منذ آلاف السنين، ظل الجلد عنصرًا أساسيًا في حياة البشر، حيث تحوّل بيد الحرفيين إلى تحف فنية تحمل بصمات الإبداع والمهارة، فصناعة الجلود اليدوية ليست مجرد حرفة، بل هي فنٌ يعبر عن اللمسة الشخصية والذوق الرفيع، إذ يدمج الصانع بين تقنيات قديمة وأسلوب عصري، وكل قطعة جلدية تصنع يدويًا تصبح قصة جديدة، تروي تفاصيل لا تُرى في المنتجات الجاهزة، مما يجعلها الخيار الأمثل لمن يبحث عن التفرد والجودة في عالم يزدحم بالخيارات السريعة والمُصنعة.


 

ففي عالم يتسارع فيه التقدم التكنولوجي، تبرز بعض القصص التي تعيدنا إلى الجذور الحرفية، حيث تصنع الأيدي البشرية أشياءً لا يمكن أن يصنعها أي آلة، واحدة من هذه القصص هي قصة «تقي رؤوف»، تلك الشابة الثلاثينية التي تبلغ من العمر 37 عامًا، والتي قررت أن تبدأ حياتها لصناعة المنتجات الجلدية، حيث بدأت رحلتها بخطوات صغيرة، ولكن سرعان ما تحولت إلى مشروع كبير يُعبر عن إبداعها وحبها للفن اليدوي.

 

بداية النجاح


لم تكن بنت مدينة الزقازيق في محافظة الشرقية، قد خططت لهذه الرحلة، بل كانت مجرد محاولة شخصية في البداية، حينما بدأت بتعلم أساسيات صناعة الجلود، رغبًا منها في تحقيق حلم كانت قد حلمت به، ثم انتقلت إلى التجربة العملية في منزلها، فكانت تصنع الحقائب الصغيرة والمحافظ، ولكن مع مرور الوقت، اكتشفت أنها تمتلك مهارة فريدة في التعامل مع الجلود، وأن هذا المجال قد يكون أكثر من مجرد هواية، بعدما نشرت في أواخر عام 2018 صورًا علي مواقع التواصل الإجتماعي لمجموعة من منتجات الجلود تبرز موهبتها، الأمر الذي حظي بإعجاب متابعيها وطالبوها بالإستمرار .

ما يميز «تقي» فى صناعة منتجات الجلود اليدوية، هو إبداعها الفطري في التصميم، فهي لا تقتصر على تطوير التصاميم الموجودة في السوق، بل تسعى دائمًا لتقديم منتجات مبتكرة تمزج بين الطابع العصري واللمسة التقليدية، ففي كل قطعة تصنعها تتسم بالابتكار والتفرد، حتى أن بعض العملاء يطلبون منها تصميمات مخصصة وفقًا لاحتياجاتهم الخاصة، وتقول «تقي»: "أعتبر كل منتج أصنعه بمثابة منتج مختلف جدًا عن غيره، ويروي قصة لا يمكن أن تكررها أي آله".

استطاعت الشابة الثلاثينية، أن تحفر أسمها بحروف من نور في عالم صناعة المنتجات اليدوية من الجلود الطبيعية، وأصبحت قادرة على صنع منتجات مثل: “شنط - ومحفظة - وچواكيت - وسجاد - واكسسوارات - والعديد من المنتجات" بجودة تضاهي مثيلتها من المستوردة التي تغزو الأسواق.
 

التحديات التي واجهتها

لم يكن طريق «تقي» مفروشًا بالورود، مثل أي مشروع ناشئ، حيث واجهت العديد من التحديات التي كادت أن تُوقف مسيرتها، وكانت البداية صعبة، حيث كان من الصعب عليها إيجاد الخامات الجيدة بأسعار معقولة، بالإضافة إلى التنافس الشديد من المنتجات الجاهزة التي تغزو الأسواق، ولكنها صممت على أن تظل وفية لمبادئها، وحرصت على أن تبقى الجودة و التفرد هما الركيزتين الأساسيتين لمشروعها.


 

كما أن «تقي» واجهت العديد من الصعاب في بداية عشقها للجلود، حيث واجهها أزمة في كيفية توفير الوقت الكافي لممارسة موهبتها في عشق فنها، لكونها متزوجة ولديها من الأبناء سارة وتبلغ من العمر 14 عامًا، وياسمينا وتبلغ من العمر 9 سنوات .

النجاح والتوسع

على الرغم من تلك التحديات، استطاعت بنت مدينة الزقازيق، أن تبني اسمًا مميزًا في سوق المنتجات الجلدية، وبدأت أعمالها الصغيرة تتوسع تدريجيًا، لتصبح علامة تجارية بأسم «CUERO» تعرف بالتميز والجودة، ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي، استطاعت أن تصل إلى جمهور أوسع، وأن تكتسب قاعدة عملاء يقدرون قيمة الأعمال اليدوية، وتخطط لتوسيع نطاق أعمالها إلى أسواق أخرى.


