أعلن “مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي”، اليوم، فتح باب التسجيل في مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي”، التي وجه بإطلاقها، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، في مايو 2024 لتدريب مليون شخص على مهارات هندسة الأوامر البرمجية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة خلال السنوات الثلاث القادمة انطلاقاً من دبي.

وتتيح مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي”، الأولى من نوعها، فرصة للمنتسبين من مختلف الجنسيات والتخصصات لاكتساب مهارات تخصصية نوعية في أسس برمجة وهندسة أوامر الذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى جانب تعزيز القدرات والإمكانات للتطور المهني والإبداعي على المستويين الفردي والمؤسسي.

وتم إطلاق هذه المبادرة في إطار الجهود الرامية لتحقيق مستهدفات “خطة دبي السنوية لتسريع تبني استخدامات الذكاء الاصطناعي”، وبما يسهم في إعداد كفاءات وخبرات متمكنة بمهارات توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والاستفادة منها في تسريع الابتكار والتقدم والتنمية وتوظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسان، وترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي ووجهة لاستثماراته الواعدة.

وأكد سعيد الفلاسي مدير “مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي”، الذي تشرف عليه مؤسسة دبي للمستقبل، أن مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي” تفتح فرصا جديدة للمشاركين من التخصصات كافة وتمكنّهم من قيادة مسارات استخدام الذكاء الاصطناعي في كل القطاعات الحيوية والإبداعية والمعرفية، كما تسهم في إعداد كفاءات متمكنة في تفعيل فرص ومنافع الذكاء الاصطناعي لتصميم المستقبل وفتح آفاق جديدة من دبي.

وقال إن المبادرة تعزز تنافسية دبي وجاهزيتها وريادتها في تبنّي تقنيات المستقبل ويسهم كذلك في بناء الكوادر وتمكين الخبرات والكفاءات عالمية المستوى في برمجة أوامر الذكاء الاصطناعي وتفعيل استخداماته، كما يدعم تحقيق مستهدفات “خطة دبي السنوية لتسريع تبنّي استخدامات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، لتعزيز تبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات والمجالات المهمة للمستقبل.

وتضم مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي” 4 مساقات متنوعة، ويتعرف المشاركون من خلال المساق الأول على أساسيات الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدام مهارات صياغة الأوامر البرمجية لتحقيق الاستفادة المثلى من الإمكانيات الهائلة لهذه التكنولوجيا وابتكار الحلول للتحديات الراهنة والمستقبلية.

وسيركز المساق الثاني على إتقان التفاعل مع روبوتات الدردشة الذكية من خلال صياغة أوامر برمجية تعزز القدرة على إجراء محادثات فعالة مع أدوات الذكاء الاصطناعي.

أما في المساق الثالث، سيتعرف المشاركون على أدوات الذكاء الاصطناعي التي تسهل تنفيذ المهام اليومية وتعزز الإنتاجية.

ويوفر المساق الرابع الفرصة لتعزيز القدرات الإبداعية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في إنشاء الأعمال الفنية والموسيقى ومقاطع الفيديو بشكل مبدع ومبتكر. وسيتم منح شهادات معتمدة للخريجين لدى إكمال هذه المساقات.

الجدير بالذكر أن سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وجه بإطلاق مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي” في ختام النسخة الأولى من “التحدي الدولي للذكاء الاصطناعي” الذي تم تنظيمه في مايو الماضي، بمشاركة 30 متسابقاً من 13 دولة، تم اختيارهم من بين آلاف المشاركات من نحو 100 دولة حول العالم، وفاز بها آجاي سيريل من الهند في فئة البرمجة، وميغان فوكس من النمسا في فئة الفن، وأديتيا ناير من الهند في فئة الأدب.

ومن المقرر أن يتم تنظيم النسخة الثانية من هذا التحدي في أبريل المقبل ضمن “أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي”.

ويمكن للراغبين بالمشاركة في مبادرة “مليون خبير لأوامر الذكاء الاصطناعي” التسجيل عبر الموقع الإلكتروني: (www.dub.ai/ar/omp-ar).وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟

وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو». 

نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025. 

تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية. 

يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين. 

بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس. 

يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية. 

كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة. 

كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة. 

أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان. 

مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه. 

كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع. 

نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ 

لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب. 

ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى. 

لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة. 

فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية. 

نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس. 

وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب. 

رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة. 

ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية. 

كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده. 

على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية. 

 د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني 

مقالات مشابهة

  • لدعم تعافي المحيطات والنمو البحري المستدام.. “البحري” شريك استراتيجي لمبادرة “ويف”
  • أردني يطلق مبادرة “هَدبتلّي” ويوزع أكثر من 10 آلاف علم وشماغ دعمًا للمنتخب في كأس العرب
  • هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
  • إطلاق مبادرة “مدن الدراية الإعلامية والمعلوماتية”
  • بقيادة ترمب.. تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي
  • خبير تكنولوجي: ما نراه من الذكاء الاصطناعي مجرد 10% مما سيحدث
  • عملاق الأسمنت اليوناني “تيتان” يستحوذ على “تراسيم” التركية مقابل 190 مليون دولار
  • “بعثات محمد بن راشد الحكومية”تعلن بدء التسجيل للالتحاق ببرامجها الأكاديمية 2026
  • “بن غاطي” تبيع أغلى بنتهاوس في الشرق الأوسط بمشروع “بوغاتي ريزيدنسز” بقيمة 550 مليون درهم
  • شروط ورابط التسجيل في الدفعة الأولى من مبادرة سفراء سلامة المرضى