عربي21:
2025-07-27@23:49:46 GMT

ليست صدفة

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

لم يبق أحد حول العالم إلا وتندّر على الرئيس الأمريكي المنصرف جو بايدن، أمام زلة لسانه الشهيرة التي قال فيها: تحدثت قبل قليل إلى الرئيس المكسيكي «سيسي»، في إشارته إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. بايدن آنذاك كان قد استمع على ما يبدو قبل ذلك المؤتمر الصحافي إلى ما تريده الدولة العميقة في أمريكا التي طلبت منه أن يعامل الفلسطينيون في غزة تماماً كما يجب التعامل مع المهاجرين في أمريكا بإلقائهم خلف الحدود وتحديداً في المكسيك.



زلة بايدن، على ما يبدو، ليست صدفة، إذ يعود اليوم دونالد ترامب لينفذ على ما يبدو ما تطلبه الدولة العميقة في أمريكا، من ترحيلٍ للفلسطينيين إلى كل من مصر والأردن، باعتبار أن كلتا الدولتين تتلقيان من أمريكا مساعدات مالية وعسكرية ضخمة، تجعلهما ينصاعان، حسب اعتقاد ترامب، لضغطه وجبروته.

البعض اعتبر تصريحات ترامب بأنها جسٌّ للنبض ليس إلا، ليعود سفيره السابق في تل أبيب ويقول على صفحته على الإعلام الاجتماعي، إن الأردن هي فلسطين وليزيد من وقاحته بأن يسوق سلسلة من الترهات والخزعبلات، ليعقبه بعد ساعات بسيطة ترامب نفسه فيكرر ما سبق أن قاله مؤكداً على أن الأردن ومصر سينصاعان لإرادته في تهجير الفلسطينيين.

ولعل الموقف المشّرف والمعلن للأردن ومصر برفض التهجير، قد استفزا ترامب فقرر أن يكرر التصريحات ذاتها، لكن المشهد الأكبر الذي شغل ترامب حتماً هو رؤية مئات الآلاف من الفلسطينيين العائدين إلى منازلهم، ما دفع من حوله لتذكيره بضرورة تجديد تصريحاته. ترامب بدا وكأنه يستخدم أسلوباً ناعماً وحميمياً في الحديث عن كلٍ من ملك الأردن والرئيس المصري، مستخدماً لغة دبلوماسية فيها الكثير من الإطراء والإشادة التي عادة ما تسبق التلويح بالقوة والعقوبة والضغط والتشديد، بينما وجد الذباب الإلكتروني الفرصة سانحة للترويج لبعض الخطوات العقابية المحتملة وكأنها حقيقة ماثلة. 

ترامب الذي دخل إلى البيت الأبيض مدعياً أنه لا يريد أن يشعل الحروب بل يطفئها، وأنه إنما يريد أن يكون رجل سلام، ربما يكون قد اتخذ قراراً فعلياً بنزع بزته الرئاسية وارتداء ملابس المصارعة، هذه المرة، لا في حلبات المنافسات، بل على حلبات السياسة. فها هو ينسحب تباعاً من المؤسسات العالمية والاتفاقيات الدولية ومنها، منظمة الصحة العالمية وبروتوكول باريس للبيئة، بينما يفرض عقوبات على مؤسسات مختلفة كمحكمة الجنايات الدولية، ويهدد بالانسحاب من أخرى كحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ترامب شطب خليج المكسيك وحوله إلى خليج أمريكا، وفرض عقوبات على بنما لسماحها بتشغيل قناتها من قبل شركة صينية، وأوقف المساعدات الدولية بحجة إعادة تقييمها، ورفع الضرائب الأمريكية على منتجات عدة دول ومنها، الصين وكندا وكولومبيا والقائمة تطول.

واليوم يتحفز ترامب لانتزاع غرينلاند التي تعود للدنمارك لإلحاقها بأمريكا، بينما يطلق العنان لرغبته ضم كندا إلى بلاده. لا ننسى طبعاً قراري رفع العقوبات عن المستوطنين والسماح بتزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة. كل هذا وذاك والذي تم خلال أسبوع واحد من تنصيبه إنما قام به الرئيس الذي يريد أن يطفئ الحروب وأن يكون رجل سلام! معقول؟ كيف لهذا أن يستقيم؟

أهذه غطرسة وغرور وقوة؟ أم شعور بكون ترامب قادرا على أن يكون مزيجاً من سوبرمان، والرجل الوطواط، والرجل العنكبوت، وطرزان، وجيمس بوند، ورامبو، وهالك العجيب، وغرندايزر في آن واحد؟

ترامب يقول إن الفلسطينيين قد عانوا كثيراً وأنهم يستحقون العيش بكرامة من خلال حياة جديدة ينعمون فيها بالأمن والأمان خارج بلدهم، بينما لا يتوانى هو ووزراؤه في تجديد دعمهم لإسرائيل، ساعين لضمان أمنها وأمانها وحقها في الدفاع عن نفسها كما يزعمون، فهل سيقترح ترامب في إطار غيرته على الإسرائيليين وفي السياق ذاته من الحرص بأن يحظوا هم بما يريده هو للفلسطينيين بالعيش خارج إسرائيل أيضاً في رحلة البحث عن الأمن والأمان؟

لقد مل الشعب الفلسطيني التجارب الاستعمارية التي لم تنجح عبر التاريخ لا من حيث الترحيل، ولا من حيث التنازل عن الأرض، ولا القبول بشطب التاريخ والجغرافيا والثقافة والفن والتراث والقائمة تطول.  فترامب العائد إلى الحكم ببزة مصارع، وقفازات ملاكم، وطاقية الكاوبوي، يعتقد أنه في حلبة مصارعة مع الجميع، جاهزٌ للضم والكسر والرفع والفتح والشطب والمحق، بل يبدو وكأنه قد قرر التعامل وفق منظور وزير الدفاع الصهيوني السابق والمأزوم باعتبار الفلسطينيين «حيوانات بشرية»، وباعتبارهم منزوعي الآدمية وهو ما يراه ترامب على أنه ينطبق على رعايا كل الدول التي أعلن عليها الحرب في أسبوعه الأول في السلطة، معتقداً أن القوة ستجعل الجميع يقابل مواقفه بالسمع والطاعة والأمر والتنفيذ!

إن أمريكا على موعد مع أربع سنوات صعبة في حال أراد ترامب الاستمرار في نهجه، أو أنه يعيد النظر فيما يقول ويفعل. أما بالنسبة لتهجير الفلسطينيين فإنني أدعو «أبو دونالد» لتصفح التطبيق الذي يريد حجبه بغرض شرائه، نعم التيكتوك، ليعرف الموقف الحقيقي لكل طفل عاد إلى ركام منزله في غزة عله يستفيق من نزواته… فهل يستفيق؟ ننتظر ونرى.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة ترامب الولايات المتحدة غزة الاحتلال ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟

كشفت "القناة 12" الإسرائيلية أنه من بين الخطوات التي يجري النظر فيها من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة من أجل زيادة الضغط على حركة حماس، هو الطلب بتسليم كبار مسؤوليها في الخارج، أو نفيهم من قطاع غزة. 

وفي الأيام الأخيرة عبّر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عن آرائهم، ودعوا إلى تغيير السياسة في غزة، ودراسة بدائل للمفاوضات لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.

وقالت القناة إن "تصريحات ترامب وروبيو ونتنياهو حول تغيير كبير في القتال كانت منسقة، وقد تحدثوا هاتفيًا بعد رد حماس على مقترح الوسطاء، وأدرك الأمريكيون أن حماس تكسب الوقت وليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق في الجولة الحالية من المحادثات، تعتقد حماس أن الضغط الداخلي والدولي سيجبر إسرائيل على إنهاء الحرب بشروط تصب في مصلحتها".


وأضافت أنه بسبب ذلك "يقول كل من ترامب وروبيو ونتنياهو، بعبارات مختلفة، إن إسرائيل قد تتخذ خطوات جديدة، قد تشمل هذه الخطوات عدة مسارات عمل: الضغط على قيادة حماس في الخارج - من خلال الاغتيالات أو طلب أمريكي وإسرائيلي بتسليمهم".

 بالإضافة إلى ذلك، من الممكن التهديد بـ"الاستيلاء على أراضٍ من قطاع غزة إذا لم تُفرج حماس عن الأسرى خلال فترة زمنية محددة. كما تدرس إسرائيل خيارات أخرى".

وقال وزير الخارجية الأمريكي روبيو لعائلات الأسرى في واشنطن: "نحن بحاجة إلى إعادة نظر جادة للغاية". بينما ألمح ترامب إلى أن "الوقت قد حان لإسرائيل لتصعيد الحرب أكثر من أجل التخلص من حماس وإكمال المهمة". 


وأوضحت القناة أن "إسرائيل غير متأكدة مما إذا كان هذا تكتيكًا تفاوضيًا أم تغييرًا حقيقيًا في توجه ترامب، مما يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لاستخدام وسائل عسكرية أكثر تطرفًا".

وقال ترامب للصحفيين بعد وصوله إلى اسكتلندا: "ما حدث مع حماس أمرٌ فظيع، لقد استفزوا الجميع.. سنرى ما سيحدث. سنرى رد فعل إسرائيل على هذا. لكن يبدو أن الوقت قد حان".

مقالات مشابهة

  • تصاعد التوتر التجاري بين أمريكا وأوروبا مع اقتراب محادثات ترامب وفون دير لاين باسكتلندا
  • الطلب على السجون الخاصة في أمريكا يزدهر بسبب سياسات ترامب
  • روبيو: هذه ليست حرب ترامب، لكنه يريد لها أن تنتهي
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • اتفقوا مع أمريكا لتهجير الفلسطينيين لسيناء .. أحمد موسى يفضح الإخوان على الهواء
  • مقرب من ويتكوف: “حماس” لم تطلب الكثير ونتنياهو لا يريد إنهاء الحرب
  • مقتل شخص بغارة إسرائيلية.. الرئيس اللبناني: لا أحد يريد الحرب ونعالج ملف السلاح بواقعية
  • الرئيس الفلسطيني يشكر المملكة على جهودها التي أسهمت في الالتزام الفرنسي التاريخي بالاعتراف بدولة فلسطين
  • ترامب: أفضل الدولار القوي..وانخفاضه يُدر على أمريكا أموالا طائلة
  • ترامب يدمر أهم جامعات أمريكا .. تدخلات لم تحدث من قبل لحماية إسرائيل