بغداد اليوم - بغداد

شهدت العلاقات بين العراق وسوريا، فترات من التقارب والتباعد، فخلال العقود الماضية، كانت العلاقات بين البلدين تتأرجح بين التعاون والتنافس، خاصة في ظل الخلافات الأيديولوجية بين حزب البعث في العراق وحزب البعث في سوريا. وبعد عام 2003، تغيرت ديناميكية العلاقات مع سقوط نظام صدام حسين وبروز دور إيران في العراق، مما أثر على طبيعة العلاقات مع سوريا، خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011.

وفي خطوةٍ لافتة، امتنعت الحكومة العراقية عن إرسال برقية تهنئة رسمية إلى الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، رغم الإجراءات الدبلوماسية السابقة التي أظهرت تقارباً بين البلدين، مثل إعادة فتح السفارات وتبادل التمثيل الدبلوماسي. هذا الموقف يُعيد طرح تساؤلات حول تداخل العوامل الداخلية والإقليمية في صناعة القرار العراقي، خاصة في ظلّ بيئة جيوسياسية تشهد تحولات متسارعة.

الخلفية السياسية

أوضح الباحث والأكاديمي العراقي مجاشع التميمي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن الموقف العراقي يأتي في إطار محاولة الحكومة العراقية الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها الخارجية، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية الكبيرة التي تشهدها المنطقة. وأشار التميمي إلى أن التغيير الذي حدث في سوريا يمثل "أكبر انتكاسة تعرضت لها جبهة المقاومة بقيادة إيران"، مما أثر على مواقف العديد من الدول المتحالفة مع المحور الإيراني، بما في ذلك العراق.

التأثير الإيراني على السياسة العراقية

أكد التميمي أن الكتل السياسية العراقية القريبة من المحور الإيراني، والتي تشكل الكتلة الأكبر في المشهد السياسي العراقي، تلعب دوراً محورياً في تشكيل مواقف الحكومة. 

وأشار إلى أن هذه الكتل هي التي أوصلت رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى السلطة، مما يجعل من الطبيعي أن يكون هناك تردد في تطوير العلاقات مع سوريا في ظل الظروف الحالية.

ويرى مراقبون أن الموقف العراقي قد يشهد تحولاً تدريجياً في حال تحسّن العلاقات العربية مع سوريا، أو إذا ما انخفضت حدّة التوتر بين إيران والقوى الإقليمية الأخرى. لكن في الأمد القريب، يبدو أن بغداد ستستمر في سياسة "الخطوات الصغيرة"، التي تحقق مكاسب دبلوماسية دون كسر التوازنات الهشّة داخلياً وإقليمياً.  

الخطوات العراقية نحو سوريا

رغم هذا التردد، أشار التميمي إلى أن الحكومة العراقية بقيادة السوداني قد اتخذت خطوات مهمة نحو تحسين العلاقات مع سوريا، منها الاعتراف بالتغيير السياسي في دمشق، وافتتاح السفارة العراقية في العاصمة السورية، ورفع العلم السوري الجديد فوق مبنى السفارة السورية في بغداد. ووصف هذه الخطوات بأنها "أقصى ما يمكن أن تقوم به الحكومة العراقية في الوقت الحالي".

التوازن الإقليمي

وأوضح التميمي أن امتناع العراق عن تهنئة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يعكس سعياً للحفاظ على توازن بين المحور الإيراني والمواقف العربية والتركية تجاه الأحداث في سوريا. وأشار إلى أن العراق يحاول تجنب الانحياز الكامل لأي طرف، في محاولة للحفاظ على مصالحه الإستراتيجية في المنطقة.

ردود الفعل الإقليمية

من جهة أخرى، لاحظ المراقبون أن الموقف العراقي قد يكون محكوماً بضغوط إقليمية ودولية، خاصة في ظل التباين الكبير في المواقف بين الدول العربية والإقليمية تجاه النظام السوري الجديد. فبينما تعترف بعض الدول بالتغيير السياسي في سوريا، ترفض أخرى الاعتراف به، مما يضع العراق في موقف دقيق يتطلب مراعاة جميع الأطراف.

ويبدو أن الموقف العراقي من التغيير السياسي في سوريا يعكس تعقيدات المشهد السياسي الداخلي والإقليمي. فمن ناحية، تحاول الحكومة العراقية الحفاظ على علاقاتها مع المحور الإيراني، ومن ناحية أخرى، تسعى لتجنب العزلة الإقليمية والدولية. هذا التوازن الدقيق يجعل من الصعب على العراق اتخاذ مواقف واضحة وحاسمة في ظل الظروف الحالية.

