استراتيجية اليوم التالي لطوفان الأقصى.. المشروع الحضاري للأمة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
لم يكن مجرد تحرك عسكري أو انتفاضة شعبية أو مطالب فئوية، بل هو تجسيد لنضال إنساني وحضاري يسعى لتحرير الأرض وإحياء الأمة، حيث تجاوز الطوفان الحدود الجغرافية لفلسطين ليشمل الأمة والعالم، في مشروع يربط بين تحرير الوطن ونهضة شعب وأمة، بمشروع حضاري متكامل بعد فرز وتمحيص، وتقييم وتقويم، وتعديل وتبديل وتغيير، حتى وصل اليوم التالي للطوفان.
فاليوم التالي للطوفان، يبدأ بالإصلاحيين في الداخل الفلسطيني محورا أساسيا لهذا المشروع؛ بحكم دورهم الحيوي في صياغة ملامح التحول الثوري والبناء الحضاري، ليصبح دور الإصلاحيين في الداخل الفلسطيني ضرورة لتحقيق أهداف الطوفان وترسيخ مكتسباته، وفي مقدمتها اعتراف 138 من أصل 193 دولة، فأكد قادة الطوفان أنهم قادة التحول الذين يجسرون الفجوة بين العمل الميداني والرؤية الحضارية، بين النضال الوطني الفلسطيني والمشروع النهضوي الأممي الذي انطلق من فلسطين ثم وشمل لبنان وسوريا واليمن والعراق.
استدلال.. الطوفان والانتصار في الميدان
حقق "طوفان الأقصى" إنجازات ملموسة على أرض الواقع، حيث فرض معادلة جديدة على الاحتلال وأعاد توجيه الأمة نحو قضاياها المركزية. وأبرز ما حققه الطوفان هو إجبار الاحتلال على إعادة تموضع قواته، وفتح المجال لعودة النازحين، وإعادة الحياة إلى قطاع غزة، وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار وقوامه:
حقق "طوفان الأقصى" إنجازات ملموسة على أرض الواقع، حيث فرض معادلة جديدة على الاحتلال وأعاد توجيه الأمة نحو قضاياها المركزية. وأبرز ما حققه الطوفان هو إجبار الاحتلال على إعادة تموضع قواته، وفتح المجال لعودة النازحين، وإعادة الحياة إلى قطاع غزة، وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار
1- انسحاب تدريجي للاحتلال من المناطق المأهولة؛ حيث انسحاب القوات الإسرائيلية من شارع الرشيد إلى شارع صلاح الدين خلال الأسبوع الأول، ثم تفكيك المنشآت العسكرية الإسرائيلية في وسط القطاع بحلول اليوم الـ28 للاتفاق.
2- وفي إعادة تأهيل القطاع؛ يكون إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة تشغيل المخابز والمستشفيات، مع توفير وحدات سكنية وإعادة بناء البنية التحتية والمرافق في الأحياء والمدن في الداخل، والموانئ والمطارات والمعابر في الحدودية
3- بالتوازي مع تبادل الأسرى والرهائن؛ وفي مقدمته تحرير النساء والأطفال الفلسطينيين بأعداد تفوق الـ1000 مقابل أسرى الاحتلال، بمعيار 1 إلى 3، ثم إطلاق سراح دفعات من الأسرى الفلسطينيين بشكل مرحلي من المحتجزين والمحكوم عليهم في سجون الاحتلال وفق الأقدمية.
هذا جزء من الإنجازات التي تؤكد أن الطوفان لم يكن حركة عشوائية، بل استراتيجية مدروسة أثبتت قدرة أصحاب الحق على فرض شروطها وإعادة تشكيل موازين القوى.
استيثاق: استراتيجية اليوم التالي للطوفان.. حيث يبدأ الإصلاحيون في الداخل الفلسطيني ودورهم في تعزيز مكتسبات الطوفان.
