شبكة حقوقية تدعو لتحقيق العدالة لضحايا مجزرة حماة 1982
تاريخ النشر: 2nd, February 2025 GMT
دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان تحت عنوان "العدالة المؤجلة" إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لضحايا مجزرة حماة 1982.
وقالت الشبكة إنه في 8 ديسمبر/كانون الأول طوي فصل دامٍ من تاريخ سوريا المعاصر بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد وانتقال السلطة إلى حكومة جديدة، وبدء مرحلة تسعى إلى ترسيخ العدالة وسيادة القانون.
وأضافت الشبكة أنه مع ذلك، لا يمكن لسوريا بناء مستقبل مستقر من دون مواجهة ماضيها وإنصاف ضحاياه، وفي مقدمتهم عشرات الآلاف من أبناء مدينة حماة الذين "كانوا ضحية واحدة من أبشع المجازر في تاريخ البلاد الحديث، إذ قُتلوا من دون تمييز بين رجل وامرأة، مدني ومسلح، شيخ وطفل".
وأشار البيان إلى أنه طوال 43 عامًا، بقيت مجزرة حماة طي النسيان، من دون أي تحقيق رسمي، أو مساءلة للمتورطين، أو كشف عن مصير آلاف المختفين قسرًا، أو حتى اعتراف بمعاناة الناجين وذوي الضحايا.
ووفق المنظمة، أودت هذه المجزرة بحياة ما بين 30 إلى 40 ألف مدني، مشيرة إلى أنها "جريمة جماعية ممنهجة ارتُكبت بسبق إصرار من قبل نظام (حافظ) الأسد".
وأضاف البيان أنه مع بداية العهد الجديد، فإن فتح هذا الملف المغلق بات ضرورة حتمية كخطوة أساسية في مسار العدالة الانتقالية "التي لا تتحقق إلا عبر المحاسبة، وجبر الضرر، واستعادة الحقوق، والاعتراف الرسمي بالمجزرة".
إعلانوأعربت الشبكة عن أسفها إزاء تجاهل المجتمع الدولي لهذه الجريمة، معتبرة ذلك "تخاذلًا بحقّ الضحايا وخطأ تاريخيًّا يجب تصحيحه".
وقالت إنه منذ فبراير/شباط 1982 ما زال مصير نحو 17 ألفا من أبناء مدينة حماة مجهولًا، بعد أن اعتقلتهم قوات النظام السوري ونقلتهم إلى مراكز احتجاز سرية وقد رفض النظام السابق تقديم أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم.
وبحسب الشبكة، فإن تقارير حقوقية وشهادات الناجين تشير إلى وجود مقابر جماعية لم يُكشف عنها بعد، مما يستدعي تشكيل فرق تحقيق متخصصة لتحديد مواقع الدفن الجماعي.
وطالبت الشبكة بتشكيل لجنة وطنية لاستعادة الممتلكات المصادرة، وإلغاء قرارات المصادرة غير القانونية، وتعويض المتضررين ماديا، ووضع خطة وطنية لإعادة إعمار الأحياء المدمرة، مع إعطاء الأولوية للسكان الأصليين في العودة إلى مناطقهم.
كما حثت على إنشاء صندوق تعويض وطني يعتمد على الأصول المجمدة لمسؤولي النظام السابق، والدعم الدولي، وإيرادات الأصول غير الشرعية المصادرة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
في ذكرى انقلاب مايو ما هي حقيقة التأميمات والمصادرة عام 1970م؟
في ذكرى انقلاب مايو ما هي حقيقة التأميمات والمصادرة عام 1970م؟
تاج السر عثمان بابو
1اشرنا سابقا الى الذكرى الـ 56 لانقلاب 25 مايو 1969، وكيف تم تقويض الديمقراطية، وكان كارثة كبيرة حلت بالبلاد قادت لكل التدهور اللاحق الذي وصلنا اليه كما في الحرب الجارية حاليا.
ومن أخطاء الانقلاب كانت خطوة التأميمات والمصادرة التي اتخذت طابعا فوضويا، تم فيها نهب ممتلكات الناس باسم الاشتراكية، وكانت كارثة حقيقية حلت بالاقتصاد السوداني. فما هي حقيقة تلك التأميمات والمصادرة؟
2في مايو 1970م، قامت الحكومة السودانية بمصادرة وتأميم عدد من الشركات الخاصة، ففي 14/ مايو/ 1970م، تم الاستيلاء على شركات رجل الأعمال الثري عثمان صالح واولاده، وصودرت 16 شركة أخرى في الرابع من يونيو: مجموعة شركات بيطار، وشركة شاكروغلو وشركة كونتو ميخالوس وشركة مرهج وشركة سركيس ازميريان وشركة جوزيف قهواتي وشركة صادق ابو عاقلة وأعمال حافظ البربري وشركة السجائر الوطنية (تيم نبلوك: صراع السلطة والثروة في السودان، ص 231).
