التهجير والنسخة الجديدة من الصفقة… وأجندة ترامب العاجلة
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
الإعلان المبدئي الذي أطلقه ترامب حول طلبه تهجير أهالي قطاع غزة إلى الأردن ومصر، لا يبين شيئا بخصوص المهجرين المحتملين، فلا فكرة تتسرب ولو بصورة تقريبية حول الأعداد التي يقصدها ترامب، أو الفئات، وهل يسعى لتهجير سكان مناطق معينة لم تعد قابلة للحياة من وجهة نظره؟ أم سيضع آلية أخرى لتحقيق أهدافه؟
وطالما أن مبعوثه عاود الحديث بعد الرفض الأردني والمصري، مطالبا البلدين بالمشاركة في تقديم خيار بديل، فالمسألة تبدو بشكل واضح انقلابا على خطة صفقة القرن، التي طرحت سابقا من قبل ترامب في فترته الرئاسية الأولى، وهي الخطة التي كانت تشتمل على إقامة مناطق سكانية وصناعية وزراعية في النقب، يمكن أن تستوعب جانبا من سكان القطاع المزدحم، وتعمل على فرضية قبول فلسطيني بالتنمية الاقتصادية، مقابل التسوية النهائية والتنازل عن مزيد من الأرض في الضفة الغربية.
يعود ترامب أثناء توقيع مجموعة من الأوامر التنفيذية ليتحدث بشيء من الضيق والإصرار على أن كلا من مصر والأردن ستستقبلان المهجرين من القطاع، لأن الولايات المتحدة قدمت الكثير لهما، ولكنه يصر على طلب غير واضح من الأساس، ولا شيء يظهر حول الترتيبات الجديدة التي يحاول أن يضعها، والنسخة الجديدة من الصفقة، التي تغيرت بناء على التحولات الكبيرة التي حدثت في حقبة الرئيس الأمريكي السابق بايدن، التي أتاحت من خلال الفوضى والتشوش إلى تمدد اليمين الإسرائيلي، وتمكينه من فرض الكثير على أرض الواقع، وتغوله الواسع على الأراضي الفلسطينية.
الافتراض الأساسي الذي قدمه ترامب كان قائما على تحقيق تعايش تقبله السلطة المثقلة بالمشكلات في الضفة، وحركات المقاومة المحاصرة في القطاع، وكأن المشكلة يمكن تحريكها من خلال بعض المليارات، وفرص العمل التي تنظم وضع العمال الفلسطينيين في مشاريع مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ويبدو هذا الافتراض مستغلقا أمام ترامب وفريقه بعد حالة العداء التي تغذت من مشاهد العدوان الوحشي الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، بما يتجاوز قدرة الفلسطينيين على التغاضي واختلاق المبررات تحت دعاوى التسامح والتعاون في السلام الإبراهيمي، أو الهدنة الطويلة لسنوات ممتدة التي طرحتها حركة حماس في مرحلة سابقة.
الخطة الأصلية لترامب لم تعد طموحة وساذجة فقط، ولكنها أصبحت مستحيلة، لأنها تتطلب تأسيس مجتمع كامل من السيطرة على الفلسطينيين يشبه العالم الكابوسي، الذي وضعته لعبة الحبار، فالفلسطيني لا يستطيع أن يضع يده في جيوبه وهو يقف في الحاجز، أو يجلس في سيارته ليقوم بالفعل البسيط لاستخراج هويته، فهذا تصرف مريب بالنسبة للجندي الإسرائيلي الذي يمكن أن يتخذ اجراءً فوريا بالاعتداء على الفلسطيني إن لم يكن قتله، والبديل الذي يطرحه ترامب هو التخلص من الفلسطينيين، أو أعداد كبيرة منهم لاستعادة تفوق ديمغرافي إسرائيلي/ يهودي يسهم في التأسيس لحلول أخرى.
الحلول الممكنة تتوزع بين دولة مفككة الأوصال، لإحكام السيطرة تشكل خزانا بشريا لتزويد مشروعات إسرائيل بالعمالة الأقل تكلفة، أو الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية بعد تفريغ سكاني واسع تكون نسبة اليهود داخله طاغية، بمعنى أن يشكلوا 70% أو أكثر من السكان، وهو ما يتطلب تهجير أربعة ملايين فلسطيني.
