تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت مؤسسة "بيت الحكمة للثقافة" عن إعادة نشر النسخة العربية للرواية التاريخية النادرة "محمد علي" للكاتبة الألمانية كلارا موندت، التي كانت تكتب وقتها بالاسم المستعار "لويز مولباخ"، والتي صدرت لأول مرة في عام 1871، لتشارك ضمن إصدارات الدورة السادسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمقررة في الفترة من 23 يناير وحتى 5 فبراير المقبل بمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية.

هذه الرواية النادرة، التي تقع في 352 صفحة من القطع الكبير أحد أبرز الأعمال الأدبية في أوروبا عن محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، وقد نُشرت لأول مرة في القرن التاسع عشر، وكانت أوروبا في ذروة اهتمامها بشخصية محمد علي، الذي يُنظر له كأحد أعظم القادة الإصلاحيين في الشرق الأوسط. وقد ألّفت لويز روايتها استنادًا إلى الوثائق التاريخية والمصادر الأوروبية المتاحة في ذلك الوقت، وهي واحدة ممن لهم الريادة في الكتابة عن محمد علي وطرحه للجمهور الغربي بطريقة درامية مشوقة.

ونُشرت الرواية ضمن سلسلة روايات تاريخية قدّمتها مولباخ، تناولت فيها أهم الشخصيات التي أثرت في مجرى التاريخ العالمي، مثل: نابليون بونابرت وفريدريك العظيم. كما تعد رواية "محمد علي" وثيقة أدبية تسجل كيف كان يُنظر إلى الشرق الأوسط وشخصياته القيادية في القرن التاسع عشر. 

وعند نشرها لأول مرة، ألهمت الرواية الأوروبيين لفهم التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة، لا سيما في مصر، تحت قيادة محمد علي باشا. ومنذ صدور ترجمتها العربية في عام 1907، ظلت الرواية طي النسيان. لكن اليوم، ندرك قيمتها الأدبية والتاريخية، ونقدمها من جديد لجمهور القراء، في وقت يحتاج فيه العالم إلى استلهام دروس القيادة من شخصيات تاريخية عظيمة.

يقول الناشر: "إننا الآن أمام دعوة لاستكشاف التاريخ من خلال الأدب، وفهم كيف كانت تُكتب السير العظيمة في الماضي، وما الذي تغير في سرد القصص اليوم. "محمد علي" يعود الآن في نسخة محدثة بعد أكثر من 150 عامًا، لأن التاريخ لا يُنسى.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: رواية رواية نادرة محمد علي محمد علی

إقرأ أيضاً:

صوت من البعيد «10»: الترحيل في رواية «ثلاثية غرناطة» لرضوى عاشور

عديدة هي الروايات التي تناولت سقوط الأندلس، وحكايات أناسها، وطرق التعذيب التي طالتهم فـي محنتهم أو أخبار خروجهم منها، من هذه الروايات رواية (ثلاثية غرناطة: 1998) لرضوى عاشور التي كتبتها بلغة تُعيد القارئ معها إلى التاريخ الأندلسي المفجوع بالسقوط والهزيمة والأمل حينها.

أظهرت الرواية إحاطة الكاتبة بالتاريخ والمكان الأندلسي والحياة الاجتماعية وتصويرها تصويرًا جيدًا داخل العمل السردي، كما أثارت الرواية إحساسًا كبيرًا بالفجائعي وإظهارًا مستمرًا للحزن كونه تقنية متولدة عن الأحداث والشخصيات التي يكسوها الظلم وفقدان الهوية والانكسار الزمني عبر أجيالٍ متلاحقة شهدت النكسة والسقوط والهزيمة.

