الثورة نت:
2025-05-08@21:47:15 GMT

مهرِّج برتبة رئيس دولة عظمى

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

 

يتماهى بمواقفه وطروحاته وحتى حركات جسده غالبا مع الكوميدي البريطاني (مستر بن)، يتميز بكونه رجل الصفقات، ومقايضاً متمرساً منذ أن بدأ حياته مقايضا ومفاوضا (بنات الليل اللاتي يقصدن حاناته ومواخيره)، قبل أن تتسع أنشطته ويبدأ بإبرام صفقات عقارية ومضاربات، هو قادم من خارج ترويكا الدولة العميقة ومن خارج الأطر الحزبية الحاكمة والمتحكمة بالدولة الأكبر في العالم وعلاقتها مع هذا العالم الذي كان يستظل بظلها قسرا وقهرا وعنوة.

.

دونالد ترامب هو (المهرج) الذي أقصده، والذي من خلال مواقفه وتصريحاته يتضح جليا أنه يهرف بما لا يعرف، ويقول من الكلام ما لا يدرك عواقبه وقد لا يقصده إلا من زاوية ( الإثارة) وهو الذي امتهن (الإثارة)، مهنة فيما حياته ومسيرته عنونتها الإثارة وتسببت بها سواءً عبر الصفقات التجارية التي جعلت منه مفاوضاً بارعاً، أو من خلال الصفقات (الليلية) التي أدمنها وأنسته حتى أن يفرق بين صفقات أبرمها ونجح فيها كتاجر وبين أخرى ذات علاقة بقيم وتقاليد وحقوق الآخر الحضاري، كما تجاهل الفرق بين كونه رجل صفقات ناجحاً في بلد مثل أمريكا كل شيء فيها قابل للبيع وكل شيء فيها له ثمن، بما في ذلك الشرف والكرامة والجسد وأعضاؤه وحتى البشر أنفسهم وأفكارهم، كل شيء هناك يمكن بيعه، وكل شيء له سعر في مجتمع كل شيء فيه مباح لدخول بازارات العرض والطلب..!

لذا حين تحدث ما تحدث عن فلسطين وعن ( قطاع غزة) وعن رؤيته في جغرافية القطاع التي يريدها (ريفيرا) الشرق الأوسط، متخيلا شواطئها الخلابة وجغرافيتها الساحرة التي ستجعل منها أجمل من (الريفيرا) ومن أي منتجع من منتجعات العالم السياحية، وهو هنا لم يجانبه الصواب بل لامس كبد الحقيقة وكان فيها صادقا رغم أنه أقبح من (مسيلمة) في الكذب..

لكنه أسقط الفكرة هنا انطلاقا من ثقافة واقعه وتجاهل أن هذا القطاع الذي أسقطت عليه آلاف الأطنان من القنابل والصواريخ والقذائف الأمريكية على مدى 15 شهرا، هذا الشعب الذي رفض فكرة كونه لاجئا ورفض التسليم بنظرة العالم إليه قبل ثمانية عقود وهي النظرة التي كانت ترى في أبنائه (مجرد لاجئين يبحثون عن مكارم العالم) في تأمين حياة كريمة لهم على طريقة (غجر أوروبا) أو (هنود أمريكا) الذين لايزالون يعيشون في محميات معزولة، هذا الشعب ليس كل هؤلاء ولا يشبههم وليس هناك شعب فوق الأرض وتحت الشمس يشبه الشعب العربي في فلسطين الذي يقاوم (المخرز بالعين) ويقاوم ( بدمه سيف الاحتلال)، هذا الشعب يحتاج ترامب لأكثر من فترات حكمه ليقرأ تاريخه ويعرف من هو شعب الجبارين، هذا الشعب الذي أرسل لكل العالم رسالته يوم عاد بعشرات الآلاف سيرا على الأقدام وفوق أطلال القطاع المدمر والذي كانت أمريكا شريكا وداعما للعدو الذي دمره، ومع ذلك كانت عودة التحدي والصمود كافية لكل العالم أن يدرك أبعاد تلك العودة وتلك الجماهير التي غطت جغرافية القطاع، وبلغة واحدة هتفوا سنعيد التعمير ولن نغادر أرضنا وسوف نعيد لها الحياة.. سنعيد زراعة أشجار الزيتون التي اقتلعها العدو كما قتل الأطفال والنساء والشيوخ، أما المقاومة فقد ظهرت في صفقات تسليم الأسري حاضرة وجاهزة، صحيح أن كل أولئك الملثمين من أبطال المقاومة فيهم من فقد أباً أو أماً أو أخاً أو قريبا أو من فقدهم جميعا، لكن كل هذا لا يجعلهم في رغبة استسلام للأقدار ولا يدفعهم للتهافت والترحيب بنظرية ترامب الذي يحاول من خلالها أن يحقق للعدو الصهيوني ما عجزوا عن تحقيقه بالنار والدمار والقتل طيلة أشهر العدوان الإجرامي الذي أشرفت عليه أمريكا وشاركت فيه وكانت الطرف الأصيل في حرب الإبادة على القطاع.. ترامب يثبت أنه ليس مجرد رئيس دولة عظمى، بل يؤكد أنه (نخاس) للأسف، وشخصيته العبثية حتى وإن فسرنا مواقفه وتصريحات الغرور والغطرسة بأنها قد تكون تأتي على قاعدة (ادعي عليه بالموت يرضى بالحمى)، كما حاول الإيحاء بذلك مستشاره للأمن القومي الذي قال إن ما قصده ترامب هو تحفيز دول المنطقة على إيجاد حل للصراع.. غير أن كل هذه الأساليب لا تنطلي على الفلسطيني بما فيهم الفلسطيني (الخائن والعميل) الذي لن يقبل بتطبيق أفكار ترامب ليس لأنه وطني بل لأنه لن يقوى على تنفيذه وإن أراد.. باستثناء أولئك الذين يعيشون في كنف بعض الأنظمة أو أولئك الذين يرتبطون بعلاقة مقدسة مع أجهزة الكيان وأمريكا وهم قلة لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة..!

