متحف السلطان دينار.. من مركز ثقافي إلى هدف للحرب
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
الفاشر- تُعد مباني متحف السلطان علي دينار في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور غرب السودان، من المعالم التاريخية البارزة التي تجسد مراحل متعددة من تاريخ السلطان دينار، الذي حكم المنطقة منذ عام 1898 حتى 1961.
وقبل اندلاع الحرب في السودان، كان المتحف مركزا ثقافيا وتعليميا نشطا، يجذب الزوار من مختلف أنحاء البلاد والعالم.
ومع بدء الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، أصبح مصير هذا المتحف ومحتوياته مهددا. وتم إغلاق أبوابه أمام الزوار في إجراء احترازي لحماية ممتلكاته القيمة، التي تعود لأكثر من 55 عاما منذ تأسيسه في عام 1970.
ورغم الجهود المبذولة للحفاظ عليه، لم ينجُ المتحف من تداعيات الحرب، حيث تعرض مؤخرا للقصف من قبل قوات الدعم السريع، مما أسفر عن أضرار جسيمة في مختلف أرجائه.
وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال الربيع بحر الدين علي دينار، حفيد السلطان والوكيل الحالي لسلطان دارفور، إن المتحف تعرض لأضرار كبيرة نتيجة القصف المدفعي المستمر. وأوضح أن المباني والقطع الأثرية داخله تضررت، دون وجود إحصائيات دقيقة حول حجم الأضرار. وأشار إلى أن هذا الاستهداف سيؤثر بشكل كبير على مستقبل الموروث الثقافي في المنطقة، مما ينذر بفقدان المجتمع جزءا أساسيا من تاريخه وهويته.
إعلانوأكد بحر الدين أن "التراث الثقافي ليس مجرد آثار، بل هو هوية وتاريخ للأجداد، ويجب أن يحميه الجميع بكل ما أوتي من قوة". وأعرب عن أسفه العميق لما يحدث، مشددا على أن الأجيال القادمة ستعاني من فقدان هذا الإرث إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ومن جانبه، دعا أمين الفكر والثقافة بمجلس السلطان علي دينار، الدكتور إبراهيم أبكر سعد، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لحماية المواقع التاريخية والثقافية في البلاد. وحذر، في حديثه للجزيرة نت، من أن تدمير هذه المواقع يهدد السلام والاستقرار المجتمعي في المنطقة، مشيرا إلى أن مجلس السلطان بصدد رفع قضية دولية للجهات المعنية حول قصف المتحف في الفاشر.
ومن جهة أخرى، ذكر بيان صحفي صادر عن مكتب وكيل السلطان علي دينار أن قوات الدعم السريع قصفت المتحف الذي يضم آثارا ومقتنيات تاريخية بعدد من القذائف. وأكد البيان أن الخراب والتدمير طال المباني الأثرية والمقتنيات الثمينة، وأعرب عن أسفه لنقل هذا الخبر للجمهور المهتم بتاريخ المنطقة، كما أدان بأشد العبارات هذا التعدي غير المسبوق على ما تحتويه دارفور من آثار.
وفي مارس/آذار 2023، أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) قصر ومتحف السلطان في مدينة الفاشر غرب السودان ضمن قائمة التراث العالمي. وأكدت مديرة اليونسكو آنذاك، السيدة إيرينا بوكوفا، أن القصر والتراث الثقافي يعدان عاملين مهمين للسلام والتنمية في المنطقة.
وُولد السلطان علي دينار في قرية "شوية" بدارفور، وشُيد قصره في أوائل القرن الـ20، تحديدا في عام 1905، ليكون مركزا للحكم والإدارة في سلطنة دارفور. وبعد وفاته، تم تحويله إلى متحف في عام 1977، ويحتوي على مجموعة من الآثار والمقتنيات التي تعود إلى فترة حكمه. وقد جرت عملية إعادة ترميمه مؤخرا بواسطة الحكومة التركية، ممثلة في الوكالة الرسمية "تيكا".
إعلانووفقا لقاسم عبد الله الفكي، المدير العام السابق لوزارة الثقافة والإعلام في شمال دارفور، فإن من أبرز المعروضات في المتحف كرسي السلطان، وهو هدية من الإمبراطورية العثمانية، بالإضافة إلى طبلين نحاسيين يُستخدمان في إعلان الحروب والأفراح، إلى جانب مجموعة من الأسلحة والمخطوطات الأثرية القديمة.
كما يحتوي المتحف على أختام السلطان وسيوف فضية وبنادق وملابس السلطان وعرشه، فضلا عن عملات فضية وأوانٍ مطلية بالذهب ومخطوطات إسلامية. وأكد الفكي، في حديثه للجزيرة نت، أن المتحف يعد الأول في دارفور والثاني في السودان بعد المتحف القومي.
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة (@aljazeera)
والسلطان علي دينار (1856-1916) هو آخر سلاطين مملكة الفور من قبيلة الكيرا في سلطنة دارفور بالسودان، حيث اتخذ مدينة الفاشر عاصمة له. وقد أسس مصنعا لصناعة كسوة الكعبة، وظل 20 عاما يرسل الكسوة إلى الكعبة في مكة المكرمة. كما يُنسب إليه حفر آبار على ميقات أهل المدينة للإحرام للحج والعمرة بالقرب من المدينة المنورة وتجديد مسجد ذي الحليفة.