وبطبيعة الحال، في الدولة الواحدة سيخضعون لهندسة اقتصادية، وربما قانونية تجعل التكاثر منضبطا للمحافظة على النسبة القائمة. الحزمة الجديدة من الحلول التي يمكن أن تشكل أفق المخيلة الأمريكية، تتطلب أن يكون التهجير واسعا ويكاد يشبه التدفق البشري الذي شكله الفلسطينيون العائدون إلى ديارهم في قطاع غزة، وفي حال أفضل نسبيا، توفير الحافلات لأسر كاملة تذهب إلى أماكن بعيدة عن ديارها لتبدأ حياة جديدة، وهو ما يتطلب ضغطا على الفلسطينيين يجعل الحديث عن إنهاء الحرب واستمرار وقف اطلاق النار أمرا مستبعدا، وهذه المرة لن يجدوا أي طرف يطلب آلاف الدولارات للعبور من رفح، ويتطلب كذلك، موافقة الدول، التي يضعها ترامب لتستقبل اللاجئين الجدد الذين سيلحقون بملايين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم في العقود السابقة.
هل يحضّر ترامب الغاضب والحانق من ردود الفعل التي تلقاها من مصر والأردن لمجزرة تعطي جانبا من معنى الجحيم، الذي يتصوره ليحرك الشارع العربي الذي يبدو رافضا للتهجير، ليصرخ بإخراج الفلسطينيين من عملية تطهير عرقي ممنهجة، أم سيمارس الضغوط على الدولة التي وضعها على الأردن ويلحق بها مصر في وقت حرج اقتصاديا على المستوى المصري، يمكن أن يهدد استقرارها الاجتماعي والسياسي؟ أو استراتيجية مزدوجة لتحقيق أهدافه بعد الوصول إلى تفكيك أزمة الرهائن؟
تدبر الأردن اتفاقية شراكة شاملة مع الأوروبيين، ويمكن أن يتدبر دعما عربيا، بما يخفف الضغوط الاقتصادية، ويظهر الأردن متماسكا أمام الضغوطات، خاصة مع مجموعة من القرارات الداخلية التي تحاول التخفيف من أثر تجميد المساعدات الأمريكية، ولكن لا توجد ضمانات لتحولات في الاصطفافات تجعل الأردن يظهر وكأنه الطرف الذي يعرقل تسوية يريدها الجميع، في حال وجود نسخة جديدة من الصفقة، تحمل وعودا براقة، يعرف الأردن بخبرته التاريخية أنها خاوية ومن غير معنى، أما مصر، فالضغوطات هائلة، والاستثناء من تجميد المعونات ربما يظهر أن هذه الخطوة يمكن أن تضع ضغوطا مزعجة على مصر لتدخل في احتمالات خارج الحسابات القائمة.
خلال أيام قليلة وبعد زيارة نتنياهو لواشنطن، ستتخذ تصريحات ترامب شكلا مختلفا، حيث سيمكنه الحديث عن تصور متكامل سيواصل الضغط لتمريره، وأمام المجموعة العربية التي يواجهها، استحقاق إحداث تسوية كارثية تحديات كثيرة في المقابل، خاصة أن الرئيس الأمريكي يعرف أن الاستثمار في الوقت هو أحد الاستراتيجيات المطروحة أمام الأردن ومصر، وهو ما يمكن أن يجعله أكثر عدوانية وشراسة في تحركاته المقبلة.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة مصر مصر الاردن غزة خطة ترامب مقترح التهجير مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
احتجاجات أميركا في عيون العرب.. ما الذي يحدث في لوس أنجلوس؟
شهدت مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية تصاعدا غير مسبوق في حدة التوترات، دفع منصات التواصل الاجتماعي العربية إلى التفاعل على نطاق واسع مع الأحداث الجارية، وذلك عقب اعتقال ضباط من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة عشرات الأشخاص بتهمة ارتكاب مخالفات للهجرة.
ومع نزول آلاف المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنشر قوات من الحرس الوطني، أقدم المحتجون على إغلاق الطرق وإحراق مركبات، لتتطور المواجهات إلى استخدام قوات إنفاذ القانون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية في محاولة للسيطرة على الحشود.
وتصدرت وسوم مثل #لوس_أنجلوس_تحترق و#لوس_انجلس و#كاليفورنيا ساحة التفاعل الرقمي حيث شارك آلاف المغردين تعليقاتهم وآراءهم حول تطورات الأزمة.
وأبدى ناشطون دهشتهم من تحول "مدينة الملائكة" إلى ما وصفوه "بغابة يحكمها العنف"، معبرين عن قلقهم من فقدان السيطرة الأمنية، واعتبر بعضهم أن المشهد يعكس عمق الخلافات السياسية التي تشهدها الولايات المتحدة في عهد ترامب.
