هل تغادر أميركا العراق؟ للقصة بقية يرصد سيناريوهات الانسحاب المزمع
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
وأعاد برنامج "للقصة بقية" في حلقته بتاريخ 2025/12/1 سرد هذا الملف بتوازن يجمع بين تقرير موسع يراجع جذور الأزمة، ونقاش معمّق مع ضيوفها حول دلالات التحول الحالي ونتائجه المحتملة.
يبدأ تقرير الحلقة بتتبع المسار السياسي الذي أوصل بغداد وواشنطن إلى اتفاق يقضي بانسحاب القوات الأميركية على مرحلتين تنتهيان في نهاية 2026.
ويشير إلى أن مواقف متعاقبة لإدارات أميركية وتعهدات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عكست إرادة مختلفة في الشكل، لكنها التقت على فكرة الانتقال من نموذج الاحتلال إلى نموذج الشراكة، وإن بقيت التفاصيل محل جدل.
ويرصد التقرير حجم الوجود العسكري الحالي الذي يناهز 2500 جندي ينتشرون بين قواعد تمت إعادة تصنيف أدوارها.
لكن الشهادات التي وثقها التقرير تؤكد أن هذا الوجود لا يُختزل في الأرقام، إذ يرتبط بملفات أوسع تشمل الرصد الجوي والاستخبارات وصيانة منظومات التسليح التي يعتمد عليها الجيش العراقي، ما جعل فكرة الانسحاب الكامل أكثر تعقيدا مما تبدو عليه في البيانات الرسمية.
ويلتقط التقرير خطوط الضغط التي خلّفتها الهجمات على قواعد أميركية بعد حرب غزة 2023، وما سببته من إعادة تقييم داخل بغداد للعلاقة مع واشنطن.
وتظهر لدى المحللين مخاوف سياسية عراقية من أن بقاء القوات قد يجر البلاد إلى صدامات إضافية، في حين يرى آخرون أن خروجها دون ترتيبات أمنية ناضجة قد يفتح بابا لفجوة خطيرة في التوازن الإقليمي، خاصة مع اشتباك العوامل السورية والإيرانية في المشهد.
كما يشير التقرير إلى أن الحسابات ليست أمنية فحسب؛ فالعراق لا يزال يعتمد على نظام مالي يتحكم بتدفق الدولار عبر البنك الفدرالي الأميركي، ما يجعل الاقتصاد العراقي جزءا غير منفصل عن معادلة الوجود العسكري.
إعادة تموضعوفي الجزء التحليلي من الحلقة، يرى الدكتور حارث حسن الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن ما جرى تسويقه كـ"انسحاب" هو في جوهره "إعادة تموضع"، إذ ستبقى القوات الأميركية متركزة بشكل أساسي في إقليم كردستان، مع تقليص وجودها في بغداد والأنبار.
ويشير إلى أن الاتفاق الحالي يفتح الباب لإطار تفاهم جديد، لا لإنهاء العلاقة الأمنية بشكل كامل.
ويشرح حارث أن العراق، من الناحية العسكرية الصرفة، غير قادر على سد الفجوة التي سيخلفها المغادرون؛ فالرصد الجوي الأميركي، وقدرات الاستطلاع، والبنية التقنية للصيانة والتسليح، لم تُستكمل بعد محليا.
ويضيف أن الحكومة تخشى أن خروج القوات قد يسحب منها إحدى أهم أوراق الاحتواء في ملف الفصائل المسلحة، إذ استخدمت هذا الملف لسنوات لفرض توازن دقيق بين القوى الداخلية.
ويمتد تحليل حارث إلى البعد الاقتصادي الذي يصنفه "أخطر عوامل المشهد"، موضحا أن بغداد تعتمد بشكل كامل على تدفق الدولار من الاحتياطي الأميركي، وأن أي تعديل في آليات التحويل أو القيود على حركة العملة كفيل بإحداث اضطراب اقتصادي واسع.
ويرى أن واشنطن تدرك تماما حساسية هذه الورقة، وتتعامل معها كجزء من هندسة العلاقة مع العراق، وليس كملف مالي منفصل.
سوريا حاضرةأما السفير الأميركي السابق دوغلاس سيليمان فيمنح النقاش زخما آخر، معتبرا أن الوجود الأميركي في العراق متصل بشكل وثيق بالمعادلة السورية.
