من النيل يبدأ من هنا … إلى الخوف والوجع ..!!
تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT
صديق السيد البشير*
Siddigelbashir3@gmail.com
(1)
دنيا غريبة ملانه عذاب
آلام جاية بدون أسباب
بتدخل دون ما تدق الباب
وانحنا نتوه في شعور كذاب
متين الآمنا تقفل الباب
وتفتح طاقة وكمان ابواب
خلاص يا دنيا كفانا عذاب
بهذه الكلمات المرسومة بمزج عذب، بين لغة عامية سودانية وأخرى فصحى، تنم عن ذكاء خليل فتحي خليل، إذاعيا وشاعرا وموسيقيا، لشعار يضيف عليه دكتور محمد العصامي، بعضا من روحه، لحنا وغناء عذبا، عذوبة الإخراج الإذاعي، وفق رؤية الأستاذ المخرج عبدالعظيم محمد الطيب في تقديم مسلسل درامي، اسماه مؤلفه الأستاذ أبوالقاسم أحمد يونس (الخوف والوجع)، ليقدم لمستمعي أثير إذاعة النيل الأبيض، عبر فريق عمل مزيج بين نخبة من الممثلين والممثلات بولاية النيل الأبيض وآخرين قادمين من العاصمة السودانية الخرطوم، أبرزهم زوجة عبدالعظيم محمد الطيب، الممثلة عوضية مكي.
(2)
اصلو الغلطه عذابا بطول
طريقا بودي للمجهول
ياما الناس حتقول وتقول
وتبقي السيرة زي دق في طبول
وصاحب الغلطة بكون مذهول
يغالط نفسو هو ما معقول
وكل الناس قايداها عقول
(الخوف والوجع)، المسلسل المكون من ست وعشرين حلقة، يناقش حزمة من القضايا الإجتماعية، كالأطفال فاقدي السند، لمخرج أنجز الكثير من الأعمال الإبداعية في مسيرته الثقافية والإعلامية الممتدة لسنوات خلت.
عبدالعظيم محمد الطيب المولود في ذاكرة الوطن، زهرة وقوسا وحكاية، ليبصر نور الدنيا في منتصف ستينيات القرن الماضي بمدينة القضارف شرقي السودان وسط الحقول والسهول، لينعم بمحبة الأسرة، التي غرست فيه محبة الحق والخير والجمال، جمال الإنسان والطبيعة والروح، الروح المحبة للبذل والعطاء في ميادين الثقافة والفكر والفنون، الفنون التي تخاطب الأسماع والأبصار والعقول بمحبة واحترافية.
(3)
بعد سنوات أنفقها عبدالعظيم محمد الطيب دارسا للتمثيل والإخراج، متخرجا من كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عام 1997م، ضمن دفعة مميزة من نجوم الدراما، كزوجته عوضية مكي، سيد صوصل (مسرحي وشاعر) ، ناصر يوسف، فهو مؤلف ومخرج صاحب فيلم (إبرة وخيط) الذي يعالج قضايا زواج القاصرات والحائز على عدد من الجوائز العالمية، السر محجوب (رائد مسرحي)، مجدي النور (مؤلف وشاعر) ، مهيد بخاري (مسرحي وقاص وصحافي) ، أديب أحمد (مخرج ومؤلف) ، وجمال حسن سعيد (مؤلف درامي وشاعر ومقدم برامج)، الرحمة والمغفرة للراحلين والصحة والعافية للأحياء.
(4)
من مقاعد الدرس إلى عالم الإعلام، متنقلا بين الموجات والشاشات والمنصات، حيث يمم عبدالعظيم محمد الطيب وجهه شطر الراديو، ليعمل قبل سنوات، مخرجا بإذاعة الخرطوم، المملوكة لحكومة ولاية الخرطوم، ليعانق اسمه، الأسماع والأبصار والعقول من خلال أثير إذاعة الخرطوم، عبر إخراجه برامج مسجلة ومباشرة، كبرنامج (النيل يبدأ من هنا) وهو برنامج (منوعات) صباحي يبث على الهواء مباشرة، ليتناول عددا من المحطات مميزة، مهنية، علما ومعرفة بالسودان وحراكه في المجالات المختلفة، ويتناوب على إعداده وتقديمه، مجموعة من الزملاء بذات الإذاعة، أبرزهم سعد الدين حسن المذيع لاحقاً بقناتي العربية والحدث، والنيل المريود، وماجد لياي (رحمة الله عليه).