لوس أنجلوس الأمريكية، مدينة الملائكة ،كما يعني اسمها تواجه معضلة أمنية في التعامل مع المحتجين ضد ترحيل وابعاد المهاجرين غير الشرعيين.. pic.twitter.com/VJQkH0Qsfr
— khaled mahmoued (@khaledmahmoued1) June 7, 2025
إعلانورأى آخرون في قرار ترامب بشأن نشر الحرس الوطني تصعيدا غير مسبوق منذ عقود، وتوقعوا مزيدًا من التصعيد، خاصة في ظل الخلاف المتفاقم مع رئيسة بلدية المدينة واتساع الفجوة بين حاكم كاليفورنيا والرئيس الأميركي، مع الحديث عن رفع دعاوى قضائية وتهديدات متبادلة.
وانعكست حدة الاحتجاجات على تعليقات المغردين، إذ لجأ بعضهم إلى السخرية من الفوضى التي عمّت المدينة، مشبهين ما يحدث بما تشهده بعض دول الشرق الأوسط من أعمال شغب واضطرابات.
وفي تعليق ساخر، كتب أحد الحسابات على الفيديوهات المتداولة: "ثوار العشائر في لوس أنجلوس ينصبون كمينًا لقوات ترامب. ليس هناك وطن وليس هناك دوام".
وصف حاكم ولاية #كاليفورنيا قرار الرئيس الأمريكى #ترامب بنشر 2000 جندي إضافي من #الحرس_الوطني في #لوس_أنجلوس بأنه تصرف متهور وعديم الجدوى ومهين للقوات الأمريكية.
واعتبر أن هذا الأمر لا علاقة له بسلامة العامة. بل هو محاولة لإرضاء غرور رئيس خطير على حد قوله.
وأوضح أن أول 2000… https://t.co/OuWdgF38PL pic.twitter.com/uHmB2cVVTH
— khaled mahmoued (@khaledmahmoued1) June 9, 2025
وأبدى مغردون استغرابهم مما آلت إليه الأوضاع في ما يعتبرونه دولًا متقدمة ونموذجًا للحداثة، متسائلين: "هل هذا هو الغرب المتحضر في أجمل صوره عام 2025؟".
وتساءل آخرون عن مشاهد قمع الشرطة للمتظاهرين ووصفوا ذلك "بالمناظر المرفوضة"، داعين إلى تنشيط دور منظمات المجتمع المدني دفاعًا عن حقوق الشباب المحتج.
وفي المقابل، رأى كثيرون أن الولايات المتحدة "تجني حصاد سياساتها في الدول العربية، لا سيما في غزة"، إذ اتهموا واشنطن بدعم ما وصفوه بالعدوان الإسرائيلي المستمر منذ عامين على القطاع.
عدت للتو إلى لوس أنجلوس، ولم تفاجئني مظاهر الشغب ولا العنف.
ولا حتى حدة تعامل #ترامب مع هذه الأزمة؛ فالرجل لا يُكنّ إلا مشاعر البغض لهذه الولاية الليبرالية الديمقراطية، والولاية تبادله نفس الشعور، إذ ترفض سياساته، خصوصاً المتعلقة بمطاردة المهاجرين غير الشرعيين، وتذهب إلى حد تأمين… pic.twitter.com/Gp9xH0pKrG
— نظام المهداوي – Nezam Mahdawi (@NezamMahdawi) June 9, 2025
إعلان
واعتبر كتّاب وإعلاميون عرب أن ما يجري في لوس أنجلوس يتجاوز احتجاجات على سياسات الهجرة، ليبلغ حدود "معركة على شكل السلطة"، مشددين على أن البلاد تمر بلحظة مفصلية "يتقابل فيها الشعب مع السلطة ويصارع المستقبل ماضيا لم يُحاسب".
وطالب مدونون بإبقاء الأضواء مسلطة على لوس أنجلوس لمراقبة تعامل "بلد الديمقراطية وحرية التظاهر" مع الاحتجاجات، محذرين من "انزلاق الدولة إلى توظيف القوة على حساب الحقوق".
♦️من لوس انجلس بالولايات المتحدة الامريكية احداث عنف وشغب ومواجهات بين الشرطة والمتظاهرين وتدخل الجيش
????لسنوات طويلة صدّرت لنا الولايات المتحدة دروسًا في “الديمقراطية حسب الطلب” تدخلت، فجّرت، قسمت، صنعت فوضى ثم وقفت ترفع لافتة “حقوق الإنسان” فوق أنقاض الدول التي ساهمت في تدميرها pic.twitter.com/4gdyqsSLh8
— YAAKOUBE IDRISS (@YaakoubeI) June 9, 2025
وشكك آخرون في شرعية خطوات ترامب القانونية، خاصة بعد طرد قرابة 2.5 مليون مهاجر، متسائلين عن مصير عائلاتهم ومستقبلهم في ظل حالة الخوف المستمرة.