خبراء .. حرية الإعلام الأمريكي مهددة عهد ترامب
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
نيويورك"أ ف ب":مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سيتوجّب على الإعلام الأمريكي التعامل مجدّدا مع رئيس خارج عن الأنماط المتعارف عليها ومثير للانقسام ساهم في توسيع جمهور الوسائل الإخبارية لكن أيضا، بحسب خبراء، في تنامي التهديدات المحدقة بحرّية الإعلام، في سياق اقتصادي يشتدّ صعوبة.
واعتبر آدم بينينبرغ الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة نيويورك أن "المسألة لا تقضي بمعرفة إن كان (ترامب) سيهاجم الإعلام، فهو سيقوم بذلك" بل بالأحرى "إن كانت الوسائل الإعلامية ستصمد في وجه هذه الهجمات".
وشدّد على "جسامة هذا الرهان"، إذ "عندما تترنّح الصحافة، تدفع الديموقراطية الثمن".
ودعت صحيفة "نيويورك تايمز" التي نشرت وابلا من الأخبار الحصرية عن البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى الجمعة في افتتاحية إلى "التصدّي لتكتيكات التخويف التي يعتمدها دونالد ترامب".
وتوقّع آدم بينينبرغ "ملاحقات قضائية ومضايقات وحملات تشهير في حقّ غرف التحرير" أكثر شدّة مما كانت عليه الحال في الولاية الأولى، مشيرا إلى ضرورة أن تعزّز المجموعات الإعلامية "فرقها القانونية وميزانياتها لمواجهة إجراءات تكميمية"، فضلا عن أمنها السيبراني.
- "رقابة ذاتية" -
لم ينتظر ترامب البداية الرسمية لولايته الجديدة كي يخوض هذه المعركة. ففي منتصف ديسمبر، أطلق ملاحقات قضائية في حقّ الصحيفة المحلية في آيوا "دي موين ريجستر" ومجموعة محلية لاستطلاع الآراء إثر نشر استطلاع يشير إلى فوز كامالا هاريس في الولاية التي كانت من نصيب ترامب في نهاية المطاف.
وقبل أيّام، وافقت قناة "ايه بي سي" على دفع 15 مليون دولار لإنهاء ملاحقات ضدّها على خلفية التشهير بالرئيس المنتخب.
وبحسب "وول ستريت جورنال" التي كشفت عن الأمر الجمعة، تدرس "سي بي اس" أيضا احتمال التفاوض على اتفاق لوضع حدّ لملاحقات قضائية أطلقها دونالد ترامب متّهما إياها بمحاباة كامالا هاريس في أحد برامجها الرئيسية. ولم تستجب القناة لطلبات الاستفسار من وكالة فرانس برس.
وقد سبق للجنة التحرير في "نيويورك تايمز" أن أشارت إلى أنه "بالنسبة إلى خدمات إعلامية أصغر وأقلّ استدامة ماليا، قد تكون كلفة الدفاع في حال تقدّم ترامب وحلفاؤه بدعوى وحدها كافية للتشجيع على الرقابة الذاتية".
وقبل حتّى تنصيب الملياردير الجمهوري رئيسا، كثّفت شخصيات أميركية كبيرة مؤثّرة في المشهد الإعلامي المبادرات تجاهه، ولعلّ أبرزها كان إعلان مارك زاكربرغ رئيس "ميتا" التي تضمّ "فيسبوك" و"انستغرام" التخلّي عن برنامج تقصّي الحقائق في الولايات المتحدة، ما يشكّل انتكاسة كبيرة لجهود احتواء التضليل الإعلامي.
ورأى مارك فيلدستين الأستاذ المحاضر في الصحافة في جامعة ماريلاند أن "قيام مدراء وسائل إعلام تقليدية وشركات تكنولوجية كبيرة بخطب ودّ إدارة ترامب المقبلة من خلال التحبّب إليها مصدر قلق كبير".
- عملة ذات وجهين -
وليست العلاقات المشحونة بين رئيس والإعلام بالجديدة في المشهد الأميركي، بحسب ما أكّد آدم بينينبرغ.
وهو ضرب مثل ريتشارد نيكسون (1969-1974) الذي "بلغت به البارانويا حدّا" جعله "يجيِّش كلّ الماكينة الحكومية ضدّ الصحافيين".
وفي ظلّ احتدام المنافسة مع شبكات التواصل الاجتماعي وانتشار المعلومات المضلّلة، تعاني وسائل الإعلام من تراجع عائداتها الإعلانية وثقة الجمهور على السواء.
وتمرّ "واشنطن بوست" المملوكة لمؤسس "أمازون" جيف بيزوس والتي نشرت الكثير من الأخبار الحصرية عن سيّد البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى بمرحلة حرجة بعد مغادرة عدّة أسماء فيها إثر رفض الإدارة الدعوة في الصحيفة إلى انتخاب كامالا هاريس خلال الحملة الانتخابية.
