أكد المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، كينيث روث، أن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بطرد مليوني فلسطيني أو أكثر من غزة أمر مثير للذهول لدرجة أنه يبدو "مصمما لصعقنا وإخضاعنا بشكل مشلول".

وقال روث في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" إن هذا المخطط أحدث مثال على ميل الرئيس الأمريكي إلى تطبيع ما لا يمكن تصوره، وجلب أفكار كانت تعتبر بحق خارجة عن المألوف وإرغامها على الدخول في مجال مناقشة السياسة، ومع ذلك، هناك الكثير من الأسباب للتغلب على صدمتنا ورفض هذا المخطط المروع.



وأضاف أن "هذا الاقتراح له مؤيدوه، فاليمين المتطرف الإسرائيلي يسيل لعابه عند سماع الاقتراح، ولقد سعى لفترة طويلة إلى حل المشكلة الفلسطينية بالتخلص من الفلسطينيين، فلا عجب أن بنيامين نتنياهو، الذي جلس بجانب ترامب خلال مؤتمرهما الصحفي في البيت الأبيض، لم يستطع أن يكبح جماح ابتهاجه".


وذكر أنه "علاوة على ذلك، فإن غزة في كل الاحتمالات لن تكون سوى خطوة أولى، وإذا أصبح هذا التطهير العرقي مقبولا في يوم من الأيام، فإن الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية سوف تتبعانه بالتأكيد، وحتى ما يسمى بالسكان العرب في إسرائيل قد لا يكونون في مأمن".

وأوضح أن "المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن قد تصبح خالية من الفلسطينيين، بعيدا عن هتافات "فلسطين الحرة" التي تُسمع هذه الأيام في الحرم الجامعي، وهذا من شأنه أن يسمح لإسرائيل أخيرا بتحقيق هدفها المتمثل في أن تكون دولة يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه".

وأشار إلى أنه "حتى لا ننسى، فإن إبعاد الناس قسرا عن وطنهم يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وسوف يستدعي هذا توجيه اتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وسوف يتجاهل هذا الحكم الأخير الصادر عن محكمة العدل الدولية والذي يؤيد حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وهو أمر لا ينبغي لأي زعيم ديمقراطي أن يتقبله، ولكن من الواضح أن ترامب ليس زعيما عاديا".

وبين روث أن "ترامب حاول أن يصور اقتراحه على أنه عمل من أعمال الخير، مشيرا إلى الدمار الذي لحق بغزة ومخاطر الذخائر غير المنفجرة، ولكن هذا الدمار كان في المقام الأول نتيجة للهجمات الإسرائيلية العشوائية وغير المتناسبة على المساكن والأحياء الفلسطينية، ولا يمكن تصحيح مثل جرائم الحرب هذه، والإبادة الجماعية، بجريمة حرب ضخمة أخرى".

وأضاف أن ترامب لم يقترح إعادة توطين مؤقتة قصيرة الأجل بينما تجري عملية إعادة الإعمار، وحاول وزير الخارجية ماركو روبيو التراجع عن ذلك، مشيرا إلى أن ترامب كان يقصد أن يكون النزوح مؤقتا فقط، لكن هذا ليس ما قاله ترامب.

وبدلا من ذلك، يتصور ترامب بناء "ريفييرا الشرق الأوسط" ثم إعادة توطين غزة بـ "مواطني العالم"، وهو ما يعني بوضوح أي شخص باستثناء الفلسطينيين.

وصف روبيو خطة ترامب بأنها "سخية للغاية"، لكن قِلة من الفلسطينيين يرونها بهذه الطريقة، الأمر كما لو أن شخصا ما قد يدمر منزل ترامب في مار إيه لاغو ثم يعرض "بسخاء" إعادة بنائه بشرط ألا يعود ترامب أبدا.

وقال إنه "الواقع أن ترامب يريد أن تتولى الأردن ومصر السيطرة على الفلسطينيين، ولكن من المفهوم أن يرفض كل منهما الفكرة، وبصرف النظر عن عدم رغبتهما في التواطؤ في مثل هذه الجريمة الهائلة، فلديهما أسبابهما الخاصة، فأكثر من نصف الأردنيين من أصل فلسطيني ــ وهو مصدر حساسية ديموغرافية لحكام البلاد الهاشميين ــ ولطالما رفضت الحكومة الأردنية الحجج القائلة بأنها قد تصبح "فلسطين" في حين تفرغ إسرائيل الأراضي المحتلة من الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه، تخشى مصر أن يثقل تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين كاهل اقتصادها المتعثر أصلا ويعيد إشعال فتيل التمرد المتصاعد في شمال سيناء".


