سلاح من زمن الحرب… كيف كشفت الأدلة استخدام جورجيا مادة كاميت السامة ضد المتظاهرين؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
# وثائق وشهادات تكشف تورط الشرطة في استخدام مركّب كيميائي خطير# أطباء ومتظاهرون يروون معاناة استمرت أسابيع بعد “ماء يحرق الجلد”# خبراء: المادة أقوى من الغاز المسيل للدموع بعشر مرات وقد تُبقي المكان ملوّثًا لأيام
تتهم أدلة وشهادات جمعتها جهات مختلفة الحكومة الجورجية باستخدام مادة كيميائية تعود جذورها إلى الحرب العالمية الأولى، لقمع الاحتجاجات ضد قرار تجميد مسار انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.
التقارير التي جمعتها مصادر طبية، وأخرى داخل جهاز الشرطة، وأبحاث حديثة تشير إلى أن مركّب" كاميت " والمعروف بشدة تأثيره على الجلد والجهاز التنفسي ربما أعيد استخدامه بشكل سري داخل خزانات خراطيم المياه، ما أدى إلى معاناة مئات المتظاهرين من أعراض استمرت شهورًا.
#احتجاجات سياسية تتحول إلى أزمة صحية
بدأت الاحتجاجات في 28 نوفمبر 2024 بعد إعلان الحكومة تعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبينما كان آلاف المتظاهرين يتجمعون أمام البرلمان، اتخذت الشرطة القوة المتاحة كاملة: الغاز المسيل للدموع، الفلفل الحارق، وخراطيم المياه لكن هذه المرة، بدا أن الماء ليس مجرد ماء.
شهود كثيرون وصفوا إحساسًا “بالحرق” فور ملامسة الماء للجلد، وإعراضًا لم تزُل رغم الغسل المتكرر و البعض تحدث عن صعوبة في التنفس، والقيء، ونوبات سعال استمرت لأسابيع.
#شهادات من قلب الحدث
أحد المتظاهرين، جيلا خاسايا، قال إن الشعور بالحرق كان فوريًا، وكأن “الجلد يذوب”. الطبيب المتظاهر قسطنطين تشاخوناشفيلي، الذي أصيب أيضًا، أجرى لاحقًا دراسة شارك فيها نحو 350 شخصًا، أظهر نصفهم تقريبًا أعراضًا طويلة المدى.
الدراسة التي قُبلت للنشر في مجلة علمية كشفت أيضًا أن 69 من المشاركين ظهرت لديهم اضطرابات في الإشارات الكهربائية للقلب، ما يشير إلى تعرض أكثر حدة مما يسببه أي غاز مسيل للدموع معروف.
#أدلة من داخل أجهزة الأمن
تتقاطع شهادات المتظاهرين مع ما قاله مسؤول سابق في قسم الأسلحة بالشرطة الجورجية، لاشا شيرجيلاشفيلي، الذي أكد أنه اختبر مادة مشابهة عام 2009.
وأوضح أن تأثير المادة كان “أقوى عشر مرات من الغاز المسيل للدموع”، وأنها تظل فعّالة في المكان لأيام حتى بعد الغسل.
المسؤول أضاف أن توصيته بعدم استخدامها تم تجاهلها، وأن المدرعات استمرت بتحميلها لسنوات وبعد مشاهدة مقاطع الاحتجاجات عام 2024، قال إنه تعرّف فورًا على التأثير.
#تحليل الوثائق: سر “UN1710” و“UN3439”
وثيقة تعود لـ2019 من مخزون الشرطة كشفت وجود مادتين مجهولتين ضمن التجهيزات. الأولى UN1710، وهي مادة تساعد على إذابة مركبات صعبة الذوبان.
أما الثانية UN3439، فهي رمز يشمل عدة مواد خطرة، لكن واحدة منها فقط كانت تُستخدم كسلاح كيميائي في التاريخ العسكري: بروموبنزيل سيانيد… أو كاميت.
هذه المادة طوّرها الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، قبل أن تُسحب من الاستخدام في الثلاثينيات بسبب آثارها طويلة الأجل.
