جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-13@06:41:25 GMT

إنجازات تكتب فصول المستقبل

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

إنجازات تكتب فصول المستقبل

 

 

 

◄ في ذكرى تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم تتجلّى معاني الإنجاز والعزم على مواصلة البناء

 

سهام بنت أحمد الحارثية

harthisa@icloud.com

 

 

في 11 يناير 2020، تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في سلطنة عُمان، مُفتتحًا مرحلة جديدة من العمل الوطني الذي يجمع بين تعزيز إرث السلطنة العريق ورسم ملامح المستقبل الواعد.

جاءت بداية حكم جلالته- أعزه الله- في ظل ظروف اقتصادية معقدة وتحديات إقليمية ودولية، إلّا أن الحكمة السامية وضعت رؤية واضحة وأهدافًا استراتيجية أعادت رسم الأولويات الوطنية وركزت على بناء دولة حديثة ومتجددة.

رؤية "عُمان 2040" كانت الركيزة الأساسية التي انطلقت منها الجهود التنموية؛ حيث صيغت لتكون إطارًا شاملًا لتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي، هذه الرؤية تستهدف تنويع الاقتصاد العُماني بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتعزيز قطاعات واعدة مثل السياحة، والصناعة، والتكنولوجيا، والتعليم، مما يضمن استدامة التنمية وتعزيز تنافسية السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي.

وعلى الجانب المالي، أًطلق برنامج التوازن المالي الذي شكَّل استجابة استراتيجية للتحديات الاقتصادية. وأسهم البرنامج في خفض العجز المالي، وتحقيق استقرار اقتصادي ملموس، وزيادة مساهمة الإيرادات غير النفطية، نتائج هذه الجهود ظهرت بوضوح في معدلات النمو الاقتصادي وتحسن المؤشرات المالية العامة، ما يعكس نجاح السياسات التي اتبعتها السلطنة في مواجهة الأزمات.

وفي مجال الإدارة الحكومية، شهد الجهاز الإداري إعادة هيكلة شاملة تهدف إلى تحسين الأداء وزيادة الكفاءة، ومن بين أبرز الخطوات التي اتخذت تفعيل نظام اللامركزية من خلال منح المحافظات صلاحيات أوسع، مما ساهم في تعزيز التنمية المحلية وتشجيع الاستثمار على مستوى المحافظات.

الشباب كانوا محورًا أساسيًا لسياسات جلالة السلطان؛ حيث جرى إطلاق العديد من البرامج لدعم ريادة الأعمال وتوفير التسهيلات للشباب لتأسيس مشاريعهم الخاصة، كما حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة بدعم كبير، إلى جانب تطوير برامج التدريب والتأهيل لتزويد الشباب بالمهارات المطلوبة في سوق العمل المتجدد.

قطاع السياحة شهد تطورًا ملحوظًا من خلال إطلاق مشاريع نوعية تستهدف تعزيز مكانة السلطنة كوجهة سياحية متميزة، كما كان هناك تركيز كبير على تحسين البنية الأساسية؛ سواء من خلال تطوير شبكات الطرق والموانئ والمطارات، أو الاستثمار في البنية الرقمية التي أصبحت عنصرًا أساسيًا لجذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادي.

وقد أولى جلالة السلطان المعظم اهتمامًا كبيرًا برفاهية المواطن العُماني؛ حيث جرى اتخاذ خطوات هادفة لتحسين جودة الحياة عبر تطوير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، كما جرى العمل على إعادة هيكلة أنظمة الدعم الاجتماعي لضمان وصوله إلى مُستحقيه بشكل مباشر، مما يعزز العدالة الاجتماعية.

وعلى الصعيد الخارجي، واصلت السلطنة نهجها الحكيم والمتزن في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية. بقيت عُمان طرفًا موثوقًا في تعزيز الحوار وحل النزاعات، مما رسخ مكانتها كدولة داعمة للسلام والاستقرار.

في ذكرى يوم الحادي عشر من يناير، ذكرى تولي جلالة السلطان مقاليد الحكم في البلاد، تتجلّى معاني الإنجاز والعزم على مواصلة البناء؛ إذ أثبتت السياسات التي قادها عاهل البلاد المفدى قدرتها على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات الوطن والمواطن، وما تحقق خلال هذه السنوات يُعد أساسًا قويًا لمستقبل مشرق، يرتكز على القيم الراسخة والطموح الذي لا يعرف الحدود.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عُمان صوت العقل ونهج الحكمة

 

 

د. حامد بن عبدالله بن حامد البلوشي **

عبر الأزمنة، وعلى مدار التاريخ الإنساني؛ برزت سياسة الحياد الإيجابي كنهج إستراتيجي تبنته بعض الدول واختارته لصون استقرارها، والحفاظ على لحمتها الوطنية، متجنبة التورط في النزاعات الإقليمية، والصراعات الدولية. ويتجلى الحياد في حفاظ الدولة على توازن علاقاتها مع مختلف الأطراف، دون أن تنحاز إلى جهة على حساب أخرى. ولقد اختطت سلطنة عُمان هذا المسار بثبات وحكمة، واعتمدت ذلك النهج كسياسة دائمة، فباتت نموذجًا فريدًا للدبلوماسية الرشيدة الرصينة، والسياسة العقلانية الحكيمة.

ظلّت عُمان دولة مستقلة ذات سيادة راسخة عبر العصور، ترفض التبعية والانجرار خلف القوى العالمية، وتنسج علاقات طيبة مع الشعوب شرقًا وغربًا. وهذا النهج لم يكن وليد العصر الحديث، بل بدأ منذ عهد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي في القرن الثامن عشر، وازداد وضوحًا خلال حكم السلطان قابوس بن سعيد -رحمه الله- الذي أرسى سياسة الحياد المُستنير، مكرسًا مبدأ: "لا عداء مع أحد، ولا تحالف ضد أحد"، وهو النهج الذي يواصل السير عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- منذ توليه مقاليد الحكم عام 2020، مجددًا التزام السلطنة بالحياد كخيار إستراتيجي.

وفي عالم تتسارع فيه الصراعات وتضطرب التحالفات، تبرز عُمان كواحة سلام، لا تنأى عن الأحداث، بل تقدم الحياد كرسالة حضارية. تمضي بثبات الحكماء، تمزج السكينة السياسية بالفاعلية الدبلوماسية، وتبني جسور التفاهم، مناصرةً صوت العقل والحوار، ومراهِنة على الحكمة لإطفاء حرائق الجغرافيا والتاريخ.

وقد ارتكزت سياسة الحياد الإيجابي العُمانية على مجموعة من الأسس:

 التمسك بالمبادئ الدولية: وعلى رأسها احترام السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض استخدام القوة أو التهديد بها لحل النزاعات. ويتجلى ذلك في موقفها الثابت من الأزمات الدولية والإقليمية؛ حيث حرصت على الالتزام بالقانون الدولي ودعم المبادرات الدبلوماسية السلمية. دعم الحوار كوسيلة لحل النزاعات: فهو أحد الأعمدة الأساسية التي قامت عليها الدبلوماسية العُمانية؛ حيث آمنت عُمان بأن الحلول السلمية هي الأجدى لتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي. تعزيز التعايش السلمي والتعاون الإقليمي والدولي: فمنذ القدم، كانت عُمان ملتقى للحضارات، وجسرًا يربط الشرق بالغرب. واستمرت السلطنة في تعزيز العلاقات الودية مع مختلف الدول، وسعت إلى دعم الجهود الرامية لتحقيق السلام في المنطقة والعالم، إدراكًا منها بأن الاستقرار لا يتحقق إلا عبر التعاون المثمر، والتفاهم المتبادل.

 

وقد اتسمت السياسة العُمانية الرشيدة بعدد من الأهداف السياسية والإستراتيجية ومنها:

الحفاظ على الاستقرار الداخلي والخارجي: فقد ساعدت سياسة الحياد العُمانية في تجنيب السلطنة الكثير من الصراعات التي عصفت بالمنطقة، فبقيت عُمان واحة استقرار وسط أزمات الخليج المتتالية.  تحقيق التوازن في العلاقات الدولية: عن طريق حرص السلطنة على علاقات متوازنة مع الجميع، فجمعت بين روابطها الخليجية والعربية، وعلاقاتها المتميزة مع قوى كبرى كأمريكا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، ما منحها حضورًا دوليًّا فاعلًا.  تعزيز دور عُمان كوسيط موثوق: فأصبحت السلطنة وسيطًا يُعتمد عليه في أزمات كالأزمة اليمنية والملف النووي الإيراني. بفضل حيادها الإيجابي.