فـي قراءتي لهذه الرواية -المشبعة بالحزن والانكسار- أجد أنّ الرواية تشتغل على الصراع كونه بؤرة ينطلق منها السرد فـي عملية التأثير فـي القارئ، ويتحدّد هذه الصراع فـي مواجهة غير متكافئة بين سلطة مهيمنة تمتلك السلاح والعتاد والقوة فـي مواجهة فئة تفتقر لأدوات الصراع مع الآخر، وتستمد عملية الصراع قوتها بين الطرفـين من الاستناد إلى القوانين والقوة فـي عملية التنفـيذ، فـيظهر الترحيل كونه سلاحًا يستخدمه المسيطر فـي الإخضاع.

وهنا نجد أن الرواية قد ركزت فـي عملية الصراع على الترحيل القسري الممنهج تجاه عرب الأندلس كونهم خونة فـي نظر الآخر، فتصفهم الرواية بناء على ذلك قائلة: «المقدّمة المعتادة عن خيانة عرب البلاد. بناء عليه تقرر ترحيلهم فـي غضون ثلاثة أيام إلى الثغور المحددة، والموت عقوبة المخالفـين». (ص489)

وقبل أن يكون الترحيل فعلًا قائمًا على الإبعاد والطرد القسريين بعيدًا عن الأوطان إلى موضع آخر يستخدمه المسيطر فـي إعلاء سلطته الفوقية، فهو فعل طمس وإلغاء؛ إذ يشير السرد فـي الرواية إلى طمس الهوية العربية والهوية الإسلامية والقيام بفعل التنصير والتعميد بالقوة، ومحاولة محو التعاليم الدينية واللغة العربية من حياة الإنسان الأندلسي، وإلصاق أسماء غير عربية ولغة أخرى وطقوس وتعاليم غير إسلامية، أفلا يأخذ ذلك نوعًا من الترحيل اللغوي والديني؟

يظهر فعل الترحيل واضحًا، فـي محاولة طرد الأندلسي خارج المكان الذي ألفه، وعاش فـيه، فـيلجأ الآخر إلى هذا الفعل فـي كل جزء من أجزاء الرواية الثلاثة، ففـي الجزء الأول المشار إليه بـ«غرناطة» نجد أن صورة الترحيل أو الخروج لم تكن واضحة للأندلسي؛ إذ ما زالت غرناطة تمثّل الانتماء الحقيقي له كإنسان رغم الصعوبات التي يواجهها والتضييق المستمر، ورغم أنّ الملكين الكاثوليكيين قد أصدرا أمرهما «بالتنصير القسري لكافة الأهالي ونُشِرَ المرسومُ وأذيع فـي الناس. كان على أهل غرناطة والبيازين الاختيار بين التنصير أو الترحيل» (ص 121)، و«مَنْ يرحل من غرناطة ويَعُدْ إليها يُحرم من ممتلكاته ويقبض عليه ويُبَعْ عبدًا فـي المزاد العلني» (ص123)، ورغم تلك التضييقات فإن العربي ما زال يرفض الفكرة مؤملًا نفسه بغدٍ أفضل، يُشير الحوار الآتي إلى ذلك:

«قال حسن: إنه لم يعد من الرحيل بُد، وإنه سيبيع بيت عين الدمع والبيت الذي يسكنونه فـي البيازين ويرحلون إلى فاس.

- أم أن لكم قولًا آخر؟

قالت أم جعفر: إنها لن ترحل فلم يبق من العمر مثل الذي فات.

لن أترك بيتي ولا أبا جعفر وحيدًا ينتظرني بلا طائل، سأبقى لأضع غصونًا خضراء على قبره حتى يأذن الله فألحق به.

- وتتنصرين يا جدتي؟

- لن أتنصر!

- وما العمل إذن؟ ما رأيك يا سعد؟

ظل سعد صامتًا، كان يفكر فـي مالقة التي تبتعد، حين تحمله السفـينة إلى عدوة المغرب تصير البيازين بعيدة ومالقة أبعد.

- الرحيل صعب ولكن ....

- إذن نرحل.

- نرحل.