ومنذ دخوله معترك السياسة وخصوصا خلال حملته الأولى وولايته الأولى في البيت الأبيض، ساهم ترامب الذي فجّر الفضائح والجدالات في زيادة عدد متابعي بعض وسائل الإعلام والمشتركين فيها.
لكنها عملة ذات وجهين، "عندما تُركز وسائل الإعلام على إثارة مشاعر الغضب والرفض، فإن هذا قد يسهم في نشر معلومات مضللة"، بحسب بينينبرغ.
وصرّح الأستاذ الجامعي أن "فترة ترامب الثانية ستختبر ليس فقط قدرة وسائل الإعلام التقليدية على التحمل أو التعامل مع الظروف الصعبة، ولكن أيضا مدى جدواها".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وسائل الإعلام البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: تعليقات ترامب بشأن غزة تعكس عزلة إسرائيل المتزايدة
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن إسرائيل تلقت، خلال أكثر من 18 شهرا من الحرب بقطاع غزة، انتقادات شديدة من القادة الأجانب ومنظمات الإغاثة، لكنها نادرا ما واجهت إدانة علنية مستمرة، ناهيك عن عواقب ملموسة، من حلفائها المقربين.
وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم رئيس مكتبها في القدس باتريك كينغسلي- إلى أن شركاء لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أصبحوا في الأسابيع الأخيرة أكثر استعدادا لممارسة ضغوط علنية عليها، حتى إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا يوم الأحد إلى تهدئة الحرب.
وقال ترامب للصحفيين قبل صعوده إلى طائرة الرئاسة "إسرائيل. تحدثنا معهم، ونريد أن نرى هل بإمكاننا وقف هذا الوضع برمته في أسرع وقت ممكن". وهذا التعليق يتناقض مع الموقف العلني الذي اتخذه عند توليه منصبه عندما ألقى باللوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بدلا من إسرائيل في استمرار الحرب، وإظهار وحدته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
عواقب وخيمة
وجاء تعليق ترامب الأخير -حسب الصحيفة- قبل ساعات من تعبير الحكومة الألمانية، الداعمة لإسرائيل عادة، عن انتقادها الشديد للهجمات الإسرائيلية الموسعة على غزة، وقال المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس "ما الذي يفعله الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الآن؟ بصراحة لا أفهم ما هو الهدف من التسبب في مثل هذه المعاناة للسكان المدنيين".
إعلانويأتي التحول الألماني بعد أيام من تدخل مماثل من قبل الحكومة الإيطالية اليمينية، وهي حليف آخر لإسرائيل تجنّب سابقا مثل هذه الإدانة الشديدة لها، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني "يجب على نتنياهو وقف الغارات على غزة. نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين".
وكان جهد منسق بين بريطانيا وكندا وفرنسا قد سبق هذه التدخلات حين انتقدت هذه الدول قرار إسرائيل توسيع عملياتها في غزة، وأوضحت في بيان مشترك أن هذا التوسع "غير متناسب على الإطلاق"، وحذرت من عواقب وخيمة إذا لم تغير إسرائيل مسارها.
وبالفعل علقت بريطانيا مفاوضاتها التجارية مع إسرائيل، كما فرضت عقوبات على المتطرفين الإسرائيليين الذين يقودون جهودا لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم في الضفة الغربية المحتلة، كما تسعى فرنسا لتنظيم مؤتمر في يونيو/حزيران المقبل بالشراكة مع المملكة العربية السعودية لمناقشة إقامة دولة فلسطينية.
دولة منبوذة
ومع ذلك، تواصل هذه الدول دعم إسرائيل بطرق عملية عديدة، حسب الصحيفة، وذلك من خلال الشراكات العسكرية والاقتصادية والاستخباراتية، إذ تزود الولايات المتحدة إسرائيل بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، مما يسهم في استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، كما ساعدت بريطانيا وفرنسا في حمايتها من الصواريخ الباليستية الإيرانية، ومن المرجح أن تفعلا ذلك مرة أخرى.
غير أن التحول في نبرة هذه الدول ورسائلها، إلى جانب بعض القيود العملية البسيطة على المصالح الإسرائيلية، يشيران إلى أن أقوى شركاء إسرائيل بدؤوا يفقدون صبرهم تجاه نتنياهو، ولكن إسرائيل حتى الآن لم تبد أي تغيير، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده ستتخذ "إجراءات أحادية الجانب" إذا اتخذت خطوات أخرى ضدها.
مع أن نتنياهو بقي مصرا على موقفه واتهم بريطانيا وكندا وفرنسا بتشجيع حماس، فإن جهات داخل إسرائيل اعتبرت هذه الخطوات تتجه بها نحو العزلة الدبلوماسية، وكتب إيتامار آيخنر المراسل الدبلوماسي في صحيفة يديعوت أحرونوت أن إسرائيل وصلت إلى أدنى مستوياتها الدبلوماسية بعد 593 يوما من الحرب، وتحولت إلى دولةٍ منبوذة.
إعلان