أسبوع عمان يستعرض الجهود العالمية لكبح تغيرات المناخ
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
بدأت بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض بمسقط اليوم فعاليات أسبوع عمان للمناخ تحت شعار "الحياة في عالم مستدام" بمشاركة أكثر من 250 متحدثا وأكثر من 2000 مشارك من سلطنة عمان وخارجها، ويستمر الحدث العالمي حتى 27 فبراير الجاري.
رعى حفل افتتاح الأسبوع معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل.
ويأتي أسبوع عمان للمناخ بتنظيم من هيئة البيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وجامعة السلطان قابوس، وجامعة التقنية والعلوم التطبيقية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة التراث والسياحة، وشركة بيربا.
ويهدف أسبوع عمان للمناخ إلى البحث عن الحلول للتخفيف من آثار تغير المناخي وتطبيقاته في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتوحيد الجهود العالمية لأجل ضمان تحقيق أهداف كبح تغير المناخ، بالإضافة إلى الوصول لـ 6 أهداف رئيسة، تتمثل في تعزيز العمل المناخي، وتسهيل التعاون الإقليمي والدولي، ودفع الأعمال التجارية المحلية والإقليمية والدولية، ودعم تبني الحلول وتوسيع نطاقها، وإظهار التزام سلطنة عمان وتشجيع المشاركة المجتمعية.
المسؤولية البيئية
وقال سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة ـ رئيس اللجنة التوجيهية لأسبوع عمان للمناخ في مستهل حفل الافتتاح: جاء الأسبوع من واقع المسؤولية البيئية التي تستشعرها سلطنة عمان بصفتها أحد الفاعلين الرئيسيين عالميا، في مجال حماية البيئة، وكذلك بصفتها الرئيس الحالي لجمعية الأمم المتحدة للبيئة لعامي 2024 و2025، وللتأكيد على التزام سلطنة عمان بجميع الاتفاقيات والبروتوكولات التي تعنى بالبيئة والتغير المناخي ومنها اتفاقية باريس، ومواكبتها كذلك للقضايا العالمية في تغير المناخ.
وأكد سعادته أن هذا الأسبوع يشهد 20 جلسة حوارية يشارك فيها 100 متحدث، وكذلك 15 حلقة عمل وبرامج تدريبية و22 مدربًا. وتم تخصيص معرض شامل لعرض أحدث الحلول والابتكارات في تكنولوجيا وتقنيات العمل البيئي والمناخي
الاحتباس الحراري
وأشار سعادته إلى إن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أكدت على أن عام 2024 كان الأكثر احترارًا على الإطلاق، فقد ارتفعت درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، مما يجعل العقد الماضي "2015 ـ 2024" الأكثر حرارة في التاريخ المسجل لدرجة الحرارة العالمية، كما وضحت أحدث البيانات الصادرة عن الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأمريكية (NASA) أن متوسط مستوى سطح البحر العالمي الذي ارتفع عام 1993 بمعدل 10 سنتيمترات مقارنة بما كان عليه عام 1993 خلال 90 عاما، قد أرتفع في عام 2023 بمقدار أكثر من 10 سنتيمترات مقارنة بما كان عليه عام 1993 وخلال 20 عاما، وهذه إشارة واضحة على التسارع الحادث في مجريات التغير المناخي، الناجمة عن الذوبان المستمر للكتل الجليدية وكذلك نتيجة للتمدد في الجسم المائي للمحيطات بفعل الاحترار.. مشيرًا إلى أن هذه التغيرات والفروقات في درجة الحرارة ومنسوب سطح البحر لهي نتيجة طبيعية للتراكم المستمر لغازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي والتي بلغت نسبًا عالية ومتسارعة خلال العقود الماضية حيث أشار التقرير الذي أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن مستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز قد ارتفعت بنسب 151% و265% و125% على التوالي مقارنة بمستويات هذه الغازات في عصر ما قبل الثورة الصناعية.. كما أكد التقرير أن هذه الارتفاعات قد أصبحت متسارعة خاصة في العقود الأخيرة وكذلك مصارف الكربون لم تعد بالفعالية الكفؤة نظرا للتأثير المستمر للأنشطة البشرية وكذلك بسبب ظاهرة النينيو واحتراق الغابات.