وبالنظر إلى التجارب العملية لسياسة الحياد العُمانية، نذكر بعض النماذج الناجحة:

الوساطة بين الولايات المتحدة الأمريكية والسلطات المعنية بالجمهورية اليمنية والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر وباب المندب. استضافة الحوار الأمريكي الإيراني (2025م): فقد استضافت السلطنة مؤخرًا محادثات بين أمريكا وإيران، تأكيدًا على نهجها في الحياد الإيجابي وسعيها للتقريب بين الأطراف. وجاءت هذه المبادرة تأكيدًا لحكمة القيادة العُمانية ودورها المحوري في دعم الاستقرار الإقليمي، لتظل عُمان منارة للتعقل، ومأمنا للحوار البنَّاء. الوساطة في النزاع اليمني: بالنظر إلى سلطنة عُمان كأرض للحكمة، وواحة للسلام، وبرعاية قائدها المتبصر، قد قامت بدورها المحوري المنتظر منها دائما في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، عبر دبلوماسيتها الهادئة، ومساعيها الإنسانية، بهدف الوصول إلى حلّ سلمي يخفّف من معاناة الشعب اليمني. منتزعة فتيل الأزمة، وغارسة بذور الوفاق، في أرض تاقت إلى الأمان بعد طول اضطراب. موقفها من الأزمة الخليجية (2017م): فقد التزمت عُمان الحياد، فحافظت على علاقاتها مع جميع الأطراف، وساهمت في جهود الوساطة بين الأشقاء الخليجيين، مؤدية دور الجسر الذي يربط الأشقاء دون انحياز. الأمن البحري في الخليج: بفضل موقعها الإستراتيجي على مضيق هرمز، لعبت السلطنة دورًا في تهدئة التوترات البحرية، وسعت لضمان استقرار الملاحة الدولية بين إيران والغرب.

إنَّ انتهاج سياسة الحياد العُمانية لم يكن طريقًا مُعبَّدًا؛ بل كان مسارًا شائكًا محفوفًا بالتحديات، ومن أبرزها:

* الضغوط الإقليمية والدولية: فقد واجهت السلطنة محاولات دائمة لجرّها إلى مواقف منحازة من قِبل بعض القوى، إلا أن القيادة العُمانية تمسكت بنهجها المستقل، ورفضت الانجراف وراء الاستقطاب.

* التحديات الاقتصادية والسياسية: فرغم ما قد يسببه الحياد من حرمان بعض الامتيازات الاقتصادية التي تُمنح للحلفاء، فقد استطاعت عُمان بناء اقتصادها عبر التنويع والاستثمارات، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع الجميع.

رغم ما قد يرافق الحياد من تحديات، إلا أن له آثارًا إيجابية بارزة، منها:

الاستقرار السياسي والاقتصادي: فقد ساعد الحياد في ترسيخ أمن عُمان واستقرارها، مما جذب الاستثمارات، وعزز النمو الاقتصادي، فاستقطبت العديد من الاستثمارات الباحثة عن البيئة الآمنة. تعزيز المكانة الدولية: فمنحت سياسة الحياد السلطنة احترامًا واسعًا وثقة دولية، فغدت شريكًا موثوقًا في قضايا إقليمية ودولية عديدة.

لقد أثبتت سياسة الحياد العُماني أنها ليست مجرد موقف دبلوماسي؛ بل هي رؤية إستراتيجية أسهمت في حفظ الاستقرار وتعزيز مكانة عُمان عالميًّا. وسواء في عهد السلطان قابوس -طيب الله ثراه-، أو في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- ستبقى عُمان نموذجًا للاتزان السياسي والحكمة الدبلوماسية، دولة ترفض الاستقطاب، وتصنع السلام في عالم يموج بالصراعات.

** مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية المجتمعية

مقالات مشابهة

  • لحظة عُمان وقيادتها التاريخية الفارقة
  • كاثرين هيبورن في ذكرى ميلادها.. سيدة الأوسكار الحديدية التي كسرت قواعد هوليوود (تقرير)
  • “الاتصال الحكومي” تنشر موجز إنجازات الوزارات والمؤسسات الحكومية خلال نيسان
  • حجمها أكبر من الأرض بـ11 مرة.. “الفلك العُمانية” ترصد أضخم بقعة شمسية بسماء السلطنة
  • عُمان الخير والسلام للعالم أجمع
  • في ذكرى غرق سفينة أوكورينراكو.. تعرف على الكارثة التي هزّت اليابان 1955
  • جلالة السلطان يتلقى اتصالا هاتفيا من الأمين العام للأمم المتحدة
  • جلالة السلطان يتلقّى رسالة خطيّة من خادم الحرمين الشريفين
  • عُمان صوت العقل ونهج الحكمة
  • أبراج لخدمات الطاقة وسوناطراك تُرسّخان شراكة استراتيجية خلال زيارة جلالة السلطان إلى الجزائر