 

ذاع صيت «تقي» فى الخارج، من خلال تصميماتها الحرفية الفريدة في صناعة منتجات الجلود اليدوية، واستطاعت تصدير منتجاتها إلي عدد من الدول، في إشارة لنجاح بنت الشرقية وثقل موهبتها .

الدعم والمساندة

الداعم الأكبر لبنت الشرقية، كان لوالدتها وشقيقتها، وزوجها وأصدقائها، الذين كانوا لا يتوانون جهدًا في مواصلة دعمها وحثهم لها علي الأستمرار والإيمان بموهبتها في صناعة المنتجات الجلدية اليدوية بطراز عصري وحديث يواكب مثيلتها من الصناعات الجاهزة.

 

نقل الموهبة للفتيات والسيدات

لم تكتفي ذات الـ 37 عامًا عند هذا الحد فقط، بل قررت نقل خبراتها وموهبتها للفتيات والسيدات وتعليمهم الحرفة من خلال ورش تعليمية، ليدر لهم دخلًا مناسبًا يساعدهم علي المعيشة من جهة، ولنشر الحرفة وحمايتها من الاندثار من جهة آخري، وفي ذات الوقت حرفة تساعدهم من خلال المنازل دون اللجوء للخروج من المنزل وتحمل مشقة ومتاعب فرص العمل في الخارج.

 

طموح العالمية

في المستقبل، تأمل «تقي» في أن تصبح علامتها التجارية واحدة من الأسماء الكبيرة في صناعة الجلود اليدوية في العالم وتضاهي البرندات العالمية، فطموحاتها لا تتوقف عند حد معين، فهي تخطط لتقديم تصاميم جديدة تشمل الأثاث المنزلي و الشنط والأكسسوارات الجلدية .

 

الآن «تقي رؤوف» أصبحت احد أهم النماذج الناجحة في محافظة الشرقية، نظرًا لما ضربته من دليل واضح علي تحقيق الذات ومواجهة الصعاب .

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجلود اليدوية المنتجات الجلدية الزقازيق محافظة الشرقية تقى الوفد المنتجات الجلدیة صناعة المنتجات فی صناعة من خلال

إقرأ أيضاً:

خبيرة: أمريكا وإيران يبحثان عن مخرج للوضع المتأزم حاليا

أكدت الدكتورة هدى رؤوف خبيرة الشئون الإيرانية والشرق الأوسط، أن الضربة الإيرانية على القواعد الأمريكية في قطر جاءت ردا على الضربة الأمريكية للمنشأت النووية في إيران.

أسامة عباس: اعتزلت التمثيل نهائياً.. ولو في دور قوي هرجع مرة تانيةالعراق والبحرين يغلقان الأجواء.. والكويت تعلق رحلات المغادرة

وأضافت هدى رؤؤف، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع عبر قناة صدى البلد، مساء اليوم الاثنين، أن علينا الانتظار للنظر ما سيتم الإعلان عنه بعد الضربة الايرانية للقواعد الأمريكية، متابعة أن إيران ضربت قطر بصواريخ.
وتابعت الدكتورة هدى رؤوف خبيرة الشئون الإيرانية والشرق الأوسط، أن إيران لا تستطيع مواجهة أمريكا لمدة عامين، وإسرائيل دمرت عدد كبير من منصات الصواريخ الإيرانية، مشيرة إلى أن أمريكا وإيران يبحثان عن مخرج للوضع المتأزم حاليا.
 

طباعة شارك القواعد الأمريكية قطر إيران الضربة الأمريكية

مقالات مشابهة

  • انتحار شابة في سنجار والعثور على رفات بشرية شرقي الموصل
  • صناعة الفخار.. ورشة بـ متحف شرم الشيخ تعيد روح الحرف اليدوية
  • الدخول مجانا.. شاهد المنتجات اليدوية والتراثية بمعرض الجيزة
  • خبيرة: أمريكا وإيران يبحثان عن مخرج للوضع المتأزم حاليا
  • منتجات فريدة من نوعها.. عارضو الحرف اليدوية والتراثية بالجيزة يكشفون سر الصنعة لصدى البلد
  • دليلك لتجنب الطفح الحراري.. كيف تحمي نفسك من الأمراض الجلدية في الصيف؟
  • سحب عينات من منتجات المزارعين في وادي قديد لكشف المواد الكيميائية
  • خبيرة بشئون الشرق الأوسط: إيران لا ترغب في خسارة موقف دول الخليج
  • اختتام دورة تدريبية في مجال صناعة المنتجات القطنية بصنعاء
  • ضبط منتجات دواجن منتهية الصلاحية وعصائر مجهولة المصدر بالقليوبية