستجابات التفاعلية مع المتغيرات التقنية، وتطورات برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، إضافة إلى التحوُّلات في قدرتها على التنمية وإمكانات القبض على إيجابيات تلك المرحلة المتسارعة.
إن العديد من تلك المتغيرات ظهرت بوصفها مرحلة انتقالية مهمة، عبَّرت عن إمكانات المجتمعات، واستعدادها لمواجهة مرحلة التحوُّلات السياسية والاقتصادية والبيئية، والقدرة على تخطي الأزمات بمرونة، ولهذا فإن عام 2024 بما شهده من أحداث سياسية مهمة على مستوى الحروب والإبادة التي تشنها إسرائيل على فلسطين والحرب الروسية الأوكرانية من ناحية، والأزمات في السودان واليمن وسوريا وغيرها، إضافة إلى الانتخابات في الدول الكبرى وما أحدثته من تحولات وما قد تحدثه من تغييرات على كافة المستويات خاصة الاقتصادية منها، فإن عام 2025 ينتظر العديد من التحديات التي يمكن أن تشكِّل أزمة على المستوى العالمي؛ والتي تلقي بظلالها على المجتمعات من حيث إمكاناتها الاقتصادية والاجتماعية، واستعدادها لإيجاد سيناريوهات قادرة على الصمود إذا ما ازدادت تلك الأزمات حدة.
يركِّز تقرير (الاتجاهات العالمية لعام 2025. عالم متحوُّل)، على تحفيز التفكير الاستراتيجي للمستقبل، بناء على تلك التحديات والتحوُّلات، والعوامل التي تدفع القطاعات التنموية في الدول، وكيفية التفاعل معها بطريقة إيجابية، من أجل الاستفادة من قدراتها، وتمكين المجتمعات من الصمود في وجه المتغيرات من خلال مهارات المرونة، فالتقرير يستعرض الدوافع التي تشكِّل تحديا مثل (العولمة، والديموغرافيا، وصعود القوى الجديدة، وتدهور بعض المؤسسات الدولية، وتغير المناخ، والجغرافيا السياسية للطاقة، وغيرها)، بُغية توليد فرص لصُنَّاع القرار لاتخاذ أفضل السُبل الممكنة تجاه تلك التحديات.
لذا فإن التقرير يرصد حالات التجاذب الاقتصادي بين الغرب والشرق، وتلك التحولات الأخيرة في النمو الاقتصادي التي انعكست على أسعار النفط والسلع في العالم، وبالتالي على الصناعات الخدمية بشكل خاص، والدور المحوري الذي تقوم به الصين وما تشكله من ضغط اقتصادي سيقودها إلى المقدمة خلال السنوات العشرين القادمة باعتبارها (رائدة) اقتصاديا وعسكريا، إضافة إلى الهند التي تستمر أيضا في التمتع بنمو اقتصادي (سريع نسبيا، وتسعى جاهدة من أجل عالم متعدد الأقطاب).
هكذا يستمر التقرير في استعراض التجاذبات الاقتصادية المتوقعة بين دول العالم، وإمكانات التحولات في القوى الاقتصادية التي يمكن أن تشكِّل فرصا للبعض وتحديا للبعض الآخر من الدول، إضافة إلى ذلك فإن التقرير يكشف عن بعض التحديات المهمة التي ستنعكس مباشرة على أنماط حياة المجتمعات ليس للعام 2025 وحده بل لما بعده من أعوام؛ مثال ذلك الحديث عن (انخفاض عدد البلدان ذات الهياكل العمرية من الشباب)، والتي أطلق عليها (قوس عدم الاستقرار)؛ حيث بلغت أعداد الشباب في بعض البلدان 40% فقط، الأمر الذي يشكِّل تحديا مباشرا على الإنتاج الاقتصادي لتلك الدول، في حين تضخم أعداد الشباب في البعض الآخر.
إضافة إلى ذلك، فإن هناك تحديات تتعلَّق بالإمدادات المتاحة للموارد الأساسية (الطاقة والغذاء والمياه)؛ حيث يخبرنا أن (الطلب على الغذاء سيرتفع بنسبة 50% بحلول عام 2030، نتيجة لتزايد عدد سكان العالم، وارتفاع الثراء، والتحوُّلات في التفضيلات الغذائية)، الأمر الذي سيؤدي إلى إشكالات في وصول الإمدادات المتعلقة بالأغذية والمياه، وتفاقم تحديات التغيرات المناخية، وبالتالي فإن أكثر من (36) دولة حول العالم ستندرج بحلول 2025 ضمن الدول التي تعاني من ندرة الأراضي الزراعية أو قلة المياه العذبة.