ما يحب أن نستوعبه في كل هذه الدراما العبثية هو أن نتوقف ونتساءل عن دور بعض العرب في تصدير ترامب لفكرته، التي لها جذور عربية للأسف بل اقدر أجزم وأقول إن فكرة ترامب ليست من بنات أفكاره وإن ساهم هو بتطويرها أو تشذيبها ولكنها في الحقيقة فكرة النظام (الإماراتي) وبعض رموز الخيانة والارتهان الفلسطيني الذين يعيشون في كنف هذا النظام وفيهم من يعملون بمهنة (مستشارين لرأس النظام الإماراتي) والفكرة عرضت على بعض الأنظمة وتحديدا النظامين الأردني والسعودي وفي أضيق نطاق، أي عرضت على رؤوس النظامين الذين لم يرغبوا في تبنيها، لكنهم وضعوها أمام (عرابهم الأمريكي)، متعهدين له بأنهم سيكونون أول من يبادرون للإدانة ورفض المبادرة في حال طرحها، حتى يبعدوا الشبهة عن أنفسهم وهذا ما حدث، ولكن التطبيق لن يحدث ولو طلعت الشمس يوما من حيث تغرب..!

وفي العموم فإن كل هذا الضجيج يجب أن لا نزدريه، بل يجب إدراك أهدافه والتي قد تكون أبعد من غزة، بل قد يكون كل هذا الضجيج تغطية عن مخطط يحاك للمنطقة ولكن كيف؟ وأين؟ هذا ما يجب أن نعرفه.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم

بعد عام على العملية العسكرية الإسرائيلية التي اجتاحت مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لا تزال المدينة شاهدة على حجم الكارثة الإنسانية والدمار الهائل، حيث تحولت الأحياء إلى أطلال صامتة تروي وجع الناجين، وسط صمت دولي وتجاهل مستمر لمعاناة السكان.

وبحسب تقرير إعلامي، فبعد مرور عام على العملية العسكرية الإسرائيلية على مدينة رفح جنوب غزة، تحولت المدينة التي كانت تعج بالحياة إلى ساحة قاحلة، حيث أصبحت الأحياء أطلالاً تروي حكاية معاناة لم تنتهِ بعد، وتظهر الصور الجوية اختفاء كل معالم المدينة، فيما ظل ركام المباني المدمرة شاهداً على حملة عسكرية وصفتها منظمات حقوقية بـ”التدمير الممنهج”.

ووفق تقرير لقناة روسيا اليوم، ففي 7 مايو 2024، انطلقت حملة رقمية على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “كل العيون على رفح”، لكن بعد عام لم تنجح الحملة في لفت انتباه المجتمع الدولي لوقف الهجوم الإسرائيلي، وسط استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة.

وتابع التقرير: “اليوم، لم تعد رفح كما كانت، فلا يُسمع في شوارعها سوى هدير جنازير الآليات ودوي المدافع الإسرائيلية، وأبناؤها يحملون ذكريات الماضي بين أنقاض الحاضر، في انتظار مستقبل يبدو بعيد المنال.”

الجدير ذكره، أن الحكومة الإسرائيلية هددت مناطق أخرى في قطاع غزة، من شماله وحتى جنوبه، بمصير مماثل لمصير مدينة رفح، فيما يظل السؤال الوحيد الذي يراود أهالي القطاع: “إلى أين نذهب؟”، وسط تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باحتلال المناطق التي يدخل إليها جيشه.

ولا يزال قطاع غزة يتعرض لحرب إسرائيلية تسببت بتشريد نحو مليون و900 ألف فلسطيني، ومقتل ما يزيد على 50 ألفاً، وتدمير ما يقارب 450 ألف وحدة سكنية، كما تضررت 84% من المرافق الصحية وخرج 34 مستشفى عن الخدمة، وبات 620 ألف طالب بلا مدارس، بينما وصلت نسبة البطالة إلى 79%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للقطاع بنسبة تجاوزت 83%.

هذا وبدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح في مايو 2024، ضمن حملة أوسع شملت أنحاء قطاع غزة، بذريعة استهداف بنى تحتية لفصائل فلسطينية،  ورغم الإدانات الدولية والتحذيرات الحقوقية من كارثة إنسانية، واصلت إسرائيل عملياتها في ظل غياب موقف دولي فاعل، وهو ما أجج الأزمة الإنسانية في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.

مقالات مشابهة

  • رواية ترامب الكاذبة حول وقف العدوان على اليمن والكبرياء الزائف لرجل مصاب بجنون العظمة! ..
  • هذا هو البابا الجديد الذي يحتاج إليه العالم اليوم... يخلف أهم ثلاثة بابوات
  • رئيس هيئة دعم حقوق الفلسطينيين: ما يجري في غزة إبادة جماعية بتواطؤ دولي خطير
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • بورتسودان: حين تتعرّى الدولة على سواحلها
  • ما هو “محور موراج” الذي تريد إسرائيل حشر الغزاويين فيه؟
  • حركة المجاهدين تدين مجزرة العدو الصهيوني التي ارتكبها في لبريج
  • البرهان: الشعب السوداني سيعيد كتابة تاريخه ويقف صفاً واحداً لردع العدوان الذي يتعرض له
  • الاضرار التي طالها العدوان في مطار صنعاء وميناء الحديدة
  • تايمز: ما الذي يتطلبه إحلال السلام في غزة؟