جاء خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في الذكرى السنوية لهروب المارينز الأمريكي من صنعاء ليؤكد على معاني النصر والسيادة الوطنية، واضعًا الأحداث في سياقها التاريخي والسياسي، مع إبراز أبعاد هذا الانتصار وتداعياته على المستوى الوطني والإقليمي.

وصف قائد الثورة انسحاب القوات الأمريكية من صنعاء بأنه «هروب مذل»، معتبرًا ذلك دليلًا على فشل المشروع الأمريكي في فرض هيمنته على اليمن.

وأكد أن هذا الانسحاب لم يكن مجرد انسحاب عادي، بل كان نتيجة مباشرة لثورة 21 سبتمبر، التي أسقطت الوصاية الأجنبية وأعادت القرار السيادي إلى الشعب اليمني. موضحاً أن الاستقلال عن النفوذ الأمريكي لم يكن خياراً سياسياً فحسب، بل كان ضرورة لحفظ كرامة اليمنيين، إذ لا يمكن لأي شعب أن يكون حراً وهو تحت السيطرة الأمريكية.

كما كشف السيد الحوثي عن السياسات الأمريكية التخريبية قبل ثورة 21 سبتمبر، والتي شملت التحكم في القرار السياسي، التدخل في المؤسسات السيادية، وإضعاف البلاد عسكرياً واقتصادياً، مؤكداً أن واشنطن كانت تسعى إلى خلق الأزمات لإبقاء اليمن تحت سيطرتها، بما في ذلك الترويج للفساد الأخلاقي والانحرافات القيمية بهدف طمس الهوية الإيمانية للشعب اليمني.

كما شدد على أن أحد أهداف واشنطن كان تحويل اليمن إلى قاعدة عسكرية دائمة، ولكن صمود الشعب أسقط هذه المؤامرات، مما دفع الأمريكيين إلى الهروب من صنعاء وترك عملائهم لمواجهة مصيرهم وحدهم، وربط قائد الثورة بين ما حدث في اليمن وما يجري في بقية الدول الإسلامية والعربية..

وأشار إلى أن أمريكا تنتهج سياسات مماثلة في جميع البلدان التي تحاول السيطرة عليها.. مؤكداً أن المواجهة ليست خاصة باليمن فقط، بل هي جزء من معركة تحرير الشعوب من الهيمنة الأمريكية والصهيونية.

وفي سياق الدعم العملي لفلسطين، أكد قائد الثورة -يحفظه الله- أن صنعاء لم تكتفِ بالشعارات، بل أصبحت قوة مؤثرة في البحر الأحمر، تفرض معادلة جديدة تجعل الاحتلال الإسرائيلي ومحاصري غزة في موقف دفاعي غير مسبوق.

ولطالما كان باب المندب ممراً آمناً للأساطيل الأمريكية، لكنه أصبح اليوم رمزاً لصفعة مدوية لواشنطن وحلفائها، السفن الحربية التي كانت تسرح وتمرح في المياه اليمنية، باتت تبحث عن ممرات بديلة، وكأنها مجموعة من اللصوص المحاصرين. هذا التحول لم يكن مجرد نجاح تكتيكي، بل هو انتصار استراتيجي يعيد رسم خارطة النفوذ البحري في المنطقة.

كما أصبحت صنعاء رمزاً عالمياً للصمود والمقاومة، وعقدة نفسية للمارينز الأمريكي، بعد أن تحولت إلى مقبرة للمشاريع الاستعمارية، فمن كان يظن أن القوات الأمريكية، التي اعتادت فرض سطوتها على العواصم العربية، ستُجبر على الهروب من صنعاء تحت جنح الظلام، تمامًا كما يحدث للطغاة في نهاية المطاف؟

لم يكن الأمريكيون بحاجة إلى تقارير استخباراتية ليعرفوا أن مشروعهم في اليمن قد فشل، لكنهم تجاهلوا حقيقة أن اليمنيين لا يقبلون أن يكونوا بيادق في رقعة شطرنج استعمارية.. فماذا تبقى لهم؟ جواسيس متخفّون سرعان ما انكشفوا، ومحاولات يائسة لإعادة ترتيب الأوراق، لكنها جميعًا باءت بالفشل.

واشنطن اليوم لا تبحث عن انتصار، بل عن «خروج مشرّف»، ولكن أين الشرف في الهروب؟ كيف يمكنها أن تخرج من اليمن دون أن يتكرر سيناريو فيتنام أو أفغانستان؟ الحقيقة أن صنعاء لم تترك لهم مجالًا للمناورة.. انتهى زمن اللعب على الحبال، ولم يعد لأمريكا سوى الاعتراف بفشلها والانسحاب من المشهد دون أمل في العودة.

لقد حاولت واشنطن إخضاع صنعاء بكل الوسائل، لكنها اصطدمت بجدار من الصمود اليمني، فصنعاء ليست مجرد عاصمة سياسية، بل هي مدرسة في النضال والاستقلال. لم تُبَع، لم تُشترَ، ولم تخضع، ومن يظن أنه قادر على فرض هيمنته عليها، فليتعلّم من تجربة المارينز الأمريكي: «الهروب هو أقصى ما يمكن أن تحصل عليه عندما تواجه عاصمةً حرةً تقود مشروع استقلال الأمة».

وفي النهاية، تبقى صنعاء شامخة، ويبقى أعداؤها يبحثون عن مخرج لا وجود له.