أعلن الرئيس جعفر نميري أولى قرارات التأميم في خطاب ألقاه في الذكرى الأولى لاستيلائه على السلطة وشملت جميع المصارف الي جانب أربع شركات بريطانية، وشملت البنوك 24 فرعا لبنك باركليز وستة فروع لبنك مصر وأربعة فروع لناشونال آند جراند ليزا وثلاثة فروع للبنك العربي والفرع الوحيد للبنك التجاري الإثيوبي والبنك التجاري السوداني وبنك النيلين والأخيرين تأسسا برأسمال سوداني.
أما الشركات البريطانية فقد كانت شركة كوتس وشركة جلاتلي هانكي وشركة سودان مركنتايل وشركة الصناعات الكيماوية الامبريالية. وفي الرابع من يونيو أممت شركة اسمنت بورتلاند على أساس أن الاسمنت سلعة استراتيجية، وأعقب ذلك تأميم عشرات الشركات الأخرى، بنهاية يونيو 1970م، كانت الدولة قد استولت على كل الشركات العاملة في مجال التصدير والاستيراد وكل المؤسسات المالية، وغالبية مؤسسات التصنيع، كما امتد التأميم والمصادرة لتشمل مطاعم ومحلات صغيرة ودور سينما وبعض المساكن.
3وقد تمثل التعويض في شكل صكوك بفائدة 4% وبنفس قيمة الممتلكات المؤممة يبدأ سدادها في عام 1980م ويستمر حتى 1985م، وقد وصفت صحيفة التايمز اللندنية التعويضات بأنها (غير عادلة ولا ناجزة وغير فعالة) (تيم نبلوك: المصدر السابق، ص 231).
وهكذا بدأت تتضخم مؤسسات القطاع العام، وقبل ذلك بدأت محاولات إحكام سيطرة الدولة على الاقتصاد والحد من حريات القطاع الخاص في وقت مبكر، ففي 16/ أكتوبر/ 1969م، اعلن عن تأسيس شركتين حكوميتين للسيطرة على قطاعات مفتاحية في التجارة الخارجية، واحدة لاحتكار حقوق استيراد الجوت والسكر والمواد الكيماوية والأخرى لاستيراد كل مشتريات الحكومة من الخارج كالسيارات والجرارات والادوية.
4ولا يمكن معالجة هذه الاجراءات بمعزل عن الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي يومئذ، فتأميم البنوك وشركات التأمين والشركات الأجنبية كان من الشعارات التي رفعها الحزب الشيوعي في برنامجه المجاز في المؤتمر الرابع 1967م، بهدف تحقيق الآتي:
– بالاستيلاء على تلك المراكز يمكن وقف تدفق موارد البلاد الذي كان يتم في شكل أرباح البنوك وشركات التأمين وشركات التجارة الخارجية وفي شكل مرتبات وعلاوات وامتيازات للموظفين الأجانب، وفي شكل تهريب للعملة في اسعار الصادرات والواردات. ان استيلاء الدولة علي هذه الموارد يمكنها من استخدامها في عملية التنمية الاقتصادية.
– باستيلاء الدولة علي المصارف وشركات التأمين تتمكن الدولة من التحكم في حجم المدخرات والعمل على زيادتها باتخاذ كل القوانين المشجعة لذلك وتوجيه تلك الاستثمارات في مشاريع التنمية للقطاعين العام والخاص حسب الاسبقيات والاولويات التي تضعها الحكومة في خطط التنمية الاقتصادية.
– وباستيلاء الدولة على البنوك وتصدير واستيراد السلع الأساسية تتمكن من التحكم في التجارة الخارجية من حيث الجهات والدول التي تتعامل معها ومن حيث نوعية السلع المستوردة ومن ناحية الكميات ويصبح للدولة وضع احتكاري يمكنها من ايجاد احسن الاسعار للصادرات واقل الاسعار للواردات والتحكم في تموين البلاد باحتياجاتها الضرورية من السلع.
(أزمة طريق التطور الرأسمالي في السودان، اصدار الحزب الشيوعي السوداني، 1973م ، ص 30).