القمم البيئية
وأضاف سعادته: إن أسبوع عمان للمناخ يأتي لمناقشة الحصاد الذي خرجت به القمم البيئية الثلاث التي عقدت في الربع الأخير من العام المنصرم ـ قمة التنوع الأحيائي في كالي وقمة التصحر في الرياض وقمة المناخ في باكو ـ والتي تعد محطات فارقة تبحث سبل إنقاذ الكوكب وتنوعه الحيوي وتمكين الدول من الوفاء بمتطلبات الاتفاقيات البيئية الثلاثة المعلنة في قمة الأرض عام 1992 بـ"ريو دي جانيرو" بالبرازيل، وذلك من خلال البحث العلمي والنقاش المهني والمسؤول واستعراض التقنيات وبناء القدرات ونقل التجارب وسبل توفير التمويل الكافي والمستدام ونقل الاقتصاديات نحو الاخضرار.
مشاركة أممية
وشهد حفل افتتاح أسبوع عمان للمناخ تقديم كلمة ألقاها سعادة مختار بيبايف رئيس مؤتمر الأطراف، وزير البيئة والموارد الطبيعية بجمهورية أذربيجان، وكلمة مسجلة لمعالي جاسم بن محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكلمة لمعالي سعيد بن محمد الطاير، رئيس المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وكلمة مسجلة لمعالي أمينة محمد نائب الأمين العام للأمم المتحدة، وكلمة الشريك الاستراتيجي سعادة سامي ديماسي المدير والممثل الإقليمي المكتب الإقليمي لغرب آسيا ببرنامج الأمم المتحدة، وكلمة مسجلة لمعالي أستريد شوميكر الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي، عقب ذلك تم تدشين العملات التذكارية الخاصة بمفردات البيئة العمانية من قبل البنك المركزي العماني، ثم استكمل برنامج الحفل بعرض كلمة رئيسية لصوفي هاو مفوضة الأجيال القادمة في ويلز، تلاها تقديم عرض لأوبريت طلابي من تقديم طلبة مدارس المتحدة الدولية، وفي الأخير قام راعي المناسبة برفقة الضيوف المشاركين في افتتاح المعرض الذي ينظم بمناسبة أسبوع عمان للمناخ.
فعاليات متنوعة
يشهد أسبوع عمان للمناخ سلسلة من الفعاليات أهمها المعرض العالمي الشامل لأحدث الابتكارات في تكنولوجيا المناخ والبيئة، ويتضمن الأسبوع كذلك مؤتمرا استراتيجيا رفيع المستوى يجمع بين خبراء عالميين وصناع سياسات وقرارات وقادة تناقش خلاله التحديات المناخية واستكشاف الحلول، مثل موضوعات التحفيف من آثار التغير المناخي، والتكيف مع التغيرات المناخية، وتمويل المناخ، وأسواق الكربون، والمادة 6 من اتفاق باريس، وتقنيات المناخ، والخسائر والأضرار، والاندماج الاجتماعي، بالإضافة لوجود منصة تفاعلية للأبحاث العلمية المتطورة والتقدم التكنولوجي من تقديم مجموعة متنوعة من المتحدثين من العلماء والطلبة وقادة المجتمع، فضلاً عن إقامة حلقات عمل مختلفة ومركز للتواصل وزيارات ميدانية للمشاريع والممارسات المستدامة في سلطنة عمان.
ويركز أسبوع عمان للمناخ على الدور الحيوي للمرأة في المناخ والقيادات النسائية في هذا المجال من خلال فعالية "المرأة لمستقبل طاقه مستدامه" لإلهام النساء للمشاركة في العمل المناخي من أجل مستقبل مستدام، وتنظيم مسابقات طلابية مبتكرة وعرض أفكارهم لجمهور أوسع، فضلا عن عمل أنشطة مجتمعية لتعزيز الممارسات البيئية والمناخية المستدامة، وكلها مخططة حول الموضوعات الرئيسية للتخفيف من آثار المناخ والتكيف مع المناخ وتمويل المناخ وأسواق الكربون وتقنيات المناخ والخسائر والأضرار والإدماج الاجتماعي.
ومن بين المنظمات المشاركة في أسبوع عمان للمناخ، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وأمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، والمركز الوطني لإدارة النفايات بالمملكة العربية السعودية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، والصندوق الأخضر للمناخ، وشراكات المساهمات المحددة وطنيًا، والبنك الدولي، ومؤسسة التمويل الدولية، وعدد من الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والمراكز البحثية وشركات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة والأفراد. كما يشارك في المؤتمر عدد من المسؤولين والخبراء والعلماء والباحثين المهتمين بقضايا البيئة من مختلف دول العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أسبوع عمان للمناخ الأمم المتحدة تغیر المناخی تغیر المناخ سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
وجهات نظر “القوى المتوسطة” في زمن الفوضى العالمية
أكدت بكل وضوح وقوة، في اجتماع حضرته مؤخراً، وكذلك جميع مقالاتي الأخيرة أيضاً، أن العالم اليوم يشهد حالة فوضى عارمة. وبينما توقعت بعض التحديات المتفاوتة من الحضور، أدهشني أنني وجدت دعماً إيجابياً من كل المشاركين من الدول الصناعية. حيث تمّ تأكيد وجهة نظري بصورة كبيرة في المناقشات التي جرت خلال الاجتماع؛ بل إن البعض أعرب عن أسفه لاختلاف النموذج الدولي الحالي اختلافاً جوهرياً عن حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وأقرّ المشاركون في ذلك الاجتماع بأن “قوة القانون” صارت خاضعة لـ”قوانين القوة”. وبرزت مخاوف متزايدة بشأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وتوسيع المستوطنات، والممارسات اللاإنسانية في فلسطين؛ وكذلك شملت المخاوف الحرب في أوكرانيا؛ والتنافس الجيوسياسي؛ والعزلة؛ والتحديات التي تواجه التعددية والقانون الدولي؛ وقصور الأهداف العالمية (مثل: أهداف المناخ، والفقر، وغيرها من الضرورات العالمية) عن الوفاء بجداولها الزمنية التي تم طرحها من قبل كأهداف للتنمية المستدامة.
واتفقوا أيضاً على أن الولايات المتحدة ستواصل ممارسة نفوذها على النظام العالمي في المستقبل القريب، وإن كان تأثير هذا النفوذ قد صار أقلّ حصرية مع تضاؤل القدرة على الحسم. ومن الجدير بالذكر أن هناك اهتماماً متنامياً ومتزايداً بـ”القوى المتوسطة”، وكيفية تعاملها مع الفوضى الراهنة، ونأمل أن يكون لهذه القوى دور في تشكيل نظام عالمي جديد يتناسب مع مصالح غالبية المجتمع الدولي ويستجيب لها.
سياقات القوى المتوسطة:
تاريخياً، من المُفترض أن “القوى المتوسطة” هي الدول غير المنحازة، أو الدول النامية التي قررت الابتعاد عن الكتلتين المتنافستين الشرقية والغربية اللتين انبثقتا من الحرب العالمية الثانية؛ لذلك لم يكن من المستغرب، في هذا السياق، أن تتلقى حركة عدم الانحياز دعوة لحضور فعالية نُظمت بإندونيسيا حول دور القوى المتوسطة بالتزامن مع الذكرى السبعين لمؤتمر باندونغ.
وفي وقت باتت فيه القوى الكبرى تبحث عن هويتها وتنظر إلى النظام العالمي الحالي على أنه عاجز وعديم الجدوى، أصبح من اللازم على القوى المتوسطة الاضطلاع بدور أكثر فاعلية. وفي حين أن معظم هذه القوى كانت تنتمي تقليدياً للجنوب العالمي، إلا أن هذا التصنيف لم يعد ينطبق حصرياً عليها مع تفكك البنية ثنائية القطبية السابقة.
لقد تم افتتاح اجتماع إندونيسيا بمناقشات حول تقرير بعنوان “زخم القوى المتوسطة – القوى المتوسطة الناشئة” أصدرته المؤسسة الألمانية كوربر شتيفتونج. ثم تلا ذلك فعاليات إضافية تدعو إلى تعزيز دور القوى المتوسطة وإعطائها أدواراً أكبر؛ من أجل أن تسهم في تشكيل عالم اليوم متعدد القوى.
وجهات نظر رئيسية:
حظيت وجهات نظر أربع دول على وجه الخصوص هي: الهند، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وألمانيا باهتمام خاص.
– الهند: تقوم بالتواصل المستمر مع القوى الكبرى لتعزيز علاقاتها معها، مؤمنةً أن عزل الولايات المتحدة من شأنه أن يُتيح لها الفرصة لتوسيع علاقاتها مع القوى المتوسطة الأخرى. وتنظر الهند إلى النظام متعدد الأقطاب على أنه مفيد لها؛ حيث إنها تتمتع بالثقة والقدرة على تعزيز رؤيتها الاستقلالية الاستراتيجية أو إعادة تقييمها دون أن تثقل كاهلها بعلاقات مُعوّقة أو باهظة الثمن ولا طائل منها. وإحدى مجالات التغيير الملحوظة بالهند مؤخراً هي انفتاحها على التجارة والاستثمار الأجنبي بعد عقود من التردد.
– البرازيل: تعاني من الفتور والإعياء في علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تُكثّف البلاد وتُنوّع شراكاتها الأخرى، خاصةً من خلال مجموعة (البريكس)؛ ولذا ستستضيف قريباً العديد من الفعاليات العالمية؛ وهو الأمر الذي يعكس مدى سعيها لتوسيع نطاق سياستها الخارجية. ومع فرض إدارة ترامب رسوماً جمركية على العديد من دول العالم، رسّخت الصين مكانتها كأكبر شريك تجاري للبرازيل.