وبحسب عبد الرحمن يوسف، حفيد السلطان، بدأ العمل في تشييد القصر الذي تحول لاحقا إلى متحف في عام 1871، واكتمل البناء في عام 1912، حيث قام ببنائه حرفيون أتراك وإغريق مستلهمين من الطراز المعماري الإسلامي. وأوضح للجزيرة نت أنه تم وضع بعض الهدايا والغنائم القيمة التي كانت تُهدى إلى السلطان من مختلف دول العالم. وبعد استشهاده، أصبح القصر مقرا للكولونيل كلي، قائد القوة البريطانية، ولاحقا تحول إلى مقر للمحافظين الوطنيين حتى عام 1976. وذكر أن القصر يُعد ثاني المتاحف في البلاد بعد المتحف القومي.
وتُعتبر "سلطنة الفور" آخر جزء من الدولة السودانية بالشكل الجغرافي الحديث، حيث تمكن الغزو الإنجليزي من إخضاعها في عام 1916 بعد معركة شرسة استبسل فيها السلطان دينار، والتي أودت بحياته وحياة الآلاف من جنوده.
إعلانومنذ بداية الحرب في السودان، تعرضت العديد من المواقع الأثرية والمقتنيات للسرقة والتلف، بما في ذلك المتحف القومي الذي يحتوي على آثار وتماثيل مهمة ومجموعات أثرية ذات قيمة تاريخية ومادية كبيرة. كما لحق الخراب بمتحف بيت الخليفة في مدينة أم درمان ومتحف نيالا في جنوب دارفور.
وفي بيان صدر مؤخرا، أكدت منظمة اليونسكو، التي تتخذ من باريس مقرا لها، أن التهديدات التي تواجه الثقافة في السودان قد وصلت إلى مستوى غير مسبوق. ودعت المنظمة إلى حماية التراث الثقافي من التدمير والاتجار غير المشروع، مشددة على ضرورة امتناع الأفراد العاملين في تجارة السلع الثقافية حول العالم عن حيازة الممتلكات الثقافية من السودان أو المشاركة في استيرادها أو تصديرها أو نقلها إلى أماكن أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السلطان علی دینار فی السودان فی عام
إقرأ أيضاً:
زراعة الشيوخ تزور متحف الوزارة.. والجبلي: ثروة تاريخية
نظمت لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، برئاسة المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس اللجنة، زيارة تفقدية للمتحف الزراعي بالدقي، اليوم الثلاثاء، وذلك في حضور وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق، ورئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب النائب هشام الحصرى، وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ والقيادات الحكومية.
وشهدت الزيارة، تفقد كل من متحف المقتنيات، متحف المجموعات العلمية، المكتبة، قاعة السينما الملكية، متحف الزراعة القديمة.
كما شهدت الزيارة، تفقد وفد اللجنة لمعرض زهور الربيع ٢٠٢٥، ومعرض ديارنا الذى يقام بالتنسيق بين وزارتى التضامن الاجتماعي ووزارة الزراعة لعرض المنتجات اليدوية.
وخلال الزيارة، استمع الوفد البرلمانى، إلي شرح حول تاريخ المتحف الزراعى والذى يمثل ذاكرة مصر الزراعية، حيث يعد ثاني أهم مكان متخصص في «الزراعة» على مستوى العالم بعد المتحف الزراعى في العاصمة المجرية «بودابست»،
وتزيد مساحته علي ثلاثين فداناً.
وأكد وزير الزراعة علاء فاروق، أن المتحف يثبت أن مصر من أهم الدول في المجال الزراعي، حيث ينفرد باقتناء مجموعة تاريخية زراعية هامة وكاملة، تتناول تاريخ الزراعة في مصر وتطورها على مر العصور.
وأشار فاروق إلى أهمية عودة القيمة التاريخية للمتحف، وأن يعود إلى سابق عهده، لافتًا إلى أن هناك خطة كاملة لتطوير المتحف الزراعي، بالشراكة مع العديد من رجال الأعمال المصريين الوطنيين، ليكون مزارًا للجميع، ولطلاب المدارس والجامعات، فضلًا عن المهتمين بالتاريخ الزراعي في مصر وخارجها.
ومن جانبه أكد المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، أهمية الجهود المبذولة في تطوير المتحف الزراعي،
مشيرا إلي ضرورة التعاون وتضافر الجهود لاستعادة القيمة التاريخية للمتحف الزراعي، حيث يمثل ثروة كبيرة لمصر، الأمر الذى يدعونا للحفاظ عليه.
وأيده النائب هشام الحصرى، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، موضحا أهمية التكاتف من أجل عودة المتحف لقيمته التاريخية والتراثية الهامة، وأن يعود قبلة للزائرين المهتمين بالقطاع الزراعي، والثقافة الزراعية من مختلف دول العالم.
وشارك في الزيارة، كل من النائب محمد السباعى وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، والنائب جمال أبو الفتوح وكيل اللجنة، والنائب عمرو أبو السعود أمين سر اللجنة، والنائب محمود أبو سديرة، والنائب أحمد شرانى، والنائب محمد عزمى، والنائبة نهى زكى، والنائبة هيام فاروق.
وكانت لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، برئاسة المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس اللجنة، أوصت مؤخرا بزيارة المتحف الزراعي، خلال مناقشتها الاقتراح برغبة المقدم من النائب عمرو عزت عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بشأن تطوير المتحف الزراعى وإعادة افتتاحه.