#خبراء السموم: الدلائل تشير إلى"كاميت"
خبراء في الأسلحة الكيميائية قالوا إن الأعراض التي ظهرت، وطبيعة المادة المستخدمة، والوثائق المتاحة، كلها تتطابق مع "كاميت"مادة يمكن أن تلوث الهواء والتربة وتظل نشطة لأيام.
#رد الحكومة الجورجية
الحكومة وصفت الاتهامات بأنها “غير منطقية”، واتهمت المحتجين بأنهم مارسوا “العنف”، مؤكدة أن الشرطة استخدمت أساليب قانونية.
لكن تجاهل الطلبات الرسمية لتحديد المركّب المستخدم، زاد الشكوك بدل تبديدها.
القضية لم تعد حول خلاف سياسي فقط، بل تحولت إلى نقاش عالمي حول استخدام مواد محظورة منذ نحو قرن ضد المدنيين.
ومع استمرار ظهور قصص جديدة عن معاناة المتظاهرين، يبدو أن ملف “كاميت” قد يظل مفتوحًا وقتًا طويلًا، وربما يعبر حدود جورجيا ليطرح سؤالًا أصعب: هل عاد سلاح كيماوي قديم إلى الاستخدام في القرن الحادي والعشرين
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سموم جورجيا متظاهرين
إقرأ أيضاً:
تحالف "صمود" يدعو لتحقيق دولي في تقارير استخدام "الكيميائي"
أصدر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، السبت، بيانا حول تقارير استخدام السلاح الكيميائي في الحرب الدائرة في السودان.
وقال البيان: "يعرب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) عن بالغ قلقه إثر التقارير الموثوقة التي كشفت عنها الحكومة الأميركية، وما ورد في وسائط إعلامية دولية، بشأن استخدام القوات المسلحة السودانية للسلاح الكيميائي في الحرب الجارية داخل البلاد، وهي جريمة ندينها بأشد عبارات الإدانة".
وأضاف البيان أن "استخدام السلاح الكيميائي يمثل جريمة خطيرة وانتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية".
وطالب البيان "القوات المسلحة بالوقف الفوري لاستخدامه، وتمكين المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) والآليات الأممية المختصة لإجراء تحقيق دولي مستقل وسريع وشفاف للوصول إلى الحقائق كاملة، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة".
وشدد البيان على أن التحالف "يؤكد أن استمرار الحرب لن يقود سوى لمزيد من الجرائم والانتهاكات التي تستهدف المدنيين العزل من أبناء وبنات الشعب السوداني، وعليه فإن الواجب العاجل هو وقف الحرب والوصول لسلام عادل ومستدام ينصف الضحايا ويعاقب المنتهكين، وهو ما سنظل نعمل من أجله حتى يتحقق".
وطلبت وزارة الخارجية الأميركية من السلطة القائمة في بورتسودان، الخميس، الاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها الجيش باستخدام أسلحة كيميائية خلال الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.
وذكرت إدارة الشؤون الإفريقية بالخارجية الأميركية في تغريدة على حسابها في منصة "إكس" أنه: "على حكومة السودان الاعتراف فورا بانتهاكاتها، ووقف أي استخدام آخر للأسلحة الكيميائية، والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".
وفي مايو، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بعد ثبوت استخدام أسلحة كيميائية عام 2024.
وكان السفير الأميركي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أكد في أكتوبر أن اتهامات بلاده للجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية خلال الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 استندت إلى أسس قوية.
وجاءت تلك التصريحات على خلفية إصدار دولة تشاد مذكرة رسمية موجهة إلى المنظمة تطالب بالتحقيق في استخدام الجيش السوداني للأسلحة المحرّمة في السودان.
وأكدت المنظمة في سبتمبر لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنها تراقب الوضع عن كثب، وأن أي تحرك من جانبها سيكون مرتبطا بتقديم طلب من دولة عضو في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية.
ومنذ بداية عام 2025، يربط مختصون بين عدد من الظواهر الصحية والبيئية ووجود تلوث كيميائي، خصوصا في الخرطوم ووسط السودان وشمال دارفور.