قالت مريمة: لا نرحل، الله أعلم بما فـي القلوب، والقلب لا يسكن إلا جسده، أعرف نفسي مريمة وهذه ابنتي رقية، فهل يغير من الأمر كثيرًا أن يحملني حكام البلد ورقة تشهد أن اسمي ماريا وأن اسمها أنّا، لن أرحل لأن اللسان لا ينكر لغته ولا الوجه ملامحه». (ص121-122)

تظهر الشخصيات مع قرار الترحيل متوترة، ليس لها رأي محدّد، والأحداث تتصاعد إلى درجة يبدو واضحًا فـيها الرفض والتحايل على القرار نفسه.

فـي الجزء الثاني من الرواية المشار إليه بعنوان «مريمة» يصدر القرار بترحيل رجال البيازين و«كل من يزيد عمره على أربعة عشر عامًا ويقل عن الستين، فلا يبقى منهم إلا مَنْ ترى السلطات مصلحة فـي بقائه، أو مَنْ يحصل على تصريح منها بذلك». (ص336) فكان الخروج من غرناطة إلى قرطبة، لنجد السرد هنا يقدم صورة عن ترحيل الناس فـي جماعات من وطنهم الذي ولدوا فـيه إلى موضع آخر.

يقدم السرد لنا صورة حزينة قاتمة للشخصيات وانكسارها لحظة الخروج، ومعه تُسلم (مريمة) روحها إلى بارئها، وكأنّ مريمة هنا صورة لعلاقة الارتباط القائم بين الإنسان والمكان، فما أن يتجرد الإنسان من هويته وأرضه فإنّ روحه لا تستوعب حدثًا بهذه القوة، نجد ذلك فـي المشهد الآتي: «لم يتضايق علي من حمل جدته وإن أثقله بكاؤها المتصل، لا يسمعه ولا يراه، ولكنه يشعر بقطرات الدمع ساخنة على عنقه، تنفذ إلى ظهره فتسري قشعريرة فـي بدنه.

- لماذا تبكين يا جدتي، ألا تكفّين عن هذا البكاء؟!

لا تجيب، تواصل سكب الدموع.

فـي الليلة الرابعة أصابتها حمى أبقتها مستيقظة تئن، دثرها بالأحرمة الثلاثة وسهر بجوارها حتى الفجر، وعندما تحركت القافلة لم يحملها على ظهره بل حملها بين ذراعيه، يتطلع إلى وجهها فـيختنق بالرغبة فـي البكاء فـيحدق بعيدًا فـي جبل أجرد مشرف على الطريق.

فـي المساء سهر بجوارها ثلاث من نساء القافلة، ألححن عليه أن يتركها فـي رعايتهن وينام، ولما استؤنف السير فجرًا حملها بين ذراعيه، رآها فـي ضوء النهار شمعية وساكنة، مال برأسه على وجهها فلم يشعر بأنفاسها، هل ماتت؟ دفع الفكرة بعيدا، ضم جدته إلى صدره وانغلقت ذراعاه أكثر على جسدها الملفلف بالصوف، وواصل السير، ولكن جسدها كان ثقيلًا بين يديه لا يختلج بأية علامة من علامات الحياة، ماتت جدتك يا علي... ماتت مريمة فـي العراء.

واصل المشي كأن شيئا لم يحدث، ثم فجأة توقف، تمسمرت قدماه فـي الأرض وصاح بأعلى صوته: «ماتت جدتي !». (ص347)

يقودنا الترحيل هنا إلى استطالة السرد لقيام عليّ بخطة للهروب التي ستنقل القارئ إلى أمكنة جديدة وأحداث أخرى، وشخصيات مختلفة، يهرب علي عن المرحّلين، ويظلّ تائهًا فـي الجبال، ثم يعود إلى غرناطة وإلى داره، ثم يقضي سنوات من عمره فـي السجن، ثم يهرب مرة أخرى من غرناطة إلى بالنسية، هكذا تتحرك الأحداث فـي خطٍ مكاني مختلف باختلاف السرد المكاني الذي يظهر تأثيره فـي سير الرواية.