لم يكتفي إخراج برنامج واحد لإذاعة الخرطوم، بل أنجز باقة منتقاة من أعمال إذاعية، كإخراجه مسلسل حمل اسم (الملف 15)، وفي (15) حلقة يناقش المسلسل قضايا إجتماعية معاصرة، حيث كان المسلسل أول إنتاج درامي لإذاعة الخرطوم، تأليف النعيم محمد عثمان، النعيم الذي اكتشفه عبدالعظيم محمد الطيب ليقدمه مؤلفا لدراما الراديو، ليقدمه عبدالعظيم مرة أخرى في مسلسل إذاعي له اسماه (سفر إدريس ود عجبنا)، عانق الأسماع والعقول عبر موجات إذاعة الخرطوم.
(5)
دق الحزن بابي
لميت شتات الروح
ونسيت لفح توبي
هكذا تأتي المقاطع بعامية سودانية، لعمل دارمي إذاعي، عبر صوت نازحة تحكي فيه عن واقعها المزري في زمن الحرب والقتال.
أكمل الأستاذ عبدالعظيم محمد الطيب تأليف فيلم إذاعي اسماه (حكاية السفر الطويل)، من إخراج الأستاذ يوسف عبدالقادر أحد مقدمي برامج الأطفال بالإذاعة السودانية (هنا أمدرمان)، يناقش الفيلم قضية الصراعات بين المزارعين والرعاة، من خلال قضية حب بين حامد (الراعي) و (النايرة) المزارعة، لفيلم يشكل إضافة جديدة لعبدالظيم ومجموعته.
(6)
(المتحف)، عنوان لفيلم إذاعي، من تأليف وإخراج عبدالعظيم محمد الطيب، يتناول من خلاله قضايا الآثار.
أنتج عبدالعظيم سهرات إذاعية قبل الحرب التي اشتعلت شرارتها في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، لييمم عبدالعظيم محمد الطيب وأسرته وجوههم شطر ولاية النيل الأبيض، متخذا من مدينة كوستي سكنا مؤقتا له، لنحو عامين، ليسهم في إخراج عدد من الأعمال الإذاعية أهمها مسلسل (الخوف والوجع)، هذا إلى جانب مشاركات في نهارات المدينة وأمسياتها، المتنوعة بين ندوات وورش تدريبية.
مثل مشاركته ورفيقة دربه عوضية مكي في منتدى منظمة كوستي للثقافة والتنمية، وهو نافذة إبداعية، أطل من خلالها الرفيقان على عوالم الدراما في زمن الحرب، ليناقشا بتفكير عميق إنتاج أعمال درامية تناقش وتعالج قضايا الحرب والنزوح، هذا إلى جانب إطلالتهما من خلال منتدى مكتبة نادي كوستي على محبي الثقافة والفنون، عبر فتح نقاش عميق حول إعادة قراءة في مفاهيم الثقافة، التي لا تقتصر في أطر ضيقة.
(7)
(هنا أم درمان) إذاعة جمهورية السودان، شكلت إضافة حقيقية عبدالعظيم محمد الطيب ولمستمعي الإذاعة السودانية، ليسهم مع آخرين في إنتاج وإخراج حزمة من أفلام وبرامج ، كالبرنامج الإذاعي ذائع الصيت الموسوم (الصفحة الأولى)، ليقدم وجبة ثقافية يومية دسمة، أشبه بالمجلة/الصحيفة الإذاعية اليومية، وهو من إعداد مميز السر السيد، مصعب الصاوي، إنتصار عوض وآخرين، وتقديم سارة محمد عبدالله، مقدمة فقرة (الصباح رباح)، سهام سعيد، ودكتور عصام عبدالسلام المذيع براديو العربية الآن، البرنامج استمر لسنوات خلت، ليرسخ في ذاكرة الإذاعة والمستمع.
(8)
مع عصف ذهني متصل، لتخطيط جيد، هكذا يمضي الأستاذ عبدالعظيم محمد الطيب نحو إكمال دراساته العليا في مجال الفلكلور بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، هكذا إلى جانب المضي مع مجموعة مخصصة وثابتة من نجوم الدراما والإعلام ، أبرزهم، محمد عبدالرحيم قرني، الرشيد أحمد عيسى، دكتور صالح عبدالقادر، دكتور طارق علي، عوضية مكي (زوجة عبدالعظيم)، إيمان إبراهيم، عبدالحكيم عامر، المذيعة سهام سعيد، في أول إطلالة لها على هذا العالم، حيث كانت تعمل مع المجموعة ممثلة ومذيعة، كل ذلك بهدف إنتاج أفلام إذاعية تناهز الستة أفلام، كلها من تأليفه وإخراجه، ألحان وغناء الفنان شمت محمد نور.
تتناول الأفلام الدرامية الإذاعية حزمة موضوعات ، وتشمل الحرب والنزوح والتعايش السلمي، واستدامة السلام وخطاب الكراهية.
*صحافي سوداني
للنشر
عرض النص المقتبس
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان.. تطورات ميدانية في النيل الأزرق وتحالف «صمود» يطرح مبادرة شاملة لإنهاء الحرب
أحرز الجيش السوداني تقدماً ميدانياً جديداً بإعلانه السيطرة على مواقع عسكرية في إقليم النيل الأزرق بعد معارك مع قوات “الدعم السريع” ومسلحي الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، في تطور يعكس تحولاً في ميزان القوى بجنوب شرقي البلاد.
ونقل موقع سودان تريبيون، الأربعاء، أن قوات “الدعم السريع” كانت قد بسطت سيطرتها مؤقتاً على مناطق بالإقليم عقب سلسلة خسائر تلقتها في ولاية سنار خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2024، إلا أن الجيش السوداني أعاد التمركز مؤخراً واستعاد هذه المواقع.
المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، صرّح بأن “قوات الفرقة الرابعة مشاة الدمازين طهّرت منطقة بالدقو وما حولها بمحافظة المابان من بقايا ميليشيا آل دقلو وقوات جوزيف توكا”، في إشارة إلى فصائل تتبع “الدعم السريع” والحركة الشعبية. وأكد قائد ميداني في الجيش استعادة ثلاث مواقع مجاورة لبالدقو، مع الإصرار على مواصلة العمليات العسكرية داخل الإقليم.
وأعلن الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، مقتل أكثر من 40 شخصًا في هجوم استهدف مستشفى المجلد بولاية غرب كردفان في السودان، من بينهم أطفال ومسعفون، ووصف الهجوم، الذي وقع يوم السبت الماضي بالقرب من إحدى جبهات القتال بين الأطراف المتحاربة، بأنه “هجوم مروع آخر” يضاف إلى سلسلة الاعتداءات على المنشآت الصحية.
وأكد تيدروس عبر منصة “إكس” على ضرورة وقف الهجمات على القطاع الصحي في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن المنظمة “لا يسعها إلا أن ترفع صوتها عالياً” إزاء هذه الانتهاكات المتكررة.
وفي سياق متصل، اتهمت الحكومة السودانية كينيا بدعم قوات “الدعم السريع” بالأسلحة، واعتبرت ذلك انتهاكًا جسيماً للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.
وذكرت الخارجية السودانية أنها عثرت في مايو الماضي على أسلحة وذخائر تحمل علامات الجيش الكيني داخل مخازن تستخدمها ميليشيات الدعم السريع في الخرطوم، ووصفت كينيا بأنها “معبر رئيس للإمدادات العسكرية الإماراتية” لهذه القوات.
دعوات لاجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ونظيره الإفريقي لفرض هدنة عاجلة
أعلن التحالف المدني السوداني “صمود”، الذي يضم أكثر من 100 كيان سياسي ونقابي ومجتمعي، عن طرح رؤية شاملة لإنهاء الحرب المتصاعدة في السودان، بالتزامن مع اجتماعين دوليين مرتقبين في بروكسل ونيويورك لمناقشة سبل إنهاء الأزمة السودانية المتفاقمة.
