الثورة نت:
2025-12-13@23:23:27 GMT

زمن الانتصار والانكسار

تاريخ النشر: 13th, February 2025 GMT

أحمد يحيى الديلمي

 

في الزمن الذي تألقت فيه كوكبة من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وصنعت ما يشبه المعجزات خلال المواجهة مع دويلة الكيان الصهيوني، لا شك أن المتربصين بهذه الأمة انزعجوا كثيراً عندما حدث هذا الاصطفاف بين المؤمنين بالقضايا الاستراتيجية وبين المتاجرين بالأخلاق والقيم والمبادئ، بين من امنوا بالله حق الإيمان وتعاظمت تضحياتهم إلى حد البذل بالنفس واسترخاص الدماء مقابل الذين استسلموا للعار وجعلوا أمريكا هي الخيار والسيد الأوحد بلا مُنازع وهم كُثر، اتضح أمرهم كثيراً بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة عقب طوفان الأقصى، وتلك الملاحم البطولية التي خاضها أبناء الشعب الفلسطيني مؤيدين بجبهات الإسناد في اليمن ولبنان وإيران والعراق .

هذه المواقف لا شك أنها أذهلت دويلة الكيان مُعززة بالموقف الصلف لأمريكا في زمن ترامب المتوحش، فلم يجد بُداً من الانتصار للذات المسحوقة عبر تطويع أصحاب النفوس المهترئة والإرادات المهزوزة بأن أصدرت التصريحات النارية التي تتعلق بتهجير أبناء غزة من وطنهم الحقيقي، إرضاءً لغرور الصهاينة المحتلين، وحينما قيل له إن مصر والأردن يرفضان هذا التوجه قال بنفس الصلافة والغرور هم سيوافقون، يعني أنا أعرف من هم وكيف أقنعهم بما أريد فعله، وأخيراً ها هي دويلة نتنياهو تتوعد بإقامة دولة للفلسطينيين فيما يُسمى بالمملكة العربية السعودية، وهذا هو الحلم الأزلي بالنسبة للصهاينة الذي أفصح عنه صليبيا قبل عقود من الزمن في كتاب خاص تحدث فيه عن الهجرات اليهودية وحدد موقع فلسطين بأنه في نجد والحجاز ورغم الاعتذارات التي صدرت آنذاك من مسؤولين صهاينة ومحاولة تصحيح المعلومة إلا أن الجميع سكت عن الأمر واعتبروها تخريفات كاتب، وها هي الأيام تُثبت أن ما كان في عداد التخريفات يمكن أن يتحول إلى حقيقة ما إن وصل إلى سدة الحكم في أمريكا رجل بجنون وغرور ترامب.

الشيء الذي يبعث الأسى في النفوس أن هناك دولاً تدعي أنها عربية وإسلامية تعمل من تحت الطاولة لتحقيق هذه الغاية وإن كانت إعلاناتها الواضحة تخالف ما تقوم به على أرض الواقع، إلا أنها في الكثير من الحالات تفصح عن مكنونات النفس وكأنها على موعد مع الخيانة الساحقة، كما يعمل بعض الأفاكين ممن يدعون الانتماء إلى حركة الإخوان المسلمين في كل الدول العربية بما في ذلك اليمن، فمن يستمع إلى قنوات الزيف مثل بلقيس و يمن شباب و سهيل وهي تتباهى بالأنظمة التي وجدت في كل من سوريا والسودان، تتعاظم الحسرة في نفسه ويحس فعلاً أننا وصلنا إلى مرحلة الانكسار السحيق، لأنهم يتباهون بشيء لا وجود له إلا في أذهانهم خاصة عند الاحتفاء بما يسمى بـ11فبراير ثورة الربيع العبري، فلقد قالوا بالحرف الواضح إن هذه الثورة لو قدر لها البقاء في اليمن لكانت وصلت إلى ما وصل إليه النظامان في سوريا والسودان، وكأن الهم واضح ويتعلق فقط بكيفية إظهار ما يعتمل في النفوس من رغبات شيطانية خفية وأهمها الإعلان عن التطبيع مع دويلة الكيان الصهيوني، وهي اتجاهات واضحة تقول إن هذه الثورة المزعومة لو قدر لها البقاء لكانت قد بادرت إلى التطبيع مع دويلة الكيان الصهيوني لكي تضمن الاستمرار تحت مظلة الحماية الأمريكية، وهذا بالضبط ما حدث في السودان وسوريا وكلها مؤشرات خطيرة كما قلنا تكشف عن حالة الانكسار والانسحاق الذي وصلت إليه الأوضاع في وطننا العربي، وبالذات بعض القوى السياسية التي كثيراً ما زايدت ورفعت معدلات الاعتزاز بالذات، ثم هوت من أعلى قمة لتتحول إلى نمل تدوسها النعال بلا رحمة، وهذا هو حال أبناء جلدتنا من الإخوان المسلمين والمنتمين إلى بعض الأحزاب السياسية، كلهم باعوا بلا ثمن وبلا فائدة وأصبحوا الآن يتلذذون بالخيانة ويعتبرونها هي المدخل الوحيد للبقاء في الحياة بلا كرامة ولا عزة ولا سيادة للأوطان .

