كتبت فى الأسبوع الماضى عن الموقف المصرى من القضية الفلسطينية، مقدرا الدور الذي لعبته الدبلوماسية المصرية فى وقف اطلاق النار، واستئناف تقديم المساعدات للشعب الفلسطينى. واستعدت فى مقالى كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى الواضحة والحاسمة خلال أول قمة عقدتها مصر لدعم الشعب الفلسطينى بعد العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة في أكتوبر 2023، والذى قال فيها «إن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل أمر لن يحدث، وفى كافة الأحوال لن يحدث على حساب مصر».
وعلى الرغم من وضوح كلمات الرئيس، ودقة مفرداتها، وحسمها التام للموقف المصرى، وعلى الرغم من تكرار اعلان هذا الموقف فى مناسبات أخرى على عدة مستويات، فقد كان من الغريب أن يتصور الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب أن هناك مجالا لمساومات جديدة مع مصر، وكان من المُدهش أن يُكرر عرض فكرة إخلاء قطاع غزة من سكانها وترحيل بعضهم إلى مصر والأردن.
ويبدو أن الرجل لم يُدرك بعد أن مواقف الدول العظيمة لا تتبدل ولا تتغير، وأن قضية فلسطين على وجه الخصوص، هى قضية لها أولويتها فى الأمن القومى المصرى، وأن مصر، وقيمها وثوابتها ومكانتها تأبي التفريط فى حق الشعب الفلسطينى، أو الاتجار به.
من هنا، جاء الرد المصرى سريعا وحاسما فى بيان رسمى للخارجية المصرية ليؤكد أن «مصر تشدد على رفضها لأى مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها».
ودعت الخارجية المصرية المجتمع الدولى إلى العمل على بدء التنفيذ الفعلى لحل الدولتين، بما فى ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطنى، وفى سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام 1967.
ولا شك أن ذلك الموقف يتسق مع التزام مصر التاريخى بمساندة حق الشعب الفلسطينى في استعادة أرضه السليبة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما سبق وعبرت عنه قرارات الشرعية الدولية المتمثلة فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
فضلا عن اتفاقه مع الموقف الدولى المعلن مُنذ اتفاق أوسلو عام 1992، وما صاحب ذلك الاتفاق من طرح حل الدولتين كحل نهائى وعادل للقضية الفلسطينية، وهو ما حاز مساندة وتشجيع الولايات المتحدة لفترة طويلة انطلاقا من سعيها لإنهاء التوتر فى منطقة الشرق الأوسط والوصول إلى اتفاق تسوية.
ولا شك أن تغير موقف الإدارة الأمريكية بعد وصول ترامب إلى الحكم للمرة الأولى في 2018، ونكوصها عن تعهداتها السابقة بشأن طرح اتفاق عادل وشامل، يؤدى إلى اهتزاز كبير فى صورة الولايات المتحدة فى العالم ويسهم فى تراجع ثقة الشعوب فيها كدولة تقدم نفسها دائما باعتبارها دولة قيم الحريات وحقوق الإنسان والعدالة.
وكما قلنا مرارا، وكما عبرت مصر من خلال رسائل متعددة فإنها لا تخضع للمقايضة ولا تتقبل أن تمارس أى دولة فى العالم ضغوطا عليها لتغيير مواقفها المتسقة مع قيمها، ولا يمكن أن تحيد عن الحق، وهذا ما أكدت عليه القيادة السياسية بجرأة وثقة واصرار.