وفي ظل تلك التغيرات والتحديات يحذِّر التقرير من إشكالات التعددات السياسية وما تنتجه من عنف وما أطلق عليه بـ(الجماعات الخبيثة)، التي تستغل الأوضاع السياسية والاقتصادية لتثير العديد من الإشكالات على المستويات الاجتماعية والثقافية، والصراعات الأيديولوجية المؤثِّرة في الشباب بشكل خاص، الأمر الذي يشكِّل تحديا أمام المجتمعات من أجل تبني التيارات المعتدلة القادرة على الانفتاح المتسامح، الذي يحتوي الشباب ويستوعب إمكاناتهم وقدراتهم ويوظفها توظيفا إيجابيا.
إن تلك التحديات والمتغيرات التي يشير إليها التقرير ليست بعيدة عنا، فما يحدث في العالم ينعكس علينا على المستوى الاقتصادي والبيئي، بل وحتى على المستويات الاجتماعية والثقافية؛ ذلك لأن الصراعات التي عانى منها العالم خلال الأعوام الماضية عامة، وعام 2024 بشكل خاص، وتلك الصراعات الاقتصادية والتقنية التي شكَّلت نزاعات القوى الاقتصادية والسياسية، كان لها الأثر المباشر أو غير المباشر على دول المنطقة كلها.
لذا فإن الدولة في تفكيرها الاستراتيجي ورؤيتها الثاقبة للمتغيرات المتلاحقة والمتسارعة التي يشهدها العالم، تدرك تلك السيناريوهات التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق المؤشرات التنموية، وتلك التي ستشكِّل تحديا خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي نجده واضحا في مؤشرات التخطيط والاستعداد سواء من خلال (ميزانية الدولة لعام 2025) أو من خلال الرؤية الحكيمة الداعية إلى دراسة تلك المتغيرات وسبر تأثيراتها على المستويات الاجتماعية والثقافية، أو من خلال العناية الفائقة بالقطاعات التعليمية والصحية، لما تشكِّله من أهمية في التصدي لتلك المتغيرات.
إن هذه العناية تعكس الرؤية الثاقبة للاتجاهات المستقبلية القائمة على التحولات الجيوسياسية من حيث التركيبات السكانية المتغيِّرة وانعكاساتها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية، والتوترات المقلقة بشأن الموارد الطبيعية ومفاهيم الإنتاج والاستهلاك التي أصبحت متغيِّرة بتغيُّر المجتمع، ومسارات انتقالاته الحضرية، وبالتالي فإن إيجاد التوازن بين تلك المتغيرات كلها، يحتاج إلى التشارك والتعاون والتطلُّع القائم على التخطيط الاستراتيجي.
ولأن العالم يتطلَّع إلى هذا العام بعين المراقب القلق بشأن المتغيرات خاصة الجيوسياسية والاقتصادية، فإن هذا الترقُّب يحتاج إلى الاستعداد لتلك الآثار الاجتماعية والثقافية التي تطال بلداننا، خاصة في ظل الانفتاح المتزايد، وتسارع التقنيات الحديثة وما تشكِّله من ثورات معرفية، وبالتالي فإن مؤسسات المجتمع المدني عليها أن تضطلع بدور محوري خلال هذه الفترة، من خلال ما تقدمه من مناشط وبرامج ومبادرات قادرة على فتح آفاق الوعي والفكر المتوازن من ناحية، وما يمكن أن تشكِّله من بيئة ثقافية قادرة على جذب الشباب وتوجيههم نحو الإبداع والابتكار من ناحية أخرى.
إضافة إلى ذلك فإن تلك المتغيرات والتحولاَّت الاقتصادية والاجتماعية تحتاج منَّا جميعا إلى فهم المرحلة من خلال ما يمكن أن يشكِّله التطوُّر التقني من فرص على مستوى الابتكار، وما يمكن أن تُحدثه تطبيقات الذكاء الاصطناعي من انفتاح في سوق الأعمال، الأمر الذي سينعكس على تلك السياسات والاستراتيجيات الخاصة بعالم الابتكار، والقدرة على المنافسة في هذا القطاع الحيوي؛ إذ يفتح أمام الشباب طاقات وقدرات ممكِّنة لتحقيق دعم تنموي في كافة القطاعات.
وإذا كان ما أحدثه عام 2024 من إمكانات وفرص تقنية قد أفاد منها الشباب، فإن تطوراتها المتسارعة ستشكِّل أفقا جديدا، سيكون لها الأثر الكبير على القطاعات كلها، خاصة تلك القطاعات المتعلِّقة بالإنتاج الغذائي، والتي تحتاج إلى الكثير من الانفتاح في الابتكارات والإبداعات، التي من شأنها أن تدعم عمل المؤسسات المختصة والمهندسين الزراعيين، والمختصين في المجال من أجل تيسير العمل وتعظيم نتائجه.