ومن المنتظر أن تحتضن العاصمة البلجيكية، يوم الخميس، اجتماع المجموعة الاستشارية الدولية لتنسيق جهود السلام في السودان، بمشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي ودول عربية. كما يناقش مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة تطورات النزاع السوداني في جلسة رسمية.
ودعا تحالف “صمود” في بيان إلى عقد اجتماع مشترك بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، للتوافق على إجراءات عاجلة تفضي إلى هدنة إنسانية شاملة، تُمكّن من إيصال المساعدات الطارئة، وتضمن حماية المدنيين، في ظل تصاعد الانتهاكات وسوء الأوضاع.
وتضمنت رؤية التحالف خطة متكاملة تستند إلى أربعة محاور أساسية: وقف إطلاق النار، وضع ترتيبات أمنية دائمة، حماية المدنيين، وإطلاق حوار وطني شامل يعالج جذور الأزمة ويضع أساسًا لسلام دائم.
واقترحت الوثيقة أن تخضع هذه المسارات لإشراف شامل من قبل الميسرين الإقليميين والدوليين، مع توزيع واضح للأدوار استنادًا إلى القدرات النسبية لكل منظمة ودولة مهتمة بدعم السلام في السودان.
وأكد التحالف المدني أن رؤيته تهدف إلى “الوصول لاتفاق سلام شامل، وترتيبات دستورية انتقالية على قاعدة توافق وطني، تضمن تشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تقود البلاد إلى الانتخابات، مع تنفيذ برامج عدالة انتقالية وإنصاف الضحايا، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب”.
وفي ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، حذر التحالف من أن أكثر من 26 مليون سوداني يواجهون خطر الجوع، مع نزوح قرابة 15 مليونًا من ديارهم، بينما تستمر الانتهاكات ضد المدنيين دون رادع قانوني أو حماية فعلية.
وطالب التحالف بتعيين منسق إقليمي إنساني من قبل الأمم المتحدة، تكون مهمته قيادة جهود الاستجابة وتنسيق عمليات الإغاثة بين الفاعلين الدوليين والمحليين، وتوفير تقييم مستقل وشفاف للأوضاع الإنسانية داخل السودان.
ودعا “صمود” إلى تشكيل مجموعة عمل مختصة بوضع خيارات عملية لحماية المدنيين والبنى التحتية، وتنفيذ آليات التزام تفرض على أطراف النزاع الإيفاء بواجباتهم، مطالبًا في الوقت ذاته بتجديد ولاية البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق وتمكينها من أداء مهامها بلا عوائق.
وحذر التحالف من استمرار حالة الجمود السياسي بعد فشل أكثر من 10 مبادرات إقليمية ودولية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، مشيرًا إلى أن تلك المبادرات افتقرت إلى منهج شامل وموحد لتصميم عملية سلمية تعالج مختلف أبعاد الأزمة.
وختم البيان بالتأكيد على ضرورة قيادة سودانية حقيقية للعملية السياسية المقبلة، مع إشراك أوسع للأطراف المدنية والمجتمعية، باعتبار ذلك الضمانة الوحيدة لتحقيق سلام عادل ومستدام في البلاد.
هذا التصعيد جاء وسط أزمة إنسانية متفاقمة في النيل الأزرق، حيث تسببت المواجهات في نزوح أكثر من 100 ألف مدني نحو مدينة الدمازين، عاصمة الإقليم، وسط شح في الغذاء وتدهور في الخدمات الأساسية.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عانى السودانيون من تدهور واسع في الخدمات الصحية والاقتصادية، وتفاقمت أزمة النزوح داخلياً وخارجياً.
ورغم جهود الوساطة التي قادتها أطراف عربية وأفريقية ودولية خلال الأشهر الماضية، لم تفلح المبادرات في التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، في وقت لا تزال العمليات العسكرية تتوسع جغرافياً في مختلف الأقاليم، ما يهدد بمزيد من التدهور الإنساني والأمني.