الامتناع العراقي عن تهنئة سوريا ليس مجرد حدث عابر، بل هو انعكاسٌ لتعقيدات خريطة التحالفات التي تُرسم بألوان إيرانية وعربية ودولية. في هذا المشهد، تبرز بغداد بـ"لا عنوان" يحاول البقاء فوق الصراعات، لكنّ هذه الاستراتيجية قد تتحول إلى سيف ذي حدين: ففي حين تحمي العراق من الاصطدام المباشر مع الأطراف المتصارعة، فإنها قد تُكبّده خسائرَ في فرص التعاون الاستراتيجي الطويل الأمد.  


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الحکومة العراقیة المحور الإیرانی العلاقات مع خاصة فی ظل فی سوریا مع سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

عودة أيمن حسين إلى الدوري العراقي

بغداد «أ.ف.ب»: عاد مهاجم منتخب العراق وهدافه أيمن حسين إلى الدوري العراقي لكرة القدم منهيا رحلته مع الخور القطري، بتعاقده مع فريق الكَرمة من محافظة الأنبار لتمثيله في الموسم المقبل.

وقال علي إسماعيل لوكالة فرانس برس إن "صفقة نادي الكَرمة مع هداف المنتخب العراقي أيمن حسين (29 عاما) تمت وجاءت لتنهي جدلاً امتدَ لأسابيع حول شائعات بقائه مع الخور القطري، قبل أن يقرر اللاعب العودة إلى العراق وتمثيل الكَرمة".

واعتبر أن "الكَرمة كسب افضل صفقات الموسم الجديد لكون ايمن حسين يعد من بين افضل مهاجمي منتخب العراق منذ أعوام ويملك خبرة كبيرة".

وأضاف أن "إدارة نادي الكَرمة تملك طموحات كبيرة بتحقيق مركز جيد في منافسات الموسم الجديد في ظل توفر جميع مستلزمات النجاح لذلك أبرمت صفقات مهمة ومؤثرة".

وحصل الكَرمة على المركز الثامن في أول مشاركاته بالدوري الموسم الماضي.

وتابع إسماعيل إن "الكَرمة وبعد موسم واحد في دوري نجوم العراق اشعل بورصة الانتقالات الصيفية بضم العديد من اللاعبين أبرزهم الثلاثي الأردني محمد أبو حشيش من زاخو العراقي وإبراهيم سعادة من المحرق البحريني وعلي علوان من سيلاجور الماليزي، فضلاً عن تجديد عقد المحترفين البرازيلي جيفرسون ويوسف أمارو من النيجر".

واكد أن "عقوداً جديدة أبرمت مع اللاعبين هلو فائق من أربيل وأحمد حسن مكنزي من النجف وعلي محسن من الزوراء وأموري فيصل من الكهرباء وسجاد جاسم من الشرطة وعمر مجباس من الجولان".

وأردف أن "نوايا إدارة النادي تتجه إلى ضم المدافع المغربي أيوب المودن لاعب فريق الشرطة السابق لإكمال عدد المحترفين الستة".

وكانت إدارة نادي الكرمة قد منحت الاستغناء إلى 17 لاعباً من الذين لعبوا للفريق الموسم الماضي.

ووفقاً لإسماعيل فان تدريبات الفريق ستنطلق في السابع من الشهر الحالي بملعب الفلوجة على أن يتأهب لمنافسات دوري نجوم العراق بدخول معسكر يقام في تونس.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس البرلمان: الجهات المهاجمة لحقول نفط كوردستان معروفة لدى الحكومة العراقية
  • عودة أيمن حسين إلى الدوري العراقي
  • حقيقة منع السوريين من دخول الأراضي العراقية
  • ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
  • إلى أين قد تنقل زيارة الشيباني العلاقات بين دمشق وموسكو؟
  • صورة على الهاتف تقود لاجئاً سورياً في بغداد الى السجن
  • العشائر العراقية.. حصنٌ ودرعٌ بوجه الفكر المنحرف
  • النفط النيابية:الحكومة والبرلمان “يجهلان” كميات النفط المنتجة في الإقليم
  • العبادي:الانتخابات المقبلة لن تكن نزيهة
  • تنفس السُمّ في صمت.. بغداد في قبضة الكبريت