محمود المغربي

هناك عوامل تجبر أمريكا والكيان على تأجيل مشروعهم الكبير في فلسطين أهمها موقف اليمن مفاجأة القرن والمغرد خارج السرب الذي برز كقوة صاعدة ومتمردة وخارجة عن سيطرة القوى الدولية المهيمنة.

والرافض للهيمنة الأمريكية والمساند للشعب الفلسطيني والرافض لأي عدوان أَو تهجير لأبناء فلسطين.

نجاح حزب الله في تجاوز المؤامرة والضربة التي وجهت له وضعف الاحتمالات بقدرة الدولة اللبنانية على كبح جماح الحزب ومنعه من العودة إلى المواجهة مع الكيان في حال تعرض أبناء فلسطين للتهجير.

عدم جهوزية المنطقة واستعداد الشعوب لتقبل تصفية القضية الفلسطينية، حَيثُ لا زال هناك القليل من النخوة والغيرة والدين لدى الشعوب العربية وهناك مخاوف أن يؤدي ضم الضفة وتهجير أبناء غزة إلى ارتفاع مستوى تلك النخوة والغيرة عند الشعوب العربية التي قد تقلب الطاولة على الجميع بوجود أنظمة ضعيفة لا يمكن المراهنة عليها في كبح جماح الشعوب والسيطرة عليها.

والأهم من ذلك الشعب الفلسطيني نفسه الذي أذهل العالم بصموده وتمسكه بأرضه ووطنه واستعداده لبذل المزيد من الدماء والتضحيات حتى الفناء دون أن يتنازل عن شبر من أرضه التي أصبحت مشبعة ومروية بدمائهم الطاهرة.

وبالطبع تعمل أمريكا والكيان على معالجة وإيجاد حلول لتلك العوامل وقد يكونوا قادرين على تدبر أمر ما تبقى من ضمير ونخوة لدى الشعوب العربية عبر سلسلة من الإجراءات، منها إسقاط الأنظمة التي أظهرت ضعفاً وعجزاً في تنفيذ التوجيهات الأمريكية مثل النظام الأردني وكذلك النظام المصري الذي تراجع عن موقفه غير المعلن مع أمريكا، والذي قد يذهب أبعد من ذلك بالتراجع عن اتّفاقية السلام والتطبيع مع الكيان، بالإضافة إلى النظام العراقي الذي فشل في منع فصائل عراقية من مساندة غزة، وبالطبع سوف تكون سوريا الجولاني رأس حربة بيد أمريكا لتحقيق ذلك وتمكين الإخوان المسلمين الذين أثبتوا ولائهم لأمريكا وقدرتهم على حماية مصالحها، وأظهروا مودة تجاه الكيان وتوافق في المصالح والأهداف، كما أنهم قادرون على تنويم الشعوب وقلب الحقائق وحرف البوصلة، بل هم بارعون في ذلك بمساعدة الجماعات المتطرفة والإرهابيين الذين يتم تجميعهم في الوقت الراهن إلى سوريا وفتح معسكرات تدريب وتأهيل لهم ليكونوا جاهزين عسكريًّا وفكريًّا وتغذية نفوسهم بالكراهية الطائفية والمذهبية وتحت شعار تطهير الشام والمنطقة من الروافض الشيعة.

ويمكن استخدام سوريا وهؤلاء المتطرفين أَيْـضًا لدعم الدولة اللبنانية لكبح المقاومة اللبنانية وحتى القضاء عليها كما تأمل أمريكا والكيان، لكن المشكلة الكبيرة التي لم تجد أمريكا لها حَـلّ حتى الآن هم أنصار الله بعد أن فشل الخيار العسكري في القضاء عليهم والعودة إلى الخيار العسكري الأمريكي المباشر في التعامل معهم، قد يكون خياراً أحمقاً ولا يمكن المراهنة على مرتزِقة اليمن الذين أثبتوا فشلهم وعجزهم وفسادهم، ورفض الشعب اليمني لهم، وقد فشلوا وهم يرفعون شعار استعادة الدولة والدفاع عن الدين والعقيدة فكيف وهم يخوضون المعركة دفاعاً عن الكيان الصهيوني وفي سبيل تنفيذ أجندة أمريكا والكيان في تصفية القضية الفلسطينية.