ولكن ما حقيقة التأميمات والمصادرة؟:
– لقد اتخذت هذه الاجراءات بدون أن يصدر قرار بذلك لا من مجلس الثورة ولامن مجلس الوزراء، بل اتخذها عدد من أعضاء مجلس الثورة من وراء ظهر بقية الأعضاء.
– كان هناك تفكير من جانب المنقسمين من الحزب الشيوعي السوداني وبعض أعضاء مجلس الثورة يقول:إذا ما قامت الحكومة بالتأميم والمصادرة، تكون قد نفذت شعارات الحركة الثورية وتكسب الحكومة القوي التقدمية الي جانبها وتسحب البساط من تحت أقدام الحزب الشيوعي ويسهل بذلك ضربه. ولهذا تمت هذه القرارات في عجل وفي وقت بدأ السخط يزداد بسبب نفي سكرتير الحزب الشيوعي وبداية الاضطهاد للقوي الثورية، وتمت كذلك دون مشاورة العناصر التقدمية في مجلس الوزراء أو في مجلس قيادة الثورة.
تواصل وثيقة (أزمة التطور الرأسمالي..)، وتقول: (في مجال المصادرة كان رأي الحزب الشيوعي والقوى التقدمية ولا يزال أن هذه المرحلة من تطور الاقتصاد السوداني – مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية- تتطلب موضوعيا قيام القطاع الخاص بدور هام في التنمية الاقتصادية في إطار الخطة العامة التي ترسمها الحكومة، وأن أى انكار لدور القطاع الخاص في هذه المرحلة الانتقالية، ومحاولة القفز فوق المراحل أمر خطير وضار بالاقتصاد القومي، ولذا يجب عدم اتخاذ اجراءات يسارية عفوية تخيف القطاع الخاص وتجبره علي الانكماش. ان المصادرة لأى فرد أو جهة من الجهات يمكن أن تتم في ظل القانون والشرعية الثورية ويجب ألا تتم دون تهم محددة ودون تقديم المتهم للمحاكمة واعطائه فرصة الدفاع عن نفسه. لقد تمت المصادرة بطريقة مستعجلة وبدون محاكمة الأمر الذي أدى إلى كثير من الجرائم وعمليات الفساد والافساد واصبحت مجالا للتهديد والابتزاز. لقد أدت عمليات المصادرة الي نشر جو من الفزع والخوف عند جميع افراد القطاع الخاص والي إخفاء الأموال والإحجام عن الاستثمار، الأمر الذي أضر بعمليات التنمية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك اضرت كثيرا بالشعارات الاشتراكية وتشويهها، واصبحت كل الجرائم والفساد والسرقة يتم باسم الاشتراكية).
ويؤكد د. منصور خالد الذي كان وزيرا للشباب والرياضة يومئذ، في كتابه (السودان والنفق المظلم) ما جاء في وثيقة الحزب الشيوعي ويقول حول الجهة التي أوعزت لنميري للقيام بتلك التأميمات والمصادرة ، يقول د. منصور خالد (لقد وجد النميري سندا قويا في معركته مع الشيوعيين من داخل الحزب الشيوعي نفسه، خاصة من جانب المجموعة المنشقة بقيادة أحمد سليمان وزير التجارة الخارجية ومعاوية إبراهيم وزير الدولة للشئون الخارجية ووزير العمل، وحاولت تلك المجموعة إحراز نصر على الحزب الشيوعي بالضغط من أجل التأميم الشامل والمصادرات والذي قام بإعداد تفصيلاتها احمد سليمان بمعاونة المستشار الاقتصادي لمجلس قيادة الثورة احمد محمد سعيد الأسد، وقد هزت تلك التأميمات الاختباطية الاقتصاد السوداني هزا عنيفا لسنوات).
ويخلص د. منصور خالد إلى أن الحزب الشيوعي لا علاقة له بالتأميمات والمصادرة، وقد كان صادقا في ذلك.