ويشير إلى أن القوات الأميركية في سوريا تعتمد لوجستيا على قواعدها في شمال العراق، وأن خروجا كاملا من العراق سيجبر واشنطن على مراجعة وجودها في سوريا أيضا، وهو سيناريو يحمل مخاطر أمنية كبيرة على العراق، خاصة مع وجود السجون والمخيمات التي تضم عناصر من تنظيم الدولة.
ويرى سيليمان أن الانسحاب لا يمكن فصله عن توازن القوى الإقليمي، موضحا أن واشنطن تدرك أن العراق يقف في نقطة تماس حساسة بين طهران وأنقرة والرياض، وأن أي فراغ سريع قد يختلّ لصالح أطراف لا تملك الولايات المتحدة تأثيرا مباشرا عليها.
ويضيف أن واشنطن لا تبحث عن "خروج كامل" بقدر ما تبحث عن "تخفيض الانخراط" مع الإبقاء على أوراق اتصال فعالة.
وتخلص الحلقة إلى أن العراق يقف في مساحة رمادية لا تميل بشكل حاسم إلى أي طرف؛ فالتأثير الإيراني يشهد تقلبات، والفصائل المسلحة تراهن على لحظة انتقالية قد تمنحها نفوذا أكبر، فيما تحاول الحكومة بناء مسار متوازن يضمن بقاء الدعم الدولي دون السماح بتحول العراق إلى ساحة تنازع مباشر بين القوى الإقليمية.
Published On 2/12/20252/12/2025|آخر تحديث: 00:52 (توقيت مكة)آخر تحديث: 00:52 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات القوات الأمیرکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
العراق ينجو من قرارات حظر السفر الامريكية: استثناء استراتيجي من قوائم ترمب
29 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: نجا العراق من القرار الأميركي الجديد بشأن حظر دخول مواطني ما تسمى “دول العالم الثالث” إلى الولايات المتحدة لأنه حافظ على علاقات استراتيجية وثيقة مع واشنطن، خصوصاً في المجالات الأمنية والاستخباراتية، وفق تحليلات، حيث يعتمد الأميركيون على التعاون العراقي في مكافحة تنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى، ما جعل فرض قيود صارمة على دخول العراقيين أمراً غير عملي وقد يضر بمصالحهما المشتركة.
ويضاف إلى ذلك أن وجود قوات ومستشارين أميركيين على الأرض العراقية يجعل أي حظر شامل يخلق اضطرابات لوجستية وتشغيلية، خصوصاً فيما يتعلق بتحركات المسؤولين العراقيين الذين يتعاملون مباشرة مع واشنطن في ملفات أمنية حساسة، ما عزز من موقف العراق كاستثناء ضمن اللائحة.
وادى حرص الحكومة العراقية على تأكيد التزامها بالتعاون مع الولايات المتحدة الى إبراز العراق خارج نطاق الدول المشمولة بالقرار، على عكس دول أخرى لم تتمتع بنفس مستوى العلاقة الثنائية الوثيقة.
ونجا العراق نجا من قرارات الحظر الجديدة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رغم توسع القائمة لتشمل 19 دولة وصدور قرار لاحق من وكالة الهجرة الأميركية بتعليق كامل أو جزئي لدخول مواطني هذه الدول.
ويشير البيان الصادر عن وزارة الأمن الداخلي الأميركية إلى أن الدول المشمولة بالحظر الكامل أو الجزئي تشمل ليبيا والسودان واليمن والصومال وإيران وأفغانستان وبورما وبوروندي وتشاد وكوبا والكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهايتي ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا، بحسب ما نقلته رويترز.
و يكشف بيان منفصل لوكالة الهجرة الأميركية فرض تعليق كامل على دخول مواطني 12 دولة بينها أفغانستان وإيران وليبيا والسودان واليمن، إلى جانب تعليق جزئي على مواطني سبع دول أخرى بينها كوبا وفنزويلا وتركمانستان.
ويأتي هذا التصعيد بعد حادثة إطلاق نار نفذها مهاجر أفغاني قرب البيت الأبيض وأودت بحياة إحدى أفراد الحرس الوطني، ما دفع ترمب إلى الإعلان بأن إدارته “ستعلق بشكل دائم الهجرة من جميع دول العالم الثالث”.
وتتحرك وكالات تابعة للأمم المتحدة لاحقاً لترد على تعهد ترمب بمنع الهجرة من دول “العالم الثالث” على خلفية الهجوم، داعية واشنطن إلى مواصلة السماح لطالبي اللجوء بالدخول إلى البلاد، ومؤكدة أن القرارات الجماعية تعاقب الفئات الأكثر هشاشة ولا تعالج جذور العنف أو التطرف.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts