واشنطن- بعد أسبوع من فوزه بانتخابات 2016، تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحقيق السلام في الشرق الأوسط قائلا: "هذه هي صفقة القرن، وأنا بوصفي صانع صفقات، أود أن أعقد هذه الصفقة التي صعبت على الجميع من أجل البشرية جمعاء".

وبعد أقل من أسبوع على عودته للبيت الأبيض لبدء فترة حكمه الثانية، قال ترامب إنه أبلغ العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في اتصال هاتفي أنه يريد أن تستقبل بلاده فلسطينيين من قطاع غزة، كما قال إنه يتوقع أن يقدم طلبا مماثلا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إذ يتصور إمكانية نقل مليون أو 1.

5 مليون فلسطيني إلى خارج القطاع.

ويرى مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير بالمجلس الأطلسي السفير ديفيد ماك، في تصريح للجزيرة نت، أن مقترح ترامب يفتقر إلى المسؤولية، ويرقى إلى درجة من التطهير العرقي غير المقبولة لشعب غزة وحكومتي مصر والأردن.

أما خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية بواشنطن غريغوري أفتانديليان، فشكك في قدرة واشنطن على فرض هذا الأمر على مصر أو الأردن.

وأضاف أفتانديليان أن "واشنطن لديها قدرة ضئيلة على جعل مثل هذه الخطة حقيقة واقعة، لأنه لا يوجد دعم لها من المجتمع الدولي، وإذا حاولت إسرائيل القيام بذلك من جانب واحد، فلن تدعمها أي دولة أخرى".

إقصاء الفلسطينيين

وتضمنت خطة سلام ترامب التي تم الإعلان عنها من داخل البيت الأبيض في يناير/كانون الأول 2020 إعادة رسم الحدود بالضفة الغربية لضم المستوطنات الكبرى ومنطقة غور نهر الأردن لإسرائيل، كما توفر الخطة حكما ذاتيا محدودا للفلسطينيين في الضفة الغربية ومناطق شرق القدس.

إعلان

وتتضمن الخطة أيضا أن يتزايد الحكم الذاتي للفلسطينيين على مدى 4 أعوام إذا وافقت القيادة الفلسطينية على تدابير سياسية جديدة، واتخَذت خطوات أخرى في إطار المفاوضات مع إسرائيل، وتخلت عما وُصف بالعنف.

كما تقضي الخطة الأميركية بأن تبقي إسرائيل على السيطرة الأمنية في ما يتعلق بالمجال الجوي والأمن البحري والحدود والمعابر البرية، وتمهد خطة ترامب لضم إسرائيل أراضي في الضفة الغربية من دون سكانها العرب.

نبرة استعمارية

وتتميز صياغة الرؤية بنبرة استعمارية وصائية كما يظهر من النقاط التالية:

تتبنى الرؤيةُ السرديةَ الإسرائيلية حرفيا، بما في ذلك الرواية التوراتية وكأنها قانون دولي ووثيقة سياسية معاصرة وصك ملكية. عدم التطرق بكلمة واحدة إلى الرواية الفلسطينية، والإشارة تكون دائما إلى معاناة الإسرائيليين. تسرد الرؤية الادعاءات الإسرائيلية لانسحابها من الأرض وتنازلاتها، من دون ذكر أي إشارة إلى كلمة النكبة ولا معاناة الفلسطينيين بسبب الاحتلال. لا تُذكر معاناة الفلسطينيين إلا بالإشارة إلى أنها ناجمة عن سلوك القيادة الفلسطينية وفسادها، أو "إرهاب" الفلسطينيين. الرؤية لا تعتبر أن معاناة فلسطينية تأتي بسبب إسرائيل أو الاحتلال.

وردا على سؤال حول خطة ترامب التي عبر عنها أمس الأول، قال مسؤولو الإدارة إنهم ينظرون إلى غزة على أنها أرض قاحلة مليئة بالأنقاض والذخائر غير المنفجرة، والتي سيتم تسهيل إعادة إعمارها بشكل كبير من خلال رحيل سكانها.

ضمانات واهية

وقال مسؤول كبير في إدارة ترامب لصحيفة وول ستريت جورنال "لا يمكنك أن تطالب الناس بالبقاء في مكان غير صالح للسكن لأسباب سياسية"، مضيفا أنه قد يتم تزويد الفلسطينيين بضمانات بأنهم قد يعودون في نهاية المطاف بعد مفاوضات مع الشركاء الإقليميين.