5أما عبد الخالق محجوب فقد كتب مقالا في صحيفة (أخبار الاسبوع) بتاريخ يوليو 1970م، بعنوان (حول المؤسسات المؤممة والمصادرة)، جاء فيه (إن المصادرة في هذه الفترة الوسيطة من الثورة الوطنية الديمقراطية تعتبر عقوبة اقتصادية علي أصحاب المال “من الرأسماليين” الذين يخرجون على قوانين واوامر الدولة المالية والاقتصادية وبهذا يضعفون التخطيط المركزي ومؤشراته المختلفة التي رسمتها الدولة، وبما ان هذا الاجراء السياسي الاقتصادي والاجتماعي اجراء خطير في هذه المرحلة التي مازالت فيها العناصر الرأسمالية مدعوة للإسهام في ميدان التنمية وتنفيذ الخطة الخمسية. من المهم ألا تقتصر المصادرة في إطار سيادة الدولة على رعاياها. يجب أن تحاط المصادرة بالتالي:
– وضع تشريعات دقيقة ومفصلة ومحكمة تشمل الجرائم التي تستوجب توقيع عقوبة المصادرة.
– تعرض الأموال المختلفة علي دائرة قضائية لها القدرة علي الحسم السريع في القضايا وذات قدرات سياسية ايضا (برئاسة عضو من مجلس قيادة الثورة مثلا).
لماذا نقترح هذا؟.
– لأن في هذا ضمان لانتفاء الفساد وتفادي القرارات الذاتية التي ربما طوحت في كثير من الأحيان عن الموضوعية.
– لإدخال الطمأنينة في قلوب اصحاب أصحاب المال الذين تحتاج اليهم البلاد الي استثماراتهم في هذه الفترة مدركين جيدا أن العلاقات الرأسمالية مازالت تمتد الي اعماق مجتمعنا، الي خلاياه الأساسية).
6خلاصة الأمر كانت قرارات التأميمات والمصادرة خاطئة حيث قامت زمرة المنقسمين من الحزب الشيوعي مع زين العابدين محمد احمد عبد القادر ومحمد عبد الحليم، بتعيين مجالس إدارات ومديري البنوك والمؤسسات دون التشاور مع مجلس الثورة أو مجلس الوزراء مما أدى الي تعيين عدد كبير من الأشخاص غير الأكفاء لهذه المناصب بسبب عدم معرفتهم وقلة تجربتهم بالمسائل الاقتصادية والمالية وعدم الأمانة. الأمر الذي عرض النشاط الاقتصادي لهذه المؤسسات لكثير من الأضرار والخسائر ولعمليات الثراء الحرام، وبدلا من أن تكون مصدرا للأرباح للقطاع العام ومساعدته في التنمية تحول الكثير من هذه المؤسسات من مؤسسات رابحة الي مؤسسات تشكل عبئا على مالية الدولة مثل: مؤسسة الزيوت الافريقية وغيرها. بالإضافة إلى ذلك تزايد عدد المستخدمين في هذه المؤسسات لا بسبب حاجة العمل، ولكن بهدف إرضاء الحكام بتعيين المحاسيب والأقرباء وغيرهم الأمر الذي ادى الي ارتفاع تكلفة الإنتاج وإلى تقليل الأرباح وزيادة الخسائر.( أزمة طريق التطور الرأسمالي، ص 31).
اضافة الى انه اثناء عملية استلام المؤسسات المصادرة والمؤممة تمت كثير من عمليات النهب للاموال من الخزائن والبضائع والي سرقة الكثير من المعدات والاثاثات من المنازل. كما قام المسئولون عن الكثير من الشركات بعمليات فساد كبيرة مع رجال القطاع الخاص، وذلك بالتحكم في استيراد السلع لصالح مجموعات قليلة من التجار وتحويلها للسوق السوداء كما حدث في تجارة الاسبيرات ومواد البناء وبعض المنسوجات والتلاعب بحسابات هذه المؤسسات. لقد ورث الكثير من المديرين كل امتيازات أصحاب هذه المؤسسات من منازل وعربات وعلاوات. وكل ذلك تم تحت شعار الاشتراكية الأمر الذي أدى الي تشويه معنى تحرير الاقتصاد السوداني والمفاهيم الاشتراكية واضر بقضية التنمية الاقتصادية وبتبديد موارد البلاد.
وبهذا الشكل بدأت تنشأ فئة الرأسمالية المايوية الطفيلية على حساب جهاز الدولة عن طريق النهب والفساد،وفي عملية حراك طبقي شهدتها الفترة المايوية. مما يوضح أن الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي كان له علاقة بالصراع الطبقي الدائر في المجتمع ومن خلال تطلع بعض القيادات من كادر الحزب الشيوعي المنقسم من الحزب للثراء السريع والانضمام إلى نادي الرأسمالية السودانية.
الوسومالتأميم الحزب الشيوعي السودان المصادرة انقلاب 25 مايو 1969 تاج السر عثمان بابو جعفر نميري عبد الخالق محجوب