حركة الحوثي من ادعاء المظلومية إلى القمع والتنكيل
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
تمعنوا جيداً في المراحل الّتي أدت إلى تصاعد نجم الحوثي منذُ البداية إلى الآن، لا شك أن الالتفات على قضيّة ما تهم الشعب هي نقطة الانطلاق الأولى لتصاعد نجمه؛ في حروب صعدة، أوشكت الدولة على إخماد التمرد بشكل نهائي، واستسلم الحوثي لقدره تحت قوة القانون والسلاح، ولما ذهبت الدولة إلى المهادنة، ذهب الحوثي يستفز الناس بالمظلومية، وما كان من الشعب اليمني إلا أن تضامن عاطفياً مع العصابة التي أرهقتها الدولة في ستة حروب قضت فيها على زعيمها حسين الحوثي.
التضامن الشعبي مع الحوثي “الأقلية” في الحروب الست، هو ما دفع الشعب للتضامن مع حوثي “الانقلاب” الذي أدخل اليمن في أتون حرب دموية بدأت شرارتها على اليمنيين وواصلت الاستعار حتى طالت دول الجوار ودول المنطقة والإقليم.
بالعودة إلى أول المقالة للتوقف عند مصطلح الالتفات حول غاية نبيلة يلتف حولها الناس؛ نكتشف للمرة الأولى فهلوة الحوثي في استقطاب وتجييش اليمنيين حول غاية نبيلة، في الحروب الست المظلومة، وفي الانقلاب الجرعة وارتفاع الأسعار.
الدولة دخلت في أزمة سياسية كردة فعل طبيعية على واقع ما بعد الثورة، ذهب اليمنيون إلى مؤتمر الحوار الشامل الذي ضم الحوثي كأحد الأطراف؛ لكنه ذهب إلى مسار التثوير وتحريض الشعب على إسقاط الجرعة في ثورة عبثية أسقطت اليمن إلى الهاوية.
انطلت على الشعب مظلومية صعدة، وانطلت كذلك فهلوة إسقاط الجرعة. مرتين على التوالي ينخدع فيها الشعب؛ لكن مع مجيء حرب غزة، وعلى الرغم من تصدر الحوثي إلى رأس قائمة الدفاع عن أكثر القضايا قدسية وعدالة وأحقية، على الرغم من تلميعه لنفسه ابتداءً بفرض حصار في مضيق باب المندب ورأس عيسى وإغلاق المياه الإقليمية اليمنية أمام حركة الملاحة الدولية، انتهاءً بتلميع الأطراف الخارجية له على رأسها البيت الأبيض وبريطانيا التي ترى فيه حليفاً عنيداً تستطيع أن تبتز به دول الجوار والخليج العربي.
رغم هذا كله، فشل في تسويق نفسه كبطل قومي. الشعب لم يصدقه، لم يقتنع بجدواه، ولم تنطلي عليه حيله وأكاذيبه التي مارسها طويلاً، وحين ظن أنه امتلك ناصية الشعب، بزغت حركة رفض ومقاومة هنا وهناك في دلالة على عدم القبول بالمشروع مهما تظاهر بالالتفات حول أسمى القضايا قدسية.. وما انتفاضة قبائل قيفة الأخيرة إلا جزء من رفض شعبي وعدم تسليم.
في الأماكن الخاضعة لسلطة الحوثي، تكن خطواتك تحت الميكروسكوب وتصرفاتك تحت المجهر سواء كنت شيخ قبلي أو بائع متجول على الرصيف، أنفاسك معدودة وخيالك محصور سواء كنت تلميذاً في حلقة قرآن أو كاتباً في صحيفة. تفكيرك يسحقك إذا لم يُصبّ في قالب الجماعة، فكرك يتحول إلى سهام تمزق أحشاءك إذا لم يبرر همجية الجماعة ويثبت براءتها ويقنع الناس؛ كي يرضوا عنها ويستمسكوا بها.
سلطة الحوثي في صنعاء وفي كل المناطق اليمنية التي تستحوذ عليها؛ تمارس هذا الاضطهاد بحق المؤثرين أو من لهم استشرافات مستقبلية، تمارس الحجر الفكري على الناس وترصد كل تجمعاتهم، تهدد بقاء الناس في كل مجتمع تسيطر عليه، وتخدش قيم الحياة المثلى التي ارتضى بها الناس وتكيفوا لها وأصبحت جزءاً من مألوفهم.
يعرف الحوثي أن صنعاء وذمار وحجة والبيضاء وعمران والمحويت والحديدة ترفضه وتنكر مشروعه، ويعرف أن السواد من أهل اليمن لن يحبوه إلا مغصوبين، ولن يقتنعوا بفكره إلا أنه صوب فوهات البنادق خلف رؤوسهم، متيقن في قرارة نفسه أن الكل يحتقره وينتهز الفرصة؛ لكي يطيح به. فقط يستخدم الإرهاب للتكميم، يستخدم السجون لتقييد الرؤى، يهدد بالقتل للقضاء على الحراك الثوري الواعد؛ ولكن هيهات لك ذلك يا عبد الملك، لن نحبك مهما تضخمت أساليب احتيالك، مهما نصبت لنا المصائد وغرست في طرقاتنا الأشواك، ومهما حاربتنا بكل وسائل التظليل والمزايدة. قد نتماوه معك في الظاهر؛ لكن في السر نلعنك، نقول لك نعم اليوم لكونك سلطة؛ لكن سنصدح بملء أفواهنا لا إذا ما صادفنا ناموس التدافع والتعاقب.