في حين شكك السفير ديفيد ماك في امتلاك واشنطن ما يمكنها من فرض رؤية ترامب حول غزة، وقال "لا أعتقد أن الحكومة الأميركية لديها الوسائل لإجبار حكومتي مصر والأردن على قبول مثل هذا العرض، سيعارض شعبيهما مثل هذه الأفكار، وسيضر ذلك بالمصالح الأميركية الأخرى في استقرار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

إعلان

بيد أن السفير ماك اعتبر أن "الائتلاف الإسرائيلي الحاكم حاليا يقول بالفعل إنه من غير المرجح أن يمضي قدما في المرحلتين الثانية والثالثة من خطة السلام التي اقترحها الرئيس جو بايدن، والتي أقرها من حيث المبدأ فريق السياسة الخارجية لترامب، في حين أن عددا كبيرا من أفضل القادة العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين يرغبون في الاستمرار في خطة السلام بعد الانتهاء من مرحلتها الأولى".

ليست الدعوة الأولى

لم تكن دعوة ترامب إلى إخلاء قطاع غزة من سكانه الأولى من نوعها، إذ سبق أن عبّر عنها عديد من أركان إدارته وأفراد عائلته.

وقال جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، في أبريل/نيسان الماضي في فعالية بجامعة هارفارد، إن على إسرائيل ترحيل المدنيين لتطهير قطاع غزة من المقاومة الفلسطينية، إلى صحراء النقب، أو مصر.

وأوضح كوشنر أن "الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، ويمكن استغلالها إذا ركز الناس على بناء سبل العيش".

في الوقت ذاته، وفي حديث للجزيرة نت، قال تريتا بارسي نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي إنه "ليس من الواضح إذا ما كان ترامب جادا أم أنه فقط يطلق بالون اختبار".

واعتبر بارسي أن التطهير العرقي لغزة سيقتل أي سعي لدى ترامب ليصبح إرثه متعلقا بالسلام، كما قال في خطاب تنصيبه، مشددا على أنه إذا حدث ذلك، فسيؤدي إلى زعزعة استقرار مصر والأردن، مع تداعيات وخيمة على المنطقة ككل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الشرق الأوسط قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا يستولي جيش الاحتلال على منازل الفلسطينيين في الضفة؟

رام الله- فوجئ، المواطن الفلسطيني حازم التكروري، من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، فجر اليوم الأحد، بقوة إسرائيلية تقتحم منزله بحي الجامعة في المدينة، وتجبره على مغادرته لتستولي عيله وتحوله إلى ثكنة عسكرية.

اضطر التكروري، وفق حديثه للجزيرة نت، ومعه عائلته المكونة من 4 أفراد إلى مغادرة المنزل فورا وتحت التهديد، دون أن يبرز الجيش أي وثيقة تفيد بالاستيلاء على المنزل ودون السماح لهم بأخذ شيء من أمتعتهم، ودون أن يعرفوا متى يستطيعون العودة.

ما جرى مع التكروري يتكرر منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن منذ بدء المواجهة مع إيران الجمعة الماضي، تكثفت هذه السياسة وطالت عشرات المنازل، وفق متابعات وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية.

قوات الاحتلال تحوّل منزل الشهيد باسم التكروري في حي جامعة الخليل إلى ثكنة عسكرية، وتُجبر سكانه على الخروج دون السماح لهم بأخذ ممتلكاتهم. pic.twitter.com/ZkFFQIKdQn

— فلسطين بوست (@PalpostN) June 15, 2025

عمق أراضي السلطة

وبينما تزامنت سياسة الاستيلاء على المنازل في الضفة، مع العدوان الإسرائيلي على مدينتي جنين وطولكرم، والمستمرة منذ 21 يناير الماضي، فإن حالة منزل التكروري تكاد تكون الأولى لمنزل فلسطيني في عمق أراضي السلطة الفلسطينية، خارج المدينتين.

إعلان

وخلال اليومين الماضيين تداول نشطاء وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي عدة صور ومقاطع فيديو منازل تم الاستيلاء عليها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية في أنحاء متفرقة من الضفة.

ويأتي احتلال المنازل في وقت يفرض فيه الاحتلال إغلاقا مشددا على كافة مخيمات وقرى وبلدات ومدن الضفة الغربية، ويمنع التنقل بينها.

قوات الاحتلال تداهم منزلاً وتحوله إلى ثكنة عسكرية في منطقة كروم عاشور بالبلدة القديمة في نابلس. pic.twitter.com/qNvJDY3DBV

— وكالة سند للأنباء – Snd News Agency (@Snd_pal) June 10, 2025

غايات متعددة

يرى الكاتب والمحلل السياسي، أحمد أبو الهيجا، أن لسياسة احتلال المنازل هدفين مركزيين: يتمثل الأول في اتخاذ بعضها ثكنات عسكرية بديلا من المعسكرات التي قد تتعرض لقصف إيراني، والآخر إخضاع فلسطينيي الضفة إلى مزيد من الضغط الأمني والاقتصادي.