وأضاف أنه "بطبيعة الحال، تثير خطة ترامب السؤال التالي: لماذا لا تفعل إسرائيل نفس الشيء؟ فأكثر من 80 بالمئة من الفلسطينيين في غزة لاجئون، وقد أجبرت أسرهم على النزوح من ديارهم في ما أصبح الآن إسرائيل خلال حرب عام 1948، فلماذا يجب إرغامهم على الانتقال إلى دول أجنبية بدلا من السماح لهم بالعودة إلى ديارهم الأصلية؟ الواقع أن إسرائيل لا تسمح لمعظم سكان غزة بالانتقال حتى إلى الضفة الغربية أو القدس الشرقية ــ وهو عنصر أساسي من عناصر الفصل العنصري الذي تحافظ عليه في الأراضي المحتلة".

وأوضح "لماذا لا تفعل الولايات المتحدة ذلك؟ فهي أغنى كثيرا، وأكبر كثيرا، وأكثر قدرة على إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين، ولكن هذا من شأنه أن يتعارض مع هوس ترامب المناهض للهجرة".
وتسائل روث أيضا "من سيدفع المليارات والمليارات من الدولارات المطلوبة لإعادة بناء غزة؟ ينبغي أن تكون إسرائيل كمسألة تعويضات، ولكن لا أحد يحبس أنفاسه في انتظار ذلك، ومع خفض ترامب لالتزامات المساعدات الخارجية الأمريكية، يبدو أنه يأمل أن تتحمل دول الخليج العربي الفاتورة، ولكن لماذا تعيد بناء هذا الجيب الفلسطيني بدون الفلسطينيين؟ ولماذا يتسامح جماهيرها، حتى في ظل القيود الشديدة المفروضة على حرية التعبير في ظل ممالك الخليج، مع الاستثمار في مشروع عقاري على ما يعتبرونه بحق جزءا مركزيا من الوطن الفلسطيني؟".

وأضاف أن "خطة ترامب تتعارض مع رغبته في أن يكون صانع صفقات ماهر، يريد ترامب إطلاق سراح جميع الأسرى، ولكن لماذا توافق حماس إذا كان ذلك مجرد مقدمة للترحيل الجماعي للشعب الفلسطيني؟ ويأمل ترامب في إقناع الحكومة السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكنها أصرت على إقامة دولة فلسطينية كشرط أساسي، بما في ذلك بعد وقت قصير من اقتراح ترامب، كما تضغط مصر والأردن والإمارات، وهي جميعها حلفاء رئيسيون للولايات المتحدة، من أجل إقامة دولة".

وزاد "إذا كان ترامب يريد أن يكون مزعجا، كما هي عادته، فهناك طرق أكثر إنتاجية للمضي قدما. لطالما رفض نتنياهو قبول الدولة الفلسطينية، وقد أفلت من العقاب على عناده لأنه كان يعلم دائما أن اليمين المتطرف في الولايات المتحدة - جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، وأنصار إسرائيل من المسيحيين الإنجيليين، وحلفائهم من الحزب الجمهوري - ستدعمه".

وختم بالقول إنه "إذا أصر ترامب على إقامة دولة، فلن يتبقى سوى قِلة في الولايات المتحدة، الراعي الرئيسي لإسرائيل، الذين يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن يلجأ إليهم لدعم رفضه. قد يضطر ترامب في نهاية المطاف إلى قبول دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيلية باعتبارها الحل العادل الوحيد للصراع الطويل الأمد. وإذا تمكن ترامب من تحقيق ذلك، فقد يستحق جائزة نوبل للسلام التي طالما تمنى الحصول عليها ولكنه شعر أنه حُرم منها ظلما".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية هيومان رايتس ووتش كينيث روث ترامب غزة الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة هيومان رايتس ووتش ترامب كينيث روث المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الفلسطینیین وأضاف أن أن ترامب

إقرأ أيضاً:

مدير الموساد السابق يكشف تفاصيل اختراق حزب الله واغتيال عماد مغنية

كشف المدير السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين، في كتابه الجديد "بالأحابيل تصنع لك حرباً"، تفاصيل غير مسبوقة عن كيفية الوصول إلى عماد مغنية، القائد العسكري البارز في "حزب الله" الذي اغتيل في دمشق عام 2008.

ويقدّم كوهين في مؤلفه رواية موسّعة عن الاختراق الإسرائيلي لحزب الله، واصفاً مرحلة مطلع التسعينات بأنها كانت البوابة الذهبية لزرع أولى الشبكات البشرية في صفوف الحزب. ووفق رواية كوهين، بدأت القصة حين تولّى خلال سنوات خدمته المبكرة، الاتصال برجل لبناني يطلق عليه الاسم المستعار "عبد الله"، حيث قدّمه كمقاوم سابق وعضو قديم في الحزب، يتمتع بثقة القيادات وبعلاقات واسعة داخل البيئة التنظيمية.


ويشير كوهين إلى أنه اختار لنفسه هوية رجل أعمال من أمريكا اللاتينية يبحث عن شراكات استثمارية في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن الغطاء الأرجنتيني أتاح له نسج علاقة مهنية وشخصية مع عبد الله بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية. ويقول كوهين إن عبد الله كان في تلك الفترة يبحث عن فرصة اقتصادية في الخارج، وإن هذا الطموح شكّل مدخلاً لتطوير العلاقة من مستوى التعارف إلى مستوى التعاون.