أرض الإيمان والحكمة للجميع ليست حصراً على السلالة يا عبد الملك، محال أن تكون يوماً لأحد دون أن يتقاسمها الكل. خذ فترة حكمك حتى الخاتمة، استغل دورتك الزمنية حتى نهايتها، ما من سلطة قمعية استبب لها الحكم إلى الأبد. وتذكروا بقدر التضييق والكبت ومصادرة الحريات بقدر ما يزداد بك الشعب بصيرة ووعياً أعمق، وأكثر إدراكاً، وسنحرس الوعي بخطرك في أدمغة الأجيال، والحقد عليك في قلوبهم.
ما قبل النهاية: رغم كلّ محاولات الحوثي لقمع الأصوات الحرة والثائرة المطالبة بحقوقها وحقها في العيش العادل الكريم، وكلما أمعن الحوثي في التسلط والاستبداد، كلما ازداد الشعب تمسكاً وتحدياً أمام ظلم وقمع الحوثي.
بالنهاية، عبد الملك الحوثي وصعاليكه سحابة صيف ستنقشع، ابتلاء عارض وأزمة مؤقتة.
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
حركة يمينية ألمانية معادية للإسلام تنشط عبر المدارس
كشفت تقارير إعلامية ألمانية عن رصد منشورات تروّج لأفكار حركة "الهوياتية" اليمينية المتطرفة في عدد من المدارس بعدة ولايات، في محاولة واضحة لاستقطاب فئة الشباب، لا سيما طلاب المدارس الثانوية.
وأكدت وزارة التعليم في ولاية بافاريا في جنوب البلاد٬ العثور على هذه المنشورات في مدارس بمدينة ميونيخ وأوجسبورغ، فيما رصدت سلطات ولاية بادن-فورتمبيرغ المجاورة حالتين مشابهتين، وسط أنباء عن تداول المنشورات أيضًا في مدارس شمال البلاد.
وتستهدف المنشورات طلاب المدارس بشكل مباشر، وتحمل عنوانًا استفزازيًا: "المعلمون يكرهون هذه الأسئلة". وتضمن المحتوى أسئلة ومعلومات توحي بأن الألمان باتوا أقلية داخل بلادهم، إضافة إلى إشارات إلى مواضيع مثل الاعتداءات الجنسية، والقلق من المستقبل، والتضخم، وتدهور معاشات التقاعد. كما يقترح المنشور ما يسميه "إعادة التهجير" كحل للمشكلات المطروحة.
وفي مدينة نيو أولم، عُثر أمام مدرسة ليسينغ الثانوية على نحو 40 إلى 50 منشورًا ملقى على الأرصفة أو بين الشجيرات في ساحة المدرسة.
وأعرب نائب مدير المدرسة، ماركوس تسيمرمان-مايجل، عن رفضه لما جرى، مؤكدًا أن القانون يمنع أي أنشطة سياسية في محيط المدارس، مشيرًا إلى أن معظم المنشورات كانت ممزقة وقد سُلّمت للمشرف التربوي.
وتعد حركة "الهوياتية" من أبرز التنظيمات اليمينية المتطرفة في ألمانيا، وتتبنى خطابًا عنصريًا ومعاديًا للإسلام، وسبق أن نظّمت فعاليات استفزازية جذبت اهتمام الرأي العام. وتخضع هذه الحركة لمراقبة الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية).
وكان تقرير استخباراتي صدر في 21 حزيران/يونيو 2023 قد صنف التطرف اليميني على أنه "أكبر تهديد متطرف يواجه النظام الديمقراطي الأساسي في البلاد"، موضحًا أن عدد المنتمين لهذا التيار ارتفع من 33 ألف و900 شخص في عام 2021 إلى 38 ألف و800 شخص في 2022، كما ارتفعت جرائم العنف المرتكبة من قبلهم بنسبة 7.5 بالمئة، شملت حالتي محاولة قتل.
وفي تعليق له، حذّر رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور، توماس هالدنوانغ، من سعي المتطرفين إلى التسلل إلى الطبقات الوسطى مستغلين الأزمات، وذلك من خلال ترويج نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة والدعاية السياسية.
كما تثير اختراقات اليمين المتطرف لأجهزة الأمن الألمانية قلقًا بالغًا. فقد تم رصد 327 حالة موثقة لمتورطين في الفكر المتطرف داخل صفوف الجيش والشرطة والمخابرات بين تموز/ يوليو 2019 وحزيران/يونيو 2021.