إن قضية فلسطين لا يُمكن شطبها بجرة قلم، ولا مجال لحل القضية بعيدا عن السلام. وهذا ما تؤمن به مصر قيادة وشعبا، وهو ما يمثل توافقا لدى الشعوب العربية والإسلامية.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدبلوماسية المصرية الشعب الفلسطينى العدوان الإسرائيلى غزة قضية فلسطين الخارجية المصرية الدولة الفلسطينية اتفاق أوسلو
إقرأ أيضاً:
سمير فرج: شركات جهاز الخدمة الوطنية تخضع لكافة القوانين والضرائب «فيديو»
أكد اللواء دكتور سمير فرج، المفكر الاستراتيجي، أن القوات المسلحة المصرية تضم نوعين من التشكيلات، وحدات مقاتلة، وجهاز الخدمة الوطنية، موضحًا أن جهاز الخدمة الوطنية يعمل خارج ميزانية وزارة الدفاع والدولة، ويمتلك صندوقًا خاصًا لتمويل مشروعاته الإنتاجية والخدمية.
هل تخضع شركات جهاز الخدمة الوطنية لقوانين الضرائب؟وأضاف «فرج»، خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج «على مسئوليتي»، المذاع على قناة «صدى البلد»، أن جهاز الخدمة الوطنية يستفيد من فائض الكوادر البشرية في القوات المسلحة، ويوجههم للعمل في مشروعاته دون التأثير على الكفاءة القتالية للجيش.
وشدد على أن شركات جهاز الخدمة الوطنية تخضع لكافة القوانين والضرائب، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة، كما أنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما يؤكد الشفافية والحوكمة في إدارتها.
وأشار اللواء سمير فرج إلى أن شركات الجهاز تتحمل كامل نفقات التشغيل من مياه وكهرباء وغاز، دون أي دعم من الدولة، لافتًا إلى أن ميزانية تلك الشركات تدخل مباشرة في حسابات الجهاز دون تحميل الدولة أعباء إضافية.
واختتم بالتأكيد على أن جميع العاملين في شركات ومصانع جهاز الخدمة الوطنية هم من المدنيين، ولا يوجد عسكريون ضمن كوادر التشغيل، وهو ما يدحض الشائعات المتداولة حول هذا الملف.
سمير فرج: شركات جهاز الخدمة الوطنية لا تستولي على أراضي الدولة أو القطاع الخاصكما أكد المفكر الاستراتيجي، أن شركات جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة تُقام على أراضٍ مملوكة لها قانونًا، نافياً ما يُشاع عن استيلائها على أراضي الدولة أو القطاع الخاص، موضحًا أن الجهاز يمتلك فقط شركة مياه واحدة تقع في واحة سيوة، في حين توجد عشرات الشركات الخاصة العاملة في قطاع المياه بالسوق المصري.
وأضاف أن شركة الكيماويات الوسيطة، إحدى شركات الخدمة الوطنية، نفذت مجمع الأسمدة في منطقة العين السخنة، والذي يوفر أكثر من 200 فرصة عمل للمدنيين، مشيرًا إلى أنه تم بناء 15 عمارة سكنية خصيصًا للعاملين بالمجمع.
وأوضح أن منتج سماد «الداب» الذي تنتجه الشركة يُصدر إلى أوروبا، مما يساهم في دعم الميزان التجاري لمصر، مؤكدًا أن المجمع لم يُغلق الباب أمام شركات القطاع الخاص العاملة في نفس المجال، بل عزز التنافسية وساهم في استقرار السوق محليًا وعالميًا، خاصة في ظل الارتفاعات العالمية في أسعار الغاز الطبيعي.
وشدد اللواء سمير فرج على أن شركات الخدمة الوطنية لا تُقصي القطاع الخاص، وإنما تعمل جنبًا إلى جنب معه، في إطار دور تكاملي يهدف إلى خدمة الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل ودعم الصادرات المصرية.
اقرأ أيضاًبعد حصول مصر على المقاتلة الصينية j-10c.. «سمير فرج» يكشف سبب قلق إسرائيل
«اللواء سمير فرج» يكشف سيناريوهات غزة: حماس خارج الإدارة.. وترامب يسعى لنوبل
عاجل | «سمير فرج»: من حق مصر إدخال لواء مدرع على حدودها مع إسرائيل لهذا السبب