استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إثر زيارته السعودية، وانطلقت التكهنات حول الزيارة بشكل لافت، وفي كل مكان.
هناك من قراء لغة الجسد في الصور، والبعض أطلق التكهنات، بينما بواشنطن هناك من قال، مثل الأميركي من أصل إيراني، والمناصر لقضايا طهران، فالي نصر، إنه «كانت هناك تعقيدات أقل بكثير مما كان متوقعاً».
وقناعتي أن هذه أسهل مفاوضات سعودية – إيرانية، وعلى مدى أربعة عقود، حيث جرب الأطراف بعضهم بعضاً. والدولتان اليوم، السعودية وإيران، ليستا كما كانتا في السابق، بل هما ليستا ما كانتا قبل عامين.
السعودية حددت خياراتها الاستراتيجية بشكل لا تخطئه العين وهي التنمية، وأن تكون عضواً فاعلاً دولياً، وليس لاعباً مشغولاً بالتفاصيل المحلية، بينما حددت إيران خيارات استراتيجية هي أشبه بحافة الهاوية؛ حيث الملف النووي والصعوبات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
أقول أسهل لأن المطالب السعودية واضحة اليوم، ولن تكون لمناقشة ما يمكن أن تقدمه إيران في لبنان، أو غزة، أو صنعاء، أو سوريا، أو العراق، بل سيكون سؤال سعودي واضح مباشر وهو: هل تريدون استغلال الفرص، والمشاركة في الاستثمارات؟
هل تريدون المشاركة في المبادرات السعودية من السياسة إلى الرياضة، مروراً بالاقتصاد؟ الأكيد أن طهران تعي ذلك جيداً، والأكيد أيضاً أن الوزير الإيراني يزور السعودية وهو يعي أن الرياض مشغولة أكثر في ملف أزمة الحرب الروسية بأوكرانيا.
والمراقب يلاحظ أن السعودية طلبت تفعيل الاتفاقيات السابقة، أي الالتزام بما هو متفق عليه، ولا ضرورة لتجريب المجرب، بينما تعهد الوزير الإيراني دعم ملف استضافة السعودية «إكسبو 2030» في الرياض.
ولذلك بدت زيارة الوزير الإيراني للسعودية «أقل تعقيداً»، وأقل دراما مما يحاول البعض تصويرها، ولسبب واضح؛ أن خيارات السعودية الاستراتيجية مختلفة، وأسرع تنفيذاً، وأكثر أثراً.
الرياض اليوم لا تقدم منحاً وهبات وتضييع الوقت في وساطات لا طائل منها بالمنطقة، وليست لديها ميليشيات لتفاوض حولها، بل إن السعودية قامت، وكما أقول دائماً، بـ«تصفير قطع العلاقات»، لفتح باب الحوار مع الجميع، ومن ضمنهم إيران.
فعلت السعودية ذلك لتعزيز فرص الاستثمار والشراكة، وليس من باب عفا الله عما سلف، وإنما من باب أنه يفترض بالجميع أنه تعلم من التجارب، وأن الأساس هو النظر إلى الأمام لاستغلال الفرص لكل ما فيه الخير للسعودية وشعبها وللجميع. والنجاح يتطلب أقل قدراً من الأزمات.
وذلك لا يتحقق إلا بالشراكات واستغلال الفرص، وليس من السهل فعل ذلك بين الرياض وطهران، وبعد هذا التاريخ الطويل من الأزمات، لكنه أمر قابل للتحقيق إذا عادت إيران للقواعد الأساسية؛ وهي عدم التدخل في شؤون الغير وتجنب زعزعة الأمن والاستقرار.
الكرة اليوم في الملعب الإيراني، وكل ذلك لا يتحقق بالوعود والكلام الطيب، وإنما بالأفعال، والطريق طويلة خصوصاً مع العقوبات الأميركية والدولية على إيران. ولذلك هي المفاوضات الأسهل لأن الاستراتيجية السعودية واضحة؛ وهي البناء والتنمية، وخيارات الرياض متعددة، ودولية.
*نشر أولاً في صحيفة الشرق الأوسط.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف
مقال ممتاز موقع ديفا اكسبرت الطبي...
مش مقتنع بالخبر احسه دعاية على المسلمين هناك خصوصا ان الخبر...
تحليل رائع موقع ديفا اكسبرت الطبي...
[أذلة البترول العربى] . . المملكة العربية السعودية قوة عربية...
معي محل عطور. فيـ صنعاٵ...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: فی الیمن
إقرأ أيضاً:
7 اكتوبر 2023 المجيدة
7 اكتوبر 2023 المجيدة
غزة لم تُهزم ولم ترفع الراية البيضاء
#الدكتور_أحمد_الشناق
واجهت إبادة جماعية وجرائم حرب لم تُرتكب من قبل ، وأُلقي عليها من القنابل ما يفوق الحرب العالمية الثانية ، وواجهت الطعن والتشكيك من القريب القريب ومن نخب التغريب الاستسلامية .
غزة شقيقة عكا التي تحطم عند أسوارها جيش نابليون ومنعت وصوله إلى بلاد الشام وخرج مهزوماً من بلاد المسلمين .
غزة اليوم أيقونة إنسانية عالمية ، تروي سردية فلسطينية وتكشف الوجه القبيح الإجرامي الدموي لكيان مارق غاصب محتل مطلوب للعدالة الدولية.
تضحيات غزة تنوب اليوم عن الأمة في مواجهة مشروع صهيوني استعماري إستيطاني توسعي يستهدف المنطقة بأوهام السيطرة وإخضاع شعوبها ودولها بالقوة العسكرية .
غزة تنتصر بدم أبنائها وجوع أهلها على هذا المد الصهيوني الأسود ، وبعد سنتين يغرق في رمال غزة ، لتنتهي خرافة من العقول بأكذوبة جيش لا يقهر يعيش على مدد عسكري بحبل سري غربي لا ينقطع .
رمال غزة هي ذاتها أسوار عكا ، ليعيش هذا الكيان المنبوذ بقلقه الوجودي في مواجهة شعب جذوره ممتدة في رحم أرض فلسطين المباركة .
غزة أيقونة إنسانية عالمية ضد الظلم والإجرام والطغيان ، وستبقى غزة قنديل الأمة لتُظئ طريقها بزيت شجرة زيتونة مباركة في أرض بارك الله فيها ، وبدماء طاهرة صعدت أرواحها عند بارئها فرحين بما آتاهم الله ، وجرحى وجوعى شهوداً عند الله وعندما تجتمع الخصوم .
وليكتب التاريخ سفر جديد ببطولات خالدة في تاريخ الأمة