لكن أمريكا لم تصل إلى طريق مسدود ويتم العمل على محاور مختلفة، وتأمل أمريكا أن يؤدي ذلك إلى إضعاف أنصار الله؛ ليسهل بعد ذلك القضاء عليهم، ومن تلك المحاور فرض مزيد من العقوبات والضغط الاقتصادي لتجفيف مصادر الدخل والتمويل على الأنصار، ولخلق تذمر وسخط شعبي عليهم، تكثيف العمل الإعلامي لشيطنة الأنصار وتغذية الخلافات المذهبية والمناطقية، والاستفادة من أي أخطاء وسلبيات صادرة عن الحكومة في صنعاء ومن هم محسوبون على الأنصار، وَإذَا لم يكن هناك أخطاء يجب صناعتها وخلق سلبيات من خلال تجنيد مزيد من العملاء والخونة باستغلال الوضع المادي وحالة الفقر، اختراق قيادات الأنصار ورصد تحَرّكاتهم وإثارة الخلافات بينهم وهز ثقة المجتمع بهم، تجنيد المزيد من المتطرفين والإرهابيين ممن لهم عداء عقائدي ومذهبي مع الأنصار وضمهم إلى صفوف المرتزِقة، ودعم الجناح الإخواني داخل حزب الإصلاح حتى يكون مهيمنًا على الجناح القبلي في الحزب ليكونوا إلى جانب المتطرفين لتشكيل قوة يمكن المراهنة عليها في مواجهة الأنصار وإحراز تقدم بمساعدة القوات الأمريكية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: أمریکا والکیان

إقرأ أيضاً:

مُستقبل لا تُقرره البوارج بل الشعوب

 

 

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها اليمن موقفه المبدئي والثابت في نصرة الشعب الفلسطيني، لم يكن ذلك مجرد بيان تضامني عابر، بل انطلاق مسيرة فعلية تعكس ترجمة عملية لوعد قطعه اليمنيون على أنفسهم بأن يكونوا في طليعة المواجهة، ضمن محور المقاومة.
ومع مرور الشهور وتوالي الأحداث، تبيّن أن اليمن لم يدخل هذه المعركة بردّة فعل عاطفية ودوافع دينية وإنسانية وحسب، بل بخطة تصعيدية واعية، بلغت ذروتها مع دخول المرحلة الرابعة من الحصار البحري.
المرحلة الرابعة من الضغط على الكيان الصهيوني ليست مجرد تكتيك عسكري، بل هي خطوة استراتيجية تعكس فهماً عميقاً لطبيعة المعركة مع كيان يقوم اقتصاده على موانئ وشبكات شحن حساسة، ومع أن العدو كان يراهن على قدرة واشنطن وحلفائها في تأمين “ظهره البحري”، إلا أن اليمن استطاع عبر تنكيله النوعي بالبوارج والقطع البحرية الأمريكية واستهداف دقيق للمصالح والشركات المتعاملة مع الكيان، أن يقلب معادلات القوة، ويجعل الملاحة الدولية تعيد حساباتها.
هذا التحول أجبر عشرات الشركات على إعادة النظر في علاقاتها مع “تل أبيب”، وأدى فعلياً إلى شلل كبير في ميناء “أم الرشراش” (إيلات)، الذي كان يمثل شرياناً حيوياً للتجارة الصهيونية، وما يحصل اليوم هو أبعد من استهداف لمرفق أو سفينة، إنه إطباق تدريجي على اقتصاد الاحتلال، كشف هشاشته الداخلية، وأجبر مستوطنيه على الشعور بثقل الحرب وهم بعيدون عن ساحة القتال. لم يعد الصراع محصوراً في غزة أو لبنان، بل أصبح البحر الأحمر جبهة مفتوحة، واليمن رقماً صعباً فيها.
المعادلة الجديدة التي فرضها اليمن أربكت ليس فقط كيان العدو، بل أيضاً الإدارة الأمريكية التي وجدت نفسها أمام مقاومة لا تخضع للابتزاز، ولا تخاف من التهديدات، بل تزداد حضوراً وقوة كلما اشتد الحصار واشتعلت المواجهة.
واشنطن التي استنفدت أوراقها العسكرية في عملية “حارس الازدهار” لم تجد نفعاً، وعادت تبحث عن أدوات قديمة كتحريك الجبهات الداخلية أو اللعب على تناقضات التحالفات، لكنها اصطدمت بخطاب ثوري متوعد يقيم الحجة على الجميع قبل ارتكابهم المزيد من الحماقات، وبواقع سياسي يمني أكثر تماسكاً من أي وقت مضى.
واللافت أن اليمن، رغم ما حققه من إنجازات استراتيجية، لا يزال يتعامل بحكمة وتحفّظ، ولم يستخدم حتى الآن كامل قدراته، فالهجمات النوعية لا تعكس سقف القوة المتاحة، بل ما تسمح به الحاجة والتوقيت، وهذا “الغموض المحسوب” يضع العدو في حالة استنفار دائم، ويجعل من أي مغامرة ضد اليمن مقامرة مكلفة قد تطال خطوط الإمداد الأمريكية في المنطقة.
لكن الأهم من كل ذلك، أن اليمن لا يخوض هذه المعركة لمجده الوطني، بل يحمل راية قضية مركزية اسمها فلسطين، الانتصارات اليمنية لا تُكتب في صنعاء فقط، بل تُسجَّل أيضاً في غزة والقدس وكل أرض عربية تحت أقدام الاحتلال، إنها معركة أمة بأكملها، اختار فيها اليمن أن يكون في طليعتها، لا على هامشها.
لقد أثبتت صنعاء، بحنكة قيادتها الثورية المباركة وبأس رجالها، أنها شريك فاعل في معركة الكرامة، وصانع لتحوّلات حقيقية في توازن الردع، وفي ظل هذا الواقع المتغير، بات السؤال الملحّ لدى العدو قبل الصديق: إلى أين يمكن أن يصل اليمن؟، والجواب الوحيد: إلى حيث يجب أن يصل، من أجل غزة والمقدسات، ومن أجل كسر الهيمنة، ومن أجل مستقبلٍ لا تقرره البوارج، بل الشعوب.

مقالات مشابهة

  • 5 أشياء تؤدي إلى تدمير الكلى فاحذرها .. فيديو
  • وزارة المالية: قمنا بشكل مؤقت واحترازي بنقل أرصدة الأموال المخصصة لرواتب العاملين في القطاع العام من أبناء محافظة السويداء إلى فروع البنوك في مدينة إزرع، وذلك في سياق حرص الدولة على الوفاء بالتزامات تسديد الرواتب، وفي ضوء الاعتداءات المؤسفة التي تمت من قب
  • كيف تختار سيارتك الجديدة؟.. 5 مميزات لا تتنازل عنها
  • دميرطاش: تحقيق السلام أهم من الإفراج عني
  • مُستقبل لا تُقرره البوارج بل الشعوب
  • ليفاندوفسكي يحسم قراره: البقاء في برشلونة وتأجيل الانتقال إلى الدوري السعودي
  • الرئيس السيسي لـ رئيس وزراء بريطانيا : موقف مصر راسخ برفض تهجير الفلسطينيين
  • وزارة المالية: الدولة السورية حريصة على القيام بواجباتها تجاه أبنائها جميعاً، وتتطلع لتوفير الشروط التي تساعد على ذلك، وأهمها سلامة العاملين في المؤسسات العامة التي وجدت لتخدم أبناء المحافظة
  • خلال أسابيع... نتنياهو أبلغ بن غفير بقرب تنفيذ مخطط تهجير أهالي غزة
  • تفاهمات مع 5 دول - يديعوت تكشف تفاصيل جديدة بشأن تهجير سكان غزة