جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-03@22:27:54 GMT

399 جريمة!

تاريخ النشر: 16th, February 2025 GMT

399 جريمة!

 

 

د. أحمد بن موسى البلوشي

الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع، وتتكون من مجموعة من الأفراد يرتبطون ببعضهم بروابط قرابة، مثل الأب والأم والأبناء، وأحيانًا تشمل الأجداد والأقارب الآخرين الذين يعيشون معًا، وتلعب الأسرة دورًا محوريًا في تنشئة الأطفال التنشئة السليمة والصحيحة، وتوفر لهم الدعم العاطفي والاجتماعي، والأسرة هي البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتلقى منها القيم، والتوجيهات، والعادات، والسلوكيات، والمهارات الأساسية التي تساعده على النمو والتطور ليصبح مواطنًا صالحًا، والعلاقة بين الأسرة والأطفال هي علاقة تبادلية، حيث توفر الأسرة الدعم والرعاية، بينما يسهم الأطفال في إثراء الحياة الأسرية بفرحهم وطاقتهم.

الأسرة هي الركيزة الأساسية والوحيدة في تنشئة الأطفال وإعدادهم لمستقبل ناجح، حيث تلعب دورًا مهمًا ومحوريًا في تلبية احتياجاتهم العاطفية، والتعليمية، والصحية وغيرها من المتطلبات الأخرى. فالاهتمام بالطفل يبدأ بتوفير بيئة آمنة ومستقرة تمنحه الحب والحنان والرعاية، مما يعزز ثقته بنفسه ويشعره بالأمان، ويعد الاهتمام حجر الأساس وعموده الفقري في حياة الطفل، حيث يؤثر بشكل مباشر على نموه العاطفي، والعقلي، والاجتماعي، والسلوكي. والطفل الذي يحظى بالاهتمام والرعاية من قبل أسرته، يكتسب الثقة بالنفس ويشعر بالأمان والاستقرار، مما يعزز قدرته على التعلم والتفاعل الإيجابي مع الآخرين. كما أن الاهتمام بتلبية احتياجاته النفسية والتعليمية والصحية يساعده على تطوير مهاراته الحياتية والسلوكية، ويقلل من فرص تعرضه للمشكلات النفسية والسلوكية، بالإضافة إلى ذلك، فإن اهتمام الأسرة بالطفل يعزز لديه الشعور بالانتماء والمسؤولية، مما يجعله فردًا نافعًا في المجتمع قادرًا على تحقيق النجاح.

وإهمال الأسرة للأطفال وعدم الاهتمام بهم ومراقبتهم وتوجيههم دائمًا ما يؤدي إلى آثار سلبية خطيرة على نموهم النفسي، والاجتماعي، والأكاديمي، والسلوكي. فعندما يغيب الاهتمام والتواصل العاطفي، يشعر الطفل بالوحدة وعدم الأمان، مما قد يؤثر على ثقته بنفسه ويجعله أكثر عرضة للكثير من الاضطرابات، فغياب الاهتمام من قبل الأسرة يعني ترك فراغ عاطفي وسلوكي في حياة الطفل، مما يجعله عرضة لتأثيرات خارجية قد تكون سلبية وخطيرة، وعندما لا يجد الطفل الاهتمام والتوجيه داخل أسرته، فإنه قد يبحث عن هذا الاهتمام في أماكن أخرى، مثل الأصدقاء، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى الجماعات التي قد تستغل ضعفه العاطفي والسلوكي وقلة خبرته بالحياة، وهذا قد يؤدي إلى تبني سلوكيات غير سليمة، مثل العنف، والانحراف، والتحرش، والتأثر بالأفكار السلبية. لذلك، فإن دور الأسرة في توفير الحب، والتوجيه، والمراقبة الإيجابية أمر ضروري لحماية الطفل من التأثيرات السلبية الخارجية والمحيطة، وتوجيهه نحو بيئة آمنة تدعمه في بناء شخصية قوية ومتوازنة.

وتُعد قضايا التحرش من أخطر نتائج إهمال الأسرة للأطفال؛ حيث يؤدي غياب الرقابة والتوجيه إلى زيادة فرص تعرضهم للاستغلال والانتهاك من قبل المتربصين بهم، وعندما لا يشعر الطفل بالاحتواء والأمان داخل أسرته، ولا يجد من يستمع إليه أو يوجهه، فإنه يصبح أكثر عرضة للتحرش، سواء من داخل محيطه القريب أو عبر قنوات أخرى كثيرة تحيط به.

وإعلان الادعاء العام عن 399 جريمة تحرش وهتك عرض طفل في عام 2024، يُمثِّل رسالة تحذيرية قوية للأسرة والمجتمع؛ حيث إن هذه الأرقام تعكس خطورة الوضع والحاجة الملحّة لتعزيز الوعي والمسؤولية الجماعية لحماية الأطفال من الاستغلال والانتهاكات، وهذا الإعلان ليس مجرد رقم، بل هو جرس إنذار يستوجب تحركًا فعّالًا من الأسرة والمجتمع لحماية الأطفال وضمان مستقبل أكثر أمانًا لهم.

إنَّ إهمال الأسرة في توعية الطفل بحدوده الشخصية وحقوقه، وعدم تعليمه كيفية التصرف في المواقف غير المريحة، يفتح المجال للمتحرشين لاستغلال براءته وثقته بالآخرين، كما أن عدم مراقبة المحتوى الذي يتعرض له الطفل في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي قد يعرضه لمواقف خطيرة دون وعي، لذلك، من الضروري أن تحرص الأسرة على توعية الطفل بحماية نفسه، وتعليمه طرق التصرف في حال تعرضه لأي محاولة تحرش، إضافة إلى فتح باب الحوار معه حتى يشعر بالأمان والثقة في التحدث عن أي مشكلة يُواجِهُها؛ فالتوعية والاهتمام هما الدرع الأول لحماية الأطفال من هذه المخاطر التي تهدد سلامتهم النفسية والجسدية.

إلى كل الأسر والعائلات، لا توهموا أنفسكم بانشغالات الحياة، وتقلباتها، وتغفلون عن أهم مسؤولياتكم، وهي رعاية أطفالكم، فالعمل، والمسؤوليات، والانشغالات، وضغوط الحياة اليومية قد تأخذ الكثير من أوقاتكم، لكن لا شيء يعوض الطفل عن حنان والديه واهتمامهما. والإهمال أو الانشغال عنهم قد يفتح الباب لمؤثرات خارجية كثيرة قد تؤثر سلبًا على سلوكهم ونموهم النفسي والعاطفي، وعلى جميع الآباء والأمهات أن يحرصوا على تخصيص وقت لهم، والاستماع إليهم، وأن يراقبوا تصرفاتهم، وأن يكونوا الملجأ الأول لهم في كل ما يمرون به، فإن الحب والاهتمام هما أساس بناء شخصياتهم القوية والسليمة، والاستثمار الأهم الذي سيؤتي ثماره في مستقبلهم وحياتهم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ملتقى الطفل يناقش غدا في تونس الفكاهة في الإبداع الموجّه إلى الطفل العربي

تشهد مدينة الثقافة بالعاصمة التونسية يومي 3، 4 يونيو 2025 انطلاق أعمال الدورة السادسة عشرة للملتقى العربي لأدب الطفل الذي يرأسه الكاتب والناقد والمترجم التونسي البارز الدكتور محمد آيت ميهوب وتدور بحوثه ومناقشاته حول موضوع بالغ الأهمية وهو "الفكاهة والهزل واللّعب في الإبداع الموجّه إلى الطفل العربي"، وتويج الفائزين بجائزة مصطفى عزوز لأدب الأطفال واليافعين التي يقدم جوائزها ويرعاها البنك العربي لتونس.

ويبدأ برنامج هذا الملتقى الذي تشرف عليه وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، في التاسعة صباح غد الثلاثاء 3 يونيو، وترأس جلسته العلميّة الأولى في العاشرة صباحًا السيدة فاطمة لخضر مقطوف، وتكون المداخلة الأولى فيه للكاتب الصحفي التونسي محمد المي وموضوعها "الصّحافة الهزلية في تونس وعلاقتها بأدب الطّفل"، تليها مداخلة الدكتورة سامية الدّريدي عن "فكاهة المفارقة في أدب الطّفل"، أما المداخلة الثالثة فتكون للدكتور العيد جلولّي من الجزائر وموضوعها "الهزل والفكاهة في أدب كامل كيلاني الموجه للأطفال"، وتعقب ذلك المداخلة الرابعة في هذه الجلسة الصباحية وهي للتربوي التونسي الأستاذ شفيق الجندوبي وعنوانها "الوساطة التّعـليميّة ونصوص أدب الطّفل الهزليّة: الميزات وواقع الممارسات"، تلي ذلك المناقشات.

وفي الثالثة من بعد الظهر، يرأس الجلسة العلميّة الثانية الدكتور العيد جلولي، وهي تبدأ بالمداخلة الخامسة ويقدمها للدكتور العادل خضر بعنوان لافت للغاية هو "علّم الأطفال وهم يلعبون"، تليها المداخلة السادسة للدكتور نورالدين كريديس عن "التواصل المرح: مقاربة نفسيّة وتربوية للّعب والفكاهة والهزل عند الطفل والمراهق"، وتكون المداخلة السابعة للأستاذ مُعاوية الفرجاني وعنوانها "الضَّحِكُ أَوّلُ فُصولِ اللُّغَةِ.. تَأْسِيسٌ وَنَظَرٌ"، وبعد المناقشات تبدأ الجلسة العلمية الثالثة برئاسة الأستاذ شفيق الجندوبي، والمداخلة الثامنة فيها للدكتور رضا بن صالح حول "حدود الهزلي وتجلياته في مجلات الأطفال: مجلة عرفان أنموذجًا"، وتقدم الدكتورة سعدية بنسالم المداخلة التاسعة ويحمل عنوانها هذا السؤال "ما الذي يضحك الطّفل؟"، ويتناول الدكتور علي البوجديديّ في المداخلة العاشرة موضوع "الفُكاهة في أدب الطّفل: من التّراث إلى التّجاوز"، ويلي ذلك النقاش، ثم اختتام الملتقى.

وصباح اليوم التالي - الأربعاء - تبدأ احتفالات تسليم الجوائز وتتويح الموهوبين بدعم من البنك العربي لتونس.
 

طباعة شارك مدينة الثقافة العاصمة التونسية الدورة السادسة عشرة للملتقى العربي لأدب الطفل الدكتور محمد آيت ميهوب فاطمة لخضر مقطوف أدب الطّفل

مقالات مشابهة

  • في اليوم الوطني للتقنية.. إطلاق أول مجلة ليبية لـ«قانون الإنترنت» ومبادرة لحماية الأسرة رقمياً
  • براعة مذهلة.. كيف يتقن الأطفال أدوارهم في السينما؟
  • السجن المشدد 5 سنوات عقوبة الاتجار غير المشروع في الأطفال بالقانون
  • نجل إيفا لونغوريا يعترض على شهرة والدته صارخًا: ليش تصورون .. فيديو
  • ملتقى الطفل يناقش غدا في تونس الفكاهة في الإبداع الموجّه إلى الطفل العربي
  • نصائح للأمهات الجدد.. كيفية التعرف على علامات الجوع عند الأطفال
  • طفولة تحت القصف.. جريمة موثقة جديدة يرتكبها الاحتلال بغزة
  • كيف يتم التقدم وتسكين التلاميذ بفصول رياض الأطفال للعام الدراسي 2026؟
  • منتجات تجميل الصغيرات.. متى يتحول الاهتمام إلى خطر؟
  • إدمان التكنولوجيا .. 7 طرق لحماية الأطفال من مخاطر الهواتف الذكية