الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
وسط ظروف استثنائية فرضتها الحرب في السودان تواصل مدارس الطوارئ في مخيمات النازحين بولاية كسلا شرقي البلاد مهمتها في توفير التعليم للأطفال النازحين رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها على المستويين البيئي والإنساني.
ورصد مراسل الجزيرة الطاهر المرضي هذه الأوضاع في مخيم المطار للنازحين، إذ تحولت الخيام إلى فصول دراسية تستقبل أكثر من ألفي طالب وطالبة يحافظون على شغفهم بالتعليم رغم قسوة الظروف.
ويخلع الطلاب أحذيتهم عند دخول الفصول ويجلسون على الأرض في ظل غياب المقاعد والطاولات التي باتت ذكرى من ماضٍ أكثر استقرارا.
وتصف المعلمة أميرة واقع التدريس في هذه الظروف الاستثنائية قائلة "في مدارس الطوارئ كل شيء تغير، الفصل مكتظ بـ230 تلميذة، والمفترض أن يكون 18 أو 20 من أجل المتابعة"، مضيفة أنها تواجه صعوبات في التصحيح ومتابعة هذا العدد الكبير من الطالبات.
ويشرف على العملية التعليمية في المدرسة معلمون من مختلف التخصصات، وهم أنفسهم نازحون اضطرتهم الحرب إلى ترك منازلهم، وقد تم تقسيم أيام الأسبوع مناصفة بين البنين والبنات، مع ملاحظة أن صفوف البنات تشهد اكتظاظا أكبر مقارنة بصفوف البنين.
ومن القصص المؤثرة في المدرسة قصة أبو ذر، وهو طالب في المرحلة المتوسطة ويجمع بين التعليم والعمل، حيث يقضي صباحه في الفصل الدراسي، وفي المساء يعمل في صيانة الفحم لمساعدة أسرته وتأمين مصاريف دراسته.
إعلانوتتفاقم المأساة مع وجود أكثر من 60 طفلا في سن التعليم وصلوا إلى المخيم وهم يعانون من اضطرابات نفسية، وتحاول الطبيبة النفسية نهاد مساعدة هؤلاء الأطفال من خلال الموسيقى والرسم.
وتشير نهاد في حديثها إلى أن آثار الحرب ظهرت جلية في رسومات الأطفال التي تحفل بصور الأسلحة والجنود، مما دفعها إلى العمل على دمجهم مع زملائهم في المدرسة.
وفي خضم هذا الواقع المرير تبقى الآمال معلقة على مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال الذين يواصلون تعليمهم رغم كل الصعاب، فمع كل رسمة يخطونها وكل كلمة يتعلمون نطقها يتجدد الأمل في أن طفل اليوم الذي يرسم زهرة قد يتمكن غدا من زراعة حديقة من الأحلام.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
المسافة السياسية بين واشنطون والخرطوم
الذي يقرأ تاريخ المسافات السياسية بين واشنطن و عواصم الدول الأخرى في العالم يستطيع أن يتنبأ بالسياسة الأمريكية خارج حدودها، و أمريكا تمددت قواتها خارج حدودها في ” الحرب الاسبانية الأمريكية” حيث احتلت أمريكا الفلبين عام 1898م بموجب معاهدة باريس بين البلدين، و خرجت من الفبين بعد تصاعد المعارضة المسلحة ضدها في 1946م.. و أيضا أرسلت أمريكا قواتها إلي الصراع في فيتنام عام 1965 و اشتعلت الحرب ضدها من قبل الثوار في فيتنام الشمالية حتى خرجت قواتها في عام 1973، و لكنها واصلت مساندتها و دعمها إلي فيتنام الجنوبية حتى سقط النظام فيها عام 1975م.. و دخلت أمريكا حرب كوريا مناصرة لكوريا الشمالية 1950م و شاركت حتى وقف الحرب 1953م ثم بنت قواعدها في كوريا الجنوبية من خلال اتفاقية للدفاع المشترك.. و غزت افغانستان في 2001م للقضاء على نظام طالبان، خرجت منها عام 2021م و رجع طالبان.. كل هذه الحرب كانت لأسباب إستراتيجية تتعلق بالمصالح الأمريكية في مناطق أسيا.. و شجعت أسرائيل على ضرب إيران أيضا للقضاء على البرنامج النووي الإيراني حتى لا تمتلك إيران أسلحة ردع في أيادي دول لا تدور في الفلك الأمريكي.. و أمريكا هي التي طلبت وقف الحرب بين إيران و إسرائيل..
السؤال هل إمريكا لها مصالح ذاتية في السودان تجعلها تتخذ موقفا لإعلان حرب بقواتها في السودان.؟
أمريكا قررت التحالف مع السودان في عقد ستينات القرن الماضي باعتبار دولة محورية في المنطقة الإستراتيجية الرابطة بين منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا، و أيضا إحدى الدول التي تطل على البحر الأحمر الذي تمر به أكثر من 70% من التجارة العالمية.. و تجعله ذراعها في هذه المنطقة لمحاربة التمدد الشيوعي، و رفض السودانيون ذلك، و رفضوا المعونة الأمريكية.. و رجعت أمريكا للسودان من خلال شركة شيفرون عام 1975م و خرجت من السودان في 1984م متعللة أن الحرب التي اندلعت 1983 تؤثر على أعمالها.. رجعت بقوة في عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1997م حيث أعلنت مادلين أولبرايت في كمبالا إزالة نظام الإنقاذ بالحرب و فشل مسعاها ذلك.. ثم رجعت أمريكا للسودان بعد ثورة ديسمبر 2018م و رفعت تمثيلها الدوبلوماسي بدرجة سفير ” جون غودوفري” لكي تشارك في هندسة السياسة في السودان من خلال ما سمي باللجنة الرباعية ” أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات” و أمريكا هي صاحبة فكرة ” الإتفاق الإطاري” الذي قدمته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” و هي أيضا التي جاءت ب “فكرة ورشة نقابة المحاميين” لكي تساعد في زيادة قاعدة المشاركة في ” الإتفاق الإطاري” و بموجبها تم استيعاب المؤتمر الشعبي جناح علي الحاج و أنصار السنة.. و أمريكا هي صاحبة فكرة ” تقدم” عندما طلبت من الأربعة ” نور الدين ساتي و الباقر العفيف و عبد الرحمن الأمين و بكري الجاك” و جميعهم كانوا مقيمين في أمريكا و مقربين من وزارة الخارجية أن يدعوا إلي تحالف القوى المدنية لتوسيع قاعدة المشاركة.. كانت أمريكا تريد أن تغير قيادة ” قحت المركزي” اعتقادا منها أنها أصبحت قيادات دون قواع شعبية تدعمها، و بالتالي تأتي بقيادات يكون لها قوة في الشارع السودان لذلك دفعت بحمدوك لرئاسة التحالف و عدد من المستقلين و تراجعت القيادات السياسية…
طلبت أمريكا من ” قحت المركزي” أن تعقد مؤتمرها في القاهرة بهدف أن تصدر بيان تنادي فيه بتوسيع قاعدة المشاركة، و إذا كان هناك شرط يكون قاصرا فقط دون مشاركة “المؤنمر الوطني” و بالتالي تفتح الباب أمام الكتل الإسلامية الأخرى. و بالفعل تم عقد المؤتمر و صدر البيان و لم يجد إستجابة.. ثم تولت ” تقدم” إدارة الملف، و لكنها اخطأت إستراتيجيا عندما ذهبت إلي أديس أبابا و وقعت على ” إعلان إديس ابابا” مع الميليشيا الأمر الذي جعلها تقع تحت هجوم شرس للمناوئين لها.. و بعدها حصل اجتماع القاهرة ثم باريس و جنيف، و جميعها لم تساعد على إحداث تغيير في الساحة داعم لتقدم، رغم الإستعانة برموز إسلامية و يسارية و غيرها لإنجاح هذه الاجتماعات، و لكن لم تنجح.. و فشلت بريطانيا و الأمارات في تحريك القضية في ” مجلس الأمن” بهدف التدخل عبر قوات دولية تحت البند السابع، أو حماية للإغاثة، و فشلت المحاولات جميعها في منظمات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. خاصة الداعية لحماية الإغاثة بقوات دولية وفشلت بفيتو روسي..
تغيرت الإدارة الأمريكية التي قامت بتلك المجهودات، بهدف أن تحدث تغييرا في قيادة الدولة للقوى التي تعتقد أنها سوف تنفذ لها مصالحها، سياسيا و شعبيا، و حتى جدة نفسها أصبحت من مخلفات الفشل، إدارة ترامب لم تأتي بمبعوث أمريكي يدير معركتها في السودان، أنما طلبت حضور وزراء خارجية بعض الدول التي تعتقد لهم تأثيرا في مجريات الحرب، للتشاور حول تحقيق السلام في السودان، و لكي يكون داعما للرئيس ترامب أن ينال جائزة نوبل للسلام.. و أيضا أن يجدوا مخارجا لدولة الأمارات الداعم الأساس للميليشيا من الحملة الشعبية السودانية ضدها.. و أمريكا ليست بعيدة من حرب السودان مادام هي تشكل حماية للأمارات، و تمدها بالسلاح الأمريكي الذي وجد في مخازن الميليشيا.. أمريكا لن تتدخل بصورة مباشرة في الحرب، و لكنها تبحث عن سبل مرضية على أن تصبح البلاد دون ميليشيا.. لا توجد مصالح لأمريكا مباشرة في السودان، و لكنها وسيط لإرضاء الأمارات..
أن التيارات السودانية منقسمة إلي ثلاثة أقسام… الأولى تؤيد الجيش و تصر على استمرار الحرب حتى الانتصار على الميليشيا ثم بعد ذلك يبدأ الحوار السياسي السوداني بين القوى السياسي دون أية شروط مسبقة.. الثانية يريدون تدخلا أجنبيا لأنهم يعتقدوا أن الخارج سوف يشكل لهم رافعة للسلطة، و من ثم حمايتهم داخل السودان.. الثالثة هي أقرب للمجموعة الثانية و لكنها تحاول أن تتجمل ببعض الشعارات، و هي أقرب للإنتهازية من المواقف المبدئية.. أن اجتماع واشنطن لن يفرض شيئا على الشعب و لن يمارس عليه ضغطا.. هي فقط تغيير موقع جغرافي لما حدث في جدة، و إرضاء أمريكا لبعض حلفائها..
زين العابدين صالح عبد الرحمن
إنضم لقناة النيلين على واتساب