الإصلاحيون في الداخل الفلسطيني يشكلون ركيزة لدعم المشروع التحرري الشامل الذي يمثل الطوفان نقطة انطلاقه. يتطلب ذلك بناء قاعدة وطنية متينة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية:
1- إعادة صياغة الهوية الوطنية في سياق حضاري؛ فالإصلاحيون يتحملون مسؤولية توجيه الوعي الجمعي نحو فهم عميق لدور الفلسطينيين كجزء من أمة أوسع تسعى للتحرر والنهضة.
2- تعزيز القيم التي تربط بين إعادة تعريف الإنسان والإنسانية، وتحرير الوطن وكرامة الوطن، وذلك بنشر الوعي بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية انطلقت من جديد بطوفان عتيد تمتد آثاره إلى استقرار الأمة بأكملها.
3- إصلاح المؤسسات الوطنية لضمان دورها في المشروع الوطني؛ فالمؤسسات الفلسطينية يجب أن تكون أداة لدعم الشعب الفلسطيني والمشروع الحضاري للأمة.
4- تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد الوطنية، لضمان استقلالية المؤسسات الفلسطينية عن أي هيمنة خارجية تعيق دعم القضية ومشروعها القادم.
5- ترسيخ العدالة الاجتماعية كشرط للاستقرار الوطني؛ فالإصلاحيون يدركون أن العدالة الاجتماعية هي أساس لاستقرار الأمة ككل، لا مطلب فئة دون أخرى، وذلك بتحقيق توزيع عادل للموارد بما يقلل الفجوة الطبقية والاجتماعية، ويدعم الفئات المهمشة لتكون جزءا فاعلا في المشروع الوطني.
6- وإعادة تأهيل المواطن قبل إعادة تأهيل الوطن، بداية ومنطلق، وهدف ومرتكز، فهو قمة الفقه، ورأس الأولويات للإصلاح والإصلاحيين، لبناء مشروع وطني حضاري كبير.
7- إعادة بناء غزة كرمز للصمود والنهضة؛ حيث تعزيز وحدة الصف الفلسطيني ودعم المصالحة الفلسطينية الداخلية لتوحيد الجهود في مواجهة التهديدات والأزمات والمخاطر.
8- بناء تحالفات محلية وإقليمية ودولية قوية، بصرف النظر عن الأيديولوجية الفكرية أو التوجهات السياسية، بما يحقق الدعم للقضية الفلسطينية، ومواجهة الصراعات والنزاعات، بحماية الوعي الجمعي، الذي يدعم الجهود الإعلامية والفكرية لإبراز مركزية القضية الفلسطينية كرمز للنضال الإنساني
تأكيد وضرورة.. الإصلاحيون في الخارج ودورهم في المشروع الحضاري
دور الإصلاحيين لا ينحصر داخل حدود فلسطين، بل يمتد إلى الخارج حيث يعملون على تعزيز مكانة القضية الفلسطينية كقضية مركزية في المشروع الحضاري للأمة. هذا الدور يتجسد في المحاور التالية:
الإصلاح ليس مجرد معالجة آنية للأزمات، بل هو رؤية استراتيجية تضع الأمة على طريق النهضة، مستلهمة من مكتسبات الطوفان لتأسيس مستقبل انساني، يحمل قيم الحق والحرية والجوار والعدالة وكرامة، بقياداته الواعية، التي تحول مجرى طوفان الأقصى إلى نقطة انطلاق لمشروع تحرري يعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والأرض، بين الشعب والدولة، وبين الأمة والعالم
1- الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية؛ فالإصلاحيون الفلسطينيون في الخارج يمثلون خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، حيث يعملون على تسليط الضوء على عدالة القضية وحق الشعب الفلسطيني في الحياة، وبناء شبكات ضغط دولية لدعم الطوفان الإصلاحي القادم، من خلال واجهة الوعي السياسي والثقافي.
2- تعزيز التعاون الإقليمي لدعم الطوفان؛ وهو ما يوجب على الإصلاحيين توحيد الجهود بين القوى المحلية والإقليمية والدولية لدعم القضية الفلسطينية ومواجهة الهيمنة الاحتلالية، وذلك بإطلاق مشاريع تعاون اقتصادي وسياسي بين الدول الداعمة للمشروع الحضاري، مع بناء تحالفات فكرية وإعلامية تدعم الوعي الجمعي العالمي، وتنقل الخبرات لدعم الداخل الفلسطيني.