يتحرك الخط الزمني لشخصية عليّ سريعًا، وتمر فترة الطفولة بين ألم وحزن وأسئلة يحاول البحث عنها، فلا يجد نفسه إلا فـي عقده الخامس، وهو يواجه ترحيلًا جديدًا إلى خارج المكان الذي بدأ يألفه، بحجة خيانة عرب البلاد للملك، ورغم اعتراض بعضهم على القرار فإن الترحيل قرار تسير السلطة إلى تنفـيذه قسرًا على أن يترك الناس أرضهم ومنازلهم وزيتونهم فـي مشهد حزين يتكرر طوال الرواية باختلاف المكان.

تسير شخصية علي إلى نهاية الحدث المتشكل من الترحيل جامعة داخلها صورًا طويلة من الأحداث المكانية، لكنّ انتماءه إلى الأرض أقوى من أن يرحل عنها: «أيقظه صوت سفـينة مغادرة، لم يكن ما رآه سوى حلم، ماتت مريمة منذ زمان والعصافـير لا تسكن القبور، لابد إذن من الرحيل، كيف يبدأ المرء حياته وهو فـي السادسة والخمسين؟ لا زوجة لا أولاد يبددون وحشة الأرض الغربية، ولا قبر جدة ينمو فوق صندوقها بستان؟ لماذا يرحل إذن؟ قد يكون الموت فـي الرحيل وليس فـي البقاء، لابد أن يعرف معنى الحكاية وتفاصيلها وأيضًا ما فعله الأجداد، يلح عليه السؤال حارقًا فمن أين يأتي بالجواب؟! من الأرض الغربية أم من هنا؟ لعله يكون مطمورًا كالكتب المحفوظة فـي صندوق مريمة، سيبقى، قد يقبضون عليه ويحكمون بموته لمخالفة القرار، سيرحل، يحدق فـي ماء البحر، تشرد عيناه ثم ينتبه على صفارة عالية تؤذن بالرحيل.

قام علي، أدار ظهره للبحر، وأسرع الخطو ثم هرول ثم ركض مبتعدًا عن الشاطئ والصخب والزحام، التفت وراءه فأيقن أن أحدًا لم يتبعه، فعاد يمشي بثبات وهدوء، يتوغل فـي الأرض، يتمتم: لا وحشة فـي قبر مريمة!». (ص501)

تقدّم لنا رواية (ثلاثية غرناطة) صورة عن الترحيل القسري للشعوب، وكأنّ رضوى عاشور فـي تقديمها هذا الموضوع كانت تبحث عن الواقع فـي صفحات التاريخ، فالواقع يتكرر مقدمًا صورة مترابطة منذ التاريخ القديم والأقدم إلى الحاضر الذي نراه ملموسًا أمام ناظرنا اليوم، فالترحيل لدى المستبد طمس وإلغاء أكثر من كونه طردًا وإبعادًا.

خالد المعمري كاتب عماني

مقالات مشابهة

  • الدويري: صواريخ فتاح التي استخدمتها إيران في هجومها الأخير أكثر تطورا
  • الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
  • صلاة القلق.. رواية اللسان المقطوع
  • في ذكرى وفاة محمد متولي الشعراوي.. أبرز الفتاوى التي أثارت الجدل
  • بالرجاء نحيا.. المؤتمر التاسع لأسرة خدمة فرح وعطاء بالقاهرة
  • صوت من البعيد «10»: الترحيل في رواية «ثلاثية غرناطة» لرضوى عاشور
  • إعلان التاسع من يونيو 1969: ليست الحرب كل همنا
  • خالد طلعت: محمد هاني على أعتاب دخول التاريخ وتحطيم رقم حسين الشحات العالمي التاريخي
  • خريطة محدثة للمواقع التي تعرضت للضربات الإيرانية في إسرائيل والضفة الغربية
  • الآيباد أصبح يشبه الماك أكثر من أي وقت مضى.. فهل آن أوان نسخة 15 إنش؟