– جنوب إفريقيا: اكتسب التعاون متعدد الأطراف لديها أهمية أكبر من أي وقت مضى، ولا سيما مع تدهور العلاقات بينها وبين إدارة ترامب. في هذا السياق، ستسعى جنوب إفريقيا جاهدة للتواصل مع الدول الأخرى على المستويين الإقليمي والعالمي. وستختبر استضافة البلاد لمجموعة العشرين مهاراتها الدبلوماسية في تقريب وجهات النظر والتوجهات المتباينة.
– ألمانيا: تُجري إعادة تقييم جذرية لعلاقاتها مع القوى العظمى، بما في ذلك حليفتها التقليدية، الولايات المتحدة. وغالباً ما يؤخذ بالاعتبار نهج “تخفيف المخاطر” مع كل من روسيا والولايات المتحدة في أثناء إعادة التقييم هذه. إضافة إلى ذلك، هناك اهتمام أكبر ودعم أعمق لإشراك دول الجنوب العالمي بدلاً من الانحياز إلى الولايات المتحدة أو الصين.
وبينما تؤكد الدراسات الحديثة أن النظام العالمي اليوم يمرّ بمرحلة جديدة للقوى المتوسطة، إلا أن شكل هذا النظام الناشئ ما يزال غير واضح في ظلّ تعثر إصلاحات الأمم المتحدة. وقد استُبعدت معظم الدول العربية بشكل ملحوظ من المناقشات الأولية في المنظمة، باستثناء ما يتعلق بقضايا الطاقة؛ مما أثار مخاوف جدية لديّ. وبينما افترضت أن دعواتي كانت تهدف إلى معالجة هذا الإغفال، أرى الآن أن هذه فرصة لحثّ الدول العربية على أن تكون أكثر صراحة وحزماً وإبداعاً في إعادة تشكيل النظام العالمي.
مسارات التعاون الممكنة:
إن السؤال الملح هنا هو كيف يُمكن تنظيم وتنسيق التعاون بين القوى المتوسطة لضمان إقامة نظام متعدد الأطراف يُناسب الجميع؟ تاريخياً، عندما تتلاقى المصالح تتحد الدول وتجد حلولاً جماعية حتى وإن لم تكن مثالية أو ناقصة. وقد حققت دول عدم الانحياز المستقلة حديثاً هذا بالفعل في وقت سابق، ويتعين على غالبية واسعة ومتنوعة من القوى المتوسطة اليوم أن تعيد الشيء نفسه؛ حيث ينبغي أن تكون موازنة المصالح الجماعية هي المبدأ الأساسي الذي تنتهجه وتسعى إليه.
ستكون الخطوة الأولى للقوى المتوسطة هي الاستفادة من تجارب المنظمات الإقليمية في حل القضايا المختلفة، وإيجاد أرضية مشتركة من خلال إضفاء الطابع المؤسسي والمشاركة في منصّات مثل: رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والسوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور). بالنسبة للخطوة الثانية، فيمكن استخلاص أفكار للتعاون بين القوى المتوسطة على ثلاثة مستويات هي: السياسي، والموضوعي، والمؤسسي.
لقد أصبح تحديث مبادئ باندونغ وإعادة تعريف عدم الانحياز أمران ضروريان وبالغا الأهمية في عالم اليوم المتعدد الأقطاب، كما بات تعزيز الإنفاق التجاري والتنموي أمراً أساسياً. أضف إلى ذلك، فإن تقديم رؤية إيجابية للنظام العالمي والإصلاح الدولي – لا سيما في الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة- قد صار محورياً هو الآخر.
إن القوى المتوسطة تحتاج اليوم بشكل متزايد إلى الاضطلاع بأدوار أكثر فاعلية لسد الفجوات القائمة بالنظام العالمي، ولا سيما مع وجود قرابة عشرين قوة متوسطة حول العالم، معظمها من دول الجنوب، وتتبنى العديد منها مبدأ الاستقلالية الاستراتيجية، وتنخرط في التحوط ومحاولة تجنب المخاطر.
فهل يمكن للقوى المتوسطة في الشمال والجنوب أن تتحد؟ هل يمكنها تجاوز التنافس وتمهيد السبل للتعاون الفعّال؟ وكيف ستتوصل إلى شكل النظام العالمي الذي تسعى إليه؟ إن إجابات هذه الأسئلة الجوهرية هي ما ستحدد مستقبل السلام والأمن الدوليين.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”