عندما يزور قائد عربي دولة عربية شقيقة يتنامى الحس العروبي، وتشعر الجماهير العربية التي تقرأ الخبر أو تسمع عنه بكثير من الفرحة، حتى لو كانت بعيدة عن المشهد وتفاصيله؛ ولكنّ الشعور العروبي يتحرك في الدماء العربية.

ورغم أن العلاقات العمانية البحرينية لم تكن في يوم من الأيام إلا في ذروة مجدها فإن زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى لبلده الثاني سلطنة عمان تشعرنا في عُمان وتشعر إخوتنا العرب بكثير من الفرح وتنامي حس التضامن العربي الذي ناله بعض الخفوت في بعض المساحات العربية بسبب الأحداث التي شهدتها المنطقة في العقدين الماضيين.

ورغم العلاقات التاريخية والعميقة بين عُمان والبحرين الممتدة عبر الأزمنة فإن تعميقها وتحويلها إلى مسار اقتصادي واستثماري أصبح ضرورة ملحّة.. وليس هذا بين عُمان والبحرين فقط، ولكن بين دول الخليج بعضها البعض وبين الدول العربية كذلك، فالاستثمارات العربية أولى بها الدول العربية بل إن الأمر تحوّل إلى خيار استراتيجي وأمن عربي في ظل التحولات الجيوسياسية التي يعيشها العالم الذاهب إلى مزيد من التكتلات الاقتصادية. والتحديات المتزايدة، سواء على صعيد الأزمات الاقتصادية العالمية، أو التغيرات المناخية، أو المنافسة على الموارد الحيوية، تفرض على دول الخليج العربي والعالم العربي عمومًا تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي، والعمل على بناء شراكات مستدامة تضمن الاستقرار والازدهار المشترك.

ودول الخليج العربي واحدة من أكثر المناطق حيوية اقتصاديا في العالم، بفضل ثرواتها الهيدروكربونية وموقعها الجغرافي الذي يجعلها مركزا للتجارة والطاقة العالمية. لكن هذا الاعتماد الكبير على النفط بوصفه مصدرا رئيسيا للدخل يجعل اقتصادات المنطقة عرضة لتقلبات الأسواق العالمية كما حدث خلال العقد الماضي، وكما هو متوقع خلال السنوات الأربع القادمة في ظل تحولات القيادة في بعض الدول الكبرى. ومن هنا، تأتي أهمية تعزيز الاستثمارات البينية بين دول الخليج، ليس فقط في قطاعات الطاقة التقليدية، ولكن أيضًا في قطاعات جديدة مثل الطاقة النظيفة والمتجددة.

ومن غير المنطق أن تبقى دول الخليج العربي التي تملك بعضها رؤوس أموال جيدة مستوردة للسلع التي تستطيع إنتاجها بالفعل أو أن تبقى أسيرة للنفط فيما يمكنها التحوُّل إلى طاقة الهيدروجين الأخضر أو أن تصبح مركزا دوليا للوجستيات في العالم بسبب موقعها على خطوط التجارة العالمية.

وإضافة إلى الطاقة المتجددة فإن دول الخليج العربي بشكل خاص باتت قادرة اليوم على الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وفيه أشباه الموصلات التي تعَد أحد المجالات التي يمكن أن تتحكم بمسارات الصراع في العالم. ومن المهم أن تتكاتف الجهود الخليجية لإنشاء منظومات متكاملة للبحث والتطوير في هذه المجالات، سواء من خلال إنشاء مراكز أبحاث مشتركة أو دعم رواد الأعمال والشركات الناشئة.

ولا بدّ أن تستند العلاقات الخليجية الخليجية والعربية العربية إلى رؤية استراتيجية تتجاوز المصالح الاقتصادية إلى تعزيز الترابط السياسي والاجتماعي بين الدول؛ فالدبلوماسية الاقتصادية، القائمة على تبادل المصالح وتنمية المشاريع المشتركة، يمكن أن تكون أداة فعالة لتحقيق هذا الهدف. وفي هذا السياق، يعَد إنشاء صناديق استثمارية مشتركة وتفعيل اتفاقيات التجارة الحرة خطوتين أساسيتين لتحقيق تكامل اقتصادي حقيقي.

