البوابة نيوز:
2025-07-28@00:22:42 GMT

شواطئ.. مكاوي سعيد والقصة القصيرة في مصر (1)

تاريخ النشر: 20th, February 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بدأت رحلة مكاوي سعيد مع الكتابة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين عندما كان طالبا بكلية التجارة، وكان مهتما بالشعر عقب تأثره بدواوين صلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطى حجازي، وبدر شاكر السياب، ومحمد الفيتورى، ونشرت له قصائد في مجلة صوت الجامعة، حتى حصل على لقب شاعر الجامعة عام 1979م.

بدأ عقب تخرجه كتابة القصة القصيرة متأثرًا بيوسف إدريس، وقصص مكسيم جوركي، وتشيكوف، بالإضافة إلى روايات دوستويفسكى، وهيمنجواي، وقد مارس الكتابة في مجالات الرواية، والقصة والمقال وأدب الأطفال والسيناريو من أهمها (الركض وراء الضوء)، (حالة رومانسية)، (راكبة المقعد الخلفي)، (ليكن في علم الجميع سأظل هكذا)، (غرفة لم يدخلها رجل )، (البهجة تحزم حقائبها)، (ظلمة مألوفة)، (سرى الصغير)، (فئران السفينة)، (تغريده البجعة)، (أن تحبك جيهان )، وأعمال إبداعية أخرى منها (مقتنيات وسط البلد)، (عن ميدان التحرير وتجلياته)، (أحوال العباد)، (القاهرة وما فيها )، (بياعين الفرح)، ( قرص الشمس الذى أشعل الثورة). من هنا تأتى أهمية كتاب "تقنيات السرد في القصة القصيرة عند مكاوي سعيد" للباحث مصطفى ربيع، والصادر عن الهية المصرية العامة للكتاب 2023. 

والحدث في القصة القصيرة – على عكس الرواية – لا يعتمد على الوصف الزائد للمواقع التي يحدث فيها، إنما يحاول الكاتب السيطرة على حدثه من خلال رسم الشاهد ووصف دقيق موجز للمواقع التي يدور فيها. وقد عمد مكاوي سعيد إلى هذه الطريقة في قصة "تنهيدة" من مجموعة "غرفة لم يدخلها رجل" حيث رسم المشاهد، ووصف موقع الحدث بدقة، ووضعنا في نطاق الحدث، يقول "كانت أشعة الشمس قد استطاعت أن تنفذ من الزجاج المطلي باللون الأزرق والمروحة العتيقة لا تزال تهدر بالصوت العالي، عاجز عن تبديد موجة الحر الشديدة التي اجتاحت الغرفة، كور الموظف الورقة التي أمامه خالطا بقايا الأكل، وتجشأ بصوت، وبعد ان مسح فمه بظهر يده، صرخ طالبًا كمية من الماء.. نظر في الورقة الممتدة إليه، وسحب دوسيها ضخما، مضى يقلب أوراقه.. ثم من خلال زجاج العدسة السميكة حدق في الكهل المتهالك أمامه، ووقع عدة أوراق أعطاها بتكاسل إلى الكهل وهو يقول: ليك ميتين جنيه في الخزنة يابا". هكذا تم رسم المشهد بدقة ووصف المكان بإيجاز وبراعة، لندخل مع هذا الرسم والوصف إلى حيز المكان الذي أصبحنا نعرفه الآن، وهو إحدى المصالح الحكومية العتيقة الى عفا عليها الزمن، وهو أحد الموظفين غائبي الضمير، وأمامه رجل ضعيف كهل متهالك، عرفنا فيما بعد أنه يبحث عن تعويض لاستشهاد ابنه في الحرب.

ويناقش الحرب قضية استشهاد الأبناء في الحرب، وفزع الآباء وخوفهم عليهم، فهذا الأب المسكين فقد ابنه، وكان التعويض مائتي جنيه فما كان منه إلا أن "كست الدمعات عينيه ثم حصل الصمت فجأة، ظن ان الطريق قد خلا.. ترك لقدميه العنان". 

لقد تحدث مكاوي سعيد عن عالم عايشه وعاصره كمال ذهب إلى ذلك عمار على حسن في مقال عن المجموعة القصصية "البهجة تحزم حقائبها" إذ قال: "لا يكتب مكاوي عن عالم لا يعرفه، بل يلتقط تفاصيل حياة عايشها وكابدها وتأملها في روية، وسحب شخوصها وطقوسها على الورق لينسج حكاياته، التي يضيفها إلى رصيد سابق من الروايات والقصص يتراكم بمرور السنين ويجعل منه واحدًا من الشاهدين على أحوال قطاع عريض من المجتمع القاهري، ينتمي إلى شريحة الطبقة الوسطى وكل درجات الطبقة الكادحة والضائعة والتهائة واللاهثة". 

   إن مكاوي سعيد يعبر عن المهمشين وعن زمنهم الذى نسيهم الناس فيه، حيث " يعبر هذا الزمن – زمن المهمشين – بين صباح ومساء، يتكرر وكأنه في حركته هذه لا ينتهى، لا ينتهى فيما هو يمضى في غفلة عن أناسه الذين يحتضون قلقهم الصامت وينسجون حياة ينساهم التأريخ لها.. كأنهم خارج التاريخ". 

من ذلك ما جاء في شخصية " انشراح " للقصة التي تحمل أسمها، فقد عاشت " انشراح " حياة القهر، وعاشت ورحلت دون ان يلتفت إلها أحد، او يراعى مشاعرها، حتى زوجها المدرس والتي اكرمت معاشرتها له، وكذلك في قصة عم حسن الذي لا يبيع ولا يشترى الذي لم ينظر أحد إليه، ولم يعره أحد اهتماما إلا سخرية منه وعبثا به، أو يجعله مادة للضحك والاستهزاء، ورحل لم يذكر موته أحد. وتنوعت مصادر شخصيات مكاوي سعيد، فكانت معظم  القصص من الواقع المعيش، ومن عامة النا، وكانت قصص أخرى من طبقة اللامرئيين أو المهمشين، والذين عنهم في براعة ن والتقط تفاصيلهم بإتقان، وكانت شخصيات قصص أخرى من الأطفال، وهى ظاهرة صحية أطلعتنا على عالم الطفال السحري، وكانت شخصية الكلب سامبو شاهدة على عالم الحيوان بما فيه ضمن أسرار، وربما فيه من مكنونات لا يراها إلا أديب مرهف الحس كمكاوي سعيد، وهو في كل تلك المصادر المتنوعة يضعنا أمام عالم قصصي شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية، كما انه شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية.   

في قصة " اخت حبيبتي " من مجموعة "سرى للغاية" كان الزمان غير محدد بتحديد دقيق، وإنما عبارة عن سنوات كثيرة تمر وتنتهي، لتعبر عن الزمن الماضي، بعبارة "جارتنا التي كنت أحبها قديما". هذا القديم سيصبح بعد فتره ذكريات كان يتمناها ألا تكون، لأنه لم ينعم بحب جارته في هدوء، فقط كان يرسل إليها رسائل في كرسي المصعد، يقول " أدس لها الرسائل في كرسي المصعد أرقب وجنتيها المجمرتين وضفائرها المرتعشة وبسمتها الخجلى، وهي تختلس النظر على ظلي المختبئ خلف الزجاج المصنفر لباب شقتنا ". وكان عدم تحديد الزمن في صالح القصة، فقد خدم الإطار العام للقصة الذي يدور حول رجل فقد الزمن، ولم يدر بما يجرى حوله، وما يتذكره هو العام السادس عشر من العمر، الذي علم بعد سنوات وسنوات بحب أخت حبيبته له، كما أن عدم تحديد الزمن يخدم شخصية أخت حبيبته وهي الشخصية المحورية في القصة، لأنها هي الأخرى فقدت الزمن بمعرفتها أنه يحب أختها. 

وقد ظهرت تقنية الاسترجاع الخارجي عند مكاوي سعيد في قصة " الهابطون من السماء " من مجموعة " سرى للغاية " وذلك في قوله:" حين ولد إبراهيم زغردوا وهللوا، وقاموا بعمل عقيقة في سبوعه، أبى حضر العقيقة، بينما انصرفت أمي مسرعة بحجة انى محموم، رقدت في سريري وكل فترة أقف وأراقبهم من نافذة الغرفة محذرا أن يلمحني أحدهم فيعرف أن أمي تكذب، أو تدخل أمي الغرفة فجأة فتضربني، أخي أيضا لم يحضر العقيقة مدعيًا أنه حبيس الوحدة العسكرية، كما علمت من حوار أبى وأمي ليلا وأنا أتصنت عليهما". وقد كان هذا الزمن يختلف عن بداية الحدث الذي ظهر فيه إبراهيم وهو يقترب من ثلاث سنوات، وليس أسبوعًا فقط، يقول: " سنوات خمس كانت تفصلني عن إبراهيم الذي لم يعبر عن سن الثالثة بعد". وقد كان هذا الاسترجاع مؤثرا ومهما لأنه أطلعنا على سبب العلاقة المتوترة بين الأسرتين اللتين تقع شقة إحداهما في مقابلة الأخرى، وأن هذا التوتر في العلاقة قديم وليس وليد اللحظة. 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: شواطئ القصة القصیرة فی قصة

إقرأ أيضاً:

شواطئ الموت في الجزائر.. تصاعد مقلق لحالات الغرق رغم التحذيرات

تشهد الشواطئ الجزائرية ارتفاعًا مقلقًا في عدد حالات الغرق، لا سيما في المناطق النائية وغير المحروسة، حيث يُسجل أسبوعيًا ما بين 3 إلى 5 وفيات في المتوسط. وغالبًا ما يكون الضحايا من الشباب والمراهقين الذين يغامرون بالسباحة في شواطئ خطرة، خاصة في ولايات الشلف، بومرداس، مستغانم وتيبازة على امتداد الشريط الساحلي.

وقد نفذت فرق الإنقاذ خلال الفترة الأخيرة 1178 تدخلا، أسفرت عن إنقاذ 874 شخصًا من موت محقق. وفي غضون 24 ساعة فقط، تم تسجيل 4 حالات وفاة جديدة.

View this post on Instagram

A post shared by قناة النهار | Ennahar Tv (@ennahar.tv)

رغم التحذيرات المسبقة التي أصدرتها الجهات المختصة بشأن اضطراب حالة البحر ورفع الراية الحمراء على امتداد الشريط الساحلي خلال عطلة نهاية الأسبوع، سجّلت عدة حالات غرق نتيجة تجاهل الإرشادات الوقائية.

وأوضحت مصالح الحماية المدنية، عبر بيانات نُشرت على صفحاتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أن السباحة في مثل هذه الظروف تشكّل خطرا حقيقيا، داعية المواطنين إلى تجنّب المجازفة، خاصة في الشواطئ غير المحروسة. كما كثّفت فرقها حملات التوعية لفائدة المصطافين، بغرض الحد من الحوادث.

من جهتها، دعت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، يوم السبت، أولياء الأمور إلى تحمّل مسؤولياتهم في مراقبة أبنائهم القُصر، تفاديًا للمآسي المرتبطة بالغرق، لا سيما في المواقع الممنوعة أو التي تفتقر إلى التغطية الأمنية.

أعلنت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، عبر منشور نُشر على صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، أن 50 من ضحايا الغرق المسجّلين هم من فئة القُصر، واصفة هذا الرقم بـ"المقلق". ودعت في هذا السياق أولياء الأمور إلى التحلي بأقصى درجات اليقظة، خاصة خلال فترات الاستجمام، مع ضرورة منع أبنائهم من التوجه إلى الشواطئ غير المحروسة أو المجمعات المائية الخطيرة.

إعلان

وتُظهر الحالات المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي أن معظم حوادث الغرق وقعت في شواطئ مصنفة ضمن المناطق "ذات الخطر المرتفع"، والتي تُسجَّل فيها سنويا النسبة الأكبر من الوفيات، بسبب عمق المياه، والتدرجات المفاجئة، والتيارات المائية غير المرئية.

وخلال موسم الاصطياف لعام 2023، تم تسجيل 162 حالة وفاة غرقا عبر مختلف أنحاء البلاد، منها 70 حالة وقعت في شواطئ غير آمنة، و49 حالة في شواطئ مرخّص فيها للسباحة.

مقالات مشابهة

  • شواطئ الموت في الجزائر.. تصاعد مقلق لحالات الغرق رغم التحذيرات
  • شواطئ مصر.. دليلك للاستجمام بين المجاني والفاخر
  • تسرب زيتي في أحد شواطئ صلالة
  • الإنسان من منظور اجتماعي
  • سفينة مساعدات إنسانية تقترب من شواطئ غزة
  • محفوض: اليوم نودّع زمنًا جميلًا من تاريخ لبنان
  • الكونسرفتوار الوطني نعى زياد الرحباني: قامة فنّية وإنسانيّة ووطنيّة لا يكرّرها الزمن
  • أكاديمية الفنون تفتح باب التقديم لمسابقة أفضل مقال عن الأفلام القصيرة جدا
  • الفطر السحري يُرجع الزمن للوراء في جسم الفئران
  • (مطالعة اقتباس الرواية ونقد المعيش ..) واشتباك الزمن الروائي بالزمن المرجعي)…مطالعات