 

 

 

 

 

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

موقع بريطاني: اليمن لاعب مؤثر اشترط وقف عملياته لالتزام الكيان الصهيوني بوقف النار

يمانيون |
أكد موقع Middle East Eye البريطاني أن اليمن برز خلال الفترة الأخيرة كموقف قوة إقليمي بعد أن ربط وقف عملياته العسكرية بامتثال الكيان الصهيوني لشروط وقف إطلاق النار في غزة، ما أضاف ثِقلاً سياسياً واستراتيجياً لموقف صنعاء في محور المقاومة، وجعل من موقفها ورقة تأثير فعلية في المعادلات الإقليمية.

وذكرت التحليلات المنشورة بالموقع أن اليمنيين نفّذوا هجمات متواصلة تضامناً مع فلسطين، من دون حاجة للتفاوض المباشر أو غير المباشر مع الكيان الصهيوني حول الهدنة، وأن أداءهم على مدى العامين الماضيين تضمن ضربات بعيدة المدى وتجربة حصار بحري أثّرت في مسارات الملاحة والتجارة الإقليمية، بل وصلت آثارها إلى تعطيل قطاع الطيران واختراق الدفاعات الجوية الصهيونية في مناسبات متعددة.

وفي قراءة اقتصادية لاستراتيجية اليمن البحرية، أشار أستاذ الدراسات الدفاعية أندرياس كريج إلى نجاح إجراءات الحصار اليمني على سفن مرتبطة بالعدو وبتجارتها في البحر الأحمر، ما اضطر بعض خطوط الشحن الكبرى إلى التفاف طويل ومكلف حول رأس الرجاء الصالح، وهو ما ألحق كلفة تشغيلية إضافية على سلاسل الإمداد العالمية وأثر على الشركات الكبرى، كما لوحظ في تحركات أسواق الشحن العالمية. تقارير مالية وصحفية دولية لاحقة أشارت إلى تقلّبات في أسهم شركات الشحن وقلقٍ لدى المستثمرين حول عودة الملاحة عبر قناة السويس.

من زاوية دبلوماسية وأمنية، رأى المحلل الأمني علي رزق أن صنعاء نجحت في “فك ارتباط” الدور الامريكي عن مسرح العمليات اليمني، بمعنى أنها أجبرت الولايات المتحدة على إعادة تقييم خياراتها والتعامل بحذر مع الوجود المباشر أو التوغلات في المناطق التي تمس مصالح اليمن، وهو تحول استراتيجي مهم بحسب تقدير المراقبين لِما يخلِّفه من تبعات على سياسات واشنطن وترتيبات الحماية للكيان الصهيوني.

وأوضح التحليل أن تدخّل صنعاء في البحر الأحمر لم يعزز شرعيتها على المستوى الداخلي فحسب، بل وفر لها رصيداً سردياً خارج حدود البلد، إذ اعتبرت الخبيرة أروى مقداد أن هذه الخطوات أعطت الحكومة الثورية قدرة على استثمار مبدأ “الإنصاف والرد على الظلم” في خطاب داخلي وخارجي، ما جعل من تهميش بعض الأطراف الإقليمية أمراً محرجاً لجهاتٍ كانت مترددة في التضامن مع غزة.

كما خلص التحليل البريطاني إلى أن المشهد السياسي اليمني يعكس تعاظماً في نفوذ نظام صنعاء مقابل تراجع دور ما يُسمّى بالحكومة المعترف بها دولياً في عدن (التي تُنتقد بقوة لارتباطها بالمحاور الإماراتية والسعودية)، مشيراً إلى أن سيطرة صنعاء على الشمال المكتظ بالسكان ومقارعتها المباشرة للوسطاء الرئيسيين أعطتها اليد الطولى في مستويات النفوذ والتفاوض الإقليمي.

واختتم الموقع تحليله بالتأكيد على أن شنّ حملة شاملة على اليمن يمثل خياراً عسيراً جداً بالنسبة للكيان الصهيوني، في حين أن اليمن قادر على متابعة عملياته بفعالية نسبية دون دفع ثمنٍ مفرط — ما يجعل من مسألة الردّ المباشر والمنسق مع الامريكي وحلفائه أمراً معقَّداً سياسياً وعسكرياً.

مقالات مشابهة

  • قائد القيادة المركزية الأمريكية: نحث حماس على وقف العنف في غزة
  • جنيه الذهب يخترق حاجز الـ 500 الف في اليمن
  • قراءة في خطاب الرئيس المشاط عشية ذكرى ثورة الـ 14 من أكتوبر..
  • صنعاء تحمّل هذه الأطراف في الجنوب مسؤولية هذا الأمر وتدعو رسمياً هذه الفئة لبدء الالتحام
  • الإعلام البريطاني: اليمن فرض إرادته على “إسرائيل” وأجبرها على وقف العدوان على غزة
  • موقع بريطاني: اليمن لاعب مؤثر اشترط وقف عملياته لالتزام الكيان الصهيوني بوقف النار
  • وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان يهنئان قائد الثورة بالعيد الـ 62 لثورة 14 أكتوبر
  • ارتفاع جديد لأسعار الذهب اليوم الاثنين في اليمن مع تباين الأسعار بين صنعاء وعدن
  • تقارير إسرائيلية: اليمن يشكل التهديد الأكبر بعد انتهاء حرب غزة
  • بن حبتور يهنئ قائد الثورة والرئيس المشاط بالعيد الـ 62 لثورة 14 أكتوبر