لكنّ التعاون أيضا يمكن أن يتجاوز هذا المسار إلى التكامل في طريق بناء قوة ناعمة خليجية تكون قادرة على تعزيز مكانة هذه الدول والضغط والتأثير على الكثير من القضايا التي تمس المنطقة العربية بشكل عام.

وإذا كانت المنح تأتي من المحن فإن المحن الكثيرة التي مرت بها المنطقة العربية خلال العقدين الماضيين كفيلة بجعل دول الخليج العربي بشكل خاص والدول العربية بشكل عام أن ترى ما حدث فرصة لتوحيد الجهود وبناء شراكات استراتيجية قائمة على رؤية مشتركة للمستقبل.

وتبقى زيارة ملك البحرين إلى سلطنة عمان وعقده قمَّة مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فرصة ليتحدث أهل الخليج عن طموحاتهم من الزيارة التي يرون فيها تنامي العلاقات العربية العربية إلى حيث يتمنى العرب أن تصل.. ويرون في العلاقات العمانية البحرينية النموذج الذي يمكن أن تقتفيه العلاقات العربية العربية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دول الخلیج العربی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج يستعرض إنجازاته

اختتم المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، مشاركته في الاجتماع الرابع عشر لمجلس الأمناء في العاصمة مسقط، بحضور ممثلي الدول الأعضاء في المكتب، ورئاسة سليمان بن حمود الحراصي، مستشار وزيرة التربية والتعليم في سلطنة عُمان ورئيس المجلس في الدورة الحالية، وبحضور مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم بسلطنة عُمان.
مثّلت هذه المشاركة محطة مهمة لاستعراض جهود المركز وبرامجه الرائدة في تطوير تعليم اللغة العربية وتعلمها، حيث عبّر الدكتور عيسى صالح الحمادي، مدير المركز، عن بالغ الشكر والتقدير لوزارة التربية والتعليم في عُمان على استضافتها الكريمة، وحسن تنظيمها للاجتماع وبرنامجه المصاحب.
واستعرض المركز أبرز ما تحقق من إنجازات، خلال الدورة السابقة، وأزاح الستار عن برامجه الجديدة ضمن الدورة الحالية، والتي انطلقت منذ يناير/كانون الثاني 2025، وتتضمّن باقة من الدراسات النوعية، مثل دراسة تنمية مهارات القراءة والكتابة في مرحلة الطفولة، ودراسة تطوير تعليم اللغة العربية للصفوف العليا بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وفي ختام الاجتماع، ثمّن المجلس جهود سلطنة عُمان في إنجاح اللقاء، معرباً عن تقديره لحسن الاستقبال وكرم الضيافة وأصالة التنسيق، مقدمين الشكر إلى مديحة الشيبانية، فيما تضمّن البرنامج المصاحب زيارات ميدانية لعدد من المؤسسات التربوية والثقافية، أبرزها المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين ودار الأوبرا السلطانية وبعض المعالم التاريخية البارزة في العاصمة مسقط.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد العربي لكرة القدم يعلن عن بطولاته حتى عام 2029
  • المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج يستعرض إنجازاته
  • المملكة ترأس اجتماع الفريق العربي المعني بإعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني
  • ولي عهد البحرين : العلاقات السعودية – البحرينية تسير بخطى ثابتة نحو آفاق واعدة
  • «الخليج العربي» للنفط تبحث مع مسؤولي «إس إل بي» سبل زيادة الإنتاج
  • أمين جامعة الدول العربية: قطع العلاقات مع إسرائيل ليست سياسة حكيمة
  • زكي طليمات.. رائد المسرح العربي الذي أضاء الخشبة بعقله وفنه
  • «الخليج العربي» للنفط تستعرض خطة زيادة الإنتاج
  • انطلاق أعمال إعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب
  • «الخليج العربي للنفط» تستعرض خطة رفع معدلات الإنتاج