وأكمل: "بعد لقاءات عدة، أبلغت اللبناني أن هناك شركة تعرض عليهما القيام بعمل استقصائي عن حزب الله، لقاء مبلغ محترم من المال، وأوضح أن عبد الله رفض أي مهمة لها علاقة بحزب الله في البداية، قبل أن يعود وبعد تردد ليوافق على تقديم معلومات يصفها كوهين بأنها الأدق التي وصلت إلى الموساد من داخل الحزب.

ويوضح رئيس الموساد السابق أن المهمة الأولى كانت الحصول على معلومات عن مصير الجنديَّين الإسرائيليَّين الأسيرَين لدى حزب الله، وهما "رحميم الشيخ ويوسي فينك"، بعد وقوعهما في كمين للحزب سنة 1986، وكان برند شميد لاور، المستشار الأمني للمستشار الألماني هلموت كول، يتوسط بين "إسرائيل" وحزب الله لصفقة تبادل بشأنهما"، لافتا إلى أن نتيجة المعلومات التي زوّدهم بها عبد الله غيّرت مسار المفاوضات في ذلك الوقت، واستكمل "رفض حزب الله الإفصاح إن كانا ميتين أو على قيد الحياة، وطلب لقاءهما عددًا كبيرًا من الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين، وقد نجح عبد الله في جلب الخبر اليقين، بأنهما توفيا متأثرين بجراحهما.

المدير السابق لجهاز الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين، يقول إن القيمة الأكبر للعميل، بحسب الكتاب، ظهرت لاحقًا عندما بدأ يزوّد الاحتلال بتفاصيل عن تحركات عماد مغنية، وبحسب رواية كوهين، وفّر عبد الله للموساد خريطة يومية لتحركات مغنية، ودوائر نفوذه، وطريقة تنقله داخل لبنان وفي سوريا، إضافة إلى شبكة الأشخاص الذين يحيطون به، ويكتفي الكتاب بالإشارة إلى أنّ وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد رصدت مكافأة كبيرة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على مغنية، وأن دولة الاحتلال كانت تعتبره العقل الأكثر خطورة في بنية حزب الله.

ويشير كوهين إلى أن عملية الاغتيال التي جرت في دمشق عام 2008 نُفّذت بخطة "صاغها الموساد وشغلتها فرق أمريكية – إسرائيلية مشتركة"، لكنه يتجنب تقديم تفاصيل عملياتية دقيقة. ويعيد التأكيد على أنّ عبد الله لعب دوراً محورياً في جمع المعلومات التمهيدية التي ساهمت في رصد مغنية خلال تلك السنوات.


ويضع كوهين قصة العميل اللبناني ضمن سياق أوسع يتحدث فيه مطولًا عن استراتيجية الموساد في مواجهة حزب الله وإيران، ويعتبر أن إدخال أجهزة وعتاد مخترقة إلى بيئة الحزب منذ التسعينات ثم لاحقاً إلى الداخل الإيراني، شكّل نقلة نوعية في عمل الجهاز، حسب وصفه، ويضيف أن الموساد عمل لعقود على تفكيك دوائر القوة التي يبنيها الحزب، عبر العنصر البشري والعمل السيبراني.

واعتبر أن "اختراق حزب الله ساهم في تأخير حرب واسعة وفي إحباط سلسلة عمليات كان الحزب يخطط لها ضد إسرائيل"، ويؤكد في كتابه أن حزب الله ما زال "التحدي الأكبر على حدود إسرائيل الشمالية"، وأن مواجهة نفوذه جزء أساسي من "الحرب الاستخباراتية المستمرة مع إيران".

مقالات مشابهة

  • ترامب يحذر إسرائيل من عرقلة تطور سوريا ويشيد بأحمد الشرع.. ماذا قال؟
  • ترامب: الشرع يعمل على بناء علاقة مع إسرائيل
  • عاجل. ترامب يشيد بالشرع ويحذّر إسرائيل.. ما خلف رسالته غير المألوفة إلى تل أبيب بشأن سوريا؟
  • ترامب يوجّه رسالة إلى إسرائيل بشأن العلاقة مع سورية
  • ترامب يحذر إسرائيل من عرقلة ازدهار سوريا.. ويأمل بتطبيع قريب
  • ترامب يدعو إسرائيل للحفاظ على حوار إيجابي مع دمشق
  • رايتس ووتش: معاهدة حظر الألغام الأرضية تواجه تهديدات غير مسبوقة
  • ترامب: من المهم جدًا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي مع سوريا
  • مدير الموساد السابق يكشف تفاصيل اختراق حزب الله واغتيال عماد مغنية
  • ترامب سيعفو عن رئيس دولة سابق يقضي عقوبة في قضية تهريب مخدرات.. ويوضح السبب