3- الإصلاحيون في الخارج يسهمون في دعم الداخل الفلسطيني من خلال نقل التجارب التي تساعد على بناء مؤسسات قوية ومستدامة، تبدأ بتطوير المشاريع التعليمية والتكنولوجية التي تخدم الأهداف الحضارية، وتربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصادات الداعمة للحق والحرية والدولة.
حماة الطوفان.. وحراس النهضة هم الإصلاحيون.. قادة المشروع الحضاري للأمة
يبدأ دور الإصلاحيين في الداخل الفلسطيني باستراتيجية اليوم التالي لطوفان الأقصى، الذي امتد بين تحرير الأرض وإحياء الأمة، حيث يمثل الحُراس قيادة التحول من الانتصار الميداني إلى المشروع الحضاري الشامل؛ فالإصلاح ليس مجرد معالجة آنية للأزمات، بل هو رؤية استراتيجية تضع الأمة على طريق النهضة، مستلهمة من مكتسبات الطوفان لتأسيس مستقبل انساني، يحمل قيم الحق والحرية والجوار والعدالة وكرامة، بقياداته الواعية، التي تحول مجرى طوفان الأقصى إلى نقطة انطلاق لمشروع تحرري يعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والأرض، بين الشعب والدولة، وبين الأمة والعالم، وهذا دور الإصلاحيين الفلسطينيين، في الداخل والخارج، كونهم المكون الرئيس، والجزء الذي لا يتجزأ من هذا المشروع العظيم الذي يسعى لتحقيق الحرية والعدالة للأمة جمعاء.. فالطوفان مسار وللأمة القرار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الفلسطيني الإصلاحيين غزة استراتيجية فلسطين غزة إصلاح استراتيجية طوفان الاقصي مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الداخل الفلسطینی القضیة الفلسطینیة طوفان الأقصى الیوم التالی فی المشروع
إقرأ أيضاً:
مخاوف إسرائيلية من صفقة مع حماس تعيد الوضع إلى ما قبل الطوفان
يشتد النقاش الاسرائيلي حول إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، وما يعنيه من اتخاذ قرارات صعبة ودراماتيكية، وما تسميه تنازلات، وسط معارضة لا يخفيها تيار الفاشيين داخل الحكومة، بزعم أن الصفقة ستعيد الاحتلال لنقطة البداية الإشكالية قبل طوفان الأقصى.
البروفيسور عيزرا غات، أستاذ الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ومستشار معهد دراسات الأمن القومي، وحائز على جائزة معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في العلوم السياسية والاستراتيجية، ذكر أنه "بعد انتهاء الحملة على إيران بإنجازات كبيرة، عادت مسألة استمرار الحرب في غزة لمركز الجدل العام، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمسألة الرهائن المتبقين لدى حماس، ويرى كثيرون أن انتهاء حرب إيران يشكل فرصة مناسبة لإنهاء نظيرتها ضد حماس في غزة أيضاً".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "اختلافات الرأي والتقييمات بشأن المستقبل بعد إبرام هذه الصفقة في غزة، تظل مفتوحة دائما، على الأقل جزئيا، وهي اختلافات مشروعة، ومن الضروري ألا نخدع أنفسنا في تقييماتنا للخيارات المتاحة على الطاولة فيما يتصل بالصفقات المقترحة لإنهاء حرب غزة، لأن الخطاب الذي انتشر من هوامش الحكومة الحالية إلى مركزها تسبب في أضرار جسيمة للدولة في الرأي العام العالمي، بما في ذلك بين أصدقاء الاحتلال، وحتى على الساحة الداخلية".
وأوضح إن "التحالف اليميني والشكوك المبررة بشأن دوافعه الأيديولوجية والشخصية الانتهازية تسبب أضرارا جسيمة، وهو ما يترتب عليه آثار على النقاش حول الحرب، وشروط نهايتها".
وشرح قائلا إن "سقوط إيران، واستمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية في غزة، يزيدان من فرصة إنهاء الحرب، رغم القناعة السائدة بأنه لا أمل في استمرار الحرب حتى قتل آخر حمساوي، هذا الهدف يستحيل تحقيقه، ولذلك فإن الهدف هو إضعاف حماس أكثر، والتخلص من أكبر قدر من هيكلها القيادي، وتفكيكها بشكل أكبر، إلى المستوى الذي يسمح لها بكسر سيطرتها الفعلية على القطاع، رغم الافتراض بأنه إذا انسحب الاحتلال من غزة، فيتوقع أن تستعيد الحركة سيطرتها بسرعة".
وأوضح أن "التسوية المقترحة في غزة تشبه التسوية التي توصلنا إليها مع حزب الله في لبنان، رغم أن ما فشلنا في تحقيقه عسكرياً خلال عام ونصف لم يعد ممكنا تحقيقه على الأرجح، رغم أن نتائج عملية "عربا غدعون" قد تمهد الطريق بالفعل لدخول حكومة غير حماس للقطاع، ستضطر حتماً للحصول على دعم "الحِراب" الإسرائيلية، كما هو الحال في الضفة الغربية، رغم أن أي نهاية أخرى للحرب ستؤدي لتعافي حماس، وعودتها للسيطرة على القطاع".
وأوضح أنه "بالنسبة للصفقة، فلا يمكن دفع "أي ثمن" لاستعادة المختطفين، لأنهم أعظم رصيد لدى حماس، وضمانة وجودها حالياً، وهي تنوي استغلال هذه الميزة على أكمل وجه، وجمع أقصى ما يمكن لهم، رغم أن مقابل استعادتهم يتمثل بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين جماعياً، ولا يخفى على أحد مشاهد خروجهم في مئات الحافلات المحتفلة على الرأي العام الفلسطيني والعربي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، الذي "ثَمِلَ" بنجاح السابع من أكتوبر، ونيران الجهاديين، مما سيعزز صفوف حماس في غزة بشكل كبير".
وزعم أنه "كما لعب أسرى صفقة أحمد جبريل 1985 في دورا في اندلاع انتفاضة الحجارة، فقد مارس أسرى صفقة شاليط 2011، الذين زادوا عن ألف أسير ذات الدور في العمليات المسلحة، صحيح أن الجيش سيقتل مئات الأسرى المحررين، لكن بعد أن يقتلوا مئات وآلاف الاسرائيليين، ولذلك فإن أغلب أنصار الصفقة "بأي ثمن" يتجاهلون هذا الأثر، وتداعياته، بل يعتقدون، بكامل وعيهم، أنه حتى لو كان هذا حساباً دموياً بالفعل، فإن قبوله التزام أخلاقي، رغم المخاوف من أن حماس ستحتفظ بعدد من المختطفين كاحتياطي للمستقبل".
وحذر أنه "إذا عادت حماس، نتيجة للاتفاق، لموقع السيطرة في غزة، وأعادت بناء صفوفها، وجددّت ردعها الصاروخي، وليس بالضرورة التهديد بهجوم واسع النطاق، فهذا يعني أننا عدنا لنفس النقطة، ولذلك لا يجب السماح بعودتها للسيطرة على غزة، واستعادة نفوذها، وإلا ستجد إسرائيل نفسها أمام معضلات صعبة، سياسية وعسكرية، لا يجوز التغاضي عنها، ومن غير الواضح لأي مدى سيسمح لنا النظام الدولي بحرية العمل العسكري في غزة".
وأشار إلى أن "الخلاف السياسي العسكري في الدولة له تأثير قاتل على القدرة على خوض الحرب، لكن انسحاب الجيش من القطاع في هذه المرحلة سيؤدي لعودة حماس، ويتسبب في أضرار جسيمة داخل المجتمع الإسرائيلي أو خارجه، رغم أن نتنياهو ذكي بما يكفي لفهم أنه لن يكون هناك تهجير ولا مستوطنات في غزة، لكنه واصل إصدار هذه التصريحات لإرضاء شركائه المتطرفين في الائتلاف".