ألستم معي أن الأمور قد وصلت إلى مرحلة صعبة جداً وتحتاج إلى ثورات وخيارات حاسمة وشباب أقوياء يعيدون المجد إلى هذه الأمة؟! وسيحدث ذلك إن شاء الله طالما أن هناك دماء أبية تنبض في العروق، وهذا ما تتحدث عنه الأعمال الأسطورية التي قامت بها جبهات الإسناد وفي المقدمة اليمن، وستظل الأصابع على الزناد حتى تستعيد الأمة مجدها وكرامتها إن شاء الله، والله من وراء القصد …

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

كأس العرب ... وكأسك يا وطن!

لم نعد في حاجة لإهدار المزيد من الوقت في الحديث عن أسباب"فشل" لاعبي منتخب مصر في منافسات كأس العرب الأخيرة، فالمعركة الكلامية، وتوجيه اللكمات اللفظية لهذا أو لذاك، ليست سوى طلقات فارغة لا تفيد ، فالهزيمة وقعت، وليس لها من دون الله كاشفة.

 ولكن المهم الآن وما يجب أن نتوقف عنده كثيرا، هو أن ندرك حقيقة الفكر الذي قادنا إلى الهزيمة .

 والهزيمة لا تقع مع إطلاق صافرة نهاية المباراة، بل تبدأ قبل ذلك بزمن طويل، تبدأ من عقول المسئولين، ومن مكاتب بعيدة عن الملاعب، فتهزم الفريق قبل أن يدخل أرض الملعب!

و نكسة كأس العرب لم تكن مجرد نكسة رياضية فحسب، بل كان شاشة عاكسة ومرآة صادقة كشفت عن خلل خطير يضرب صميم بنية الجهاز الإداري نفسه! 

في الماضي، كنا نُرجع هزائم كرة القدم لأسباب فنية: سوء حظ، أو نقص لياقة، أو تكتيك خاطئ، أو استهانة بالمنافس... 

في الماضي أيضا كنا نسمى الهزائم" نكسة" أو حتى "وكسة"،  ونرتضي بذلك ونكتفي به، ونصمت بعده، بينما يبقى السر الأكبر وراء كل الهزائم و" النكسات" كامنا داخلنا، ومتغلغلا في قلب المجتمع ، وهذا السر هو "غياب الوطنية لدى المسئولين".

إن الخسارة  في"كأس العرب" ليست سوى قمة جبل جليد يخفي ما هو أخطر، وهو أن "كأس الوطن" نفسه أصبح مهددا، وأن مستقبل الأمة بأكملها يمكن أن ينكسر بسبب تصرفات مسئولين منشغلين بذاتهم لا بعملهم، وبمصلحتهم الشخصية لا بالمصلحة العامة!.

لقد صار واضحاً للعيان أن هناك صراعات خفية، أو ربما ليست خفية، بين أجنحة وأجهزة داخل كثير من منظوماتنا الإدارية، وأن هناك مسئولين في المؤسسات العامة يرى كل منهم نفسه "الحارس الأمين" دون سواه، وهناك من يرى منصبه "غنيمة" يجب الدفاع عنها بأي ثمن ، حتى لو كان الثمن هو سمعة مصر ذاتها!.. وهناك من يصرف كل طاقته ووقته وجهده لا لحل مشاكل الناس ولا لوضع خطط لمستقبل أفضل، وإنما لتصفية الحسابات، وتوجيه الاتهامات، وتشويه "السمعات"، وتمزيق الثياب، وفضح السوءات وكشف العورات..

 وهذا هو القاتل الحقيقي لأي تقدم، وهو السر الأكبر لكل الهزائم والنكسات و"الوكسات" والانكسارات.

 بالله عليكم .. كيف ننتظر أن يلعب  فريق كجماعة متكاملة، بينما أجهزته الإدارية "جماعات متصارعة"؟ .. وكيف يمكن لمؤسسات أن تحقق "النصر"، في حين أن طاقاتها بالكامل تتبدد في الصراعات الداخلية بين مسئوليها؟.. وكيف نطلب من الجمهور أن يثق في "غد أفضل" بينما يرى كبار المسئولين في بعض مؤسسات الدولة تتقاتل وتتصارع كما لو كانوا أعداء وليسوا شركاء في  تحقيق الصالح العام ؟

 وفي يقيني أن الكارثة  لن تتوقف عند خسارة  بطولة كروية، بل تتخطاها إلى ما هو أبعد وأخطر، فعندما يرى المواطن هذا التصدع داخل بعض مؤسسات الدولة، وهذا الانشغال بالصراع على النفوذ بدلاً من العمل الجاد، فإن شعوره الأول يكون الإحباط، وشعوره الثاني هو فقدان الثقة.. وفقدان الثقة هو الانهيار الأكبر.

 فإذا اهتزت ثقة الناس في قدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد حتى في الأمور البسيطة ككرة القدم، فكيف يمكن أن يُطلب منهم تحمل الصعاب لبناء مستقبل أفضل ووطن أقوى؟

 وأمام هذا الحال صار لزاماً على الأجهزة الرقابية جميعا أن تتحرك - اليوم وليس غدا-  لمحاسبة كل مسئول يتجاوز في مسئولياته ومهامه ، و أيضا لـ "فض الاشتباك المؤسسي" في كثير من الجهات والهيئات العامة.. يجب أن تُرسم خطوط واضحة تفصل بين مهام  كل مسئول ومهام مسئول آخر، ويجب أن يلتزم جميع المسئولين أيا كانت مناصبهم ، وأيا كانت جهات عملهم،.. الكل يجب أن يلتزم بتحقيق هدف واحد أوحد، وهو: المصلحة العامة.

إن لم نقم بذلك الآن، فالحقيقة القاسية التي يجب أن نتوقعها، هي أن ما شاهدناه في كأس العرب من إهانة ومهانة وانكسار لن يكون سوى  "بروفة" أولى لسلسلة من الإخفاقات التي تنتظرنا في ميادين أخرى قد تكون أشد خطراً وأكثر حساسية.

 

مقالات مشابهة

  • الشناوي: محمد هنيدي فنان موهوب بالفطرة.. وهذا هو التحدي الذي يواجهه
  • مجلس النواب يدين التصعيد في المحافظات المحتلة ويحذر من مخططات تستهدف وحدة اليمن
  • توقيف سوري بالجرم المشهود في كسروان.. ما الذي كان يقوم به؟
  • ألمانيا تطالب الكيان الإسرائيلي بالوقف الفوري للاستيطان بالضفة
  • حروب الشيطنة إنقاذ لسمعة الكيان الصهيوني
  • مقررة أممية تنتقد توقيع كوستاريكا اتفاقية التجارة الحرة مع الكيان الصهيوني
  • “الديمقراطية” تدين بشدة تراجع بوليفيا عن مقاطعة الكيان الإسرائيلي
  • موعد مباراة المغرب المقبلة في نصف نهائي كأس العرب
  • كأس العرب ... وكأسك يا وطن!
  • “حماس” تدين بشدة قرار حكومة بوليفيا استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني