"فورين بوليسي": الهند المستفيد الأكبر من سياسات ترامب وصفقاته مع القوى العالمية الأخرى
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن فترة حكم رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" اتسمت بالتحالف مع قوى أجنبية متعددة، والعمل على إخراج بلاده من الطريق المسدود المتمثل في سياسة "عدم الانحياز" التي استمرت على مدى العقد الماضي.
وأوضحت المجلة أنه خلال زيارته واشنطن قبل أيام ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمكن مودي من الاطلاع بوضوح على كيفية تطوير ترامب لتحالفاته الخاصة، معتبرة أن جهوده لتخفيف التزامات الولايات المتحدة تجاه أوروبا، والتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومغازلة الرئيس الصيني شي جين بينج علنا، تمثل قطيعة تاريخية مع فكرة النظام الدولي القائم على القواعد والمدعوم بالقوة الأمريكية والغرب الجماعي.
كما أن رؤية ترامب "أمريكا أولا" تشير إلى أن الرئيس الأمريكي يبحث حاليا عن "صفقات" ثنائية مع قوى أخرى لتأمين المصالح الأمريكية. وإذا نجح ترامب في ذلك، فقد تصبح التحالفات المتعددة هي القاعدة بين القوى الكبرى في النظام الدولي.
ورأت المجلة الأمريكية أن مودي بدفعه الهند إلى الاقتراب من الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، فقد تخلى عن أحد المبادئ المهمة وغير المعلنة لسياسة عدم الانحياز الهندية طويلة الأمد، والمتمثلة في الحفاظ على مسافة سياسية من الولايات المتحدة بشأن القضايا العالمية والإقليمية. وإن كان قد اختار، في الوقت نفسه، الحفاظ على شراكة بلاده القديمة مع روسيا، وعلى حوار صعب مع الصين وسط توترات حدودية مستمرة وعجز تجاري متزايد، وكذلك تكثيف المشاركة مع القوى الرئيسية في القارة الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وكذلك الاتحاد الأوروبي.
ولفتت "فورين بوليسي" إلى أنه رغم ما سبق، لا يمكن إنكار مركزية الولايات المتحدة في تعدد تحالفات الهند. فالواقعيون في نيودلهي يدركون أهمية الشراكة مع واشنطن لتسريع التحديث الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري للهند، مع ضرورة مراعاة حاجة الهند إلى الاحتفاظ بحرية العمل وتجنب فخاخ ربط مصيرها بقوة عظمى من المؤكد أن مصالحها ستتغير بمرور الوقت.
ونوهت إلى أن نيودلهي وبعد أن استشعرت الزلازل السياسية والجيوسياسية في واشنطن، دفعت باتجاه عقد اجتماع مبكر بين مودي وترامب لإضفاء الاستقرار على العلاقات الثنائية.
وإدراكا منها لأهمية الهجرة غير الشرعية والتعريفات الجمركية بالنسبة للمؤسسة الجديدة في واشنطن، تحركت حكومة مودي بسرعة لمعالجة كلتا القضيتين، حيث وافقت على ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى الهند وتسريع المفاوضات بشأن اتفاقية تجارية.
كما أن الهند، وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت أنها ستخفض بعض التعريفات الجمركية، بما في ذلك على السيارات والدراجات النارية، التي تؤثر على المنتجين الأمريكيين. كما تستكشف الهند إمكانية زيادة واردات الطاقة من الولايات المتحدة، بما في ذلك النفط والغاز والمفاعلات النووية المدنية.
وحيث يريد ترامب أن تشتري الهند المزيد من الأسلحة أمريكية الصنع، وافق مودي على إنهاء بعض الصفقات قيد التفاوض في مقابل موافقة ترامب على مراجعة القيود الحالية على التعاون الدفاعي مع الهند والصادرات إليها.
وبعيدا عن الدفاع، قرر الزعيمان أيضا البناء على التعاون واسع النطاق في مجال التكنولوجيات الحرجة والناشئة التي تم الاتفاق عليها في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، فيما يسعى الجانبان بقوة لرؤية نتائج ملموسة لهذا التعاون بحلول الوقت الذي يزور فيه ترامب نيودلهي لحضور قمة الحوار الأمني الرباعي في وقت لاحق من العام الجاري.
وبينت المجلة الأمريكية أنه على النقيض من القلق واسع النطاق في الهند من أن ترامب قد يحرج مودي علنا خلال لقائهما، أبدى الرئيس الأمريكي الكثير من حسن النية تجاهه مقارنة بحلفاء تقليديين للولايات المتحدة. وقد يكون جزء من الفضل في هذه المعاملة يعود –في رأي المجلة- إلى ميل ترامب المفترض إلى معاملة القادة الأقوياء - بما في ذلك الخصوم - باحترام أكبر من الزعماء الحلفاء من الأوروبيين والآسيويين، الذين يبدو أنه ينظر إليهم على أنهم أقل قوة.
وترى "فورين بوليسي" أن الهند تبدو اليوم في وضع أفضل من معظم القوى الكبرى في التعامل مع تعطيل ترامب للنظام العالمي وتوازن القوى بعد عام 1945. فعلى سبيل المثال، سوف تستفيد الهند من حماس ترامب لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتحسين العلاقات مع بوتين، حيث ستعلن بلا شك تأييدها لمبادرة ترامب للسلام في أوكرانيا، خاصة وأن العواقب الاقتصادية والجيوسياسية للحرب في أوكرانيا شكلت تحديا كبيرا للهند. لذا، سوف تقدر الهند بشكل خاص التأثير الذي قد تخلفه التسوية بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا وتخفيف العقوبات أو إزالتها على أسعار النفط، لاسيما وأن نيودلهي مستهلك رئيسي للهيدروكربونات وتستورد معظمها.
وأوضحت المجلة أن استفادة نيودلهي لن تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل ستمتد إلى الجوانب السياسية أيضا، خاصة وأن الصراع مع روسيا في أوروبا شجع الغرب على التقرب من الصين. وتأمل نيودلهي أن يساعد التوفيق المستدام بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الأمن في أوروبا على تركيز طاقات واشنطن على استقرار آسيا، ومحاولة ترامب إقناع بوتين اتباع سياسة أكثر استقلالية في آسيا بدلا من الدعم الحالي لسياسات الصين في القارة.
وحول العلاقات الأمريكية الآسيوية، ذكرت "فورين بوليسي" أن الظاهر يشير إلى ترحيب الهند باتجاه الولايات المتحدة نحو آسيا، إلا أن حرص ترامب على "التوافق" مع الرئيس الصيني يرسل إشارات متضاربة بهذا الصدد. ففي حين يشغل الصقور الجمهوريون من المناوئين للصين مناصب رئيسية في فريق الأمن القومي لترامب، نجد الأخير يترك الباب مفتوحا أمام صفقة كبيرة محتملة مع شي.
وتساءلت المجلة عما إذا كان ترامب يفكر في صفقة كبرى مع الصين في آسيا، بنفس الطريقة التي يحاول بها عقد صفقة مع روسيا في أوروبا؟ وأشارت المجلة –في هذا الصدد- إلى أنه رغم أن الهند، ستكون أقل عرضة من اليابان وكوريا الجنوبية، وبشكل أكثر وضوحا تايوان، من أي تحول كبير في السياسة الأمريكية تجاه الصين، إلا أن التحديات الاقتصادية والأمنية التي ستواجه نيودلهي ستصبح حينها أكبر بالتأكيد.
ودللت المجلة الأمريكية على ما ساقته بشأن الصفقة المحتملة بالإشارة إلى أنه عندما سعى أحد المراسلين الهنود إلى إغراء ترامب بالحديث بقوة عن الصين خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع مودي، رفض ترامب ذلك. وأكد بدلا من ذلك رغبته في التفاهم مع شي. وأشار إلى الصراع الحدودي بين الهند والصين، عارضا المساعدة في حلحلته إذا طلب منه ذلك.
وأخيرا، لفتت المجلة الأمريكية إلى أن هناك فصيلا في نيودلهي يعتقد أن التسوية مع بكين على وشك الحدوث، وأن الهند لابد أن تستمر في الضغط من أجل ذلك. وبقدر ما قد تكون هذه التسوية جانبا آخر من استراتيجية التحالفات التعددية (تحالف صيني هندي)، إلا أنها غير واقعية في الوقت الحاضر، نظرا لعدم التكافؤ الهائل في القوة الذي يعطي الصين اليد العليا، ما يفرض على الهند التركيز على بناء علاقات أقوى مع الولايات المتحدة حتى في حالات سعيها لبناء تحالفات تعددية مع قوى أخرى بجانب واشنطن.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بايدن الهند ترامب المجلة الأمریکیة الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی فورین بولیسی بما فی ذلک أن الهند إلى أن
إقرأ أيضاً:
سي إن إن: السلطات تراقب التهديدات الإيرانية المحتملة داخل الولايات المتحدة
كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن تحركات أمنية واستخباراتية جديدة داخل البلاد، تشمل إعادة تقييم ومراقبة مشددة للمشتبه في ارتباطهم بحزب الله اللبناني، وذلك في إطار جهود السلطات الأميركية لرصد أي تهديدات محتملة قد تظهر على خلفية التصعيد الحالي.
وأكدت الشبكة -نقلا عن عدد من المسؤولين الأميركيين في إنفاذ القانون- أنه لا توجد حتى اللحظة مؤشرات على وجود تهديدات مؤكدة أو وشيكة داخل البلاد، إلا أن تصاعد التوتر الإقليمي وتزايد احتمالات تدخل واشنطن في الحرب دفع الجهات الأمنية إلى تشديد الرقابة الاستباقية على أفراد وجماعات تعتبر على صلة بطهران.
وقال مسؤول أميركي في إنفاذ القانون "هناك دائما تهديد بشأن إيران، لكن الفرق يكمن في مدى جديته وتأكيده" مشيرا إلى أن الجهات الفدرالية تتعامل بجدية مع أي إشارات أو تحركات غير معتادة داخل البلاد.
وأضاف أن التهديدات المرتبطة بإيران عادة ما تستهدف المصالح الأميركية في الخارج، لكن الأجهزة الأمنية لا تستبعد أيضا خطر وقوع هجمات داخلية، خصوصا من خلال "الذئاب المنفردة" أو عبر شبكات تعمل بشكل غير مباشر داخل الولايات المتحدة.
تحركات أمنية بعد تحذيرات خامنئيوتأتي هذه الإجراءات الأميركية بعد تحذيرات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي من تداعيات قد تطال الولايات المتحدة مباشرة، خاصة في ظل تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال توجيه ضربات عسكرية إلى إيران خلال أسبوعين، إذا لم تُظهر الأخيرة مؤشرات على التراجع.
وكان ترامب قد أشار مؤخرا إلى أن إسرائيل "تقوم بعمل جيد" في تدمير البرنامج النووي الإيراني، مؤكدا في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة قد تتدخل إذا استدعت الحاجة لذلك.
وأكدت "سي إن إن" أن مكتب التحقيقات الفدرالي يركّز بشكل خاص على تتبع مصادر تمويل قد تصل من داخل الولايات المتحدة إلى منظمات قالت إنها مرتبطة بإيران مثل حزب الله، مشيرة إلى أن هذا الملف بات يحظى بأولوية قصوى منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانوفي السياق ذاته، حذر مسؤولون من تصاعد خطر الهجمات الفردية التي يصعب رصدها أو التنبؤ بها، في ظل وجود عدد من القضايا السابقة التي تورط فيها أفراد تلقوا توجيهات أو دعما غير مباشر من إيران.
تهديدات سابقة واعتقالات
وفي العام الماضي، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن اعتقال عدة أشخاص قالت إنهم متورطون في مؤامرة لاغتيال ترامب وعدد من المسؤولين السابقين، كما اتُهم قراصنة إيرانيون بمحاولة اختراق حملة ترامب الانتخابية.
ووجهت وزارة العدل أيضا تهما لمواطن أفغاني كلفه الحرس الثوري الإيراني باغتيال شخصيات أميركية وإسرائيلية داخل الولايات المتحدة.
وكذلك، وُجهت تهم لمواطنين أميركيين اثنين بالتجسس لصالح طهران ومراقبة معارضين إيرانيين مقيمين في نيويورك.
وأفادت "سي إن إن" بأن السلطات الأميركية عززت الإجراءات الأمنية حول مواقع إستراتيجية في العاصمة واشنطن، بما في ذلك البيت الأبيض والبنتاغون والسفارة الإسرائيلية، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على إيران.
وأوضح مسؤولون في الخدمة السرية أن هذه الإجراءات لا ترتبط بتهديد مباشر، بل تُفعّل تلقائيا ضمن بروتوكولات الطوارئ عند اندلاع نزاعات إقليمية كبرى.
وفي ختام تقريرها، نقلت الشبكة الأميركية عن مصادر أمنية أن التهديدات المرتبطة بإيران قابلة للتغير في أي لحظة، وأن جميع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في حالة "يقظة قصوى".
وقال أحد المسؤولين "نحن نقيم الوضع بشكل دائم… الأمر قد يتغير بسرعة، وكل الاحتمالات قائمة".
ومنذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل هجمات واسعة على إيران استهدفت منشآت نووية وقواعد صاروخية وقادة عسكريين وعلماء نوويين. وردت إيران بإطلاق صواريخ باليستية ومسيرات باتجاه العمق الإسرائيلي، في أكبر مواجهة مباشرة بين الجانبين.