يشير أبو الهيجا في حديثه للجزيرة نت، إلى اتخاذ منازل قريبة من النقاط العسكرية والمعسكرات، مقرات للجيش، مستشهدا بما جرى غرب مدينة جنين حيث "أخلى الجيش معسكرا قريبا واستولى على بيوت تبعد عنه مئات الأمتار في قرية عربية هي قرية رُمانة المطلة على المعسكر، بحيث لو تعرض المعسكر للقصف يكون الجنود خارجه".

ويضيف أن "إقامة الجنود أصبحت داخل البيوت الفلسطينية على افتراض أنها آمنة، بحيث يتم إخلاؤها من سكانها" موضحا، أن بعض السكان  أُبلغوا أن مدة البقاء تصل إلى أسبوعين وقد تستمر أكثر من ذلك.

منزل جديد يقتحمه الاحتلال ويحوله إلى ثكنة عسكرية في منطقة كروم عاشور بالبلدة القديمة بنابلس. pic.twitter.com/TgGyg7iAzE

— Alhadath Newspaper|صحيفة الحدث الفلسطيني (@Alhadath_news1) June 10, 2025

مزيد من الضغط

في الجانب الآخر، يبين الكاتب الفلسطيني، أن احتلال المزيد من المنازل مع تشديد الإغلاقات على الضفة هدفه "زيادة الضغط على الناس" مشيرا إلى "إعاقات مقصودة وغير مبررة لتنقل الشاحنات التجارية بين المحافظات الفلسطينية ومنع دخولها من الأردن".

إعلان

وأشار أبو الهيجا إلى أنه ورغم الإغلاق الشامل على الضفة يتمتع الإسرائيليون داخل إسرائيل وفي المستوطنات بحرية الحركة، ما يفند ذريعة حالة الطوارئ كمبرر للإغلاقات.

وتابع، إن الضفة خارج العملية العسكرية الإسرائيلية "وتقييد الحركة وتشديد الخناق كلها إجراءات غير مبررة أمنيا".

ولفت إلى مخالفة الإجراءات الإسرائيلية سواء الإغلاقات أم احتلال المنازل القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني اللذين يوفران الحماية للمدنيين وقت الحرب.

بعد طردهم بالقوة…
مصادر اعلامية: جنود إسرائيليون يستولون على منزل عائلة فلسطينية في مدينة الخليل، ويخبرونهم أن المنزل أصبح ثكنة عسكرية للجيش الاسرائيلي. pic.twitter.com/0jMxR1hr62

— وصل بوست (@wasl_post) June 11, 2025

بث الرعب

من جهته يلفت منسق الحملة الشعبية الفلسطينية لمقاومة الجدار جمال جمعة، إلى أن توسيع احتلال المنازل يتزامن مع نشر وحدات جديدة من جيش الاحتلال في الضفة الغربية، لإحكام الحصار على الفلسطينيين، بما في ذلك منع الناس حتى من المشي في الشوارع.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن ما يجري "جزء من الضغط وإحكام القبضة على الناس لإرهابهم ومحاولة ردعهم عن القيام بأي فعل مناهض للاحتلال".

وتحدث عن انعكاسات للإجراءات الإسرائيلية على حياة الناس بما فيها تعطيل مصالحهم "حيث شاهدنا التهافت على محطات المحروقات والمتاجر دون مبرر" مشددا على أن الشعب الفلسطيني غير مستعد لتحمل مزيد من تبعات الاحتلال والظروف الضاغطة.

ووفق بيان لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الجمعة فإن "سلطات الاحتلال أحكمت إغلاق معظم الحواجز والبوابات بكافة أشكالها على الأراضي الفلسطينية" في اعتداء "فادح على الحقوق الأساسية المكفولة للشعب الفلسطيني، لا سيما الحق في التنقل والعلاج".

ووفق نفس المصدر فإن الاحتلال يقطع أوصال الضفة بنحو 900 حاجز، منها نحو 160 بوابة مثبتة على مداخل المناطق الفلسطينية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • مجموعة السبع تدعو لإحتواء التصعيد الإيراني الإسرائيلي
  • مع قصفها لإيران.. إسرائيل تحوّل حركة الفلسطينيين إلى معاناة يومية
  • «الشارقة للتمكين» تعرّف بمشروع «جيران النبي»
  • لماذا يستولي جيش الاحتلال على منازل الفلسطينيين في الضفة؟
  • دعوة إسرائيلية لإنهاء حرب غزة واستغلال الحشد الدولي لضرب إيران
  • ????ترامب: على إيران وإسرائيل إبرام صفقة كما فعلت الهند وباكستان
  • مشروع القرن الكهربائي يتقدّم… وأسعار الذهب تسجّل مستويات تاريخية!
  • إيران: دعوة برلمانية للانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي
  • صفقة القرن في الأهلي وناقد رياضي يشوق الجمهور..تفاصيل
  • جُلّهم أطفال ونساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 55.297 شهيدًا