باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
سنغافورة – توصل فريق من الباحثين في جامعة سنغافورة الوطنية (NUS) إلى طريقة جديدة لتخفيف الألم باستخدام الماء الثقيل (D₂O)، وذلك عبر تعديل مستقبلات TRPV1 المسؤولة عن إدراك الألم.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن هذه الآلية لا تقتصر على كونها فعالة في تخفيف الألم، بل تمثل أيضا بديلا آمنا وغير إدماني لأدوية المسكنات التقليدية.
وكشف الباحثون من جامعة سنغافورة الوطنية بالشراكة مع جامعة بكين، في الصين، عن رؤى جديدة حول “مستقبلات الفانيلويد المحتمل للمستقبلات العابرة 1” (TRPV1) ودورها في إدراك الألم. وتوضح نتائجهم كيف يمكن للمذيبات التأثير على إشارات الألم، ما يمهد الطريق لتطوير استراتيجيات إدارة الألم الأكثر أمانا وغير مسببة للإدمان.
ووفقا للفريق، فإن آلية تسكين الألم عبر المذيبات هي آلية يستخدم فيها العلماء جزيئات معينة، مثل الماء الثقيل (D₂O)، للتأثير على قنوات الأيونات في الجسم، يمكن أن تؤدي إلى تقليل أو منع إشارات الألم.
ويعد التحكم الفعال في الألم أمرا حيويا لتحسين جودة الحياة والرفاهية العامة. وتلعب قناة TRPV1 دورا أساسيا في اكتشاف الألم، حيث تتسع مسامها عند تنشيطها، ما يسمح بمرور الأيونات والجزيئات الأكبر. ومع ذلك، ظلت قدرة جزيئات الماء على اختراق قناة TRPV1 غير واضحة.
لتوضيح هذه المسألة، طور فريق البحث بقيادة البروفيسور شياوجانغ ليو من قسم الكيمياء في جامعة سنغافورة الوطنية جهاز استشعار نانوي متطور يمكنه التمييز بين الماء العادي (H₂O) والماء الثقيل، أو كما يسمى أيضا أكسيد الديوتريوم (D₂O). وسمحت هذه التقنية المتقدمة بتتبع ديناميكيات الماء في الوقت الحقيقي على مستويات الخلايا الفردية والجزيئات الفردية.
وأظهرت الدراسة أنه عندما مر الماء الثقيل (وهو ماء يحتوي على نظير ثقيل من الهيدروجين يسمى ديوتريوم رمزه الكيميائي D بدلا من الهيدروجين العادي) عبر قناة TRPV1، فإنه يثبط نقل إشارات الألم ويحقق تأثيرا مسكنا فعالا.
وأظهرت التجارب التي أجريت على النماذج ما قبل السريرية أن إعطاء الماء الثقيل أسفر عن تقليل انتقال الألم الحاد والمزمن الناتج عن الالتهاب دون التأثير على الاستجابات العصبية الأخرى.
وتوفر آلية تسكين الألم عبر المذيبات بديلا فعالا ومتوافقا حيويا وغير إدماني للأدوية التقليدية لتسكين الألم، متجاوزة مشكلات الاعتماد على الأدوية والتحمل.
وقال البروفيسور ليو: “هذا الاكتشاف لا يوسع الفهم العلمي لوظيفة قناة TRPV1 فحسب، بل يفتح أيضا آفاقا جديدة لإدارة الألم. ويهدف فريق البحث إلى استكشاف آثار الماء الثقيل على قنوات أيونية أخرى، ما قد يؤدي إلى تطبيق هذه الآلية لعلاج الحالات العصبية والتحديات الطبية الأخرى.”
وأضاف البروفيسور لوي: “تمثل آلية تسكين الألم عبر المذيبات اختراقا ابتكاريا في تخفيف الألم، مما قد يدفع إلى تطوير علاجات أكثر أمانًا وغير إدمانية للألم للاستخدام السريري.”
نشرت النتائج في مجلة Nature Biomedical Engineering.
المصدر: scitechdaily
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الماء الثقیل
إقرأ أيضاً:
من صفحات الرواية إلى غرفة العناية.. صنع الله إبراهيم سطور الإبداع تتوقف قليلًا في حضرة الألم
يمر الكاتب والروائي المصري الكبير صنع الله إبراهيم، أحد أبرز أعلام الرواية العربية المعاصرة، بأزمة صحية حادة منذ أسابيع، أعادت إلى الواجهة تساؤلات مؤلمة عن موقع الثقافة والمثقفين في أولويات الدولة المصرية، وتثير حالته الصحية التي تتسم بالتعقيد والحرج حالة من القلق الواسع بين الأوساط الثقافية في مصر والعالم العربي، خاصة في ظل ما تمثله هذه القامة الفكرية من ثقل في الوجدان الأدبي والسياسي العربي.
تفاصيل الأزمة الصحيةيعاني صنع الله إبراهيم، البالغ من العمر 88 عامًا، من عدة مضاعفات صحية متداخلة، أبرزها: كسر في مفصل الحوض، نزيف في المعدة استدعى نقل دم بشكل عاجل، مشكلات في الكلى والقلب وارتفاع ضغط الدم، ارتفاع في نسبة الصديد في البول، ما يعقد من احتمالات إجراء أي تدخل جراحي.
وقد دخل إبراهيم في حالة صحية حرجة نُقل على إثرها إلى معهد ناصر بالقاهرة، حيث يُشرف على علاجه فريق طبي متخصص، وسط محاذير طبية كبيرة بسبب التقدم في السن وتشابك حالته. وتشير المصادر الطبية إلى أن التدخل الجراحي - إذا تم - سيكون بالغ الخطورة.
استجابة الدولة: محاولة للإنقاذ أم رد فعل متأخر؟جاءت أولى الاستجابات الرسمية بعد موجة من المناشدات والمطالبات التي أطلقها مثقفون وكتاب وإعلاميون، أبرزهم الدكتور خالد منتصر، والشاعر الكبير فاروق جويدة، وفي تحرك بدا أنه جاء متأخرًا، زار وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو الكاتب في المستشفى، وأكد أن الوزارة تتابع حالته بالتنسيق مع وزارة الصحة.
كما تدخل وزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار لتأمين الرعاية الطبية المناسبة، بما في ذلك توفير فصيلة دم نادرة احتاجها الكاتب أثناء النزيف الحاد، وتتابع لجنة طبية تطورات حالته يوميًا، مع دراسة مقترح لتشكيل لجنة ثلاثية من قصر العيني وعين شمس ومعهد ناصر لتقدير جدوى التدخل الجراحي.
صنع الله إبراهيم: ذاكرة وطن ومثقف مقاوموُلد صنع الله إبراهيم عام 1937، ويُعد واحدًا من أهم الروائيين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، تميزت أعماله بجرأة سياسية كبيرة وقدرة نادرة على توثيق التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر والعالم العربي.
من أشهر أعماله: اللجنة، ذات، شرف، وردة، العمامة والقبعة، يوميات الواحات.
سُجن في بداية الستينات بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي، وهي تجربة دوّنها لاحقًا في روايته يوميات الواحات.
رفض جائزة الدولة التقديرية عام 2003 احتجاجًا على الوضع السياسي والثقافي، في موقف نادر يجسد نبل قناعاته.
حاز على جوائز دولية مرموقة مثل جائزة ابن رشد للفكر الحر (2004) وجائزة كفافيس للأدب (2017).
تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، ويمثل صوتًا ناقدًا للسلطة، لكنه منحاز دومًا للمجتمع والتنوير.
صنع الله إبراهيم ليس مجرد روائي؛ إنه ذاكرة وطن ومثقف ملتزم، عاش حياته منحازًا للناس، ومخلصًا لقيم التنوير، إن الأزمة الصحية التي يمر بها اليوم يجب أن تكون جرس إنذار، ليس فقط لحالته، بل لحالة الثقافة في مصر، ومكانة مثقفيها في ضمير الدولة.
وبين أمل الشفاء وتقلّب الحالة الصحية، تبقى أمنية الوسط الثقافي أن يمر الكاتب الكبير من هذه الأزمة بأمان، وأن يلقى من الرعاية ما يليق برمز كبير لا يزال يشكل جزءًا حيًا من ضمير مصر المعاصر.