خير الأصحاب.. وصية النبي الذهبية في العلاقات الإنسانية
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
العلاقات الإنسانية في الإسلام ترتكز على قيم نبيلة وأخلاق سامية تجعل من المجتمع نموذجًا للترابط والتكافل، ومن بين هذه القيم، يبرز مفهوم "خير الأصحاب"، الذي وضع له النبي ﷺ معيارًا واضحًا ينعكس في التعامل الحسن والوفاء بالعشرة.
معيار الصداقة في الإسلام
روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قوله: «خيرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» [أخرجه الترمذي وحسنه].
هذا الحديث يضع قاعدة ذهبية للعلاقات الإنسانية؛ فخير الأصحاب عند الله هو من يحسن إلى صاحبه ويكون له سندًا وعونًا في الحياة، وهو مقياس أخلاقي يُعلي من شأن الصداقة المبنية على المحبة والتعاون.
أشار الإسلام إلى العديد من الصفات التي تجعل الإنسان خيرًا لصاحبه، منها:
1. النصح والإرشاد: الصديق الصالح هو من يحرص على تقديم النصيحة لصديقه بما ينفعه في دينه ودنياه، كما قال النبي ﷺ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» [رواه مسلم].
2. الإخلاص: الصداقة في الإسلام تقوم على المحبة الصادقة، لا على المصالح المادية أو الأهواء الشخصية.
3. العون في الشدائد: يظهر الصديق الحقيقي في أوقات الأزمات، حيث قال النبي ﷺ: «المسلمُ أَخُو المسلمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجةِ أخيهِ كانَ اللَّهُ في حاجتِهِ» [رواه البخاري ومسلم].
4. التسامح والرفق: خير الأصحاب هو من يعفو عن الزلات ويعامل صديقه برفق ولين.
خير الجيران.. امتداد لمعاني الخير
لم يتوقف الحديث عند العلاقة مع الأصحاب، بل امتد ليشمل الجيران، حيث قال النبي ﷺ: «وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ».
هذا تأكيد على أن الإسلام لا يكتفي بدعوة المسلم لحسن الخلق مع أصدقائه، بل يشمل أيضًا الجيران، الذين يمثلون جزءًا من النسيج الاجتماعي. وقد ورد في الحديث الشريف: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» [رواه البخاري ومسلم].
الصداقة المبنية على القيم الإسلامية تُثمر مجتمعًا متماسكًا تسوده المحبة والرحمة. فالصديق الصالح يُعين على الخير، وينهاك عن الشر، ويساعدك على تقوية إيمانك. كما أن حسن المعاملة بين الجيران يُشيع روح الطمأنينة والسلام.
الصداقة والجيرة ليستا مجرد علاقات اجتماعية، بل مسؤوليات أخلاقية ودينية حث عليها الإسلام، وجعلها جزءًا من منهج حياة المسلم، فكن خير صديق وخير جار، تفُز بمحبة الله ورضاه، وتسهم في بناء مجتمع يسوده الخير والمحبة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النبي الصداقة الصداقة في الإسلام النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
أسباب نهي النبي عن الصيام أيام التشريق.. أول ثلاثة في عيد الأضحى
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة.
وأضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال: «ما حكم صيام أيام التشريق؟»، أنه لا يجوز صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى «الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة» لقوله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» رواه مسلم (1141).
واستشهد بما روى أحمد (16081) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلا عَلَى جَمَلٍ يَتْبَعُ رِحَالَ النَّاسِ بِمِنًى، وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: «لا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» وروى أحمد (17314) وأبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ عَمْرٌو: كُلْ، فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن صومها، ولم يرخص في صومها إلا للحاج المتمتع أو القارن -يؤدي عمرة وحجًا- الذي لم يجد ذبح الهدي، وروى أحمد (16081) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى رَجُلا عَلَى جَمَلٍ يَتْبَعُ رِحَالَ النَّاسِ بِمِنًى، وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: «لا تَصُومُوا هَذِهِ الأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» وروى أحمد (17314) وأبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. قَالَ عَمْرٌو: كُلْ، فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا. قَالَ مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.
وهذه الأحاديث – وغيرها – فيها النهي عن صيام أيام التشريق، ولذلك ذهب أكثر العلماء إلى أنها لا يصح صومها تطوعًا، وأما صومها قضاءً عن رمضان، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جوازه، وآخرون إلى عدم جوازه.
أعمال الحجاج في يوم القرفي يوم القر يؤدى حجاج بيت الله الحرام، أول أيام التشريق الثلاثة، رمي الجمرات الثلاث بدءًا من الظهر اقتداء بسُنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- مبتدئين بالجمرة الصغرى، فالوسطى، ثم جمرة العقبة كل منها بسبع حصيات مع التكبير في كل رمية والتوجه بالدعاء بعد كل جمرة من الجمرات الثلاث.
ويجوز للحجاج بيت الله الحرام رمى الجمرات فى أى وقت على مدار اليوم خلال أيام التشريق الثلاثة، ولا يشترط وقت الزوال فقط كما يتشدد البعض وذلك تيسيرًا على حجاج بيت الله الحرام ومنعًا للزحام والتدافع.
ويباح للضعفاء والمرضى من الرجال والنساء من حجاج بيت الله الحرام تركُ المبيت بمنى، مؤكدًا أنه يجوز لهم أيضًا التوكيل عنهم في رمي الجمرات.
سبب تسمية أيام التشريق بهذا الاسم
سميت أيام التشريق بهذا الاسم، لأن الحجاج كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي يقددونها ويبرزنونها للشمس حتى لا تفسد، فسموها أيام التشريق لذلك.
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله سبب تسمية أيام التشريق في كتابه فتح الباري ج 2، ص 589: «سُميت أيام التشريق لأنهم كانوا يُشرقون فيها لحوم الأضاحي أي يقددونها ويبرزونها للشمس، وقيل لأن الضحايا لا تُنحر حتى تُشرق الشمس، وقيل لأن صلاة العيد إنما تَصلى بعد أن تشرق الشمس».