إن متابعة التطلعات العالمية لعام 2025، والتحديات التي يمكن أن يواجهها العالم خلال هذا العام، والفرص المتاحة للتطوير والتنمية، لا تفيدنا على المستوى التنموي وحسب بل أيضا تفتح المجال حتى للأفراد من أجل مواكبة تلك المستجدات، وتطوير العمل والمهارات بما يتوافق مع فرص العمل والإنتاج، والمشاركة الفاعلة في الارتقاء بالعمل التنموي في الدولة.
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصادیة والاجتماعیة الاجتماعیة والثقافیة التی یمکن أن على المستوى الأمر الذی إضافة إلى من ناحیة ل تحدیا من خلال لعام 2025 عام 2025 من أجل لات فی
إقرأ أيضاً:
جهود جهاز تنمية المشروعات بالشرقية خلال أكتوبر ونوفمبر 2025
واصل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بالشرقية، تعزيز دوره التنموي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2025، من خلال تنفيذ حزمة من المشروعات والبرامج الداعمة لشباب المحافظة، بما يسهم في دفع عجلة الاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة للأسر.
ويأتي ذلك في إطار توجيهات محافظة الشرقية الهادفة إلى تمكين الشباب اقتصاديًا، وتشجيعهم على إقامة مشروعات إنتاجية وخدمية ذات مردود تنموي واجتماعي مستدام.
وأكد المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية، أن الجهاز يعد أحد أهم الأذرع التنفيذية في دعم رواد الأعمال، من خلال توفير برامج تمويل ميسرة، وتقديم خدمات غير مالية تساعد في رفع مهارات الشباب وتطوير قدراتهم، مشيرًا إلى حرص المحافظة على تعظيم دور الجهاز في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في المناطق الأكثر احتياجًا.
وأوضح أن الفرع يعمل على توفير بيئة جاذبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يساهم في خلق فرص عمل حقيقية ودعم الاقتصاد المحلي.
وفي هذا السياق، استعرض وائل حامد مدير فرع جهاز تنمية المشروعات بالشرقية، حصاد إنجازات الفرع خلال الفترة المشار إليها، والتي عكست نشاطًا مكثفًا في مجالات التمويل والتدريب والدعم الفني وتقديم خدمات الشباك الواحد.
أولًا: الخدمات المالية
شهد شهرا أكتوبر ونوفمبر تمويل 738 مشروعًا صغيرًا ومتناهٍي الصغر بإجمالي تمويل بلغ 69 مليون و900 ألف جنيه، مما ساهم في توفير أكثر من 2296 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لشباب وأهالي المحافظة.
وتمثل هذه المشروعات قطاعات متنوعة تخدم احتياجات المجتمع المحلي وتدعم عملية التنمية في القرى والمراكز.
ثانيًا: الخدمات غير المالية
نفذ الجهاز عددًا من البرامج التدريبية المهمة التي تستهدف رفع قدرات الشباب وتزويدهم بمهارات سوق العمل، حيث تم تنظيم دورتين تدريبيتين في مجالات ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني والتدريب الفني، بإجمالي 90 مستفيدًا من الشباب والفتيات.
كما نظم فرع الشرقية معرضًا لعرض وبيع منتجات الشباب، شارك فيه 25 عارضًا، مما وفر منصة مهمة لفتح أسواق جديدة ودعم الصناعات الصغيرة.
وفي إطار دعم المصدرين الجدد، تم تسجيل 8 فرص تصديرية بقيمة إجمالية بلغت 2 مليون جنيه، إضافة إلى تسجيل 25 خدمة بالجهات الحكومية بقيمة 1.5 مليون جنيه، وتنفيذ 3 صفقات تكامل بقيمة مماثلة، بما يعزز التعاون بين أصحاب المشروعات لتحقيق التكامل الإنتاجي.
وشملت الإنجازات أيضًا إعداد 30 دراسة جدوى استرشادية لمساعدة الراغبين في إنشاء مشروعات جديدة، إضافة إلى ترشيح 7 مشروعات للحصول على دعم التصدير، وتنفيذ 8 ندوات تعريفية بعدد من مراكز المحافظة لنشر ثقافة العمل الحر والتعريف بالخدمات المتاحة لدى الجهاز.
ثالثًا: خدمات الشباك الواحد
واصلت وحدة الشباك الواحد تقديم خدماتها لتسهيل إجراءات التراخيص والشهادات، حيث تم تقديم خدمات متنوعة منها الرخص الدائمة والمؤقتة وشهادات التصنيف والمزايا لـ124 عميلًا، مما أسهم في تقليل الوقت والجهد على أصحاب المشروعات.
وتعكس هذه الإنجازات الدور المتنامي لجهاز تنمية المشروعات بالشرقية في دعم وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز دور الشباب في عملية التنمية الشاملة بالمحافظة.